أخبار

تغض الطرف عن تجاوزاته الداخلية

أوروبا ترى في أردوغان "مخلّصاً" من أزمة اللاجئين

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صار رجب طيب أردوغان صديق أوروبا على الرغم من ميله نحو التسلط والطغيان، فقط لأن زعماء الاتحاد الأوروبي يرون فيه خشبة خلاصهم من أزمة اللاجئين.&دبي: تصف الصحيفة الألمانية دير شبيغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه "صديق أوروبا الجديد"، وهو الرجل الذي يبذل كل جهد ممكن من أجل تحويل بلده إلى أوتوقراطية مشابهة لقيصرية فلاديمير بوتين الروسية، وهو من خرج منتصرًا من القمة الأوروبية &-التركية الأخيرة في بروكسيل. وتضيف الصحيفة نفسها في وصف ما حصل قائلةً: "هذا خبر سيئ". فلأن الأوروبيين يرون في أردوغان الحل-المعجزة لمشكلة اللاجئين التي تعاني أوروبا تداعياتها، سيحصل رجل أنقرة القوي على كل ما يريد: المليارات من اليورو دعمًا لإيواء اللاجئين، والتعجيل في محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، والسماح للأتراك بالسفر إلى أوروبا من دون تأشيرة دخول. إلى ذلك، سيكون أردوغان سعيدًا إذ يرى أوروبا عاجزة عن انتقاد سلوكه الرئاسي المنافي للديمقراطية.&&صدقية أوروبا&قبل يومين من انعقاد القمة الأوروبية &- التركية، وجه أردوغان أمنه لاحتلال صحيفة "زمان" التركية المعارضة، وإخلاء مكاتب تحريرها، ثم سدد ضربة مماثلة لوكالة "جيهان" الاخبارية.&وقبل ذلك، اعتقلت السلطات التركية رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" جان دوندار، بعدما أمعن في انتقاد الرئيس، إلا أن المحكمة الدستورية أمرت بإخلاء سبيله فورًا، على الرغم من أن أردوغان صرح بأنه يرفض هذا الحكم. في الأشهر الـ 18 الأخيرة، جرى التحقيق مع نحو 2000 مواطن تركي بتهمة "شتم الرئيس"، واليوم تريد السلطة رفع الحصانة عن المشرعين البرلمانيين لتحاكم من ينتقد منهم أردوغان، وخصوصًا مناصري الأكراد.&لم يُسمع أي انتقاد موجه إلى أردوغان من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ولا من مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن فيديريكا موغيريني، ولا من رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، وهذا ما يؤثر سلبًا في صدقية أوروبا، إذ أي حق تدعيه حين تريد انتقاد القيود على حرية التعبير في المجر مثلًا، أو في روسيا تحت فلاديمير بوتين؟&واقعية سياسية&في أحيان كثيرة، تكون "الواقعية السياسية" هي الحجة وراء هذا النوع من الصفقات السياسية، لكن على العالم أن ينظر إلى تداعيات هذه الصفقات. ففي تركيا، تؤدي هذه الصفقات إلى إضعاف المعارضة الديمقراطية لأردوغان، كما يعبد الاتحاد الأوروبي الطريق أمام أردوغان ليعدل الدستور بطريقة تضعف من شأن المؤسسات الديمقراطية التركية. فأردوغان أعاد فتح الجبهة مع حزب العمال الكردستاني، وأخضع جيشه كامل المدن في جنوب شرق تركيا لأحكام الطوارئ ومنع التجول، فيبدو أن رئيس تركيا يهز الاستقرار في بلاده وفي المنطقة.&وبحسب شبيغل، تنوي أوروبا أن تستسلم لأوتوقراطي هوائي لن يتوقف عن الطلب، وهذا لا يمت إلى "الحل المستديم" بأي صلة. كما أن أحدًا لا يعرف إن كان الاتفاق بين تركيا وأوروبا بشأن اللاجئين سيتم كما هو مرسوم له. فهل سيمنع المهاجرين من عبور بحر إيجه؟ وهل تستطيع أوروبا أن ترحل كل اللاجئين جماعيًا إلى تركيا خارقةً معاهدة جنيف بشأن اللاجئين؟ ألا يمكن اللاجئون أن يسلكوا طريقًا غير تركيا، من ليبيا مثلًا عبر المتوسط؟&عار أوروبا&ربما يريح هذا الاتفاق موقتًا ميركل وغيرها من زعماء أوروبا الذين يجدون أنفسهم تحت ضغط شعبي عارم يطالبهم بخفض عدد اللاجئين. وترى شبيغل أنه عار على أوروبا أن تعتمد على تركيا لأن زعماءها فشلوا في التوافق على حل ملائم لأزمة اللاجئين يمكنهم تطبيقه بأنفسهم، من دون مساعدة خارجية، كتوزّع اللاجئين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.&في الواقع، لا تملك أوروبا أي أوراق تضغط من خلالها على تركيا، فالاتحاد الأوروبي لم يكن يومًا جديًا في قبول تركيا عضوًا فيه، وما عاد أردوغان اليوم تواقًا إلى هذه العضوية. فبالنسبة إليه، مجرد إعادة فتح باب التفاوض في هذه المسألة يعزز مكانته الداخلية في تركيا.&على الرغم من هذا كله، ما زال في يد الاتحاد الأوروبي خيط وحيد: مسألة إدخال الرعايا الأتراك إلى أوروبا من دون تأشيرة دخول، فإن حصل هذا فيعني أن أردوغان حقق انتصاره الساحق. ربما ينبغي ربط هذا الأمر باحترام حرية الرأي وحقوق الانسان في تركيا في المفاوضات التالية، من أجل منع أردوغان من تحقيق هذا الانتصار. فإن فتح الاتحاد الأوروبي حدوده للأتراك، فعليه أن يتحلى بالجرأة لانتقاد أردوغان وحمله على تغيير سلوكه غير الديمقراطي.​

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف