أخبار

معاناةٌ تلامس الجنون

واحد من كل أربعة صحافيين مصاب باختلال عقلي !

واحد من كل أربعة صحافيين مصاب باختلال عقلي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عندما يركض الآخرون بعيدًا عن الخطر، يركض الصحافي نحوه بلهفة على رؤية الكارثة بعينه، يريد تفسير ما لا يمكن تفسيره، فيما يطلب من المنكوبين والمصدومين أن يعبروا عن مشاعرهم. &

لندن: الصحافي في بحث دائم عن زاوية شخصية يتناول منها حدثًا خبريًا كبيرًا، وكلما كان مثيرا للعواطف كان ذلك أفضل، وقد يعني ذلك تصويب كاميرا نحو شخص يعيش واحدًا من اسوأ ايامه، أو وضع ميكروفون أمام فمه. &

يستطيع غالبية الصحافيين أن يتعاملوا مع الضغوط اليومية لمهنتهم، لاسيما خلال تغطية أحداث صادمة أو دامية، سواء أكان ذلك في ساحات القتال أم مناطق الكوارث أو قاعات المحاكم، ولكن نسبة من الصحافيين، تتراوح بين 9 و28 في المئة، يُصابون باضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة، وتقرب النسبة من نهايتها القصوى، أي 28 في المئة، بين الصحافيين الذين يعملون في مناطق النزاع والحروب.&

ضغط حاد

وأجرت الباحثة النفسية البريطانية شيان وليامز دراسة شملت نحو 150 صحافيًا قال غالبيتهم إنهم يحبون مهنتهم ويفتخرون بعملهم، وكانوا احيانا يخاطرون بصحتهم البدنية والعقلية لإتقانه.&

ولكن كثيرا منهم اعترفوا بما اصابهم من ضغط نفسي حاد اثناء القيام بعملهم، وكتبت الباحثة وليامز في صحيفة الغارديان ان تعرض الصحافي الى خطر على حياته في بيئة معادية يزيد بدرجة حادة احتمالات الاصابة بالكرب، ولكن حتى الصحافيين الذين لا يعملون في بيئات خطيرة كانوا يقعون ضحية مشاكل نفسية، خصوصًا إذا أمضوا وقتًا طويلًا في العمل على قضية محالة على القضاء، أو في مقابلة ذوي الضحية. &

واللافت ان الدراسة اكتشفت ان الصحافي الذي أُصيب بأعلى درجة من الضغط النفسي ما بعد الصدمة لم يغادر المكتب قط، لكنه كان يشاهد الصور الآتية من سوريا يوما بعد آخر، وبعد فترة لم يعد يتحمل وانهارت اعصابه، فيما رأى بعض الصحافيين ان هناك عدم فهم من جانب الادارة في المؤسسات الاعلامية لقضية الصحة العقلية.&

جنرالات حرب!

وقالت صحافية: "إن مؤسستي تعتبر قوة اعصاب صحافييها مسألة مفروغًا منها"، واشار صحافي الى "ان هناك افتراضًا بأن على الصحافيين ان يكونوا مستعدين للتعامل مع أي وضع، ولكن حتى إذا أدى الصحافي واجباته بطريقة مهنية، فإن هذا لا يعني انه لن يتعرض شخصيًا الى التأثير الانساني للحدث الذي يغطيه".&

وطالب صحافي ثالث ادارات المؤسسات الاعلامية بقدر أقل من حسابات الربح والخسارة وقدر أكبر من الانسانية، لا سيما في التعامل مع من يعملون ساعات طويلة في ظروف صعبة. &

وقال صحافي آخر إنه يشعر أحيانًا أن بعض رؤساء التحرير المكتبيين يتصرفون وكأنهم جنرالات من زمن الحرب العالمية الأولى، الذين كانوا يرسلون جنودهم الى الجبهة دون مراعاة للوضع، ليكونوا أول من يغطي الحدث.&

وقالت الباحثة النفسية وليامز إن قلة من الصحافيين الذين قابلتهم تحدثوا عن معاناتهم هذه مع أحد، ولا حتى مع عائلاتهم أو رؤساء تحريرهم، وكانوا يشعرون انهم إذا باحوا بما يعتمل في داخلهم لمدرائهم سيُنظر اليهم على انهم ضعفاء وسيواجهون الغبن ولن يؤخذوا على محمل الجد وستُلصق بهم وصمة ايضًا، وفي البيت كانوا يشعرون بأنهم لا يستطيعون الحديث عما يشعرون به، لأنهم لا يريدون ان يُقلقوا أحبتهم.

اسعافات أوليّة

ويرى كثير من الصحافيين ان من الأسلم السكوت عن كوابيسهم التي لا تنتهي حين يعودون من تغطية حدث مأسوي أو كارثي، ومن الأسهل التظاهر بالصلابة اثناء فترة الشعور بالكآبة. ويبدو ان نوبات الهلع واضطراب الضغط النفسي بعد الصدمة والفوبيا على اختلاف انواعها، كلها حالات من الصعب الحديث عنها في بيئة اعلامية صعبة.&

وترتفع الآن اصوات تطالب بأن يكون صنع الخبر في مكان لا يخاف الصحافي من الحديث فيه عن صحته العقلية، وإذا كان الصحافي يرتدي سترة واقية تحمي جسده حين يتوجه الى احد ميادين القتال، فانه يجب ان يُزوّد باسعافات اولية نفسية لحماية عقله ايضًا. &
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف