أخبار

اعتدت الشرطة على الصحافيين والمواطنين فاعتذر الوزير

مخاوف في تونس من عودة "دولة البوليس"

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وجه وزير الداخلية التونسي اعتذاراته إلى صحافيين تعرضوا لإعتداء برفقة مواطنين خلال إحتجاج سلمي الجمعة الماضي. الاعتداء أثار مخاوف سياسيين وحقوقيين من عودة القمع ودولة الاستبداد، وطالبوا بحل "النقابات الأمنية" التي تقف وراء التجاوزات.

محمد بن رجب من تونس: خلال وقفة احتجاجية تعرّض مواطنون و صحافيون الى العنف من طرف عدد من قوات الامن، وهو ما أثار استياء عدد من الأحزاب والجمعيات، فعبرت عن خوفها من عودة "دولة الإستبداد"، في وقت كان الجميع يتصور أنّ مثل هذا التعاطي مع المسيرات والوقفات الإحتجاجية السلمية قد ولّى وذهب من دون رجعة، خاصة وأنّ هذا التجاوز تزامن مع بداية التنفيذ الفعلي للدستور الجديد.

وكان عدد من المحتجين نظموا احتجاجًا سلميًا عصر الجمعة في ساحة القصبة (مقر الحكومة)، تعبيرًا عن رفضهم لتعاطي رجال الأمن مع طريقة اعتقال عماد دغيج رئيس إحدى روابط حماية الثورة بتونس العاصمة.

الكيل بمكيالين

دعم الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدائمي "تطبيق القانون في مواجهة كل التجاوزات"، محذرًا، "من خطورة الكيل بمكيالين في التعامل مع ما يجدّ من خروقات تمسّ بأمن الأفراد وسلامة المؤسسات".

ونبّه الدائمي إلى ضرورة الإلتزام بمبادئ الدستور وبمقتضيات القوانين وبإحترام حقوق الإنسان.

ويقول الفصل 29 من الدستور التونسي الجديد: "لا يمكن ايقاف شخص أو الاحتفاظ به الا في حالة التلبس أو بقرار قضائي، ويعلم فورًا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة اليه، وله أن ينيب محاميًا، وتحدد مدة الايقاف والاحتفاظ بقانون".

من جانبه، شدّد محمد عبّو الأمين العام للتحالف الديمقراطي في بيان اطلعت عليه "إيلاف" على أنّ وزير الداخلية يتعرض إلى ضغوطات تمسّ من استقلالية وحيادية المؤسسة الأمنية، مبينًا أنّ هذه الضغوطات "تأتي من جهات تحمل عناوين نقابيّة ومن قوى سياسيّة تسعى إلى إرباك المنظومة الأمنيّة وإدخال تغييرات هيكليّة في صلب هذه الوزارة السياديّة خدمة لأجندات فئويّة".

فتح تحقيق قضائي

وتفاعل الأمين العام لحركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي مع ما حدث، فأكد في بيان له أنّ "العنف المفرط، المادي واللفظي، الذي تعرض له عدد من الشباب والنساء وحتى بعض الصحافيين والذي أظهرته الصور ونقله الشهود العيان يستوجب وقفة جادة من قبل القائمين على أجهزتنا الأمنية حتى يحولوا دون تكرار هذا السلوك المعزول أو تفشيه".

ودعا الجبالي إلى فتح تحقيق حول ما حدث يوم الجمعة 28 فبراير 2014 مستحضرًا "ثقل المسؤولية وجسامة المهمة الواقعة على مؤسستنا الأمنية اليوم لا سيما في الجمع بين مهمتها في حفظ أمن الوطن والمواطن وهي تخوض معركة الشعب ضد الإرهاب والجريمة المنظمة من جهة، ومواءمة كل ذلك مع مقتضيات احترام حقوق الإنسان وعلى رأسها حفظ كرامة التونسي".

كرامة التونسي

وأكد الأمين العام لحركة النهضة على أنّ "كرامة التونسي وهي القيمة الأسمى التي فرضتها ثورته ورسخها دستوره، كان وسيبقى نبراسنا في كل رأي أو موقف، ولن ندخر جهداً في المحافظة عليها وتكريسها مستعينين في ذلك بعد الله عز وجل بكل القوى الخيِّرة على هذه الأرض الطيبة"، مشددًا على أنّ مبدأ علوية القانون واحترامه ينبغي أن يكون الفيصل في جميع الخلافات السياسية والفكرية، فلا مجال لأي منع للنشاط أو حل للجمعيات إلا وفق ما تضبطه القوانين المنظمة للعمل العام وعبر القضاء المستقل والمحايد والنزيه أيًا كانت الضغوط والابتزازات".

وفي تصريح لـ"إيلاف"، طالب زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب، رئيس الحكومة مهدي جمعة بتوجيه رسائل طمأنة للتونسيين حول حاضرهم ومستقبلهم وكشف حقيقة الوضعين الأمني و الإقتصادي.

حلّ النقابات المسيّسة

من جانبه، أكد الخبير الدستوري قيس سعيّد لـ"إيلاف" ضرورة العمل على حلّ النقابات الأمنية، وذلك لتورطها في الإنخراط في العمل السياسي، مشيراً إلى أنها "غير قانونية".

ودعا سعيّد كلاً من رئيس الحكومة ووزير الداخلية إلى ضرورة تطبيق القانون وعدم ترك الوضع على حاله.

وأشار الدكتور مصدق الجليدي إلى أن "النقابات الأمنية المسيّسة لا تلزمنا لأنها دولة داخل الدولة وسلطة مصادرة لسلطة التأسيسي ولسلطة وزير الداخلية ورئاسة الحكومة".

وطالب الجليدي في إفادته لـ"إيلاف" بإدخال بند جديد في خارطة الطريق "يقضي بحلها وإراحتنا من هذا الاستبداد الجديد الذي يتهدد ديمقراطيتنا الناشئة"، على حد تعبيره.

حقائق صادمة

أكد بشير النفزي عضو لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بعد زيارة فجائية لمركز الإيقاف التحفظي ببوشوشة الوقوف على وجود "حقائق صادمة"، ومنها الحالة جد المتردية للعيادة والحالة المزرية للغرف حيث تغيب الأسرّة والأغطية الصوفية إلى جانب غياب مرحاض في غرفة يصل استيعابها إلى أربعين شخصاً، مشيرا إلى المعاملة الإيجابية للموقوفين من طرف حرّاس السجن.

ويتضمن الدستور في فصله 30: "لكل سجين الحق في معاملة انسانية تحفظ كرامته، تراعي الدولة في تنفيذ الحقوق السالبة للحرية مصلحة الاسرة، وتعمل على اعادة تأهيل السجين وادماجه في المجتمع".

رسالة إلى المرزوقي

إلى ذلك، وجّه عبد الرزاق بن العربي رئيس حزب العدالة والتنمية رسالة إلى الرئيس المرزوقي ورد فيها :"مهمتك أخي الرئيس حماية حقوق الناس وأعراضهم وأملاكهم فأنت الضمانة للتوازن المجتمعي ولا نريد منك خطابات رنانة وكتبًا ضخمة ونريد أفعالاً تغيّر واقع القهر والظلم والفساد والرذيلة وتصنع مستقبلاً جديدًا مشرقًا".

وأضاف: "كفى أن تبقى صامتًا لا تتحرك أمام تواصل التعذيب والإعتقالات وتصنيف أبناء شعبك كإرهابيين ووجود سجون سرية واختفاء قصري وانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والتطاول على الجمهورية... نريدك أن تكون رئيسًا حامياً لتونس ولشعبها، وإلا ما حاجتنا برئيس يتكلم ويكتب ولا يفعل شيئاً".

وقفة التحدّي

إلى ذلك، نظم الصحافيون التونسيون يوم أمس وقفة احتجاجية تحت شعار "وقفة التحدي لأبناء السلطة الرابعة" أمام وزارة الداخلية للتنديد بالعنف الذي مورس ضدهم عصر الجمعة الماضي في ساحة القصبة عند تغطيتهم لوقفة نظمتها لجان حماية الثورة.

وكانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين قد أصدرت بيانًا اطلعت عليه "إيلاف" أدانت فيه "الإستهداف الأمني المتواصل للصحافيين والمصورين الصحافيين"، مشددة على رفض "التبريرات التي قدمت من المسؤولين"، محمّلة في الآن ذاته وزارة الداخلية مسؤولية "استهداف الصحافة والصحافيين وتمادي قياداتها الميدانية في منع الإعلاميين من أداء واجبهم المهني وإيصال المعلومة للمواطن".

وعبّر وزير الداخلية من خلال الناطق الرسمي بإسم الوزارة، محمد علي العروي، عن "اعتذاراته الشخصية" للصحافيين الذين تم الإعتداء عليهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف