أخبار

تحديات واستحقاقات أمام الرئيس المصري الجديد (3 من 6)

العدالة الاجتماعية هي القميص الواقي من الثورة الثالثة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وقاية النظام المصري المنتظر من ثورة ثالثة تكمن في تحقيق العدالة الاجتماعية بتوفير الوظائف وترسيخ الكرامة الانسانية، وتكافؤ الفرص والحريات.

القاهرة: فرضت الثغرات التي تركها نظاما الرئيسين المصريين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي العديد من علامات الاستفهام حول بقاء رأس النظام المرتقب. فثورة المصريين على مبارك ومرسي كانت ترجمة حية للواقع الذي عاشه الشعب، فماذا لو اخفق الرئيس المصري الجديد في تحقيق تطلعات الجماهير؟ هل سيثور عليه الشعب مجددًا؟ وما عليه فعله لتفادي مصير سابقيه؟

فشل ذريع

يرى الدكتور طارق فهمي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والباحث بالمركز القومي لدراسات الشرق الاوسط، أن جماعة الإخوان المسلمين فشلت في إدارة البلاد فخسرت الشعب المصري، وكانت سببًا مباشرًا في تردي الاوضاع الاقتصادية، "كما عاند نظام الرئيس المعزول الجهاز الأمني، ووقف أمام إرادة الشعب المصري، فكانت فترة حكمه أسوأ مرحلة عاشها الشعب المصري، حتى أطاح به يوم 30 حزيران (يونيو) 2013".

وأضاف فهمي لـ"ايلاف": "الشعب يثور عندما لا تحقق له مخرجات النظام الإشباع المادي الذي يتمثل في الوظائف وتحقيق العدالة الاجتماعية وإتاحة الفرص، والإشباع المعنوي المتمثل في كرامته الإنسانية، وإشعاره بتكافؤ الفرص والحرية، لكنّ النظامين السابقين وصلا لدرجة عالية من الفجور السياسي واللامبالاة بالآخرين، ولم يلتفتا لتبعات تصرفاتهما وتداعياتها على الآخرين".

رد فعل متراكم

أكد فهمي أن الشعب يتلقف هذه التصرفات ويختزنها، إلى أن تتحول لرد فعل مع الوقت، نتيجة تراكمات ممارسة الفجور السياسي من جانب النظام ضد الشعب، وأكبر دليل على ذلك فشل جميع الحكومات ابتداءً من حكومة شفيق وحتى حكومة الببلاوي.

واشار إلى أن القاسم المشترك بين كل هذه الحكومات هو غياب البعد الاجتماعي، لافتًا إلى أن الشعب يتغاضى عن حريته مقابل تحقيق العدل الاجتماعي، وغياب المشروع الاجتماعي في ذهن الحكومات السابقة وعدم قناعتهم بعدم تحقيق العدل الاجتماعي إلا على مستوى الكلام والشعور بالظلم هو السبب وراء قيام الثورتين.

وأكد فهمي: "إذا كان الرئيس القادم يريد أن يتخطى الانقلاب الشعبي عليه، فلا بد أن يعطي أولوية حاسمة ورؤية واضحة لتحقيق مشروع العدالة الاجتماعية، التي تعد الخطوة الأولى لنجاح أي ثورة".

معايير المستشار

وفي ما يتعلق بإشكالية مستشاري الرئيس، أوضح فهمي: "عند إقامة دولة المؤسسات ووجود حكومة قوية، لسنا بحاجة إلى جيش من المستشارين، ولا بد من معايير يتم على أساسها اختيار المستشار، منها أن يكون من أهل الخبرة وليس فقط الثقة، لأن الخبرة تعطي النظام العمر السياسي، بمعنى أن الشرعية السياسية تحتاج إلى قبول الشعب، فكلما كانت القرارات السياسية أقرب إلى الشعب، كلما كانت أقرب إلى النجاح، كما يجب أن يتمتع بالوطنية وأن لا يطبق أجندة خاصة".

وقال اللواء الدكتور عزت الشيشيني، الخبير الأمني ومستشار المركز الديموجرافي، إن الشرطة عانت في عهد مرسي، بعدما ناصب مرسي الجهاز الأمني العداء، وتدخل في الحركة الداخلية التي تشمل تنقلات الضباط وترقيتهم وإحالتهم للتقاعد، من منطلقات شخصية، وهذا لم يحدث من أي رئيس سابق.

أضاف: "كثرت الدعاوى في عهد مرسي بإعادة هيكلة الشرطة وتطهيرها من الفساد، فما كان من وزارة الداخلية إلا أن قامت في حركتها الداخلية بإحالة العديد من قيادات الشرطة إلى التقاعد، خصوصًا ضباط الأمن الوطني، وهم ضباط أمن الدولة، الذين كانوا يتولون ملفات الاخوان المسلمين والجماعات المتطرفة، وكان من بين هؤلاء الضباط العديد من الكفاءات، فضلاً عن هروب بعضهم من العمل بجهاز الشرطة إلى وظائف أخرى في مصر وخارجها".

حماية الشعب وليس النظام

اضاف الشيشيني لـ "ايلاف": "انحاز مرسي إلى ضباط اطلقوا لحاهم محتمين بالاخوان، اجتمع بهم لحل مشكلتهم مع وزارة الداخلية التي أحالتهم إلى الاحتياط، وأطلق العنان لرموز جماعته ومؤيديها، وكان واضحًا حينما هاجم القيادي السلفي المحسوب على الاخوان حازم ابواسماعيل الشرطة بقوله: "سأربيهم".

واكد الشيشيني أن المعزول سمح لجماعته بدخول كلية الشرطة وبتقلد مؤيديهم مناصب هامة وحيوية بالشرطة، بعد أن كان ذلك محظورًا عليهم، وأفرج عن العديد من المعتقلين الذين صدرت ضدهم احكام جنائية، "وعلى الرئيس القادم أن يجعل وظيفة جهاز الشرطة حماية الشعب والوطن وليس النظام، وتوفير الأمن والسلام الداخلي لهما".

من جانبه، قال المفكر صلاح عيسى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، إن مجموعة المستشارين التي كانت تحيط دائمًا برأس النظام طريقة ابتدعها مرسي بعدما وعد بتشكيل مجلس رئاسي يمثل الشباب والأقباط وكافة التيارات السياسية، "لكن الرئيس المعزول لم يكن يشارك أحدًا في اتخاذ القرارات، ولم يسمع سوى لجماعته، خصوصًا في القضايا التي تهم الرأي العام، وبالتالي تحول المستشارون لمجرد ديكور في مؤسسة الرئاسة".

بخيره وشره

وأضاف عيسى لـ "ايلاف": "على الرئيس القادم أن يتفادى ما وقع فيه مرسي، وأن يعيد تشكيل ديوان الرئاسة، ليضم مجموعة من المختصين المتفرغين، ويسند إليهم بعض الملفات الهامة والحيوية التي تؤرق البلاد، كي يضعوا لها البدائل والحلول، كأن يضم هذا الديوان مكتبًا للشؤون العربية، وآخر للشؤون الأفريقية، ومكاتب للأمن"، لافتًا إلى ضرورة أن يستعين الرئيس القادم بمختصين في المجالات المختلفة من رجال الدولة، وممثلي التيارات السياسية ورؤساء الأحزاب.

وأكد عيسى أن المصريين لن يقوموا بثورة ثالثة إذا توفرت الثقة في شخص الرئيس القادم، خصوصًا إذا كان السيسي، الذي يتمتع بظهير شعبي قوي، وبالتالي سيتحملونه بخيره وشره.

وقال حسام عيسى، سكرتير عام حزب الوفد: "لا بد أن يتمتع مستشار الرئيس بالتخصص وعدم احتكاكه بالسياسة، ولا يجوز له التدخل فيها إلا من خلال مستشار الرئيس للشؤون السياسية"، مؤكدًا أن لا حاجة إليهم، إذ طبقًا لدستور 2013 تتوزع السلطات بين الرئيس ورئيس الوزراء، وله اليد العليا في تشكيل الحكومة وإدارة البلاد، ويمكن الاستعانة بمستشاري الرئيس في أضيق الحدود على ألا يكونوا معينين، بل يتم عمل مجموعات استشارية تبعًا للأحداث والملفات الطارئة على الساحة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف