بلدتا صريفا والخرايب تبكيان الضحايا
لبنانيون غيّب الموت أبناءهم في حادث "الجزائرية" لن يفرحوا بالعيد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تنعى عائلات الضحايا اللبنانيين في حادث الطائرة الجزائرية المروع أبناءها بألم، فكثيرون ممن قضوا على متن تلك الطائرة وعدوا بقضاء عطلة العيد بين ذويهم قبل أن يرحلوا.
الخرايب (لبنان): كان بلال الدهيني متوجها مع زوجته الالمانية واطفاله الثلاثة الى لبنان لحضور حفل عرس جماعي لاربعة من ابناء اشقائه وقضاء عيد الفطر مع العائلة، قبل ان يخطفه الموت هو وجميع افراد اسرته في حادث الطائرة الجزائرية المروع امس الخميس.
في بلدة الخرايب في جنوب لبنان، لا تتوقف ابتسام، شقيقة بلال، عن البكاء وهي تنظر الى البوم يضم صوره مع افراد عائلته واهله واصدقائه. وتقول "كنا على موعد معه امس، لكنه لم يصل. كان من المقرر ان يحضر حفل زفاف جماعي لاربعة من ابناء اشقائه وشقيقته، لكنه لم يأت والزفاف لن يقام".
منذ 19 عاما، اختار بلال (43 عاما) الهجرة الى بوركينا فاسو حيث يعمل في تجارة الالبسة. وتزوج بيرن كورينا الالمانية التي رزق منها بثلاثة ابناء قضوا معه في الحادث، وهم ريان (11 عاما) واوليفيا (8 سنوات) ومالك (4 سنوات).
وتضيف ابتسام بلوعة "كنا نطلب منه ارسال صور للاولاد، لكنه كان يقول: سترونهم بانفسكم عندما نأتي الى لبنان".
اعتاد بلال زيارة بلده الام مرة كل ثلاث سنوات. وتتابع شقيقته التي ارتدت ملابس الحداد السوداء "كان متشوقا لقضاء ايام عيد الفطر معنا، لكن مشيئة الله كانت اكبر. هي خسارة كبيرة ... نحاول ان نتماسك كي نصدق ما جرى".
ويقول شقيق بلال الاكبر، علي، من جهته "هذا قدره. كان ينوي ان يستكمل بناء منزله وان يضع حدا لاغترابه وان يعيش هنا في هدوء، لكن المصيبة كانت اسرع".
ويضيف "نزل الخبر علينا كالصاعقة، كنا نستعد للتوجه الى مطار بيروت الدولي لاستقباله امس عندما وصلنا اتصال هاتفي من احد الاقارب لابلاغنا بالخبر".
واشار الى ان وزارة الخارجية اللبنانية اتصلت بالعائلة لاخذ عينات لاجراء فحوصات الحمض الريبي (دي ان ايه).
الى منزل شقيق بلال، يتوافد المعزون. يقول بعضهم ان بلدة الخرايب باتت "عاصمة ضحايا حوادث الطيران".
في كانون الاول/ديسمبر 2003، قتل 14 لبنانيا من الخرايب في حادث تحطم طائرة في كوتونو، كبرى مدن بنين. وفي 2010، قضى ثلاثة من ابناء البلدة في حادث تحطم طائرة اثيوبية قبالة الشاطئ اللبناني في بيروت.
وترتفع نسبة المغتربين في هذه البلدة الجنوبية، معظمهم في دول افريقية. ورفعت الجمعة الاعلام السوداء حدادا في شوارع البلدة.
في الزرارية المجاورة، تعجز عائلة الشاب محمد اخضر (23 عاما) عن الكلام. تتمتم الوالدة بأسى في منزلها المليء بالمعزين "خسارة محمد مؤلمة... كان يستعد للزواج".
ولا يتوقف شقيقه وجيه (19 عاما) عن البكاء وهو يحمل صورة محمد في حفل تخرجه وقد بدا حاملا شهادته الجامعية. فيما يتجمع الرجال حوال الوالد فيصل اخضر لمواساته.
ويقول فيصل "هاجر ليبني مستقبله، ها هو مستقبله يهوي من الطائرة مع عشرات غيره. الخسارة كبيرة لا تعوض. كنت انتظر الساعة التي يأتيني فيها لاضمه الى صدري".
ويضيف بأسى ان محمد "كان متفوقا في مدرسته.. احببنا ان يكون بيننا في عيد الفطر... لم نكن نتوقع ان يأتينا العيد ونحن نبكي عليه".
على بعد اقل من خمسة كيلومترات، تبكي بلدة صريفا عائلة اخرى قضت في حادث الطائرة.
على هاتفها النقال، تبحث امينة ضاهر عن صورة ابنة شقيقها شيماء (خمس سنوات) التي قضت مع والدتها وشقيقيها في الحادث.
في الصورة، تظهر الفتاة بشعر اسود مجدول وعينين ضاحكتين، وتنفجر العمة بالبكاء.
تقول امينة لفرانس برس "اتصل بنا اخي فايز ضاهر من بوركينا وابلغنا بفقدان الطائرة... ثم راينا الخبر على التلفزيون".
ثم تدل على صورة ابن شقيقها علي (17 عاما)، وتقول مفجوعة "علوشي، حبيب قلبي".
يعمل فايز ضاهر موظفا في بوركينا منذ عشرين عاما، بينما زوجته لديها متجر صغير.
امينة المحاطة بشقيقتها ونساء يحاولن تهدئتها تبكي بحرقة "لم نرهم منذ اربع سنوات. الله يصبر قلبك يا اخي... لم يبق له احد".
ثم ترد على مكالمة هاتفية وتصرخ ردا على سؤال لمحدثها "راحوا كلهم، رندا (زوجة شقيقها) والاولاد، كلهم ماتوا".
وبلغ عدد اللبنانيين الذين قضوا في حادث الطائرة عشرين، بحسب السلطات اللبنانية، بينهم من يحمل جنسية اخرى غير اللبنانية.
وبين الضحايا عائلة اخرى قضت بكاملها من قرية حاريص في جنوب لبنان: منجي ونجوى حسن واولادهما، محمد رضا وحسين وحسن ورقية.
في منزل شقيق منجي ايضا توافد صحافيون ومعزون وسط بكاء الاهل والاصدقاء.
يقول رضوان خليل، احد اقارب الضحية، "كانوا يعملون في التجارة... مثل كل اللبنانيين، هربوا من الكوارث في هذا البلد، لكن كارثة اخرى كانت في انتظارهم".