حزب الاستقلال يقرر المشاركة في الحكومة المقبلة
شباط: اقتراع 7 أكتوبر نكسة حقيقية للديمقراطية المغربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرباط: وافق حزب الاستقلال المغربي على المشاركة في الحكومة المقبلة الَّتِي كلّف بتشكيلها عبد الاله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية من طرف الملك محمد السادس، بعد تصدر حزبه اقتراع السابع من أكتوبر الجاري.
وصوت أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال، قبل قليل، في اجتماع عقد بالمقر المركزي للحزب في الرباط بالأغلبية المطلقة على المشاركة في الحكومة بعد مشاورات جرت بين حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال وَرئيس الوزراء المكلف قبل أيام في الرباط.
ووجه شباط في كلمة ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني لحزبه رسائل مشفرة لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي الذي احتل الرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة (102 مقعدا نيابياً(قائلا: "يعتبر يوم 7 أكتوبر المشؤوم نكسة حقيقية للديمقراطية المغربية الفتية، كاد أن ينتقل فيه المشهد السياسي المغربي من مشهد طبيعي يشتغل بمنطق أحزاب السلطة إلى مشهد كارثي تهيمن عليه سلطة الحزب. وستبقى أهم إفرازات هذا اليوم هو الرقم 102 الذي دخل التاريخ من بابه الخلفية، وسيحتفظ به الدارسون والمحللون كوصمة عار في جبين الانتخابات المغربية".
وفي الوقت الذي هاجم فيه شباط ما أسماه " القطبية المصطنعة" التي صنعها الاعلام المغربي والتي ليس لها اي وجود على الساحة السياسية المغربية، عبر عن عدم رضاه بالنتائج التي حققهاحزبه في الانتخابات الاخيرة ، معتبرا ذلك راجع الى وزارة &الداخلية التي تخلت عن حيادها ،. وتركت المجال مفتوحا أمام التلاعبات لتغليب كفة على أخرى.
تحول بنيوي للانتخابات في المغرب
وكشف شباط ان قيادة حزبه أجرت تحليلا معمقا وهادئا للنتائج، وللسياق العام لانتخابات 7 أكتوبر "وهنا يمكن القول بأننا أمام تحول بنيوي تعرفه الانتخابات ببلادنا، و أن جزءا كبيرا من الناخبين لم يتوجهوا لصناديق الاقتراع لتقييم نجاعة السياسات العمومية، بل الاصطفاف كان على أساس القطبية المصطنعة التي وجهت الرأي العام لإختيارات سياسية وقيمية، لا علاقة لها بالحصيلة الحكومية، هذه القطبية التي لا وجود لها في المجتمع و لا تعكس طبيعة الواقع السياسي لبلادنا، وهو ما يشكل واحدة من ملامح الإرتباك العام الذي طبع ما قبل الانتخابات وخلال الحملة الانتخابية، بل إمتد إلى ليلة إعلان النتائج".
المؤسسة الملكية وازاحة القلق&
في مقابل ذلك ، اشاد شباط بالمؤسسة الملكية التي سارعت إلى إرسال إشارات واضحة على وجوب احترام شفافية ونزاهة الانتخابات، وبادرت إلى تبدّيد غيوم الحيرة التي هيمنت على أجواء المنافسة بين الأحزاب، وأزاحت القلق الذي كان سائدا خلال الحملة الانتخابية وبعدها.وقال" اتضح أن المؤسسة الملكية ماضية من جهتها في طريق تحقيق الانتقال الديمقراطي، وتأكّد ذلك بصفة أكثر وضوحا في حرص جلالة الملك على تنزيل المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الحكومة، بعد تكليفه للأمين العام لحزب العدالة والتنمية المتصدر لنتائج الانتخابات بالتفاوض من أجل تشكيل الحكومة الجديدة".
قلق من تراجع نسبة المشاركة
وسجل شباط قلق حزبه الكبير من تراجع نسبة المشاركة مقارنة مع سنة 2011، والاتجاه العام لضعفها، داعيا الى ضرورة التعاطي مستقبلاً مع هذا الموضوع بالجدية اللازمة من طرف الجميع، وذلك لتعزيز مشروعية المؤسسات المنتخبة بصفة عامة، ومؤسسة مجلس النواب بصفة خاصة، حيث يجب أن يستمر الرهان على دولة المؤسسات.
وعبر شباط عن عدم ارتياح حزبه من كل الممارسات التي تناقض أبسط المبادئ الديمقراطية،وتتنكر لأيسر الأعراف السياسية، وإدانته للتجاوزات المقصودة التي تسيئ للجهد الجماعي الذي بذل منذ عقود، والتي كان من المفروض أن تكون محسوبة على الماضي المنسي.
واعلن شباط رفض حزبه لمناورات آخر ساعة، ومحاولات الالتفاف على الإرادة الشعبية التي لا تعمل سوى على بث اليأس لدى عموم المواطنين، وعلى التشكيك في جدوى العمل السياسي، وعلى المس بمصداقية الاستحقاقات الانتخابية، وعلى تشويه صورة الأحزاب السياسية، وعلى إضعاف هيبة الدولة، وعلى عرقلة مسلسل الإصلاحات السياسية والدستورية التي عرفتها البلاد، والتي قدمت من أجلها تضحيات جسيمة.
رفض استمرار التلاعب بإرادة الناخبين&
وأبرز شباط ان تراجع نسبة التصويت وارتفاع نسبة العزوف عن صناديق الاقتراع في بلاد تسعى لتعزيز مشروعية مؤسساتها المنتخبة، وبعد ولاية تأسيسية كاملة، يعتبر مؤشراً مقلقا وخطيرا يسائل تجربتنا الديمقراطية الفتية، ويطرح علامات استفهام جدية على المستقبل، وأي تغافل عن هذا الواقع يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب.
الوصول السريع الى السلطة
وقال شباط" في الوقت الذي نسعى فيه لوضع الأسس القانونية المتينة للارتقاء بالممارسة السياسية، ونسعى فيه لتنزيل المقتضيات الدستورية تنزيلا مرنا، ووضع الضوابط الموضوعية لإغناء تجربتنا الديمقراطية واللحاق بنادي الدول الديمقراطية، وفي الوقت الذي نحاول فيه تخليق المشهد السياسي، وترشيد السلوك الانتخابي، يسعى البعض الآخر إلى اختزال المسافات، والاشتغال خارج الضوابط القانونية، وإلى ممارسة الضغط النفسي على المواطن بدل الإقناع، والتأثير عليه بأساليب بديئة، لا تنسجم مع الأخلاق الديمقراطية"، مشيرا الى ان ما يطمح له البعض اليوم، هو الوصول السريع إلى دائرة السلطة، عبر إلغاء قيم المنافسة السياسية النزيهة، وعبر تجاوز التدافع الانتخابي المشروع، وعبر إفراغ التعددية الحزبية والسياسية من روحها ومحتواها، وعبر إفراز مؤسسات وطنية مخدومة ومفصلة على المقاس، ومن ثم العودة إلى أساليب الهيمنة والاستبداد والتحكم، التي لا يمكن أن تنضج التجربة الديمقراطية للنغرب ،،ولا يمكن أن نتوقع نتائجها الخطيرة على الانتقال الديمقراطي وعلى الاستقرار الاجتماعي.
تنسيق محصور على الأحزاب الوطنية
في هذا السياق، استعرض شباط امام أعضاء المجلس الوطني لحزبه ما أسماه " المبادرة المشتركة" بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،وقال "في إطار وعي الحزبين بالدور المنوط بهما تاريخيا، عقد اجتماع مشترك بين اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال والمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي من أجل بحث آخر التطورات التي تعرفها بلادنا، والتطرق للمستجدات التي تشهدها الساحة السياسية التي أضحت تعرف تراجعا خطيرا عن المسيرة الإصلاحية ومناقشة التحديات التي تعوق الإصلاح الديمقراطي وتحول دون وصوله إلى مداه، وتشوه المشهد الانتخابي بالمغرب.وتطرق الحزبان لمسألة الهجمة الشرسة وغير المسؤولة التي تتعرض لها الأحزاب الوطنية، والتي تكشف بكل أسف عن أزمة عميقة في تدبير الانتقال الديمقراطي ببلادنا، وعن عجز في استيعاب مضامين خطاب 9 مارس ومقتضيات دستور 2011، وعن ضعف في القدرة على قراءة التحديات التي تواجهها البلاد في محيط إقليمي وجهوي مضطرب، ومرشح لمزيد من الاضطراب والفوضى".
وأضاف شباط ان الحزبين "عبرا عن اقتناعهما بأهمية العمل المشترك الذي يعتبر اليوم أكثر من أي وقت مضى أمرا ضروريا وأساسيا ومهما لتحصين البلاد، وحماية الاختيار الديمقراطي من كل المخاطر، باعتبار هذا الاختيار هو الشرط الضروري واللازم لدخول المغرب زمن السياسة، وزمن ترشيد الاختلاف، وزمن حرية التعبير والتداول السلمي على السلطة، وزمن فصل السلط وتوازنها. وبالتالي استيفاء الشروط الضرورية لتأهيل حياتنا السياسية من أجل الدخول المشرف لنادي الدول الديمقراطية".
وزاد شباط قائلا ان الحزبين اثارا في معرض حديثهما عن الظرفية السياسية الحالية، الظهور المُباغث لما أصبح يطلق عليه إعلاميا( القطبية السياسية)، وهي ظاهرة إعلامية مفبركة ما أنزل الله بها من سلطان.وذكر ان الحزبين يعتبران أن المراهنة على قطبية مفبركة، ليست إلا وسيلة لتهميش القوى الوطنية ذات القيمة التاريخية والاعتبارية، وذات المسار النضالي الحافل، وذات الحضور الشعبي الوازن، وليست إلا حيلة مكشوفة لإرساء دعائم الوافد الجديد، على حساب أحزاب الحركة الوطنية باعتبارهم شركاء محتملين غير مرغوب في مصداقيتهم وصِدْقِيَّتِهِمْ في تدبير شؤون الدولة، وليس إلا محاولة يائسة لتفويض أي فعل حزبي جاد، يمثل صوت الشعب، للانفراد بالقرار السياسي، وبلورته حسب رؤى خاصة وخدمة لمصالح خاصة.
وفاء للمبادئ ومقاومة محاولة التشتيت
وأكد شباط أن حزبه سيبقى وفيا لمبادئه الديمقراطية، وسيستمر في الرهان على دولة الحق والقانون وعلى دولة المؤسسات، وسيعمل جاهدا بمعية الأحزاب الديمقراطية على تطوير الحياة السياسية لكي تفرز مؤسسات وطنية تقوم على أساس التمثيل الديمقراطي النزيه، الذي يعكس إرادة الشعب بكل صدق، ويبرز اختيار المواطنين بكل أمانة. وذلك لتعزيز مشروعية المؤسسات المنتخبة بصفة عامة، ومؤسسة مجلس النواب بصفة خاصة
وكشف شباط ان حزبه قاوم منذ سنة كاملة جملة من الضغوط، وقاوم محاولات تشتيته وخرج سالما موحد الصفوف والكلمة، وكانت له القدرة رغم كل الصعوبات الظاهرة والخفية، على أن يحفظ مكانته في المشهد السياسي والحزبي. وأضاف قائلا: "رغم أننا غير راضين عن النتائج التي تحققت في الانتخابات التشريعية، لأنها كانت أقل من طموحنا وتوقعاتنا، فإننا مدركين لجسامة ما واجهناه من تحديات وصعوبات وإستهداف مباشر لمرشحينا ولمن كانت لهم نوايا الترشح باسم الحزب، ومع ذلك إستطاع الحزب الحصول على مقاعد في دوائر جديدة وإستطاع أيضا أن يحافظ على دوائر رغم تغيير المرشحين وكسب دوائر كانت فيها المنافسة على تزكية الحزب كبيرة، كما أننا نجحنا في رفع عدد الأصوات مقارنة مع سنة 2011 رغم تراجع نسبة التصويت، ومع ذلك نأسف لفقدان عدد من المقاعد في دوائر كانت محسومة لفائدة الحزب، وهذا الأمر سيكون موضوع طعون أمام القضاء".
وقال &شباط ان هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني تنعقد في ظروف استثنائية يعرفها المغرب، خاصة بعد استكمال المسلسل الانتخابي الذي امتد زهاء سنة ونصف سنة، مشيرا الى ان استحقاق 7 أكتوبر "شكل لحظة فاصلة في التاريخ السياسي للبلاد، وهي محطة كان للحزب عليها رهان كبير انطلق من التهييء الجيد الذي ميز أداءنا الجماعي".
وأبرز شباط ان حزب الاستقلال وضع منذ نهاية 2015 نقطة نظام سياسية حول مجمل التحولات والتطورات التي تعرفها البلاد، وسجل بكل شفافية ووضوح "أن المس بالمسار الديمقراطي وإعادة إنتاج تجارب التحكم في المشهد السياسي وصناعة الخرائط السياسيةإنما يحمل مخاطر جدية على بلادنا، ويؤسس للشك عوض اليقين الذي ناضلنا من أجله إلى جانب القوى الوطنية الديمقراطية وقدم في سبيله الشعب المغربي تضحيات جسيمة".
ونبه شباط إلى أن ما كان يجري وما كان مخططا له "لا يفيد الاستثناء المغربي الذي هو نتيجة لتفاعل المغرب مع ما يجري في العالم، حصل ذلك منذ انهيار جدار برلين وانطلاق مسار المصالحة بدايةعقد التسعينات من القرن الماضي، وتجدد ذات الوعي مع ما سمي بالربيع العربي ، وهو ما مكن بلادنا مرة أخرى أن تنفلت من حالة الفوضى التي تعرفها بلدان أخرى في المنطقة وما زالت مستمرة تعبث بشعوب وحضارات وترهن مستقبل أجيال كاملة".
الإيمان بأهمية تراكم الإصلاحات&
وأوضح شباط ان حزبه آمن باستمرار بأهمية تراكم الإصلاحات السياسية والدستورية وبناء مؤسسات قوية تستند إلى الاختيار الحر للشعب المغربي عبر انتخابات نزيهة وشفافة وتنافسية، حيث كان مطلب نزاهة الانتخابات عنصراً أساسياً في مرافعات وأدبيات الحزب لا يقل أهمية عن مطالب الإصلاح السياسي والدستوري التي رغم تحقق جزء منها فإنها تبقى، يضيف شباط، بدون فعالية عندما تصادف مؤسسات تمثيلية تعاني من عجز في منسوب المصداقية ولا تعكس التوجهات والاختيارات الحقيقية للشعب المغربي.
وقال شباط ان هذه الوضعية طبعت المسار السياسي بالمغرب منذ أول انتخابات عرفتها بداية &عقدالستينات من القرن الماضي وما رافقها وما تلاها من محاولات وجهود للمس بالتطور الطبيعي للحياة السياسية والحزبية.
واضاف " وكما قلنا ونقول اليوم أن كل محاولات إعادة التجارب السابقة لا يعتبر سوى هدرا للزمن السياسي وبالنتيجة هدرا للزمن التنموي وقيام المجتمع المبني على العدالة والإنصاف وسرقة لأحلام أجيال من المغاربة".
وأبرز شباط كذلك ان حزبه آمن ودافع عن ثوابت البلاد عن قناعة راسخة وهو لا يزال على نفس القناعة وسيستمر في الدفاع عن قناعاته ومبادئه، بما يقتضيه الأمر من جدية وصراحة وصدق تجسيدا للقيم الوطنية النبيلة، كما سيظل وفيا لتحليله لحاجات البلاد وبصفة خاصة للديمقراطية على أصولها .