حريق غرب كندا الهائل يخرج عن السيطرة

أعلنت السلطات الكندية أن حرائق الغابات التي تجتاح غرب البلاد تضاعف السبت، مشددة على أن الوضع في مقاطعة ألبرتا "لا يمكن التكهن بتطوراته وما زال خطيرًا". وحذرت من أن الحريق الهائل في فورت ماكموراي النفطية قد تتسع رقعته بشكل كبير، وأنه خارج عن السيطرة.

فورت ماكموراي: ذكرت وكالة ادارة حالات الطوارئ في مقاطعة البرتا في حصيلة جديدة ان الحرائق التي تواصل التقدم، كانت تمتد على مساحة اكثر من مئتي الف هكتار منتصف ليل الجمعة السبت. وصرح وزير السلامة العامة رالف غودال انها "ما زالت حرائق كبيرة وخطيرة، وتصعب السيطرة عليها".

من جهته، قال مدير أجهزة الإطفاء في البرتا تشاد موريسون ان بعض البرودة والرطوبة، وربما الامطار يمكن ان تساعد على الابطاء من توسع رقعة الحرائق. اضاف ان "النبأ السار" الوحيد هو ان الرياح تدفع النيران باتجاه معاكس لفورت ماكموراي ومواقع انتاج النفط في شمال شرق البلاد.

وقالت خلية الازمة التابعة لحكومة مقاطعة البرتا ان النيران كانت تغطي حوالى الفي كيلومتر مربع حوالى الساعة 00,00 (6,00 ت غ) من الاحد وتتقدم باتجاه شمال شرق المدينة.

وبعد يوم بلغت فيه درجة الحرارة المرتفعة 30 درجة مئوية، وشهد رياحا تبلغ سرعتها 40 كيلومترا في الساعة، والاحراج التي جفت بعد شهرين من غياب الامطار، باتت فرق الانقاذ تأمل في طقس اكثر رطوبة.

خارج السيطرة
ويتوقع ان تبلغ درجة الحرارة 15 درجة مئوية على الاكثر، لكن الرياح ستشتد، ويفترض ان تهطل امطار محدودة. وقال مدير اجهزة الاطفاء في البرتا تشاد موريسون "نحتاج امطارا غزيرة، فهطولها بشكل خفيف لا يكفي".

ويكافح اكثر من 1100 رجل اطفاء و133 مروحية و27 شاحنة صهريجا 43 حريقا في المقاطعة. وسبع من هذه الحرائق ما زالت خارج سيطرة رجال الاطفاء بالكامل، وخصوصا حول فورت ماكموراي، العاصمة النفطية للغرب الكندي.

يتركز عمل اكثر من نصف رجال الاطفاء على كارثة فورت ماكموراي لحماية المنشآت الحيوية في المدينة للمياه والاتصالات والكهرباء والغاز. من جهته، صرح وزير السلامة العامة رالف غودال "ما زال الوضع خطيرا ولا يمكن التكهن بتطوراته. انها حرائق كبيرة وخطيرة ويصعب السيطرة عليها".

ومع اتساع رقعة النيران الذي يتابعه رجال الاطفاء بالاقمار الاصطناعية، اضطرت السلطات إلى تسريع اجلاء 25 الف شخص عالقين في ملاجئ تابعة للشركات النفطية انتقلوا اليها عندما كان طريق الشمال المخرج الوحيد الممكن للهرب من النيران منذ اسبوع.

&واكدت رئيسة حكومة مقاطعة البرتا ريتشيل نوتلي اجلاء عشرات الاشخاص المحاصرين بالنيران على بعد عشرات الكيلومترات شمال فورت ماكموراي من المنطقة.

واستغرقت عملية اجلاء هؤلاء الاشخاص ثلاثة ايام، وانجز نصفها بجسر جوي غير مسبوق في حجمه. اما الآخرون فقد سلكوا ممرا مؤمنا على طول الطريق السريع 63 لعبور فورت ماكموراي في قافلة ضمت 25 سيارة للوصول الى ادمونتون عاصمة المقاطعة.

تأثير على الانتاج النفطي
اقتربت الحرائق ايضا من مناجم النفط الرملي، بينما واصلت شركات خفض أو وقف الانتاج في بعض المواقع. واصدرت بلدية وود بافالو تحذيرا السبت الى المناطق المحيطة بمناجم شرطتي سانكور وسينكرود على بعد خمسين كيلومترا عن فورت ماكموراي.

واغلقت شركة سينكرود موقعها بسبب دخان لا ينطوي على اي خطورة في هذه المرحلة، بينما بدأت طائرات كبيرة سي-130 تابعة للجيش باجلاء الموظفين الذين يبلغ عددهم 4800 شخص. واغلقت شركة سانكور الجمعة موقعين للانتاج على غرار شركات شل ونيكسين، وكذلك مجموعتي كونوكوفيليبس وتوتال اللتين تستثمران معا موقع سورمونت.

ويشكل ذلك ضربة قاسية للشركات التي سيتراجع انتاجها بمقدار النصف تقريبا، اي حوالى مليون او 1,5 مليون برميل يوميا، حسب التقديرات، وكذلك للمنطقة بأسرها التي اضر بها كثيرا تراجع اسعار النفط منذ سنتين.

خسارة وظائف
وكانت مقاطعة البرتا سجلت حتى قبل هذه الكارثة تراجعًا في الوظائف (ناقص 21 الف وظيفة في ابريل)، وهي حصيلة يمكن ان تتفاقم مع اجلاء آلاف الاشخاص، الذين لا امل لهم في العودة قريبا الى فورت ماكموراي. وفي المدينة ما زال تقويم الاضرار جزئيا. وقد دمر الحيان الجنوبي الغربي والغربي وجزء من القطاع السكني في الشمال فيها، بينما لم يتضرر الوسط.

وبعد خمسة ايام من صدور امر باجلاء قسري للسكان، اكتشفت الشرطة وجود سكان بقوا خلال عمليات البحث التي تقوم بها في كل منزل. وقال مفتش الشرطة كيفن كونيتزكي "احيانا نجد اشخاصا في منازلهم مثل عائلة من خمسة افراد". واضاف "سجلت بعض عمليات السرقة (...) لكنها ليست كبيرة حسبما رأينا هنا". في المجموع اجلي حوالى مئة الف شخص من فورت ماكموراي وثلاث قرى الى الجنوب منها ومحمية للهنود تضم حوالى 500 شخص.

إعادة الإعمار طويلة
وقالت ريتشيل نوتلي، رئيسة وزراء مقاطعة البرتا، التي تضم مدينة فورت ماكموراي، الجمعة ان "وسط المدينة لم يتضرر الى حد كبير، ومحطة الهاتف ايضا، والمستشفى لا يزال قائما ومحطة تنقية المياه". واضافت "لكننا رأينا الصور المحزنة التي التقطها السكان الذين عبروا فورت ماكموراي والاضرار كبيرة بدون اي شك، وستتطلب اشهرا لاعادة الاعمار".
&
مع وصول مواكب السيارات الى وانديرينغ ريفر على بعد 200 كلم جنوبا، تحدث السكان الذين تم اجلاؤهم عن مشاهد مرعبة. وروت مارغريتا كارنسيرو لوكالة فرانس برس انها لم تعد تعرف مدينتها نظرا الى الهياكل "السوداء والمتفحمة". وقالت جاين ستيفنز انها لا تعلم ما اذا كان منزلها لا يزال قائما، لكنها عبّرت عن ارتياحها، لان شركة شل النفطية، التي يعمل لديها زوجها ريك، اكدت له انها ستعيده الى العمل.
&
والجمعة كان اكثر من 1100 عنصر اطفاء يحاولون اخماد 49 بؤرة، بينها سبع لا تزال خارج السيطرة كليا. واقر المسؤولون بان الامكانات المستخدمة على الارض لا تتيح تطويق الحرائق، وانما فقط حماية مبان او بنى تحتية حيوية.
&
مساعدة حكومية
ووجهت السلطات نداءات جديدة الى المنكوبين، لكي يقوموا بتحديد احتياجاتهم بدقة. وبحسب رئيس بلدية ادمنتون، فان "تأمين السكن سيكون تحديا كبيرا". وقامت عاصمة البرتا بتجهيز مراكز ايواء تتضمن 4400 سرير من اجل استقبال منكوبين من فورت ماكموراي.
&
ومن اجل تلبية الاحتياجات الاولية للمنكوبين، الذين يغادرون منازلهم في معظم الاحيان على عجل، بدون التمكن من نقل اغراضهم الشخصية، وعدت الحكومة المحلية بمساعدة فورية بقيمة مئة مليون دولار كندي (68 مليون يورو). وقالت ريتشل نوتلي "سنقدم 1250 دولارا للراشد، و500 للشخص وذلك قبل الاربعاء المقبل".
&
وبعد اربعة ايام على صدور اوامر الاخلاء في فورت ماكموراي، ومع الفوضى السائدة، بدأت العواقب تنعكس على ثروات هذه المقاطعة، ولا سيما النفط.
&
وفي مقاطعة سبق ان تضررت بشدة منذ سنتين جراء تدهور اسعار النفط، ابطأت شركات النفط العمل في منشآتها. وقدر مات سميث من شركة "كليبر داتا" "بحوالى مليون برميل يوميا حجم انخفاض الانتاج الذي يتم ضخه في السوق".
&
وبالنسبة إلى شركات التأمين، فان الكلفة قد تكون عالية جدا. وقدر بنك مونتريال الكلفة بحوالى 9 مليارات دولار كندي (6 مليارات يورو)، وهو رقم قياسي لكارثة طبيعية في كندا.