أخبار

من عصبة مفلسة إلى أغنى تنظيم إرهابي في العالم

أمن العراق يسلب داعش كنزًا من المعلومات

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تمكن الأمن العراقي من الاستحواذ على 160 قرص ذاكرة تحوي أكبر كمية من المعلومات عن داعش، تحديدًا، عن قوته ومصادر تمويله وجواسيسه في الادارة العراقية.

إعداد عبد الاله مجيد: قبل يومين من سقوط الموصل بيد داعش، كان قادة أمنيون عراقيون يحققون مع أهم سعاة داعش وأكثرهم ثقة على الاطلاق. وبعد اسبوعين من التحقيق، وما رافقه من اساليب لا يعرفها ألا من استخدمها، إنهار "أبو حجار" وكشف عن مكان رئيس مجلس داعش العسكري.

دهشة عراقية أميركية

قال مسؤول استخباراتي عراقي إن ابو حجار حذرهم: "أنتم لا تعرفون ما فعلتم"، ثم اعلن أن الموصل ستكون جحيمًا. وبعد ساعات، قُتل في مخبأ قرب الموصل عبد الرحمن البيلاوي، الذي سمى تنظيم داعش عملية الموصل باسمه، والذي حاول الساعي أن يحميه على امتداد اسبوعين قبل أن يكشف مكانه.

جمعت القوات العراقية من مخبأ البيلاوي ومن سجينها ابو حجار أكثر من 160 قرص ذاكرة تحوي أكبر كمية من المعلومات عن التنظيم حتى الآن، بينها اسماء جميع المقاتلين الأجانب والقادة الكبار مع اسمائهم الحركية ورموزهم المشفرة والأحرف الأولى لمصادر معلومات في وزارات عراقية وتقارير مستفيضة عن حسابات داعش وتمويله.

وقال مسؤول استخباراتي عراقي رفيع لصحيفة غارديان: "أُصبنا جميعًا بالدهشة، وكذلك الاميركيون، إذ لم يكن أحد منّا يعرف القسم الأعظم من هذه المعلومات".

تقدم خاطف فاجأ الجميع

وكان المسؤولون العراقيون، ومعهم ضباط من وكالة المخابرات المركزية الاميركية، يحاولون فك الشفرات وتحليل ما في اقراص الذاكرة عندما تحقق ما أنذرهم به ابو حجار. اجتاح داعش نينوى كلها، ومناطق شاسعة من شمال العراق ووسطه، في غضون ثلاثة أيام مذهلة، مسيطرًا على الموصل مركز نينوى، وتكريت مركز محافظة صلاح الدين، مهددًا كركوك بعد أن خلع جنود ثلاث فرق عسكرية عراقية ملابسهم العسكرية ولاذوا بالفرار.

واسفر الانهيار العسكري والتقدم الخاطف لمقاتلي داعش عن تغيير جذري في موازين القوى، إذ اتضح أن البناء الذي قاده رئيس الوزراء نوري المالكي على امتداد ثماني سنوات كان بيتًا من ورق، وتمكنت قوات البشمركة الكردية من بسط سيطرتها على مدينة كركوك المتنازع عليها بأكملها، وتعيّن على المراجع الشيعية أن تدعو اتباعها إلى التطوع، مع ما يهدد ذلك من اندلاع حريق طائفي في عموم المنطقة. والأحد، نشر داعش صوراً لإعدام مئات الجنود العراقيين.

1.5 مليار دولار

ولاحظ المسؤول العراقي أن أموال داعش وارصدتها كانت 875 مليون دولار قبل الموصل، وبعد ذلك يمكن أن يضيفوا 1.5 مليار دولار مما سرقوه من المصارف وقيمة المعدات العسكرية التي نهبوها. وأُميط اللثام عن سلسلة أرقام ضخمة من شأن أي شركة كبرى أن تفتخر وتتباهى بها ناهيكم عن تنظيم كان حتى عامين قبل ذلك يحبو ماليًا.

وبحسب المعلومات التي تحويها اقراص الذاكرة، جرى انتقاء قادة داعش بعناية فائقة. وكثير من الذين كانوا مسؤولين أمام المستويات العليا من القياديين المتمرسين في القتال ضد القوات الاميركية قبل نحو عشر سنوات، كانوا لا يعرفون اسماء رفاقهم. واعترف خبراء بأن حذاقة داعش الاستراتيجية تستحق الاعجاب، وكذلك اهتمام قادته بالتفاصيل. وقال المسؤول العراقي إنهم في داعش سجلوا كل شيء في فقرات، حتى أدق الجزئيات.

أغنى تنظيم إرهابي

وكانت الاستخبارات الأجنبية تعرف أن داعش يحصل على عائدات ضخمة من حقول النفط التي يسيطر عليها التنظيم في شرق سوريا منذ اواخر العام 2012، ويبيع قسمًا من انتاجها للنظام السوري نفسه. كما كان معروفًا أن داعش يحقق ايرادات من تهريب مواد اولية شتى نهبها من الدولة السورية المنهارة، فضلًا عن آثار ثمينة من المواقع التاريخية والأثرية.

لكن ما كُشف عنه في العراق يبيّن أن داعش في أقل من ثلاث سنوات نما من عصبة مهلهلة من المتطرفين إلى ما قد يكون أغنى وأقوى تنظيم ارهابي في العالم. وقال المسؤول الاستخباراتي أن داعش اخذ 36 مليون دولار من النبك وحدها في منطقة القلمون غربي دمشق، حيث عمر الآثار نحو 8000 سنة.

واضاف لصحيفة غارديان: "إن المسؤولين الغربيين كانوا يسألوننا من أين حصلوا على بعض تمويلهم، 50 الف دولار هنا أو 20 الفًا هناك، كان ذلك لا شيء. والآن هم يعرفون ونحن نعرف. حقق داعش ذلك كله بنفسه ولم تكن وراءهم دولة، وهذا ما كنا نعرفه من البداية. فهم لم يكونوا بحاجة إلى جهة داعمة".

صيد ثمين

يبدو أن حجم موارد داعش أعدّ التنظيم للاقدام على عمليات لم تكن في الحسبان. وحتى بمعايير داعش الذي لا يتورع عن شيء، فإن احتلال مدينتين رئيسيتين في العراق خلال ثلاثة ايام، والاستمرار في السيطرة على الفلوجة ومناطق من الرمادي في محافظة الانبار وتهديد كركوك وسامراء، انجاز كبير باعتراف الجميع.

وما إذا كانت المعلومات التي وقعت بأيدي العراقيين قادرة على كبح تقدم داعش بأي قدر، فإن هذه مسألة فيها نظر بعد كل ما حققه التنظيم في مثل هذه الفترة القصيرة. وقال المسؤول العراقي: "كنا نعرف أنهم اخترقوا الوزارات، لكن أشد ما يسبب الاحباط في هذا القرص الوميضي إنه لا يحوي إلا الأحرف الأولى، ونحن نركز على الأحرف الأولى التي كُتبت عبارة (مصدر ثمين) جنبها".

واضاف المسؤول أن اسماء أخرى أقل اهمية إذ كُتب جنبها "كسول"، أو "لم يقرر بعد"، أو "يحتاج إلى مراقبة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف