الرقابة على الإبداع لن تصمد بعد الانفتاح على أميركا
هوليوود تصل إلى كوبا بفيلم "بابا همنغواي"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صار بإمكان الكوبيين اليوم الانفتاح على الأفلام الأميركية رغم تواصل الرقابة في بلدهم، ولا أدلّ على ذلك من حالة الفرح التي عمّت بعد العرض الأول لفيلم "بابا" في مهرجان السينما الاميركية اللاتينية الجديدة الذي أُقيم هذا العام في هافانا. والفيلم يتحدث عن الكاتب ايرنست همنغواي وهو اول انتاج اميركي يُصور في الجزيرة منذ ما يربو على 50 عاما من المقاطعة التي فرضتها الولايات المتحدة على كوبا.
عبدالإله مجيد من لندن: حيت يُسأل الكوبيون اليوم عن ايرنست همنغواي يجيب غالبيتهم باحترام. وعلى سبيل المثال، قال نادل حانة في هافانا ان همنغواي "أحب كوبا حين كان ذلك عملا خطيرا. فهو دافع عن بلدنا ونحن نراه واحدا منا".&
وللكاتب الأميركي علاقة موثقة باستفاضة مع الجزيرة.& فهو عاش فيها 30 عاما كتب خلالها عددا من أشهر رواياته.
وبعد اشهر قليلة على مغادرة كوبا التي عشقها انتحر باطلاق النار على نفسه.
لذا من المناسب ان يحتفي الكوبيون بفيلم يوثق سنوات همنغواي الأخيرة في كوبا.
العرض الأول
قُدم العرض الأول لفيلم "بابا" في مهرجان السينما الاميركية اللاتينية الجديدة الذي أُقيم هذا العام في هافانا. وهو اول انتاج اميركي يُصور في الجزيرة منذ ما يربو على 50 عاما من المقاطعة التي فرضتها الولايات المتحدة على كوبا عام 1960.
واعتبر كثيرون تقديم العرض الأول للفيلم في المهرجان رمزا للانفتاح بين البلدين بعد اعادة العلاقات الدبلوماسية قبل عام.
وقال مسؤول من السفارة الاميركية على هامش العرض الأول للفيلم انه يتوقع ان تعقب فيلم "بابا" افلام عديدة اخرى من انتاج هوليوود.
انتهاء المقاطعة
وما زال الحظر الاميركي على التعامل الاقتصادي مع كوبا مفروضا ولكن مخرج الفيلم بوب ياري اعرب عن الأمل في أن يكون فيلم "بابا" بداية اعمال سينمائية اخرى تُعرض وتُنتج في كوبا لتثبت ان المقاطعة "بالية ونافلة".
ونقلت صحيفة الغارديان عن مخرج الفيلم بوب ياري ان بابا سيكون "فيلما محوريا بكل تأكيد ونأمل بأن ما انجزناه سيكون فاتحة تعاون سينمائي ويؤدي الى انتاج مزيد من الافلام في كوبا من الجانب الاميركي والتوعية بأن هذه المقاطعة يجب ان تنتهي لأن الشعب الكوبي هو الذي يعاني منها".
كتب سيناريو الفيلم الصحافي دين بارت بتيتكلاريك الذي كان صديق همنغواي وزوجته الرابعة ماري مستوحيا معايشته معهما.
وقال المخرج ياري انه رأى ان تصوير الفيلم في اي مكان غير كوبا سيكون مجافيا للواقع. واتفق معه الممثل ادريان سباركس الذي يقوم بدور همنغواي.
مسيرة انتاج صعبة
وكانت قصة انتاج الفيلم طويلة ومعقدة. إذ احتاج المخرج ياري الى عامين لاقناع وزارة الخارجية الاميركية ووزارة الخزانة باستثناء مشروع الفيلم من المقاطعة وحتى بعد اقناعهما وافقتا بشرط ألا ينفق أكثر من 150 الف دولار على الممثلين وطاقم الفنيين وهو مبلغ ضئيل بمعايير هوليوود.
ومن جانب الحكومة الكوبية تعين على المخرج ان يقدم السيناريو الى السلطات. ورغم انفتاح كوبا على تصوير الافلام فيها فان معهد السينما الكوبي يقول بوضوح "ان التراخيص لا تُمنح إذا كان محتوى السيناريو ينال من صورة البلد والشعب الكوبي".
رقابة
وبدأت حكومة كاسترو ممارسة الرقابة في عام 1961 على اول فيلم كان وثائقيا يصور في احد مشاهده جمعا غالبيتهم من السود في ميناء هافانا.
ورأت السلطات ان هذا المشهد يصور اشخاصا يقومون بنشاطات معادية للثورة مثل الدعارة والجريمة المنظمة.
ومن الأمثلة الأقرب عهدا على الرقابة الثقافية تعرض الفنانة الكوبية تانيا بروغيرا الى الضرب والسجن لمحاولتها اقامة عملها الفني الكبير في مكان عام دون ترخيص.
كما منعت الرقابة عرض عدة افلام تقتبس اعمالا روائية معروفة منها فيلم يستوحي احدى روايات يوجين ايونسكو.
وفي حين تسمح السلطات الكوبية للسينمائيين الكوبيين بتصوير افلام خارج اطار معهد السينما الذي تديره الدولة فان شركات الانتاج السينمائي المحلية المستقلة ممنوعة في كوبا لأنها تُعد شركات رأسمالية بنظر الحكومة.
ويعني هذا ان على شركات الانتاج السينمائي المستقلة ان تبحث عن التمويل في الخارج.
ويتطلب هذا الحصول على ترخيص من الحكومة وختم اعتماد من معهد السينما الذي لا يمنحه إلا بعد قراءة السيناريو والموافقة عليه وبذلك انهاء اي استقلال حقيقي للسينما الكوبية.
فيلم عن الأيدز
واصطدم بهذه العقبة المخرج الكوبي بافل جيرود الذي يُعرض فيلمه المستقل الأول في مهرجان هافانا السينمائي هذا العام.
ويتناول الفيلم موضوعا مثيرا للجدل هو برنامج الحكومة الكوبية في التعامل مع مرض الأيدز إبان الثمانينات عندما كانت تحجز المصابين في مصح حيث تطعمهم وتداويهم ولكنها لا تسمح لهم بمغادرة المصح.&
واحتاج جيرود الى ست سنوات لانجاز الفيلم لأنه لم يعجب رئيس معهد السينما السابق فرفض ان يمنحه ختم الاعتماد.
ولم يتمكن من حصول الشهادة المطلوبة للبحث عن تمويل من الخارج إلا بعد وصول الرئيس الجديدة للمعهد قبل عامين.
ونقلت صحيفة الغارديان عن جيرود قوله "إذا كانت الحكومة لا تريدك ان تصور فيلما فان ذلك يكون مشكلة كبيرة. وأنا أستطيع التوجه الى بلدان اخرى لتصوير الفيلم ولكني لم أرغب قط في تصوير فيلم سري".&
حديث عن الاستقلالية
ويطالب جيرود وزملاؤه من السينمائيين والمخرجين وكتاب السيناريو بتغيير القانون لبناء سينما كوبية اكثر استقلالا.
ودعوا العام الماضي الى السماح لهم بتأسيس شركات انتاج مستقلة تماما في كوبا لانتاج الافلام وتمويلها وبقوانين تحمي السينمائيين من القرصنة.
واعرب جيرود عن الأمل بأن تقدم عودة العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا دفعة لهذه العملية ولكنه يعتقد بأنها ستكون بطيئة جدا.
وقال "كفنان من الصعب جدا العمل في هذه البيئة ولكنها تجعلك مبدعا لأن عليك ان تجد طرقا أخرى للتعبير عما تريد ان تقوله. ولكن حلمي بالطبع هو ان تكون الأشياء أسهل".