تحت نصب الحرية فنانون وشعراء يتحدثون نيابة عن المتظاهرين
الاحتجاج السياسي في العراق بالكاريكاتير والشعر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحت نصب الحرية الذي يتوسط ساحة التحرير بقلب بغداد، وفي غيرها من الساحات بالمحافظات العراقية بات حضور الشعراء والفنانين العراقيين بالمظاهرات الحاشدة لافتا، بل انه بات محفزا للمتظاهرين، ولم يعد رفع رسوم كاريكاتيرية لشخصيات سياسية امراً مفاجئاً بل صار علامة فارقة الى جانب منصات يعتليها شعراء شباب وهم يشاركون في حركة ثقافية تعبوية تخصب المظاهرات.
&
بغداد: يطرح اثنان من محفزي المظاهرات العراقية ومحركيها وهما الشاعر ادهم عادل ورسام الكاريكاتير احمد فلاح، السؤال الذي يشغل معظم المتظاهرين والخارجين في حركات الاحتجاج بالعراق ومفاده: "ما الجديد وهل تغير شيء"، ولكن من خلال أعمالهم سواء كانت رسومات كاريكاتير تُطبع على لافتات كبيرة وترفع وسط الجموع او من خلال قصائد تحمس المتظاهرين."ايلاف" التقت ادهم عادل واحمد فلاح وهما شابين، تحولا الى مثار جدل وبات العراقيون يتداولون قصائد عادل ورسوم فلاح مثل مانفيستو او بيان للاحتجاج.
يقول رسام الكاريكاتير احمد فلاح وهو من مواليد عام 1987 ان الرسم بالنسبة له كان يمثل الخلاص من مأزق الحياة في العراق ويضيف "انا من جيل عاني القسوة، ولدنا ابان حرب الثمانينات، وعشنا حرب الخليج الثانية، ومن ثمّ الحصار، ليأتي احتلال بغداد عام 2003، وما تلا كل هذه الاحداث من حروب صغيرة أدت الى هدم الدولة وتأسيس أخرى هامشية ومُشرعة بديلاً عنها، تعبث فيها السلطات،ومعظم الدول، بلا منازع حتى تحولت روح الانسان في العراق الى ارخص شيء موجود وبات الموت تجارة رائجة".
تابع فلاح قائلا" في ظل هذا كله كنت الوذ بالرسم، ارسم في كل مكان، واي شيء، حتى وجدت نفسي في الكاريكاتير أرسم بورتريه لشخصيات سياسية عراقية ولكن بأسلوب ساخر"، موضحاً "اكتشفت في احد التخطيطات الجواب على جملة "لم يتغير شيء" وانا ارسم صورة صدام حسين وهو يرتدي عمامة سوداء، اليوم ثمة الف بذرة لصدام في العراق الجميع يسعى الى الامساك بالسلطة من اجل ممارسة الديكتاتورية، ولكن ما هو بشع ان يستغل هؤلاء الدين لتحقيق غاياتهم".
رسم احمد فلاح زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في جلسة مشابهة لجلسة صدام حسين يوم اعتقل في واحدة من الاسقاطات التي يعتمدها باسلوبه، وعن ذلك قال لـ"إيلاف" ان تلك المحاولة "كانت تشبه إعادة التاريخ فشبهت رعب البغدادي برعب صدام وكانت بمثابة أمنية أن يمسك البغدادي بالطريقة نفسها التي مسك بها صدام، وهي أيضاً سخرية من توالد الغيلان الإجرامية".وأضاف "ما الذي فعلته الحكومات العراقيّة، وما الذي حققته حتّى لا يعاد إحياء مجرمين أمثال صدام والبغدادي؟ لا شيء يُذكر القضاء على البغدادي اليوم من دون ترسيخ نظام عادل وغير طائفي، سيعيد خلق غيلان اخرى، ويزيد من الانقسام داخل المجتمع صدام والبغدادي ومن يشبههم هم نتيجة فشل السياسة في العراق. وهذا الذي أحاول قوله من خلال الرسومات".
رسم احمد فلاح خزانة خاوية وبالقرب منها حمامة وعنكبوت محاولا ان يقول بان "العراق سرق باسم الدين والإسلام السياسي"، واضاف "أحاول ادانة الإسلام السياسي بهذا الرسم، فلم يجد ساسة العراق الجدد افضل من الدين لاستثماره وهم سرقوا الدولة ودمروها وجعلوها والسكان مهددة اليوم، حتى ان لعدد من الأحزاب رجال دين يبررون سلوكهم".
لم تتقبل الطبقة السياسية رسومات احمد فلاح، واعتبرت انها "إهانة"، هكذا يقول، مضيفاً "استطعت استفزازهم وهذا يعني ان رسالة النقد وصلت، رغم اني لم اسعى الى إهانة احد او شتيمته على الأقل من باب انساني أركز على السخرية وكشف تنقاضاتهم".
وفي مفارقة ان قلة من الصحف العراقية تعاملت مع احمد فلاح فيما ينشر رسومه بصحيفة السفير اللبنانية، لكنه يعزو ذلك الى سيطرة الأحزاب على معظم الصحف العراقية، بيد ان رسوماته تتصدر لافتات المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد ومن ابرزها "الوزير مصاص الدماء" و"وزير الخارجية سقراط المتفلسف"، و"رجل العصابات الفاسد"، و"محمد سعيد الصحاف الدفاع"، و"سيلفي تحالف الأخوة الأعداء"، و"خامنئي العراب وتلميذه"، و"كرسي المفاوض البائس بين كرسيي اميركا وايران"، و"القائد وفدائيوه"، و"منصة تمثال صدام والواقفون الجدد عليها".
لكن تلك الرسومات دفعت احمد الى الهرب من العراق والانقطاع لفترة، وعن ملاحقته وتهديده قال"قرّرت الهرب من بغداد حيث كانت احدى الميليشيات "لم يسمها" تلاحقني، قصدت عاصمة إندونيسيا جاكارتا، لانها اكثر أمناً من عواصم الجوار، لا استطيع ان أمن على نفسي في تركيا، ولا في غيرها من الدول المجاورة للعراق، على أمل ان يتم نسياني، ورغم هذا لم استطع ان اصمت عدت برسوم جديدة عنوانها الأساس ساحة التحريروالزعماء".
وأضاف "رسمت زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر يمسك بأصابعه سيجاراً كوبيّاً، ورسمت 12 عاما من جدران الكونكريت ومن خلفها يظهر مرة المالكي ومرة الجعفري ومرة العبادي ورسمت خارطة العراق مقطعة وقربها شوكة وسكين ورسمت الشعب العراقي وهو يحمل رايات فرعية حين يتفتت علم العراق و كذلك زعيم ائتلاف الوطنية أياد علّاوي وعلامة فاقد الذاكرة تتدلى من عنقه"، وأضاف " اشعر بالسعادة في ان رسومي ترفع بين المتظاهرين".
يخشى احمد فلاح مصير رسام الكاريكاتير العراقي احمد الربيعي الذي غيبه الموت بعد رسمه لخامنئي في لوحة كاريكاتير، موضحا ان "عزائي الوحيد اليوم في طرد المخاوف هو بعدي الجغرافي عن أرض القتل عن مسارح الجريمة التي تنصب نفسها كحقيقة كل اليوم".وكما أحمد فلاح يخشى الشاعر ادهم عادل على حياته بعد ان تحول الى قطب يلتف حوله المتظاهرون وهو يتلو قصائده وقال عادل وهو من مواليد 1987 "خسرت الأمان وراحة والبال وكسبت الخوف".
وأضاف "المظاهرات ليس فيها قائد، فالناس خرجت بسبب الضيم .. خرج المثقف وخرج الانسان البسيط، ولكن لقيامي بكتابة القصائد والاغاني والهتافات للمظاهرات، والقائها وسط المتظاهرين حولني البعض الى أحد قادتها في بغداد ولكن في حقيقة الامر لا قائد للمظاهرة .. وان أهميتها تكمن في عفويتها".
وأشار الى من بين الهتافات التي وضعها ويرددها المتظاهرون اليوم "هذا الشعب ثار .. وما يسقط صوت الاحرار"، و"لا إرهاب احنا ولا ثورة .. احنا أصوات الناس الحرة" وغيرها، لكن ادهم عادل وهو شاب باتت فيديوات قصائده تنتشر بين المتصفحين يقول ان "العراق اليوم بحاجة الى نصوص احتجاج ورفض واعتراض فلغة الاحتجاج هي الوسيلة الوحيدة لانتقاد حيتان السياسة وقصيدة (باكونا) هي صرخة بوجه سلطان جائر سرقنا باسم الله وهو ما قلته أيضا بقصيدة "الوجود"".
وأضاف "انا اؤمن ان المظاهرات ستستمر لأن المجتمع العراقي مدني وثوري بقلبه ولكنه يخشى البوح بذلك والاسلام السياسي يتحمل الجزء الأكبر مما حصل للعراق".وقالت الناشطة ذكرى سرسم لـ"اﻷحتجاج السياسي بالثقافة ليس جديدا فهناك أمثلة كثيرة على سبيل المثال أعمال فناني الكاريكاتير مثل خضير الحميري و الراحل أحمد الربيعي".فيما قال رئيس الهيئة الإدارية لشبكة عين المعلوماتية مهند نعيم لـ"إيلاف" ان "الاحزاب السياسية القابضة على السلطة قد محت هوية العراق الثقافية والفنية واحالتها الى هوية دينية مذهبية، فالممانعة المجتمعية الوطنية بدت واضحة من خلال الاحتجاجات التي اطلقها العراقيون على هذه السياسات لاعادة الهوية العراقية".
وأضاف نعيم "ظهرت شخصيات مهمة باعمال ثقافية وفنية وادبية في ساحات التظاهر وخاصة ساحة التحرير من قصائد شعرية وخطباء ورسامي كاريكاتير حتى وصل الامر الى تقديم اعمال مسرحية في ساحة التحرير" ماضيا الى القول "اجد ان هذه الظاهرة هي جديدة من نوعها وهدفها التعبير عن الاحتجاج على الاداء السياسي المقيت بهوية ثقافية عراقية اصيلة". انا مقدم برنامج ساحة التحرير عماد العبادي فقد رأى في حديثه لـ"إيلاف" ان "التعبير عن الاحتجاجات يأخذ اتجاهات عدة واكثر من خيار لكنها بالمحاصلة تفضي الى تحفيز جموع المتظاهرين وهذا ما يحاول ان يفعله الشاعر ادهم عادل وغيره من الشعراء وكذلك ما يسعى الى فعله متظاهرون برفع رسومات احمد فلاح في محاولة لكسر التابوات"، مشيرا الى ان "اللبنانيين والمصريين سبقونا في ذلك بل انهم اضافوا أيضا للشعر والكاريكاتير فن الكرافيتي".
اما عماد الشرع من معهد صحافة الحرب والسلام فوجد في استخدام الشعر والكاريكاتير عبر رسوم شخصيات فاسدة من " اهم وسائل الاحتجاج السياسي ورفض الواقع العراقي الحالي".واعتبر الشرع ان "رفع رسومات احمد فلاح رسالة احتجاج مثلما تمثله قصائد ادهم عادل واسهم شيوعهما على وسائل التواصل الاجتماعي في لجوء المتظاهرين اليهما خلال المظاهرات".
التعليقات
دع اللوحات تتكلم
عصام حداد -بدل السرد المستفيض لقصص اللوحات وتعابيرها في هذا التقرير،كان الافضل عرض تلك الرسوم كي نتمتع بمشاهدتها ونستشف منها المغزى والعبر..
السؤال العنوان
ب . م /كندا -" ما الجديد وهل تغير شيء ؟ " لا شيء جديد ولم ولن يتغير شيء , ولا يغير الله من قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
الشيعة غيروا هوية العراق
وتوجهاته -جعلوا هوية العراق هوية مذهبية وتوجهاته ليس للعلم والثقافة بل الى المسيرات فتاريخ العراق فيه بابلي واشوري وعرب وفرس واتراك ومغول وتركو الكل واخذوالتراث الفارسي الايراني فقط فففى الطبخ لا تطبخ ا ا لا الاكلات الايرانية كالقيمة والفسنجون واللباس الاسود الذي كان لباس جنود كسرى صار لباسهم والمتعة وهي تقليد فارسي قديم اصبحت اهم ممارساتهم
الابداع نتاج عقول حرة
د. أحمد الجبوري -الابداع لغة العصر ويكاد يشكل ديمومة كل شئ في العصر الحالي وهذه الحقيقة تنطبق على جميع المجتمعات الحية في عالمنا المعاصر. والعراق كان وما يزال يعرف بعقول أبنائه وقدراتهم الفكرية والابداعية التي شّكلت وعلى مدار حقب زمنية طويلة أحدى الخصائص المميزة لحضارة أبناء وادي الرافدين. وللاسف شهدت مرحلة ما بعد العام 2003 أبعاد وتهميش حقيقي للعقول العراقية المبدعة من قيادة وكذلك أدارة الدولة خصوصا بعد تبني ما يعرف بنظام المحاصصة الطائفي المقيت في أختيار القيادات السياسية وعلى كافة المستويات الادارية في الدولة. حيث وصلت نسبة المحاصصة الطائفية في أدارة الدولة الى حد أختيار المراسلين، وهو الامر الذي نعكس سلبا على أختيار أشخاص بدون الاخذ بنظر الاعتبار جانب الكفاءة والمؤهلات وكذلك مدى توافر الخصائص الابداعية لدى هؤلاء الاشخاص لتنفيذ أعباء المستوى القيادي أو الوظيفة الادارية الحكومية. ومثل هذه الحقيقة تفسّر وبشكل كبير جانب الفشل الكبير الذي أصاب الدولة العراقية في مرحلة ما بعد العام 2003 فلم يعد الابداع موجودا سواء كمفهوم أو تطبيقات في عمل الجهاز الحكومي العراقي بعد أن كان خاصية مميزة لعمل الحكومات العراقية المتعاقبة وعلى مدار فترات طويلة. كما أن غياب نظام الاختيار الصحيح لكوادر الحكومة وعلى كافة المستويات أوجد مشاكل أخلاقية كبيرة ساهمت في أنتشار مستويات الفساد الاداري والمالي وما يرتبط بها من تزايد مستويات الرشوة وأستغلال الوظيفة العامة التي بلغت حدا غير مسبوق في تأريخ الدولة العراقية. كما أن جانب من أسباب أنهيار الدولة العراقية والفشل والتردي في عمل المؤسسات الحكومية العراقي متاتي من أسلمة الدولة والتي وفرت بدورها غطاءا للفساد السياسي من خلال أعتبار الطائفة بمثابة الحاضنة الاساسية للمواطنة. وساهمت هذه الاسلمة الفاسدة في أستبعاد شريحة كبيرة من الشباب العراقي المبدع من المساهمة في بناء البلد ولذلك أصبحنا نراهم يستجدون اللجوء على ابواب الحكومات الاوربية بشكل معيب ومخجل وفيه الكثير من الاذلال للمواطن العراقي. وتبعا لذلك فأن من يتواجد في سدة الحكم في الدولة العراقية هم الفاسدين والمتأسلمين والفاقدين لاي مؤهلات شخصية او أخلاقية وهذه الحقيقة تنطبق على الجميع وعلى كافة المستويات الادارية الحكومية وبالمقابل أصبح الشباب العراقي المبدع يفترش ساحة نصب الحرية لعرض أبداعاته ونتاجه الفكري والثقافي