أخبار

الطائرات الآمن... والإرهاب لا يستهدفها دون غيرها

ضحايا السيارات أكثر 58 مرة من ضحايا القطارات

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أثبتت دراسة ألمانية جديدة أن النقل الجوي هو أسلم وسائل النقل في العالم، في حين أن السفر في السيارة الشخصية هو الأسوأ من ناحية عدد الضحايا. في وقت يعلن فيه سائقو القطارات وعمال السكك في ألمانيا إضرابات متتالية بغية تحسين مداخيلهم.

ماجد الخطيب: انخفض عدد ركاب الطائرات في الولايات المتحدة، بين 2001 - 2003 بشكل ظاهر بعد 11 أيلول (سبتمبر) بسبب الخوف من الإرهاب، لكن عدد ضحايا النقل البري ارتفع أيضًا خلال الفترة نفسها إلى 1595 شخصًا. وهذا يعني أن التوجّه إلى النقل البري كلف الأميركيين ضحايا على الطرقات يعادل أربعة أضعاف عدد ركاب الطائرات الأربع (265 راكبًا) التي نفذ بها الانتحاريون عمليات 11 أيلول (سبتمبر).

إذ دفعت ظاهرة الإرهاب المواطنين الأميركيين إلى التحوّل من النقل الجوي إلى النقل البري، رغم أن الحوادث المميتة على الشوارع تزيد سبعة أضعاف على مثيلاتها الجوية. ووصف معهد ماكس بلانك الألماني المعروف هذا التحول "بالخطير"، لأن حوادث الطرق في الولايات المتحدة أخطر بكثير على المسافرين من الإرهاب نفسه.

عامل التوعية
وطالب البروفيسور جيرد جيجرينسر، رئيس المعهد البرليني المذكور، بتوعية الناس بالحقائق العلمية حول الموضوع، كي لا يقدموا المزيد من الضحايا. فالعمليات الإرهابية تؤثر في عقول الناس مرتين: مرة أثناء وقوعها والصدمة الناجمة منها، ومرة أخرى من خلال التصورات غير العلمية عن مخاطر الأشياء. وعبّر عن قناعته بأن التنوير العلمي للناس أكثر تأثيرًا وأقل كلفة من العمليات العسكرية والأساليب البوليسية المتبعة في مكافحة الإرهاب.

يجعل الفزع المواطن يغفل عن حقيقة علمية، مفادها أن الإرهاب في كل مكان استهدف الحافلات والسيارات أكثر مما استهدف الطائرات والمطارات. وكمثال، فإن حوادث السيارات تعادل سبعة أضعاف حوادث الطائرات، إلا أنه من المعروف أيضًا أن هذه المخاطر تتساوى حينما تكون المسافة المقطوعة بالسيارة لا تزيد على 20 كم. ويكون الإنسان أكثر تفهمًا وأكثر كفاءة على حماية نفسه حينما يعرف هذه الحقيقة، لكن مخاطر التشوش، وبالتالي الموت، تزداد حينما يجهل المرء هذه الحقائق، بحسب جيجرينسر.

السيارات الأخطر
أجرت "الليانس" للتأمين دراسة عن مخاطر وسائل النقل البري المختلفة، مستمدة معطياتها من ملفات الشركة. ويتضح من الدراسة أن السفر بالسيارة الشخصية أخطر أربع مرات على حياة الإنسان من السفر بالحافلة، وأخطر 58 مرة من ناحية عدد الضحايا قياسًا بعدد ضحايا القطارات.

جاءت الدراسة في وقت يعلن فيه سائقو القطارات وعمال السكك في ألمانيا إضرابات متتالية بغية تحسين مداخيلهم، ويضطر الملايين من الناس إلى تفضيل النقل بالسيارات الصغيرة، وبالحافلات، على النقل بالقطارات. وأدت هذه الحالة في السنتين الماضيتين إلى زيادة أساطيل الحافلات التي تتنقل لمسافات طويلة بين شمال وجنوب ألمانيا، وإلى أنخفاض أسعار النقل على الحافلات إلى ربع كلفتها على خطوط السكك الحديدية.

وتكشف الدراسة بأن عدد ضحايا النقل بالسيارات الصغيرة أكبر من عدد ضحايا النقل بالقطارات 58 مرة. وتتضاعف هذه النسبة، بحسب ملفات شركة التأمين، عند مقارنة الإصابات على الطرقات السريعة بالإصابات بسبب حوادث القطارات، لأنها ترتفع إلى 111 مرة.&

لا تختلف الصورة عند مقارنة السفر بالسيارة مع السفر بالحافلات، إذ تبقى الحافلات أكثر سلامة من السيارات الصغيرة. وظهر من خلال الدراسة أن حوادث الموت بالسيارات تعادل 4 أضعاف حوادث الموت المماثلة أثناء السفر بالحافلات. ومن جديد تقفز هذه النسبة إلى 33.3 ضعفًا عند مقارنة الإصابات الناجمة من السفر بوساطة وسيلتي النقل المذكورتين.

القطار الأمثل
رغم ذلك، لم يعترض اتحاد النقل الألماني بالشاحنات على الدراسة، وقال متحدث باسم الاتحاد إن الحافلة تبقى أسلم وساطة نقل على الشوارع. وهذا يعني أن النقل على السكك يبقى الطريقة المثلى، أمنيًا وبيئيًا، ولا ينافسها إلا النقل الجوي، الذي يسجل دائمًا أقل عدد من ضحايا النقل.

ورغم كل الأرقام التي طرحتها "الليانس" في تقريرها يبقى النقل في ألمانيا أسلم من غيره. وإذ سجل معدل ضحايا النقل بالسيارات الخاصة في أوروبا بين 2005 - 2012& نحو 3.6&ضحايا لكل مليار كيلومتر تقطعها السيارات، لا يزيد هذا المعدل في ألمانيا على 2.6 في الفترة الزمنية نفسها.

على صعيد ضحايا النقل بالقطارات، سجل المعدل الأوروبي بين 2005 - 2012 نحو 0.14 ضحية لكل مليار كيلومتر، كانت هذه النسبة 0.04 لكل مليار كيلومتر في ألمانيا وتعتبر أقلها على المستوى العالمي. وبدت بعض بلدان أوروبا الشرقية مثل مدافن خاصة لسائقي السيارات، لأن نسبة الموت في السيارات لكل مليار كيلومتر تقطعها ترتفع إلى 14 في رومانيا، وإلى 10 في ليتوانيا، وإلى 10 في بولندا.

السياحة ذروتها
تكشف دراسة الليانز أيضًا عن ارتفاع ظاهر في نسبة الوفيات، في مختلف وسائل النقل، في المواسم السياحية. تأتي حوادث الطرق أثناء السياحة على المستوى العالمي في المرتبة الثانية من مسببات الموت بعد الأزمات القلبية. وتشكل حوادث الطرقات خلال السياحة نسبة 30% من الوفيات قياسًا بالطائرات (7%) والقتل (10%) والتسمم (6%) والانتحار (5%)، إضافة إلى أسباب أخرى.

بمقدار اختفاء مدينة سنويًا
يبدو أن هذه النسب، وخصوصًا في ألمانيا، مطمئنة إلى حد ما، ولكن ليس بالنسبة إلى نادي السيارات الألماني. إذ ذكر هورست ميتزلر، رئس النادي، أن نسب الوفيات بسبب حوادث الطرق ترتفع باطراد، وهذا يدعو إلى القلق. وبلغ عدد ضحايا الطرق في العام 2013 نحو 3339 ضحية، زاد حتى الآن في العام 2014 على 3500 ضحية. وسجلت أوروبا عمومًا 28 ألف ضحية سير عام 2012، مع مؤشرات واضحة إلى ارتفاع هذا الرقم في عامي 2013 و2014. وهذا يعني، بحسب ميتزلر، أن حوادث الطرق تؤدي إلى اختفاء مدينة أوروبية صغيرة كل عام.

السيلفي وفايسبوك
والمشكلة هي زيادة نسبة الوفيات بين الشباب تحت 18 سنة بنسبة 30% خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا. ووجّه ميتزلر أصبع الاتهام إلى أجهزة "السمارت فون" وغيرها، التي يستخدمها الشباب أثناء قيادة السيارة، وتسلب انتباهم لثوانٍ عدة تكفي لوقوع الحوادث القاتلة. واعتبر رئيس نادي السيارات انتشار موضة تصوير الذات (السيلفي) وتصفح مواقع تواصل كفايسبوك أثناء قيادة السيارات، من أهم أسباب زيادة حوادث الطرق بين الشباب.

هذا ليس كل شيء، لأن نسبة 27% من سائقي السيارات الشباب يرون بأن التقنيات الحديثة صرفت انتباههم مرة على الأقل، وأدت إلى حصول حوادث، مع نسبة مماثلة قالت إن التقنيات الحديثة أنقذتهم مرة من حوادث خطيرة. وهذا يعني أن هذه التقنيات وفرت إيجايبات بقدر ما أوجدت مخاطر على الطرقات.

عمومًا اعترفت نسبة 77% من سائقي السيارات بأنها تجد صعوبات بالغة بالتعامل مع الأجهزة الجديدة وأنظمة السلامة المعقدة التي أدخلتها صناعة السيارات. وقالت نسبة 44 % إنها تخشى من أن تؤدي كل هذه التقنيات المعقدة إلى صرف انتباهها عن الطريق وتقليل تركيزها على إشارات المرور.

وتتسبب حوادث الطرق، الناجمة من السرعة، بموت 660 شخصًا كمعدل، وإصابة وإعاقة 6000 آخرين، في ألمانيا سنويًا. ويمكن إرجاع 50% من الحوادث على الطرقات السريعة إلى القيادة بسرع مجنونة، وهذا يعني أنه من الممكن خفض عدد الحوادث إلى أقل من النصف عن طريق تحديد السرعات على الطرقات. وتتركز 80% من حوادث الموت في المناطق غير محددة السرعة على شبكة الطرقات السريعة.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف