أخبار

على خلفية تسمية إحدى المؤيدات لعون بأنه آخر الأنبياء

تقديس الزعيم في لبنان ظاهرة تقضي على الحياة السياسية

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

من الطبيعي أن يلحق المواطن زعيمه ويؤيده، لكن من غير الطبيعي أن يقدّسه ويضعه في مصاف الأنبياء، وهي ظاهرة قديمة جديدة تؤله الزعماء وتقضي بالتالي على معنى الحياة السياسية الحقيقية.

بيروت: على هامش نزول مؤيدي رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون إلى الشارع تحت ذريعة المطالبة بحقوق المسيحيين في لبنان، أعلنت إحدى المؤيدات لعون في الشارع أن هذا الأخير هو آخر الأنبياء المرسلين على الأرض اللبنانيّة، ويطرح هذا الكلام مسألة ليست بجديدة في لبنان وهي تتضمن تأليه الزعيم في لبنان وإلباسه صفات القدسيّة والسير وراءه من دون تفكير أو منطق.

يشير الأكاديمي الدكتور أنطوان مسرّة إلى أنه يجب دراسة الخطاب السياسيّ اللبنانيّ السائد، إذ أن لغة الخطاب والجسد هي التي تتكلّم بشكل تهديديّ، وهذا الاتجاه هو الذي يساهم في تأزيم الوضع السياسيّ، كما أن هذا الخطاب يتميّز بأنه شعبويّ بسيط في مفاهيمه يطلق شعارات التغيير التي يتأثر بها المواطنون "شبه النائمين" والشباب الذين يطلبون التغيير.

المواطن زبون

ويضيف مسرّة أن اللبنانيّ تحوّل إلى زبون أكثر من كونه مواطنًا، فأصبح مستزلمًا للقادة السياسييّن، وإذا ما قمت بسؤاله، أي المواطن، عن تغيير الخطاب عند زعيمه بين ليلة وضحاها، يقول لك إن السياسيّ يعرف لماذا، وهذا الأمر هو الأخطر لأن المواطن يتبع الزعيم مهما فعل دون معرفة الأسباب والحيّثيات، وهذه الظاهرة وُجدت أيام النازيّة فكان الشباب يتبعون هتلر دون معرفة خفايا ما يقومون به.

ويعتبر مسرّة "أن وسائل الإعلام ساهمت في ضرب العقول وضرب القيم الجمهورية، فبعض المسؤولين عن البرامج يديرون ما يقال بأنه حوار يتلقفون العبارات والمصطلحات وكأنهم حياديون، فمن مساوئ رجال الإعلام أنهم ملتصقون بالسياسييّن كما توجد تبعيّة سياسيّة لوسائل الإعلام وكسل في البحث عن المعلومات.

الزعيم دائمًا على حق

أما الإعلامي أنطوان خوري فيقول في حديثه ل"إيلاف" إن المواطن اللبناني لم يعتد منذ زمن بعيد إلا على هذا النوع من الزعامات، وبالنسبة للمواطن الزعيم دائمًا على حق حتى عندما يكون على خطأ، والمسألة متوارثة في لبنان وأي محاولات لم تأخذ مداها كي يكون هناك ممارسة حقيقية للقضية كي يستطيع اللبناني أن يخرج من تلك العادات، وهذه مسألة تتداخل فيها أسباب عدّة منها أسلوب الإنتخابات النيابية والتوظيف، وعندما يتخلص اللبناني من كل ذلك يستطيع أن يتوجه إلى الزعيم بطريقة حضارية ويبتعد عن تأليهه، وذلك من خلال الحصول على حقوقه في الإنتخابات وفي التوظيف من دون أن يكون محتسبًا على زعيم من هنا يستطيع التخلص من السير بلا منطق وراء أي زعيم لبناني يقدم له الخدمات.

عقم سياسي

ولدى سؤاله هل تأليه الزعيم مرده لعقم لبناني في السياسة؟ يلفت خوري إلى أن المسألة برمّتها متكاملة وهي منظومة إجتماعية وسياسية ودينية مترابطة.

أما ما يحتاجه المواطن اللبناني اليوم للنظر بموضوعية إلى زعيمه السياسي وربما محاسبته أيضًا عندما يخطىء من دون اللجوء إلى تأليهه واعتباره لا يخطىء أبدًا، يقول خوري في هذا الصدد إن الخطوة الأولى تكون بمحاسبة انتخابية عندما يقدر المواطن من خلال قانون انتخابي عادل محاسبة زعيمه عندها قد يتخلص من تأليهه، أما الخطوة الثانية فهي من خلال الإصلاح الإداري، مع إصلاح حقيقي يستطيع المواطن الحصول على حقوقه والقيام بواجباته.

ويشير خوري إلى أن تأليه الزعيم في لبنان يعود إلى الذهنية والتربية التي نشأ عليها هذا المواطن في لبنان، واللبناني عندما يعيش خارج لبنان يتخلص من تلك الذهنية المرتبطة إرتباطًا وثيقًا بالزعيم السياسي، ولكن في لبنان لا يستطيع التخلص منها مع وجود شبكة مصالح متكاملة تربطه بزعيمه.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف