صار مستقبله السياسي على كف عفريت مع اقتراب مؤتمر الحزب الـ17
تصريحات أمين "الاستقلال" المغربي تفتح عليه "عش الدبابير"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الرباط: فتح الخطاب الذي ألقاه حميد شباط، أمين عام حزب الإستقلال المغربي، السبت الماضي خلال لقاء نقابي، عش الدبابير في وجهه. فكلامه عن موريتانيا، التي اعتبرها جزءا من التراب المغربي، أثار عاصفة من ردود الفعل التي لم تتوقف بعد.
وتطلبت تهدئة الأوضاع تدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس عبر اتصال هاتفي بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ، وإيفاده لرئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران إلى نواكشوط لجبر الخواطر ونزع فتيل الأزمة.
أما حديثه عن حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيسه الجديد عزيز أخنوش، والذي اعتبره هذا الأخير "سبا وشتما"، فعمق الهوة بين الحزبين، وجعل مهمة رئيس الحكومة المعين، الذي كان يصبو إلى تقارب بين الحزبين لضمهما إلى أغلبيته البرلمانية وتحالفه الحكومي، مهمة مستحيلة ما دام شباط على راس قيادة حزب الاستقلال.
فيما دفع حديثه في نفس الخطاب عن حيثيات مشاركة حزب الاستقلال في حكومة ابن كيران الأولى إلى إخراج الأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي، من صمته وإصداره بيان حقيقة يستنكر فيه ما اعتبره مغالطات تضمنتها تصريحات شباط في هذا الشأن.
وعلى بعد ثلاثة أشهر من المؤتمر العام الـ 17 لحزب الإستقلال، المقرر تنظيمه في مارس المقبل، والذي سبق لشباط أن أعلن أنه سيترشح خلاله لولاية ثانية على رأس الأمانة العامة للحزب، يجد شباط نفسه معزولا ومستهدفا بنيران الانتقادات من كل جانب بسبب النيران التي أطلقها في جميع الاتجاهات في خطابه خلال لقاء داخلي للذراع النقابية للحزب، الإتحاد العام للشغالين بالمغرب، والذي كان شباط يتولى أمانته العامة قبل انتخابه أمينا عاما للحزب في 2012.
وخلال الساعات القليلة الماضية ، بدأت العديد من القيادات الحزبية تأخذ مسافتها من شباط، بعد أن كانت تدافع عنه فقط قبل 24 ساعة. وفي هذا السياق، خرج توفيق حجيرة، رئيس المجلس الوطني للحزب، ببيان يتبرأ فيه من تصريحات شباط، بعد أن أدلى للصحافة قبل ساعات بتصريحات مكتوبة بخط يده يدافع فيها عن شباط، وبعد أن شارك في صياغة بيان اللجنة التنفيدية للحزب، والتي رد فيها بقوة على انتقادات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا واصفا إياه بسوء تأويل فقرات انتزعت من سياقها من خطاب شباط، ومتهما إياه بأنه يريد جر موريتانيا إلى "معركة وهمية مغلفة بالشعارات الوطنية الخادعة"، وأنه مدفوع من جهات أجنبية معادية للمغرب.
وقال حجيرة ، ملتمسا العذر عن موقفه السابق والتبرير لموقفه الجديد، في بيانه "كرئيس للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، ثاني مؤسسة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب، أود أن أعلن أنني سقطت في سوء تقدير لخطورة تصريح الأمين العام على علاقاتنا المتينة والدائمة التي ربطتنا دائما مع الشقيقة موريتانيا، ولمضاعفات تصريح الامين العام لحزب الاستقلال المتعلق بهذا الموضوع، علاقة بمجهودات المملكة المغربية على المستوى الجهوي والقاري والتي كانت دائما تقوم على حسن الجوار والتعاون والتضامن". وأضاف حجيرة قائلا "بعد أخذ الوقت الكافي لتقييم ما وقع، وبعد التداعيات الكبرى للموضوع على المستوى الوطني والقاري والدولي، أود أن أذكر بأن اختيار هذا الموضوع وتوقيته ومضمونه لم تتم مناقشتها والموافقة عليها في أي مؤسسة تابعة للحزب، وأن ما صرح به الأمين العام كان تصريحا شخصيا، أخذ حرية التصرف فيه معتبرا أنه يتكلم في اجتماع داخلي". وأشار حجيرة بخصوص البيان الصادر عن اللجنة التنفيذية، والذي ساهم في صياغته، أنه "قد تم تناوله من باب الاستحضار التقليدي لمواضيع الساعة من دون توقع ما سوف يترتب عن ذات الموضوع من آثار سلبية".
وفي رد فعل للأمانة العامة للحزب على بيان رئيس المجلس الوطني، أطلق الناطق الرسمي باسمها، عادل بنحمزة، تصريحات يوضح فيها أن تصريحات حجيرة لا تعبر عن رأي المجلس الوطني وإنما تعبر عن موقفه الشخصي، مشيرا إلى أن حجيرة "ليس له الحق مطلقا للحديث بإسم مؤسسة المجلس الوطني"، وفقا لمقتضيات النظام الداخلي للحزب.
ويبدو أن متاعب شباط مع قيادات الحزب لن تقف عند هذا الحد. ففي الدار البيضاء خرجت الوزيرة السابقة ياسمينة بادو، والتي كانت تعتبر من القيادات المقربة من شباط، بدورها عن صمتها، معلنة أن "تصريحات شباط غير مسؤولة" ومسيئة للحزب والوطن، وأن من واجب الغيورين على الحزب التصدي لها".
يذكر انه عندما انتخب شباط أمينا عاما للحزب خلال مؤتمره السابق في سبتمبر 2012، اعتبر آنذاك بمثابة انتصار للتيار الشعبوي داخل الحزب، وإيدانا بتقهقر نخبته التقليدية وقياداته التاريخية. وعرف الحزب آنذاك توترات كادت أن تؤدي إلى انقسامه مع بروز تيار "بلا هوادة " المناهض لشباط والذي ضم العديد من القيادات التاريخية للحزب. غير أن شباط القادم من عالم النقابات صمد أمام العاصفة، وقاد الحزب خارج التحالف الحكومي بقيادة ابن كيران في تجربته الحكومية الأولى . واليوم يواجه شباط عواصف متعددة وزوابع وأنواء تهدد مستقبله السياسي وموقعه على رأس قيادة اقدم الأحزاب المغربية .