منهاج تربوي سوري - كردي في القامشلي
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القامشلي: يردد التلاميذ أثناء وقوفهم بفي صفوف منتظمة غير أبهين بالهواء البارد وبصوت مرتفع بالكردية "روج باش ماموستا"، أي صباح الخير يا أستاذ، قبل دخولهم القاعات في مدرسة تعتمد منهاجًا تربويًا مزدوجًا في شمال شرق سوريا.
تقول الطالبة بريفا حسن (ست سنوات)، وهي جالسة الى جانب زملائها في مدرسة موسى بن نصير في غرب مدينة القامشلي، "أتعلم وأكتب الابجدية الكردية (...) والقصص وأسماء الحيوانات والورود". وتبدي بريفا سعادتها بذلك، لا سيما ان والديها لا يعرفون قراءة أو كتابة اللغة التي منعتها الحكومات السورية المتعاقبة منذ خمسينيات القرن الماضي.&وهذه احدى المدارس التي بدأت اعتماد منهاج تربوي مزدوج، يضم الكردية الى جانب مقررات التدريس بالعربية. وفرضت الادارة الذاتية منذ مطلع السنة الدراسية الحالية المنهاج الكردي الى جانب المنهاج العربي في المراحل الابتدائية الثلاث الاولى في مدارس محافظة الحسكة، المعروفة بمنطقة الجزيرة، على ان يصار الى توسيع هذا المنهاج ليشمل الصفوف الاخرى تباعا.&ولا تزال الصفوف الاخرى تتبع المنهاج العربي المعتمد من قبل الحكومة السورية. من جهتها، تقول مدرسة اللغة الكردية جانة موسى (21 عاما) لوكالة فرانس برس "اتمنى ان يتلقى كل الطلاب الدروس بلغتهم الام". وتضيف، وهي ترتدي معطفا اخضر اللون "نعلمهم الأبجدية وموضوعات المجتمع والحياة".86 الف تلميذوتصاعد نفوذ الاكراد مع اتساع رقعة النزاع في العام 2012 بعدما ظلوا لعقود مهمشين مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية.&&وبعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من هذه المناطق محتفظة بمقار حكومية وادارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي، اعلن الاكراد اقامة ادارة ذاتية موقتة في ثلاث مناطق هي الجزيرة (الحسكة)، وعفرين (ريف حلب)، وكوباني (عين العرب). وسمّيت هذه المناطق "روج آفا"، أي غرب كردستان بالكردية.&وبحسب نائبة رئيس هيئة التدريس في الادارة الذاتية في الجزيرة سميرة حاج علي، بلغ "عدد الطلاب في مدارس الادارة الذاتية 86082 الفا. اما عدد مدرسي المنهاجين الكردي والعربي فهو 3830 مدرسا". تقول حاج علي ان الهيئة تعمل حاليا على تحضير منهاجين، واحد عربي، واخر سرياني للعام المقبل، يتناسب مع نظامها التعليمي.&توضح ان الادارة الذاتية في الجزيرة انشأت عشرة معاهد لتهيئة مدرسي اللغة الكردية، وستؤسس اخرى لمدرسي اللغتين العربية والسريانية، وفق اسس النظام التعليمي الخاص بها.&انقسام المعلمينوفي رد فعل على القرار، اغلقت وزارة التربية السورية مدارسها في المنطقة. كما فصلت الاساتذة الذين يدرّسون المنهاج الكردي، ما دفع بعضهم الى العمل مع الادارة الذاتية، فيما انصاع آخرون لقوانين سوريا، وتركوا المدارس التي اعتمدت المنهاج الكردي.&يقول حسين زيدو (45 عاما)، احد المدرسين السابقين لمادة الرياضيات في المدارس الحكومية، "عملت في المدارس الابتدائية 11 عاما، وتم ابعادي عن التعليم لأسباب سياسية". يضيف "التحقت الآن بمدارس الادارة الذاتية للتعليم بحسب المنهاج الدراسي بالعربية، رغم ان الطلاب اكراد، وأتقاضى راتبي من هيئة التربية" التابعة للادارة الذاتية.&يدرس العديد من العرب في المدارس التي تعتمد منهاجا كرديا. وتقول التلميذة رهام الأحمد (تسع سنوات)، النازحة من مدينة حلب، "في البداية كنت أحضر الدروس مع الطلاب الأكراد، قبل نقلي الى شعبة اخرى ندرس فيها المنهاج بالعربية".&تضيف، اثناء متابعتها درسًا في اللغة العربية، "انا سعيدة جدا بين زملائي، في البداية واجهت صعوبة في التأقلم معهم، فالقامشلي مدينة غريبة بالنسبة إليّ، ويتكلمون لغة لم أكن افهمها. اما الآن فقد بات الامر اكثر سهولة".&حلم يتحققورغم ان الاكراد يشكلون اكثر من عشرة في المئة من سكان سوريا، لكنهم عانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع، اذ ان فئة كبيرة منهم محرومة من الجنسية، كما كان يمنع عليهم تعلم لغتهم او الكتابة بها أو حتى إحياء تقاليدهم، مثل احتفالات عيد النوروز.&ويبدي المخرج جميل مراد (44 عاما)، الذي تعلم سرا في طفولته الكتابة والقراءة بالكردية، اعتزازه بدراسة ابنه رامان (ثماني سنوات) هذه اللغة من دون خوف.&ويقول خلال مساعدته ابنه على حل واجباته المدرسية على ضوء شمعة بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء "أكبر إنجاز للادارة الذاتية لم يكن ربط الجزيرة بكوباني، بل بتعليم عشرات الآف الاطفال لغتهم الام". يضيف "هؤلاء هم مستقبلنا حتى لو انقلبت علينا الامور".&واستثنت الادارة الكردية الاحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وسط القامشلي، من قراراتها. ولم يتردد البعض من الاعتراض على هذه الخطوة بنقل اولادهم الى مدارس حكومية، على غرار أمينة برو، معلمة الانكليزية في احدى المدارس الرسمية.&تقول برو "اعمل في مدرسة خاضعة للنظام، لان المناهج الكردية غير معترف بها، والمدرسون لا يملكون القدرات اللازمة"، موضحة في الوقت نفسه انها تؤيد "تدريس مادة او مادتين باللغة الكردية، ولكن ليس المنهاج بشكل كامل". وتضيف "اخضع لقرارات وزارة التربية في الحكومة السورية لكوني اتقاضى راتبي منها".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف