العجوز الملياردير يدعم الحكومات منذ عام 1979
سياسيو بريطانيا يريدون التخلص من سطوة مردوخ...لكن!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يدعم روبرت مردوخ الحكومات البريطانية منذ عام 1979 من خلال امبراطوريته الاعلامية، وعلى الرغم من أن هذه العلاقة بينه وبين السياسيين تفرض عليهم اتخاذ مواقف أو التظاهر باتخاذ مواقف تُرضي الامبراطور الإعلامي العجوز، ورؤساء تحرير صحفه.
لندن: لم تُنتخب حكومة بريطانية منذ نيسان (ابريل) 1979 من دون دعم روبرت مردوخ لها من خلال امبراطوريته الإعلامية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن مردوخ كان يربح في كل معركة، فالأرقام والبيانات أعقد من أن تقود إلى استنتاج كهذا. ولكن ما يعنيه أن السياسيين يخشون أن تكون سطوته حاسمة في تقرير نتيجة الانتخابات، وبالتالي يتوخون الأمان معه، أو هكذا يظنون.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون كوفئ على التزامه جانب الصمت، رافضًا اتخاذ موقف متزلف أو مناهض تجاه مردوخ بحملة شعواء من الأكاذيب والتشويهات والعداء في احدى صحف مردوخ، كما يلاحظ الإعلامي البريطاني نك ديفيز في صحيفة الغارديان.
ولكن المشكلة أن الحياة لا تكون آمنة حتى لمن يحظون بدعم مردوخ من خلال آلة إعلامية عملاقة، لا يضيرها أن تعامل قرّاءها وكأنهم طعام لصناديق الاقتراع، على حد تعبير صحيفة الغارديان.&
وتكمن المشكلة الأساسية التي تواجه أي قائد سياسي بريطاني يدخل في علاقة غرام انتخابي مع آل مردوخ، أن هذه العلاقة تفرض عليه اتخاذ مواقف أو التظاهر باتخاذ مواقف تُرضي الامبراطور الإعلامي العجوز، ورؤساء تحرير صحفه.&
&
كاميرون
وعلى سبيل المثال، فإن رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون استجاب قبل خمس سنوات لجوقة صاخبة من الشكاوى التي اطلقتها وسائل إعلام يملكها مردوخ ضد هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "اوفكوم" بإعلانه إلغاء الهيئة، إذا فاز في الانتخابات وأصبح رئيس وزراء. ونال هذا الوعد إعجاب جيمس مردوخ الذي كان الرئيس التنفيذي لشركة بي سكاي بي وقتذاك، وتعرض للمهانة مرتين أمام انظار الرأي العام عندما احبطت هيئة تنظيم الاتصالات مشاريعه.
ولكن ما إن دخل كاميرون مقر رئاسة الحكومة في 10 داوننغ ستريت، حتى وجد انه ذهب بعيدًا في وعده، ولا يستطيع أن يقدمه هدية من دون أثمان سياسية.& وحاول كاميرون إرضاء آل مردوخ بخفض ميزانية هيئة تنظيم الاتصالات بنسبة 28 في المئة، وتسريح نحو 20 في المئة من كوادرها وعدد من كبار مستشاريها القانونيين. ولكن آل مردوخ كانوا يريدون رأس الهيئة ولا شيء أقل من رأسها.&
&
فضيحة التنصت
ثم انفجرت فضيحة تنصت صحف مردوخ على الهواتف لتهدد موقع رئيس الوزراء، بسبب تعيين آندي كولسون مستشاره الاعلامي، ثم الحكم على كولسون بالسجن 18 شهراً بعد إدانته في فضيحة التنصت على الهواتف أثناء عمله رئيسًا لتحرير صحيفة نيوز اوف ذي وورلد، التي كان يملكها مردوخ حتى أن كاميرون اعتذر للشعب البريطاني عن تعيين عضو في حلقة مردوخ الداخلية مستشارًا اعلاميًا له.
&
وكان كاميرون ووزير الخزانة الحالي جورج اوزبورن فاتحا كولسون في ايار (مايو) 2007 متجاهلين كل نواقيس الانذار.&
&
مخاطر العلاقة
واحتاج كاميرون إلى وقت طويل قبل أن يدرك مخاطر علاقته مع مردوخ، فخلال الأشهر الخمسة عشر الأولى من توليه رئاسة الحكومة عقد 26 لقاء مع مردوخ أو مساعديه. وعندما انفجرت فضيحة التنصت على الهواتف اختار أن يتجاهلها والبقاء قريبًا من مردوخ والاحتفاظ بكولسون مستشارًا اعلاميًا، ولم ينهِ العلاقة إلا بعد أن بلغت الفضيحة ذروتها بقوة سياسية عارمة في تموز (يوليو) 2011.& وقرر كاميرون حينذاك تشكيل لجنة ليفسون للتحقيق في الفضيحة.
وفاء موقت
ونقلت صحيفة الغارديان عن مصدر عمل مع روبرت مردوخ قوله "إن روبرت وفيّ جدًا (مع من يخدمونه)... إلى أن لا يعود وفيًا لهم". وليس هناك ما يشير إلى بقاء مردوخ وفياً لرئيس الوزراء الذي شق عصا الطاعة عليه، ولا بارقة تنم عن أي تعاطف يكنه مردوخ لزعيم حزب العمال المعارض ايد ميليبانك، الذي وصل المراحل الأولى من محاولة مد اليد إلى مردوخ، قبل أن يندد بالتنصت على الهواتف، والأهم من ذلك، تنظيم حملة إفشال محاولة مردوخ السيطرة بالكامل على شركة بي سكاي بي، وليس الاكتفاء بامتلاك أكبر حصة فيها. وبعث صحافي كبير عمل لحساب مردوخ برسالة نصية إلى مستشارين في مكتب زعيم حزب العمال وقتذاك قال فيها "انها الآن قضية شخصية بيننا وبينكم، وأجد من الصعب أن أرى كيف يمكنكم التعامل معنا بعد هذا"، كما نقلت صحيفة الغارديان عن الرسالة النصية للصحافي الذي لم تذكر اسمه.
إزاء هذا الموقف، يستطيع كاميرون وميليباند وكل من يعتبر نفسه قائدًا سياسيًا أن يجاهر برأيه وان يحتج على صحف تنشر دعاية وتسميها صحافة، ويسعدها أن تلطخ سمعة من يتجرأ على معارضتها وتفضح حياته الجنسية، صحف تتصرف وكأن مهمتها أن تقرر من يدير البلد، صحف بعد كل الفضائح وكشف ما ارتكبته من جرائم واستغلال للسلطة ما زالت تتمتع بامتيازات. ويؤكد الإعلامي نك ديفيز في صحيفة الغارديان أن السياسيين الذين يتحدون صحفًا كهذه "ليس لديهم ما يفقدونه سوى قيود الخوف".