أخبار

متمسكًا بمبدأ الاندماج من دون الانسلاخ عن الهوية

سامي كنعان أول رئيس غير سويسري لبلدية جنيف

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سامي كنعان اسم لبناني آخر يلمع في العالم، بعدما تم انتخابه أول رئيس غير سويسري لبلدية جنيف، متفوقًا على منافسيه. وهو يحمل لبنان في وجدانه، ليستفيد من أمثولات حربه في ترسيخ الديمقراطية التي لا يحيد عنها.

بيروت: في الأول من حزيران (يونيو) الماضي، تبوّأ سامي كنعان رئاسة بلدية العاصمة السويسرية جنيف، جامعًا المجد من شرقيه اللبناني وغربيه السويسري، ومتممًا رسالة الانتشار اللبناني في العالم، حيث أثبت اللبنانيون تفوقًا في كل ميدان طرقوه. وهو كان انتخب في 17 نيسان (أبريل) 2011 مستشارًا إداريًا مكلفًا ملفي الثقافة والرياضة في المجلس التنفيذي لمدينة جنيف، جامعًا الأصوات الكثيرة ومتفوقًا على منافسيه.

وكنعان هو السويسري الأول من أصل عربي الذي يحتل منصب رئاسة بلدية جنيف، ونقلت عنه تقارير صحفية تأكيده أنه أوّل رئيس لبلدية جنيف من أصول غير أوروبية، مذكرًا بأبيه اللبناني، وبولادته في العاصمة اللبنانية بيروت، ممضيًا فيها أول 17 عامًا من عمره.&
&
اللبناني الصميم
&
غادر سامي كنعان لبنان أثناء الحرب، وهو لم يتجاوز بعد السادسة عشرة من عمره. أكمل دراسته الثانوية في مدينة بيل-بيان. تخصص في الهندسة الفيزيائية في معهد زوريخ العالي، ثم تابع في جنيف دراسات عليا في العلوم السياسية، مما سمح له بالانخراط في العمل السياسي. ووالدته السويسرية تخرجت ببداية ستينات القرن الماضي في الجامعة وعملت في القنصلية السويسرية ببيروت حيث التقت زوجها اللبناني.

لهذا، لبنان في بال كنعان دائمًا، يزوره سنويًا، ولا ينسى جمال طبيعته ولا انقسامات مجتمعه، ولا الضغوط التي مارستها الميليشيات على الناس. وما لا ينساه رسخ في نغسه حب الديموقراطية وممارستها وحرية التعبير من دون ضغوط.

ويقول: "بعد العودة إلى سويسرا واكتشاف معنى العيش في بلد ينعم بالإستقرار، تعلقت أكثر بالدفاع عن خدمات القطاع العام لتفادي ظواهر الفوضى واللامنطق والتفكك التي عايشتها في لبنان، والتي كان من نتائجها انقسام المجتمع بين فئة الأثرياء القادرة على شراء كل ما تريد، وفئة الفقراء التي تكافح من أجل البقاء".

ثقة الناخبين
&
وحين خاض كنعان مجال السياسة، ظنّ أن اسمه العربي سيقف عقبة أمامه، إلا أنّه واجه عائقًا آخر تمثّل بعدم ترعرعه في جنيف، وافتقاره إلى شبكة محلية قوية تعدّ مفتاحًا للفوز في الانتخابات. وقبل أن يصبح مرشحًا للانتخابات البلدية، كان مدير القسم الاجتماعي في بلدية جنيف حيث اشتهر بعمله الشاق ومعرفته الدقيقة بالمشاريع التي يعمل عليها. وخلال الانتخابات البلدية في العام 2010، حصل على أكبر عدد من الأصوات بين خمسة مديرين تنفيذيين في المدينة.

وتفوق كنعان على منافسيه الأوروبيين في رئاسة بلدية جنيف كان دليلًا على أنه أدرك من أين تؤكل كتف الناخبين السويسريين، وكيف يكسب ثقتهم. هذا ما يقوله، إذ تنقل عنه التقارير الصحفية قوله: "قد يكون فوزي هذا اعترافًا من الناخبين بما قدّمته طوال فترة التزامي العمل الإجتماعي والمناصب البرلمانية والإدارية على مدى الأعوام الماضية". فحين كان تلميذًا في بيين، حاول تكوين مجموعة سلمية داخل المدرسة.

ودفعه ذلك إلى الخوض في المسائل السويسرية والأوروبية، مثل المطالبة بالخدمة المدنية للأشخاص الذين يعارضون الخدمة العسكرية، ودعم الأشخاص الذين يبحثون عن اللجوء. وبات فاعلًا في الحركة المناهضة للتمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وفي الحركات المتعاطفة مع دول أميركا اللاتينية.

اندماج بلا انسلاخ
&
أضاف: "إنها مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي، لتعزيز مظاهر التسامح والإنفتاح من أجل كسر الأفكار المُسبقة التي تروّجها الأوساط الشعبوية، ليس فقط في ما يتعلق بالعالم العربي، بل حتى في ما يتعلق بسكان المناطق الحدودية من الجيران الفرنسيين".

والإندماج برأيه لا يعني الإنسلاخ كليًا عن الهوية والثقافة الأصلية، "بل يجب الإحتفاظ بها والتمسك بجانب منها، مع بذل جُهد للإقتراب من واقع البلد المضيف".

وتابع: "النصيحة التي أقدّمها للمهاجرين الشباب هي الانخراط في الجمعيات وفي الحياة المحلية مثل نوادي كرة القدم أو مختلف الفعاليات". وهذه النصيحة نابعة من تجربة شخصية، اكتسبها كنعان عبر العمل ضمن الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وفرت له خبرة غنية يفيد منها اليوم.

يقول: "الجالية العربية تشكل ركيزة قوية في جنيف، ويجب استثمار الروابط القوية التي تربط جنيف بالعالم العربي وبالثقافة العربية وتعزيزها والإفتخار بها".&
&
قلق وإعجاب
&
يتابع كنعان بإعجاب وقلق ما يحصل في دول الربيع العربي، إعجاب بالشباب الذين يجازفون بحياتهم من دون أي دعم خارجي في عالم عربي لم يكن متوقعًا أن يتحرك فيه الشباب بعد تحرك بلدان أوروبا الشرقية وبلدان أميركا اللاتينية، وقلق من أن تخيب توقعات هؤلاء الشباب من الثورات، فتعيدهم إلى براثن السلطة البوليسية.

هذا القلق مبرر في نفس كنعان، التي تربت على حب الديمقراطية واحترام الآخر، وعلى قبول التعارض، واعتباره محرك نمو إنساني. والاعجاب أيضًا مبرر، إذ يرى في الشباب العربي الثائر على طغاته آمالًا لطالما ترعرعت في نفسه.

كنعان يصرّ على التنقل في معظم الأحيان على صهوة دراجته الهوائية المحافظة على البيئة، ويعتبر أنه بقدر اعتبار الأحزاب ضرورة للحياة السياسية، فإن للمنظمات الأهلية دورًا مهمًا مساعدًا في تطوير الأفكار والتعبير عنها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف