أخبار

مهنية ضائعة امام كسب المال

الإعلام العراقي متهم ببيع ضميره في الانتخابات

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الانتخابات التي جرت نهاية الشهر الماضي في العراق، كانت مناسبة لكشف واقع الاعلام العراقي، الذي تحول فجأة من متصدٍ للفساد ومنادٍ للتغيير، الى منبر لاستغلال مشاعر العراقيين وتحقيق الكسب المادي.

بغداد: استغرب العراقيون طريقة تعامل الاعلام في بلادهم حيال الانتخابات، مشيرين إلى أنه تحول من ناقد للفساد والمفسدين إلى مساحات اعلانية تستغل مشاعر الناس وتستغفلهم. &&ولوحظ أن الكثير من مواقف العديد من الصحف والمواقع الالكترونية والقنوات الفضائية تغيّرت فجأة، وراحت ترتدي ثوبًا غريبًا عن الذي كانت ترتديه سابقًا، فبعد أن كانت تتصدى للفاسدين والطائفيين والسارقين وتطالب وتنادي بالتغيير بقوة، وتؤجج مشاعر الجماهير ضد الذين لم يخدموا الشعب، تحولت إلى ابواق دعاية ومساحات ترويج لهم، فصارت لا تتورع عن نشر الدعايات الانتخابية الخاصة بهم، مقابل مكاسب مادية، وحين يتم الاستغراب مما يحدث يأتي الجواب أن الانتخابات مناسبة لكسب الاموال، وعندما يتساءل أحد أين المهنية يقولون: نعطيها استراحة لمدة شهر.&ويقول احد المرشحين المصنف ملتزماً، إنه فاتح أحد المواقع المقروءة بإعلان انتخابي يخصه فأجابه صاحب الموقع أنه ينشر دعايات لنواب وحرامية مقابل 2500 يورو، ولكن سيجعلها 250 يورو له فقط ... فيما رفض عدد من اصحاب الشأن الاجابة على ما طرحناه عليهم من تناقض مواقفهم مؤكدين أنها ليست للنشر بأن الانتخابات فرصة لكسب المال والحصول على تمويل سهل، موضحين أنهم يعلمون أن المواطن العراقي لن يتأثر بالاعلانات هذه لأنه لا يصدقها.&مال ولا مهنية&&واعرب احمد سماري، طالب كلية اعلام، عن دهشته لما يسمع ويقرأ، وقال: "مندهش حقًا من سلوكيات بعض وسائل الاعلام التي كانت إلى وقت قريب تعلن عن نفسها أنها ضد الفساد والطائفية وضد الكثير من السلبيات في البلد، لكن مع اقتراب الانتخابات صارت هذه الوسائل ناعمة جدًا وتفسح مجالات كبيرة للدعاية، وهذا امر لم نتعلمه في كلية الاعلام التي تنصحنا بالمهنية وأن يكون الاعلام صوت الناس لا صوت الشخص".&واضاف: "اعتقد أن ما يحدث يؤكد أن الصحافة صارت تجارة فلا مهنية ولا مبادئ ولا من يحزنون".&اما هبة نوري، طالبة في كلية الإعلام استغربت هي الاخرى ما يحدث، وقالت: "يبدو أن وسائل الاعلام اعتبرت شهر الانتخابات موسم كسب وتجارة، لتتخلى عن المهنية ولا يهمها حال الشعب ولا تعمل على تثقيفه ليختار الافضل في الانتخابات، افتح التلفزيون أرى الكل يعمل اعلانات مدفوعة الثمن، اذهب إلى المواقع الالكترونية وأجدها مكتظة بصور المرشحين من كل القوائم واستغربت كون هذه المواقع كانت تهاجم الفاسدين والطائفيين والفاشلين وأصحاب الاجندات والمليشيات، وها هي اليوم تتصالح مع الجميع، ومعنى هذا أن ضاعت المهنية امام المال".&وأضافت : بطريقة البحث الشائك بين الفضائيات، صادفت في أحد القنوات الشهيرة، بثًا إعلانيًا مدفوع الثمن، لأغلب الكتل والمرشحين في الانتخابات، ترى فيه وتسمع، أن الجميع لطفاء ويحبون الوطن، والسلطة الرابعة كلها على مسافة واحدة من الجميع".&&اعلام ملوث&&الدكتور محمد فلحي، رئيس قسم الصحافة في كلية الإعلام في جامعة بغداد، أكد أن الوسط الاعلامي ملوث بالفساد أيضاً: القنوات كلها غير مستقلة وكل وسيلة اعلامية تروج لصاحبها أو حزبها دون مراعاة القيم المهنية، ولا شك أن التغطية فاشلة وهناك دعاية فجة ومبالغة في تقديم المرشحين مما يدل على عدم وجود خبرة وعلم في كيفية مخاطبة الجمهور واقناعه، وهناك تركيز على تقديم الاشخاص والوجوه والاسماء دون برامج سياسية واضحة".&واضاف: "بسبب كثرة عدد الاحزاب والمرشحين وعدم وضوح اتجاهاتهم وبرامجهم، اصبح الجمهور يفقد الثقة بأغلب المرشحين ولا يقتنع بانتخابهم، ووسائل اعلامية تدار وتمول من الخارج وتعمل على تسقيط الشخصيات الوطنية والانحياز للفاسدين والمفسدين".&طارئون على المهنة&الكاتب والصحافي مازن صاحب الشمري عزا السبب الى الطارئين على الوسط الصحافي، وقال: "مشكلة وسائل الاعلام اليوم أنها لا تتمتع بالاستقلال المادي إلا تلك التي تمول من قبل الأحزاب ولم يصل المجتمع الاقتصادي العراقي الى تلك الوسائل المؤثرة في المجتمع من خلال اطلاق تمويل الاعلانات لجميع وسائل الإعلام هذه الاشكالية تجعل المؤسسات الاعلامية حتى تلك التي لها تمويل نسبي من بعض الاحزاب توصف بخط اعلامي ثالث، لذلك فإن فرصة الانتخابات مناسبة متميزة لجني المكاسب وتسديد فاتورة الديون للمطابع لاسيما وأن التوزيع من دون ثمن في اغلب الاحيان".&وتابع: "امام واقع الحال هذا، نرى هذه الازدواجية ما بين نشر اعلانات من تتهمهم ذات وسائل الاعلام بالفساد، فهي اليوم تنتظر مساومات ما بعد اعلان نتائج الانتخابات لتغيّر الميول والاتجاهات، فلوسائل الاعلام تجارها كما للسياسة اليوم تجارها، اما المواطن المتلقي فهو الضحية دائمًا".&واضاف: "مثل كل شيء في العراق الجديد، فإن الطارئين على مهنة الصحافة يمثلون اليوم بصمة واضحة ما بين صحافة المعارضة التي ما زالت ترى في العراق بلدًا يحتله نظام سابق، في وقت تقرّب&هؤلاء الطارئين وتستبعد اهل المهنة، حتى وصل الامر بالصحافة الى أن تكون مهنة من لا مهنة له، ودليل ذلك وجود اكثر من 15 الف عضو فقط في نقابة الصحافيين العراقيين ناهيك عن نقابات أخرى والموضوع برمته نتاج سياسي، لأن مهنية الصحافة يمكن أن تقارن بمهنية رجال الامن أو الساسة أو اعضاء البرلمان والنتاج واحد مجموعة من الطارئين يسيطرون على بلد المحاصصة والحواسم".&يرتمي تحت اقدام المرشحين&&&الكاتب والصحافي هيثم الطيب البغدادي اكد عدم وجود مهنية، وقال: "مثل المرات السابقة فقد الاعلام العراقي مصداقيته وارتمى تحت اقدام المرشحين يستعطف هذا وذاك من الذين كان ينعتهم بالفساد ويروج لهم .. ويكمن هذا الامر في عدم وجود هيئات تدعم الاعلام المستقل مما يجعلها عرضة للاستغلال، واذا كنت اكثر صدقاً معك فسوف اقول لك باننا نعلم بأن اصدار جريدة في الوقت الحاضر معناه (مال محترق) فمن يجرؤ على حرق امواله وليس هناك من داعم، فالشركات المعلنة تسيطر عليها مافيا متخصصة ولن يسمحوا لأحد بأن يدخل في هذا المضمار، لذلك يسرع اصحاب الصحف التي تصدر بشكل يومي أو بشكل غير منتظم الى الارتماء في احضان الفاسدين والترويج لطروحاتهم البائسة".&وأضاف: لاتوجد مهنية، فالإعلام العراقي الآن إما حزبي يروج لحزبيته، وإما مؤسساتي يدافع عن مثالب مؤسسته وإما فاقد لمعنى المهنية وهو عبارة عن نشرة جدارية.&للفصل بين الإعلان والإعلام&الكاتب والصحافي محمد محجوب اشار الى العلاقة بين الاعلام والاعلان، وقال: "الإعلان صناعة والصناعة محكومة بشروطها، والمؤسسة الإعلامية ليست مؤسسة خيرية فهي تحتاج الى الإيرادات الإعلانية لتأمين المال الذي يمكنها من الإستمرار، وهنا لا أتحدث عن الإعلام الحكومي أو الإعلام الذي يحصل على تمويل من جهات سرية، لابد من الفصل بين الإعلان والإعلام، والخطورة عندما تتلاشى المساحة بينهما وتتحول المؤسسة الإعلامية الى بوق لهذا الطرف أو ذاك، أنا مع المؤسسة التي تعتمد على الإعلان فقط لتمويل نفسها، والتي تضع مساحة كافية بين الإعلان والإعلام، هذه هي المهنية ولا أعتراض في رأيي على عرض الدعاية الإنتخابية بصفتها إعلانًا مدفوع الثمن، وهذا الأمر تفعله كل المؤسسات الإعلامية المرموقة في الدول ذات التقاليد الديموقراطية العريقة.&واضاف: "الخطورة عندما يلتبس الإعلان بالإعلام وتتعمد المؤسسة خداع الرأي العام فتدعي المهنية وتتصرف عكسها، لا أجد تناقضًا في نشر الدعاية الإنتخابية بغض النظر عن أصحابها وبين محاربة وكشف الفساد والمفسدين".&فرصة استثمارية&&&مدير تحرير جريدة المدى علي حسين اوجز الظاهرة بتسميتها بـ(انفصال) بين وجهين غير متشابهين، وقال: "المال يلعب دورًا كبيرًا في مثل هذه القضايا والمناسبات، وانا اعتقد أن هذا انفصال، فالبعض ينتقد من اجل ان يحصل على مكاسب كجزء من الابتزاز، ولهذا ما إن مد هذا البرلماني يده بالنقود .. ذهبوا اليه".&اما مدير تحرير جريدة القلعة صالح الشيباني، فقد اشار الى أنها فرصة استثمارية، وقال: "جميع الصحف تحتاج الى تمويل، وأحد ابواب هذا التمويل هو الاعلان الذي ليس بالضرورة أن يكون مضمونه متوافقاً مع نهج الجريدة أو سياسة النشر فيها .. هذه وجهة نظر اغلب ناشري الجرائد أو اصحاب الامتياز فيها في الوقت الحاضر، وهو امر مؤسف.. انا اعتقد أن رئيس التحرير المهني الذي يحترم قرّاءَه يجب ان يرفض نشر أي اعلان دعائي يروج لمرشح في الانتخابات البرلمانية ويتقاطع مع طروحات سابقة تبنتها الجريدة، انتقدت فيها هذا المرشح أو الكتلة السياسية التي ينتمي لها".&واضاف: "الموضوع برمته مرتبط بالايرادات المالية للجريدة التي يجب (من وجهة نظر البعض) أن تكون في اعلى مستوياتها اثناء فترة الدعاية الانتخابية التي تحدث مرة واحدة كل اربع سنوات، إنها فرصة استثمارية تستغلها اغلب الصحف والقنوات الفضائية التي تسعى فقط الى (بحبوحة) في الأوراق الخضر".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف