لقاء إيلاف

رشا: إيلاف منبراً لحرية التعبير

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع مؤلفة أول دراسة علمية بالعربية عن الانترنت د. رشا عبد الله

سلوى اللوباني من القاهرة: د. رشا عبد الله أستاذ مساعد بقسم الصحافة والاعلام بالجامعة الامريكية بالقاهرة، حاصلة على درجة الدكتوراة في الاعلام من جامعة ميامي بالولايات المتحدة الامريكية، درست الاعلام لطلبة جامعة ميامي وجامعة ولاية جورجيا بامريكا، حاصلة على جائزة جامعة ميامي للابحاث العلمية لعامي 2002 و2003، حاصلة على جائزة مصطفى وعلي أمين للصحافة عام 1993، بدأ اهتمام د. رشا بتكنولوجيا الاتصالات وشبكة الانترنت قبل ظهورها بمصر ببضعة أعوام بالتحديد في عام 1989 عندما كانت طالبة بقسم الصحافة والاعلام بالجامعة الامريكية، عندما انضمت الى فريق عمل بجريدة القافلة وهي جريدة الطلاب بالجامعة الامريكية واوكلت لها مهمة تغطية موضوع حول العمل بما يسمى بشبكة BITnet، ومن ثم تغير معنى الانترنت لها بشكل كلي عندما حصلت على منحة دراسية عام 1999 للحصول على درجة الدكتوراة في الاعلام من امريكا، قدمت د. رشا أول مؤلفاتها في مجال الانترنت الصادر عن دار آفاق وهو بعنوان "الانترنت في مصر والعالم العربي" وهو نتاج اطروحة الدكتوراة التي قدمتها في جامعة ميامي، ودار الحديث معها حول رؤيتها لفوائد الانترنت وامكانية الاستفادة منه بطريقة ايجابية.

* أحد التساؤلات المحورية في كتابك تصب في إمكانية توفير منبر جديد لاصوات وجماعات غير حكومية غير الاصوات الرسمية من خلال الانترنت..ما تفسيرك؟
- كما يعلم الجميع ليس من السهل الوصول الى وسائل الاعلام في الدول العربية، أي إذا لم يكن لدى الفرد علاقات معينة مع وسائل الاعلام فلن يستطيع الوصول، ومعظم الصحف المتوفرة حكومية أو حزبية، والمنابر الاعلامية الموجودة قليلة مقارنة بعدد سكان البلدان العربية، لذلك يعتبر الانترنت فرصة لاي فرد ليعبر عن رأيه، ولهذا السبب انتشرت المدونات العربية إنتشاراً سريعاً وتضم مختلف الآراء.

* ولكن كثرة المدونات لها سلبياتها ايضاً!!
- أنا من أنصار حرية التعبير، من حق أي فرد أن يعبر عن رأيه للناس، ومن حقه أن يتوفر له منبر ليتحدث من خلاله، سواء بعد ذلك اتفقنا أو اختلفنا معه في الرأي..فلنتحاور..المهم أن يتوفر وسيلة للحوار، أي مساحة عامة للحوار.

* ذكرت في كتابك بعد عرض عدة أبحاث عن الارتباط بين استخدام الانترنت والوحدة والاحباط أنه من المستحيل من الناحية العلمية إفتراض علاقة سببية بينهما؟ لماذا؟
- صحيح، هذه الابحاث هي ابحاث استطلاعات رأي، فمن الناحية العلمية لا يصح أن نحدد علاقة سببية ناتجة عن إستطلاع رأي، إستطلاع الرأي يحدد علاقة بين عاملين، العامل الاول هو استخدام الانترنت بكثرة، والثاني هو الشعور بالوحدة والاحباط، لكن لا يصح القول بأن الاحباط سببه الانترنت، فعلى سبيل المثال قد يكون المستخدم مصاب بالوحدة والاحباط من الاساس لذلك استخدم الانترنت بكثرة، وأوضح بأن العلاقة التي ظهرت نتيجة هذه الابحاث علاقة ضعيفة جداً.

* هل سينجح الانترنت ليصبح جسراً لتوصيل أهم المعلومات بالمشكلات الثقافية.. مثل مشكلات الامية وأساليب حلها؟
- نتنمى أن يحصل ذلك في العالم العربي، لان نسبة الامية مرتفعة جداً وهو أمر مخجل فنحن شعوب تتميز بحضارة وعراقة كبيرة وما زلنا نعاني من مشكلة الامية، أما عن كيفية أن يصبح الانترنت جسراً لتوصيل مشكلات الامية وأساليب حلها يجب أن تتم من خلال وسيط تتوفر لديه برامج خاصة لمحو الامية، لان الانترنت يحتاج الى مهارات معينة لاستخدامه والامي لا يستطيع استخدام الانترنت بمفرده، واعتقد ان هذه الخطوة لا تزال بعيدة نوعاً ما عن الدول العربية لان استخدام الانترنت لا يزال ضئيلاً مقارنة باستخدامه في العالم، ولكن أود أن اشيد هنا بتجربة تونس "قوافل الانترنت" وهي قوافل متواجدة في الشوارع.. وانطلقت الحملة كنوع من التشجيع على استخدام الانترنت.

* هل سيحل الكتاب الرقمي مكان الكتاب الورقي؟
- لا اعتقد بأنه سيحل مكانه، ولكن من المهم أن يصبح لدينا مكتبات على الانترنت أي مكتبات رقمية، المكتبة الرقمية توفر الوقت والجهد، فعلى سبيل المثال منذ حوالي عشر سنوات كانت الوسيلة الوحيدة للبحث عن ورقة علمية هي مكتبة الجامعة، بينما الآن يتوفر الكثير على الانترنت ونستطيع الوصول اليه بسهولة وبوقت أسرع، ومع ذلك لا أظن بأن الكتاب الرقمي سيحل يوماً ما مكان الورقي، لان الورقي له متعة وجاذبية معينة، أستطيع ان أقرأ كتاباً في غرفة المعيشة أو في أي مكان آخر، ولكن لا استطيع أن أقرأ لمدة طويلة من الكمبيوتر فأحياناً نضطر لطباعته وقراءته من الورق، كما أن هناك نوع من الالفة تحدث بين القارئ والكتاب، ولكن هذا لا يمنع أيضاً أن الكتاب الرقمي مفيد جداً ويجب توفره.

* الا ترين أن الانترنت أدى الى انتهاك حقوق النشر والطباعة؟ فلقد كثرت في الاونة الاخيرة السرقات الفكرية من خلال الانترنت!
- بالطبع أي تكنولوجيا جديدة لديها سلبيات معينة، ولكني مصرة أن فوائد الانترنت أكثر من سلبياته، إضافة الى أن انتهاك حقوق النشر والتأليف تحدث على الانترنت وغيره، العيب ليس في التكنولوجيا وانما العيب في تصرفات الافراد..في تصرفات مستخدم الانترنت، وللاسف الشديد كانت تتم سرقة رسائل جامعية من جامعات روسية مثلاً ويتم ترجمتها الى العربية وتقدم على أنها رسالة ماجستير أو دكتوراة في جامعات عربية..كان يحدث هذا حتى قبل انتشار الانترنت، ولكن يجب أن تسن قوانين وتشريعات خاصة بالانترنت في العالم العربي لمنع انتهاك حقوق النشر والطباعة والتاليف.

* ما رأيك بحوسبة المناهج المدرسية حيث تتخذه بعض الدول العربية الان كنوع من التطوير التربوي؟
- أمر هائل بالطبع.

* ولكن قد يعتاد الطالب على الكسل..فكل شئ أصبح جاهزاً على الكمبيوتر؟
- طبعاً أسهل على طالب الجامعة البحث في الانترنت من أن يذهب الى المكتبة، ومن المهم أن يقوم الطالب بمجهود ولكن أعتقد أن هذا المجهود يمكن أن يوفره لامر آخر..سرعة الوصول للمعلومة أمر إيجابي وليس سلبي فهي قد توفر له الوقت والجهد للبحث عن معلومات أخرى، ما أريد أن أقوله بأن الطالب في نهاية الامر قد قرأ البحث أو المادة المطلوب منه البحث عنها.. هذا هو المهم، ولكن يجب أن أنوه هنا أن على المستخدم -الطالب- أن يقدر بأن الانترنت وفر عليه الوقت والجهد فيقوم باستغلال هذا الوقت والجهد ليستفيد من موضوع آخر.

* ولكن كثرة إستخدام التكنولوجيا لها إنعكاسات سلبية على عملية التفكير!!
- ليس فقط التكنولوجيا، إنما إستخدام أي شئ بكثرة له انعكاسات سلبية، فعلى سبيل المثال كثرة مشاهدة التلفزيون لها انعكاسات سلبية، وحتى القراءة يومياً لمدة عشر ساعات مثلاً لها انعكاسات سلبية ايضاً، ولكن اؤكد مرة اخرى بأن الانترنت أو التكنولوجيا ايجابياتها اكثر من سلبياتها، ونحن بالعالم العربي نحتاج لمثل هذه التكنولوجيا وكيفية استخدامها بالطريقة المفيدة، أنا على دراية ببعض التأثيرات أو الاستخدامات السلبية المحتملة للانترنت، ولكن في إعتقادي أن الانترنت مثلها مثل أي وسيلة إتصال أو إعلام إخرى يمكن أن تكون أداة سلبية أو إيجابية إعتماداً على الطريقة التي نستخدمها بها، وأعتقد على الرغم من الجدل الدائر في العالم العربي على مدى السنوات الماضية والخاص بقدرة الانترنت على عرض مواقع وصور فاضحة أو موضوعات غير ملائمة أرى أن الانترنت يقدم لمصر وللعالم العربي إمكانيات خارقة وهائلة للتنمية والاصلاح.

* وما السبب في قلة استخدام الانترنت في العالم العربي لغاية الان؟
- أود أن اوضح هنا بانه منذ بدأ استخدام الانترنت في التسعينات لم يتوقف عدد مستخدميه عن التزايد، حيث قدرت آخر الاحصاءات لعدد مستخدمي الانترنت في العالم بأكثر من مليار مستخدم في 2006، ومن هذا العدد يتضح أن هذه الوسيلة الاعلامية لا يمكن تجاهلها بأي حال من الاحوال، وقدر عدد مستخدمي الانترنت في الدول العربية بحوالي 8 مليون في نهاية عام 2003 من إجمالي عدد المستخدمين، أي أن عدد مستخدمي الانترنت لا يزيد عن 3% من إجمالي الشعوب العربية البالغ عددها أكثر من 300 مليون نسمة، وهناك عدة أسباب لقلة إستخدامه في العالم العربي منها نقص الموارد الاقتصادية والبشرية اللازمة لتكنولوجيا المعلومات، والامية، والجهل باللغة الانجليزية، والجهل باستخدام الكمبيوتر، ونقص التمويل اللازم للابحاث وتطوير تكنولوجيا المعلومات، إضافة الى تكلفة الدخول على الانترنت في كثير من الدول العربية، ولكن مؤخراً بدأت الدول العربية بتقليص هذه الفجوة منها مصر والامارات كمثالين لاعلى معدلات إنتشار لتكنولوجيا المعلومات في العالم العربي، ولكن الامر الاهم هنا هو نشر الوعي والتعليم الخاص بتكنولوجيا الاتصالات والانترنت، أي وعي بأهمية الانترنت وكيفية الاستفادة منه، لانه لا تزال هناك أصوات في العالم العربي تهاجم الانترنت وتعتبر تأثيره سلبي على الشباب وأعتقد ان هذه المشكلة تكمن في العائلة نفسها وليس في التكنولوجيا، الانترنت يعتبر فرصة للشعوب العربية ليتقدموا في مجال معين فعلى سبيل المثال يعد الانترنت فرصة كبيرة للشعوب العربية لتحسين مستوى معيشتهم من نواح كثيرة، أقلها مجتمع مدني أكثر قوة وفعالية، كما يجب التركيز لتقديم محتوى متنوع على الانترنت، محتوى يشبع العرب ويخدم إحتياجاتهم، ومن ناحية اخرى تقديم ما يمثل الهوية العربية بثقافاتها وقيمها باللغتين العربية والانجليزية للعالم أجمع.

* ما رأيك بجريدة إيلاف الالكترونية؟
- اتابعها ولكن ليس بشكل يومي، واعتبرها منبراً هائلاً للاشخاص الذين لا يستطيعون أو لا يودون الكتابة في الصحف العادية، فيها مساحة من الحرية في التعبير عن الرأي، كما أن خاصية تعليقات القراء مهمة جداً، تجسد نوعاً من التفاعل الاجتماعي وهو مفهوم يُعد جديداً بالنسبة للعالم العربي، إلا أن بامكانه تفعيل الاساسيات لايجاد شعب أكثر تفهماً وتقبلاً للاخر، ولكن يجب أن ننوه على اهمية احترام الرأي الاخر، فالقارئ له الحق في رفض أو تقبل رأي الكاتب من خلال التعليق باستخدام لغة محترمة بدون أي تسفيه أو تعصب، وهذا يعتمد على ثقافة القارئ واستعداده لتقبل الآخر.. ما تقوم به إيلاف من استقبال تعليقات القراء فورياً يعتبر أمر مهم جداً وغير متاح في الصحف العادية ولا حتى في التلفزيون، لا يتمتع المتصل ببرنامج تلفزيوني بنفس الحرية التي يتمتع بها قارئ إيلاف.

* هناك من ينادي بتجميع الفكر العربي من خلال الانترنت، ما رأيك؟
- لا أظن بانها فكرة جيدة تجميع الفكر العربي على نحو مطلق، فالاختلاف جيد وصحي ويجب الاستفادة منه، صحيح هناك الكثير من الامور التي تجمعنا كشعوب عربية مثل اللغة والدين، ولكننا في النهاية لا نشكل فكراً واحداً، ونضحك على أنفسنا إذا قلنا أو صدقنا بأننا فكر واحد، أي غير مختلفين فكرياً لاننا بذلك لن نرى أو نقبل إلا ما نقوله، وهذا لا يؤهلنا للعيش في هذه الدنيا ولا للحوار مع الآخر، فعلى سبيل المثال المشكلة التي حدثت مؤخراً بسبب الصور المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، من حق الناس أن تلتهب مشاعرها على الحدث ولكن بالرغم من أننا كنا على حق فإن طريقة الرد لم تكن مفيدة لنا، كان من الاجدى أن نعلم ونشرح ونوضح للآخر -الذي لا يعلم عن الاسلام أو عن الرسول عليه الصلاة والسلام شيئاً- وكان من المفيد جداً استخدام الانترنت في ذلك، ولكن بعض ردود أفعالنا من حرق وتدمير كانت عنيفة جداً.. وماذا استفدنا؟ الان ظهر مراهق في الدنمارك بفيديو مسئ عن الاسلام، أي ما أريد أن اقوله هنا بأننا يمكن أن نستخدم الانترنت لنجتمع كعرب على مواقف معينة مثلاً لنقدم صورة مشرفة عن الاسلام وصورة صحيحة عن العرب بشكل عام-المسلمين والمسيحيين-، وكما قال تعالى "إن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم"، لذلك علينا تغيير طريقة تفكيرنا وحوارنا أولاً.. ومن ثم نبدأ بتعليم الآخر عن أدياننا وثقافاتنا وتقديم صورة صحيحة للغرب.

* ما تفسيرك لما تقوم به بعض الدول العربية من محاولة رقابة محتوى الانترنت؟
- من غير المجدي فهي تقوم بإهدار وقتها، لا تستطيع أن تقف أمام التكنولوجيات المتقدمة التي تقوم عليها الانترنت، ومع تقدم التكنولوجيا تصبح الرقابة اكثر تكلفة واقل تأثيراً، والانترنت يعد خطوة كبيرة للامام في مقياس الاعلام المضاد للرقابة، وسوف تواجه الحكومات العربية تحدياً كبيراً للغاية في اللحاق بكل جديد يتم تحميله على الشبكة يومياً، فهذه الممارسات الرقابية لن تجدي أو تثمر، وعملية الرقابة والحجب خسارة لنا فهي تمنع عنا منافذ كثيرة للمعرفة والثقافة، لان الصفحات التي تحجب ليست فقط الصفحات المضادة لقيمنا كما يقولون بل تحجب معها صفحات اخرى مفيدة مثل الصفحات الطبية والسياسية والاجتماعية، فالرقابة هنا تقدم حجة لتحجب ما تريد، ومن مميزات الانترنت أنه ساعد في تقلص دور الرقيب في بقية وسائل الاعلام، لانه عندما يتم منع خبر معين من النشر أصبح من السهل الحصول عليه أو قراءته من خلال الانترنت.

* ما هو الجديد لديك من دراسات أو ابحاث؟
- سانتهي قريباً من كتاب باللغة الانجليزية عن الانترنت في العالم العربي، ويحتوي على معلومات وأبحاث وإحصائيات حديثة، ويتضمن أيضا فصلاً عن "الاسلام على الانترنت"، وسينشر الكتاب في نيويورك "بيتر لانغ".

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف