أخبار

يستذكرونه بالدموع ويقولون إنه كان (قديسًا)

قبر الأب فرانز في حمص القديمة يتحول محجًا للسوريين

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&يغلب الحزن والتأثر على العشرات الذين يزورون يوميًا مدفن الكاهن الهولندي فرانز فان در لوغت، والذي قُتل في حمص القديمة، ولا يتمالكون أنفسهم، رجالاً ونساءً واولادًا، عن ذرف الدموع. ويقوم هؤلاء برسم اشارة الصليب على صدورهم أو التأمل بصمت وحزن.&حمص (سوريا): &في دير الآباء اليسوعيين في وسط حمص القديمة المدمرة تحول مدفن الكاهن الهولندي فرانز فان در لوغت الذي قتل في نيسان/ابريل الماضي الى محج لكثيرين ممن عرفوه أو سمعوا عنه وعن انسانيته اللامحدودة التي حولته الى "شفيع" لسكان هذه المدينة المنكوبة.وووري رجل الدين الهولندي الثرى في حديقة الدير، حيث كان يحب تمضية وقته، في قبر متواضع يجتمع حوله زوار يذكرونه بالصلاة والدموع.&واختار الاب الذي قتل في السابع من نيسان/ابريل، وهو في الخامسة والسبعين من العمر، البقاء مع المدنيين الذين حوصروا لنحو عامين في حمص القديمة من القوات النظامية، على الرغم من انعدام المواد الغذائية والقصف المتواصل. وبرز اسمه في العالم مطلع 2014 عندما وجه نداء لنجدة السكان الذين انهكهم الحصار في شريط مصور بث على موقع يوتيوب.&ويقول كنان متري المكلف من الدير جمع شهادات عن الكاهن اليسوعي تمهيدًا لاعداد كتاب عنه، إن الاب فرانز "كان قديسًا لأنه كان خدومًا". ويضيف أن فان در لوغت الكاهن الوحيد والاجنبي الوحيد الذي بقي في حمص القديمة، "ضحى بنفسه من اجل الآخرين".ويغلب الحزن والتأثر على العشرات الذين يزورون المدفن يوميًا، ولا يتمالكون أنفسهم، رجالاً ونساءً واولادًا، عن ذرف الدموع. ويقوم هؤلاء برسم اشارة الصليب على صدورهم أو التأمل بصمت وحزن.&ويقول أحد الرجال بتأثر "كان ينقل والدي المريض على متن دراجته الهوائية، الى المستشفى (الميداني الذي اقامه مقاتلو المعارضة) تحت القصف".&ويضيف مفضلاً عدم كشف اسمه "كان يردد +انا لست سوريا، لكنني احب سوريا كما لو كانت بلدي. سأكون الاخير الذي يغادر هذا المكان+".وكان الكاهن المتواضع ذو الجسد النحيل والشعر الابيض، قال لوكالة فرانس برس عبر الانترنت في شباط/فبراير إنه اختار البقاء في حمص "ليشارك" الشعب السوري "ألمه" في الظروف الصعبة التي يعانيها. واكد بالعربية التي كان يتكلمها بطلاقة أن السوريين قدموا له "الكثير".&قرب المدفن المحاط بالزهور، رفعت صورة للاب فرانز وهو يبتسم، والى جانبه طفل صغير لف ذراعيه حول ركبته. وفي سجل التعازي كتب زوار عبارة "السلام لروحك يا رمز الانسانية".&ويحتفظ الكثيرون بذكريات لا تمحى عن الكاهن الطيب الذي امضى قرابة 50 عامًا في سوريا، اطلق خلالها مشاريع زراعية لصالح الفقراء واقام الصلوات مع المسيحيين والمسلمين على السواء.ويقول شربل (15 عامًا) "في احد الشعانين عام 2012، انتقل تحت القصف من الدير في حي بستان الديوان الى حي باب السباع (حيّان في حمص القديمة كانا تحت سيطرة المقاتلين) حيث كنّا نقيم لاقامة القداس بعدما غادر كل الكهنة الآخرين".&ومن ابلغ الذكريات التي يحفظها الناس عن الاب فرانز، قيامه بتوزيع أوعية المياه والخبز على العائلات المحاصرة مستخدمًا دراجته الهوائية.في الدير الاثري الذي يعود تاريخه الى القرن التاسع عشر،&ما زالت الغرفة الصغيرة المتواضعة التي كان الاب فرانز يقيم فيها، على حالها. ووضعت على ارضها فرش للنوم، وعلقت فيها ايقونة للعذراء مريم وصورة للمسيح، ورف خشبي رصفت عليه كتب.&وكان الكاهن الذي درس علم النفس ملجأ للاشخاص الذين يعانون الاكتئاب، ينصت لكل من قصده يشكو له مشاكله.وتقول جمانة (35 عامًا)، وهي مسلمة امضت مع شقيقتيها واولادهما اشهرًا في الدير "ائتمنته على اسراري وكان يعزيني... كان بمثابة أب لي". وتضيف المرأة التي تغطي رأسها بحجاب اسود "لم يكن يميز بين المسيحيين والمسلمين... كنا نحتفل بكل الاعياد معًا".&وتستذكر جمانة يوم احضر الاب فرانز "بركة سباحة قابلة للنفخ ووضعها هنا في فناء الدير. كانت الفرحة تغمره وهو يرى الاطفال يلهون في الماء". وتضيف "كان يبتكر لهم العاباً، حينما يبدأون بالبكاء بسبب الغارات الجوية".ومع بداية حصار القوات النظامية للاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حمص في حزيران/يونيو 2012، استضاف فان در لوغت في الدير العديد من العائلات النازحة. وغادرت غالبية المدنيين هذه الاحياء في شباط/فبراير بموجب اتفاق مع النظام باشراف الامم المتحدة. كما اخلى الناشطون والمقاتلون احياء حمص القديمة الاسبوع الماضي بموجب اتفاق آخر مع النظام.&ولم تتضح بشكل قاطع ظروف مقتل الاب فرانز. ويقول شهود إن رجلاً ملثمًا قرع باب ديره قبل أن يطلق الرصاص عليه ويهرب. وعثر الجيران على الاب فرانز مضرجًا بدمائه، ومصابًا بطلقة في الرأس. واتهم مقاتلو المعارضة "مندسين من النظام" بقتله، بينما اتهمت دمشق "مجموعات ارهابية مسلحة" بذلك.&بعد مقتله، بقي عدد محدود من الاشخاص في الدير بينهم ماري التي كانت تتولى الطهو قبل أن يشتد أثر الحصار وتندر المواد الغذائية.وبتأثر بالغ تستقبل ماري رجلين استضافهما الدير اثناء الحصار، وعادا لتفقد احوالها للمرة الاولى منذ اشهر.وبعدما قدما لها الخبز، عانقها احدهما قائلا "صحتك تتحسن"، قبل ان تغالبهما الدموع.وأجابت ماري بصوت خافت "الحمد لله... لا ينقصنا الا الاب فرانز"، قبل أن يغرق الجميع وقد اغرورقت عيونهم بالدموع، في صمت ثقيل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف