الغضب يتفاقم على تخفيف الأحكام ويُنبئ بالتصعيد
عائلات قتلى الثورة التونسية: لن يهدأ لنا بال قبل القصاص
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تفاقمت حدة الغضب تجاه الأحكام المخففة التي صدرت عن القضاء العسكري في تونس ضد المتهمين في قمع ثورة 14 يناير. وقالت أمهات ضحايا لـ"إيلاف" إن القضاء العسكري تنكر لدماء أبنائهنّ، وتعهدن بمواصلة النضال.
مجدي الورفلّي من تونس: تتواصل موجة الغضب الممزوج بالذّهول في تونس بعد إصدار المحكمة العسكريّة أحكامًا وصفت بالمخففة ضد مسؤولين أمنيين كبار في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ممّن اتهموا بقتل "شهداء ثورة 14 يناير 2011"، والتي انتهت بهروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى السعودية.
وتواترت المطالب بسحب "ملفّ شهداء الثّورة" من المحكمة العسكريّة وتحويله إلى القضاء المدني بعد إتّهام المحكمة العسكريّة بـ"عقد صفقة لإطلاق سراح رموز قمع نظام بن علي والإستهزاء بدماء شباب ضحّى بنفسه في سبيل تحرير البلاد من الظّلم والقهر".
نواب يعلقون عضويتهم
علّق 20 نائبًا بالمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) عضويّتهم أمس الثلاثاء، احتجاجًا على الأحكام الصادرة عن القضاء العسكري في قضايا ldquo;شهداء الثورة التونسية وجرحاهاrdquo; ضد بعض مسؤولي النظام السابق وذكر النواب إن العدد سيتزايد.
وقال النائب المستقل ابراهيم الحامدي وهو أحد المعلقين لعضويتهم إن "تعليق نشاطهم بالمجلس سيتواصل إلى حين سحب القضيّة من المحكمة العسكريّة واستحداث دوائر قضائية متخصصة في ملفات الشهداء لتنظر في قضايا مقتل وإصابة محتجين خلال ثورة 14 جانفي 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي".
رداءة
وصف عمر الصّفراوي منسّق هيئة الدّفاع عن شهداء وجرحى الثّورة خلال ندوة صحافيّة واكبتها "إيلاف"، حكم محكمة الإستئناف العسكرية بـ"الكارثة"، وقال انه في تاريخ القضاء العسكري لم يصل الأمر إلى هذه الدرجة من الرداءة".
عار على تونس
الهذبة البوهاني والدة معزّ، وهو أحد الشبان الذين قضوا خلال الثورة التونسية برصاصة في الرّأس حين كان فوق سطح منزلهم يوم 16 جانفي/ يناير 2011، قالت لـ"إيلاف" إن الاحكام الصّادرة "عار على تونس وسيذكر التّاريخ أنّ القضاء العسكري تنكّر لمن دفعوا أرواحهم في سبيل بلادهم".
ضحكوا على ذقوننا
شكري الصّيفي قتل أيضا بالرّصاص يوم 13 جانفي/يناير 2011 خلال مشاركته في مظاهرة بالعاصمة، والدته منجيّة لا تزال مصدومة من الاحكام التي لم تكن تتوقّعها وقالت لـ"إيلاف": "القضاء العسكري هضم حقّنا وضحك على ذقوننا ولكن لن نهدأ قبل محاسبة من قتل أبناءنا بالرّصاص وتلقّيهم العقاب الذي يستحقّونه".
وتنظم "عائلات الشهداء والجرحى" اليوم الإربعاء مسيرة، من المنتظر أن تكون ضخمة، تنطلق من محكمة الاستئناف العسكرية بالعاصمة في اتجاه مقر المجلس التأسيسي (البرلمان) تنديدًا بالأحكام الصادرة السبت الماضي في "قضية شهداء وجرحى الثورة".
الرّئيس مصدوم
من جانبه، عبّر الرئيس المنصف المرزوقي، الذي طالته الإنتقادات بعد صدور الحكم، عن صدمته بالأحكام وتأثيرها السّلبي على الرّأي العام في تونس وأكّد بلاغ صادر عن رئاسة الجمهوريّة أن المرزوقي "أوصى وزير الدّفاع التوّنسي بالحرص على الطعن في هذه الأحكام أمام محكمة التعقيب والعمل على البت فيها في آجال معقولة".
وخلال الثورة التونسية، قتل 321 شخصًا وأصيب 3727 وفق حصيلة رسمية غير نهائية أعلنتها في 25 شباط/فبراير الماضي "الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية" (منظمة حقوقية رسمية).
تأثير على الواقع السّياسي
وشدد رئيس الحكومة الموقتة مهدي جمعة في تصريحات إعلاميّة على عدم تدخل الحكومة في الأحكام القضائية من منطلق الفصل بين السلطات الثلاث.
وعبّر عن أمله في أن يأخذ القضاء مساره، وأشار جمعة إلى أن الأحكام الصادرة سيكون لها تأثير على الواقع السياسي في البلاد.
يُذكر أن النيابة العسكرية أكّدت أنها تولت الطعن في الأحكام الصادرة عن الدائرة الجنائية الاستئنافية أمام محكمة التعقيب باعتبارها الجهة المخولة قانونًا لمراقبة سلامة الأحكام، و لها أن تنقضها وتعيد نشرها في صورة الوقوف على خرق للقانون.
ودعت النيابة العسكرية في بلاغها جميع الأطراف إلى النأي بالقضاء العسكري عن التجاذبات أيًا كانت الغاية منها واستغلال الأحكام الصادرة للتشكيك في نزاهة جهاز القضاء العسكري بأكمله.
لا يجب التّشكيك
مختار بالنّصر النّاطق الرّسمي السّابق بإسم المؤسّسة العسكريّة، قال في تصريح لـ"إيلاف": "لا يمكن لأي كان التدخّل في الشأن القضائي، والقضاء أصدر كلمته ومازالت هناك مرحلة التّعقيب، يجب أن ننتظر ما ستُفضي إليه وفي كل الحالات لا يجب أن نشكّك في المؤسّسة القضائيّة التّونسيّة لانّها دستوريّة وتتوفّر فيها المواصفات لتكون احكامها عادلة".
وأكّد بن نصر أنّه "مصدوم من ردود الأفعال المتشنّجة"، قائلاً: "هذه القضايا لا تُعالج بالزّيغ بها عن مسارها الحقيقي والغريب أن هناك حقوقيّين إنخرطوا في هذه العمليّة ويشكّكون في كل شيء وهذا للأسف يندرج في إطار التجاذبات السياسيّة".
مطالب عشوائيّة
وعن المطالب بسحب الملف من المحكمة العسكريّة وتحويله للقضاء المدني علّق بالنّصر "المحكمة متكوّنة من 3 قضاة مدنيّين من بينهم رئيس المحكمة وقاضيان عسكريّان، وفي كل الحالات هذه المطالب عشوائيّة أوّلا لان قضيّة شهداء الثّورة كانت لدى القضاء العدلي وتخلّى عنها لفائدة القضاء العسكري لانّها ليست من إختصاصه".
وتابع: "اليوم نشكّك في المحكمة العسكريّة ونريد إعادتها للقضاء المدني وهذا غير معقول فلا يمكن مراجعة حكم صدر وبت في أمره وإن حصل ذلك فقد خالفنا الدّستور وضربنا إستقلاليّة القضاء.
تخفيف الأحكام
والسبت، أصدرت محكمة الاستئناف العسكرية بتونس أحكامها في ثلاث قضايا تتعلق بـ" شهداء وجرحى الثورة" في تونس العاصمة (شمال) وصفاقس (وسط شرق) وتالة والقصرين (وسط غرب).
وقد خفضت المحكمة عقوبات ابتدائية ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في نظام بن علي، موقوفين منذ أكثر من 3 سنوات، وُجّهت اليهم تهمة "المشاركة" في قتل متظاهرين خلال الثورة.
وأدى تخفيف الأحكام إلى إطلاق سراح الجنرال علي السرياطي الرئيس السابق لجهاز الأمن الرئاسي، وجلال بودريقة المدير العام السابق لجهاز "وحدات التدخل" (مكافحة الشغب)، وعادل الطويري المدير العام السابق للأمن الوطني، ولطفي الزواري المدير العام السابق للأمن العمومي.
وقضت المحكمة بسجن هؤلاء ثلاث سنوات، وهي المدة التي امضوها موقوفين في السجن على ذمة القضاء، كما قضت بسجن وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم ثلاث سنوات ما يعني إطلاق سراحه في أيار/مايو المقبل.
وحكم على الرئيس السابق بالسجن مدى الحياة ثلاث مرات لدوره في قمع المتظاهرين بين كانون الاول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2011 بالاضافة الى احكام في قضايا أخرى.