أخبار

تقاذف واستقطاب عشية اليوم الكبير

رئاسيات الجزائر: صراع مفتوح ورعب من الانفجار

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قبيل ساعات على الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يحتدم التقاذف والاستقطاب تحسبًا لـ"اليوم الكبير" على وقع مؤشرات "الصراع المفتوح" و"رعب" الشارع من الانفجار، في وقت تتضارب التخمينات بشأن هوية الرئيس "العتيد"، وفي تصريحات خاصة بــ"إيلاف" جزم فريق بكون نتيجة الاقتراع محسومة لصالح الرئيس الحالي "عبد العزيز بوتفليقة"، بالمقابل منح فريق ثانٍ حظوظاً كبيرة للمرشح الحرّ "علي بن فليس"، وسط مخاوف من شروخ وانقسامات في القادم.

الجزائر: يشدّد المرشح الحر "علي بن فليس" على يقينه من الفوز في الرئاسيات، مسجّلاً وجود ما سماه "اهتزازات وشروخاً" داخل من نعته بـ"معسكر التزوير"، إذا ما تكبّد هزيمة جديدة على منوال 2004، وفيما رفض مقربو بوتفليقة الإجابة على أسئلة مندوب إيلاف على منوال مدير حملته "عبد المالك سلال" والمتحدث "عبد السلام بوشوارب"، تعهّد بن فليس بمواصلة النضال لإنتاج دولة ديمقراطية، نافيًا نيته تأليب الشارع في حال إخفاقه، وعلّق: "اتهموني بالإرهاب لأني قلت كفانا تزويرًا وفسادًا واغتصاباً لإرادة الشعب".

وأعرب رئيس الوزراء السابق عن ارتياحه إزاء اتخاذ الفريق "صالح قايد" قائد الجيش الجزائري "موقفاً حيادياً" من انتخابات 17 نيسان، مضيفاً: "الدولة ليست ملك "بوتفليقة"، وليس من حق الأخير انتقاد منافسيه لدى وزير الخارجية الاسباني، وكذا المبعوث الأممي الدائم في سوريا، ذاك يتعارض مع أدنى قواعد الدبلوماسية".

حسم "رسمي" لبوتفليقة سيفرز جمعة الرفض

عن فرص بوتفليقة وبن فليس، يقول "أحمد عظيمي" المقرب من بن فليس، إنّ نتيجة الاقتراع محسومة في "مخ" السلطة لصالح الرئيس بوتفليقة لكنها ليست محسومة على المستوى الشعبي، ويقدّر عظيمي أنّه يخطئ من يعتقد بحسم مسبق للرئاسيات لصالح الرئيس الحالي، مؤكدًا بأنّ مواطنيه سيقولون كلمتهم، وذهب عظيمي إلى أنّ بن فليس فرض نفسه شعبياً، وحتى قاعدة عريضة من جبهة التحرير (الحزب الحاكم) التحقت ببن فليس، في وقت يسيطر "رجال" بوتفليقة على مفاصل حساسة تضمن النتيجة المرجوّة، في صورة "مراد مدلسي" رئيس المجلس الدستوري، و"الطيب بلعيز" و"الطيب لوح" وزيري الداخلية والعدل، وهؤلاء - ضمانة - نيل بوتفليقة لولاية رابعة، لكن عظيمي - الضابط السابق في وزارة الدفاع - يقول واثقاً: "الجزائريون لن ينتخبوا رئيسًا مريضًا".

على النقيض، يوقن المحلل السياسي "عبد العالي رزاقي" أنّ الرئاسيات محسومة لصالح بوتفليقة مرشح السلطة، ويتصور أنّ بن فليس "أرنب كبير" يملك معلومات مغلوطة، فلا يعقل أن ينهزم الرئيس المرشح، ذلك لم يحدث لا في الجزائر ولا في أية دولة عربية"، ويرى رزاقي أنّ الجيش أوهم الرأي العام بوجود صراع غير أن الواقع أثبت غير ذلك.

ويجزم رزاقي أنّه بفعل التزوير وعدم قدرة منافسي بوتفليقة على مراقبة جميع مكاتب الاقتراع، فإنّ أنصار الرئيس الحالي قادرون على جمع 12 مليون صوت (عدد الناخبين بحدود 20 مليونًا) وهو ما يعني، حسابيًا، حسم النتيجة مسبقًا لصالح رئيس الجزائر منذ ربيع 1999، في حين يتوقع عظيمي إلى حدوث الحسم الحقيقي في 18 أبريل (الجمعة)، أي يوم إعلان النتائج حيث يُرتقب اعتصام نشطاء الحركات الاجتماعية وقوى المعارضة فضلاً عن الغاضبين من مآل الاقتراع، ونجاح الاعتصام في قلب العاصمة سيعني "ضغطًا حقيقياً" كافيًا لإلغاء النتائج والمرور بالبلاد إلى مرحلة انتقالية تدوم سنتين، ودافع عظيمي عن نظرته تبعًا لسقوط جدار الخوف.

شبح الفتنة وسيناريوهات ثلاثة

يتوقع رزاقي حصول أحد السيناريوهات: انتصار بوتفليقة واحتلال بن فليس وأنصاره للشارع بما يفرض تغييرًا ويجبر النظام إلى الذهاب إلى مرحلة انتقالية، عجز الرئيس عن أداء اليمين الدستورية وعدم تمكنه من الاجتماع بمجلس الوزراء لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر، ما سيدفع المؤسسة العسكرية للتدخل وفرض تطبيق المادة 88 من الدستور الخاصة بشغور المنصب والعودة إلى نقطة البداية، قيام بوتفليقة فور إعادة انتخابه بمراجعة الدستور وتنظيم انتخابات برلمانية ومحلية وبعدها رئاسية في ظرف ثمانية أشهر ليغادر الحكم نهائيًا"، وهو السيناريو الأكثر احتمالًا.

في الأثناء، لا يستبعد "أحمد عظيمي" سيناريو لجوء السلطة إلى تنظيم دور ثانٍ بسبب صعوبات المتنفذين في تمرير مرشحهم عبد العزيز بوتفليقة، ويعد الذهاب إلى الدور الثاني سابقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية بالجزائر التي لم تشهد ذلك من 52 عاماً، وإذ يبدي عظيمي ثقة بقدرة بن فليس على حماية الصناديق من "سرقة الأصوات"، فإنّه يتوقع في حال تبديد التزوير، إكتفاء بوتفليقة بعُشر الأصوات، ومن الدهاء -يضيف عظيمي- أن تهندس السلطة مخطط الدور الثاني الذي سيشهد حتمًا تحالف 4 أرانب مع بوتفليقة ضد بن فليس، لتبرير فوز الرئيس الحالي، لاسيما وأنّ فصيله "اتخذ الاحتياطات اللازمة لتلافي أي مفاجأة غير سارة"، مثلما أنّ النظام "مستعد لكل الاحتمالات" و"لن يقبل التسليم ببساطة في حال نظافة الانتخابات"، ما يرجّح سخونة الموقف.

واشنطن تناور.. تحفظ أوروبي وبوتفليقة يلعب ورقة الغاز

ذهب د/أحمد عظيمي إلى أنّ واشنطن رفضت منح ورقة بيضاء للنظام الجزائري، حيث لم "تتحيّز" الولايات المتحدة للسلطة الحالية وظهر ذلك في "رفض وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارته الأخيرة للجزائر دعوة الوزير الأول "يوسف يوسفي"، وتفضيل قائد الدبلوماسية الأميركية تناول العشاء مع "صديقه" رئيس الحكومة السابق "سيد أحمد غزالي" المعارض للنظام.


ويبرز عظيمي أنّ تصرف كيري عميق الدلالة دبلوماسيًا، فوزير خارجية أوباما - بحسب عظيمي - "رفض ضيافة الحكومة الجزائرية واختار المعارضة"، وبتعبير أدق فإنّ كيري قال للسلطة: "لست ضيفكم". ويسجّل رزاقي أنّ الاتحاد الأوروبي أحجم عن إرسال مراقبين لرفض السلطة مقترحاته في آخر اقتراع، وفي نظره، فإنّ ورقة الغاز تلعب لصالح بوتفليقة على خلفية صراع واشنطن وموسكو حول الطاقة.
موسى الحاج.. الحاج موسى !

بلسان المستقلين، يرى "عبد المجيد مناصرة" رئيس جبهة التغيير أنّ الظروف التي تنظم فيها الانتخابات الرئاسية أفرغتها من محتواها التنافسي واختصرت ألوان المرشحين ثنائية "موسى الحاج - الحاج موسى"، مثلما صيرتها إلى "سيرك عمار" وزادت قلق الجماهير، ما يجعل من الاقتراع منعطفاً خطيراً زادت من خطورته خطابات التهديد والتهديد المضاد ومفردات التخويف والتيئيس والخلط بين الاستمرار والاستقرار وعدم التمييز بين مصلحة الجزائر والمصالح الخاصة والتلبيس على الناس في ممارسة حقهم في التغيير السلمي الديمقراطي .

ومن الغريب - يضيف مناصرة - أنّ بعض المرشحين دخلوا المنافسة من أجل دعم الرئيس المرشح وهذا ما يفسر تهجم هؤلاء على مرشح معين ولا يقولون كلمة واحدة ضد الرئيس المرشح، ولذلك يعتقد الناس أن هؤلاء المرشحين يدعمون الولاية الرابعة لكن على طريقتهم الخاصة، وزاد ذلك من عدم اهتمام الشعب بالمشاركة.

هاجس الانقسام وتأجج الصراع

من جانبه، قدّر "عبد الرزاق مقري" رئيس حركة مجتمع السلم بإنتاج الرئاسيات لمؤدى عكسي يتقوى معه المعارضون، وينبّه مقري إلى أنّ "نظام بلاده فقد عقله" وبات على مشارف الانقسام في ظل حمى التصارع على من يقود البلاد، وحتى "وكلاء الرئيس" الستة وهم: "عبد المالك سلال"، الوزيران "عمارة بن يونس" و"عمار غول"، إضافة إلى "عمار سعداني"، "عبد العزيز بلخادم" و"أحمد أويحيى" سيختلفون - بحسب مقري - عمن سيقود البلاد مع الرئيس المريض، وسيتقاطع ذلك مع تأجج الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، ما سيقود البلاد نحو "الإنزلاق"، على حد تعبيره، لذا سيكون الانتقال الديمقراطي هو الخيار الذي يفرض نفسه بقوة.

ولاحظ "مروان لوناس" أنّ الصراع على السلطة في الجزائر لم ينتهِ يومًا كي يندلع، فالصراع على السلطة في الجزائر قديم قدم الدولة الجزائرية ولم يهدأ يومًا بين زمر الحكم وجماعاته ومن يرجع إلى التاريخ السياسي لنظام الحكم يتأكد أن الصراع والتعايش الكاذب هو السمة الغالبة على الجزائر، أما هذه المرة فإن الصراع بدأ قبل أشهر عديدة بين كتل السلطة واشتد اكثر بعد إصابة الرئيس بوتفليقة بجلطة دماغية، وإصراره على التقدم لولاية رابعة، وقد خرج هذا الصراع إلى اعلن قبل أسابيع، إلا أنه من المستبعد أن يتحول الصراع على السلطة إلى مواجهات مسلحة وعنف على الأرض.

ويلفت لوناس أنّ الكل يعلم أن ترشح بوتفليقة لولاية رابعة معناه فوزه بها، لأن العملية الانتخابية محسومة سلفاً وكل الأطراف تدرك ذلك خاصة مع ان المعارضة لم تصدق يوماً أن الانتخابات في الجزائر نزيهة وما جاء من اعترافات على لسان المحافظ السابق لولاية وهران هذه الأيام يؤكد الشكوك، وبأن مرشح النظام هو دوماً الفائز في أي انتخابات تجري في البلاد، لكن هذه المرة هناك بعض الشكوك مصدرها غموض الموقف الحقيقي لمدير جهاز المخابرات الفريق "محمد مدين" الذي يتفق الجميع على أن جهازه كان دومًا هو المتدخل الرئيس في توجيه الانتخابات لمصلحة مرشح النظام، نقول هذا النظام لأن الطرف المؤيد للرئيس بوتفليقة شن قبل أشهر قليلة حملة شعواء غير مسبوقة ضد الجنرال مدين لمعارضته ترشح بوتفليقة، دون أن نسمع رداً أو إشارة عن أي تحول في موقف الرجل القوي في جهاز الاستخبارات.

وبنظر لوناس، هناك احتمال وارد لكنه ضعيف في إمكانية الذهاب نحو دور ثانٍ للانتخابات الرئاسية بناء على الشعبية التي حققها علي بن فليس خلال الأيام الماضية واكدتها الحملة الانتخابية، بالإضافة إلى الارتباك الذي يتسم بها معسكر الرئيس المرشح من خلال الحملة التي تشنها ضده وسائل الإعلام القريبة من بوتفليقة، واتهامه من لدن بوتفليقة نفسه بأنه يدعو إلى الإرهاب، ويستبعد لوناس تفجر اعمال عنف كبيرة لأسباب تتعلق بتجربة العنف المجتمعي في الجزائر، وعدم الاستعداد لتكرار تجربة سنوات الحرب الأهلية، بالإضافة إلى أنّ لا أحد من الفاعلين يدعو إلى العنف، لكن المرجح اندلاع احتجاجات يرافقها حراك سياسي تشارك فيه المعارضة المشاركة في الانتخابات والمقاطعة لها.

في النهاية برأي الجزائريين، فإنّ هذه الانتخابات الرئاسية لن تحمل أي تغيير لأنها ستشكّل استمراراً للوضع القائم، والدليل هي نسبة المشاركة التي لن تكون عالية مثلما هي العادة لأن الجزائريين يعتقدون أنّ الانتخابات محسومة دومًا لمرشح السلطة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف