احتفاء بذكرى انطلاقتها الخامسة عشرة بقصر الأمم في جنيف (١-٢)
إيلاف تناقش في الأمم المتحدة حرية التعبير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خاص بإيلاف من جنيف: نظم مكتب يونسكو للاتصال في جنيف والبعثة الفنلندية الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، بدعم من «إيلاف» وبالشراكة معها، حلقة حوارية في 22 يونيو الجاري، موضوعها «حرية التعبير ومواجهة خطاب الكراهية على الانترنت لمنع التطرف»، في إطار الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
أدارت إموجين فولكس، مراسلة بي بي سي في جنيف، هذه الفعالية التي افتتحها د. عبد العزيز المزيني، مدير مكتب يونسكو للاتصال في جنيف، والسفيرة بايفي كيرامو، ممثلة فنلندا الدائمة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، ومنى ريشماوي، رئيسة فرع سيادة القانون والمساواة وعدم التمييز في مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان.
شارك في الندوة غاي بيرغر، مدير قسم حرية التعبير والتنمية الاعلامية في يونسكو، والسفير كريستيان غيليرميت فرنانديز، نائب المدير العام للسياسة الخارجية في وزارة الخارجية الكوستاريكية، والكاتب الصحافي أمير طاهري، والبروفيسور بريانكار ابادهيايا مالافيا من مركز بحوث السلام في جامعة باناراس هندو في الهند.
الوقاية هي الأساس
تناولت الندوة تقرير المقرر الخاص لدعم وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير (الوثيقة أي/اتش آر سي/32/38)، الذي قُدم إلى الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الانسان.
افتتحت كيرامو الفعالية مذكّرة بأن السويد وفنلندا اصدرتا أول قانون لحرية الصحافة في العالم منذ قرنين. وشددت على أن حرية التعبير والصحافة خير وسيلة لمواجهة التطرف وخطاب الكراهية. وأكدت السفيرة كيرامو أن العنف ضد الآخرين بسبب معتقداتهم ليس مقبولًا على الاطلاق، "ولا مكان للاسلاموفوبيا والهوموفوبيا وكراهية الأجانب في هذا العالم".
في إيلاف أيضًاخلال ندوة لـ "إيلاف" في مقر الامم المتحدة في جنيف
أمير طاهري: لا تحاصروا الإعلام
وأعربت عن أسفها لأن حرية التعبير دون خوف من النتائج تواجه ضغوطًا شديدة في انحاء العالم، ولاحظت أن الاستثمار الشامل في التربية وحده الذي ينمي قدرة البشر على التعبير بحرية، وضرورة استخدام الانترنت للقيام بذلك بطريقة حكيمة تراعي مشاعر الآخرين. وقالت "إن الوقاية هي الأساس والشباب ضروري" في هذا الشأن. وبحسب السفيرة، فإنه يجب تعليم الشباب كيف يميزون ويرفضون الدعاية والتحريض على العنف في عالم الانترنت وخارجه.
لقراء النص باللغة الانكليزيةEvent on freedom of expression and countering hate speech on Internet to prevent youth radicalization in the United Nations
خطة عمل الرباط
هنأ د. المزيني فنلندا والسويد على إصدار أول قانون لحرية الصحافة في العالم قبل 250 سنة، وشدد على أن حرية التعبير حق اساس من حقوق الانسان ترتكز عليه جميع الحقوق المدنية الأخرى، والأساس لبناء مجتمع متسامح ومنفتح، وتحقيق سيادة القانون والحكم الديمقراطي. كما أشار د. المزيني إلى المسؤوليات التي تقترن بهذه الحرية، وهي اخلاق المهنة واشاعة التسامح والتفاهم. فالانترنت أحدثت ثورة في طريقة التعبير عن افكارنا، وفي الوقت نفسه طرحت تحديات جديدة. وذكر انتشار خطاب الكراهية والدعاية المتطرفة وتجنيد الجهاديين على الانترنت.
اكد د. المزيني أن نصف سكان العالم دون سن الخامسة والعشرين، وهذه الفئة العمرية تحديدًا هي الأشد تعرضًا للتطرف العنيف. قال: "هدفنا لهذا السبب يجب أن يكون تسليح الشباب بالمعرفة والمهارات والقيم لممارسة الانترنت بوصفهم مواطنين عالميين". وشدد على ضرورة أن تُعالج جذور التطرف العنيف من خلال تعزيز التربية بحقوق الانسان والقضاء على العنصرية والتمييز. لكن كل ما يُتخذ من اجراءات يجب أن يضمن الانفتاح وامكانية الدخول على الانترنت. وفي الختام اشار د. المزيني إلى "خطة عمل الرباط" وتفويض اليونسكو لتأمين سلامة الصحافيين.
حرية التعبير وحرية الرأي
أكدت منى ريشماوي، رئيسة فرع سيادة القانون والمساواة وعدم التمييز في مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، أن حرية التعبير حق يحميه القانون الدولي وانها "أساس المجتمع الحر والديمقراطي".
لاحظت ريشماوي أن كثيرين يخلطون بين حرية التعبير وحرية الرأي. فهذه الثانية حق مطلق لا يمكن التدخل فيه، لكن طريقة التعبير عن الرأي يمكن أن تُنظَّم بقانون. وفي هذا الشأن، يكون خطاب الكراهية خاضعًا للقانون الدولي. واعادت ريشماوي التذكير بأن "خطة عمل الرباط" تمنحنا معايير للجم خطاب الكراهية آخذين في الاعتبار المضمون والسياق وصاحب الخطاب وما إذا كان هناك احتمال أن يؤدي إلى العنف. ونوهت بأن الانترنت تتيح امكانية الاتصالات العابرة للحدود ولكنها في الوقت نفسه يمكن أن تستخدمها أقلية "لأغراض دنيئة".
ويتيح تحليل البيانات على نطاق واسع للدول والمفاعيل الخاصة أن تمارس الرقابة الجماعية. واشارت في هذا الصدد إلى وثيقة مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بعنوان "الحق في الخصوصية في العصر الرقمي"، مشددة على أهمية الشباب في عالم الانترنت. وقالت: "إن الشباب يتحسسون ضغط الأقران والضغط الاجتماعي بدرجة عالية". واختتمت بتأكيد حق الفرد في أن يكون صاحب مواقف وافكار متطرفة، ولكن هذا لا يعني الدعوة إلى العنف.
تعبير عن الهوية
لاحظ غاي بيرغر، مدير قسم حرية التعبير والتنمية الاعلامية في اليونسكو، أن بالامكان تناول الموضوع من خلال ثلاثة نماذج هي الحماية والإعداد والآفاق. ويهدف الأول إلى حماية الشباب مما نفترض انها اسباب الأذى. ويعني هذا عمليًا حماية الشباب من الرسائل الخطيرة بحجب مواقع معينة أو ممارسة الرقابة الجماعية. ولكنه حذر من أن مثل هذه الاجراءات تنطوي على مخاطر كبيرة تتمثل في "عدم تقييد الحق في حرية التعبير فحسب، بل في الحقيقة انتهاكه [....] فضلاً عن التدخل المفرط في حق الخصوصية". ولفت إلى أن أنموذج الحماية قد يؤدي إلى تحقيق أفضلية سياسية على المدى القريب ولكنه يختزل تطرف الشباب إلى قضية أمنية لا أكثر في مجرى العملية. ويهدف الأنموذج الثاني إلى تسليح الشباب "بمعرفة اعلامية ومعلوماتية"، بحيث يستطيعون أن يفهموا الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الاعلام على عواطفهم في محاولة لخطف هويتهم وتشكيلها لمآرب شريرة.
وقال إن "من السذاجة الاستثمار في الحماية وحدها، لأن الشباب سيجدون معلومات على الانترنت يجب إعدادهم لها. لكن هذا الأنموذج ينطوي على خطر فتح الباب لحروب دعائية تنال من الصحافة المستقلة. ويعترف النموذج الثالث وهو "الآفاق" بالشباب بوصفهم ذواتًا وليسوا مواضيع. ويدعو هذا النموذج إلى تدارس الآفاق الاجتماعية ـ الاقتصادية والامكانات المتاحة للشباب، ويقترح اعتماد مقاربة تجديدية للشمول الاجتماعي والتربية والمبادرة الفردية. وهو بذاك يهدف إلى ضمان ألا يكون هناك سبب للشعور بالحيف والغضب. ودان بيرغر الاعتداءات على الصحافيين والمدونين الذين يعبرون عن هذه المظالم. ويدرك هذا النموذج أن الشباب يجب أن يكونوا "صانعي هوياتهم" بحرية التعبير عن انفسهم تعبيرًا يتسم بالدراية والفاعلية.
تقييد الصحافة
أعاد السفير كريستيان غيليرميت فرنانديز، نائب المدير العام للسياسة الخارجية في وزارة الخارجية الكوستاريكية، التذكير بأن مؤتمر هلسنكي في مايو الماضي ركز على حماية الصحافيين.
ولاحظ أن هناك من يدعون إلى تشديد الرقابة وتقييد حرية التعبير. وشدد على أن ما نحتاج اليه حقًا هو مؤسسات أقوى تستطيع أن تفرض سيادة القانون. وقال "أنا بصفتي ممثل دولة عضو استطيع القول إن ليونسكو دورًا مهمًا تؤديه". وبحسب السفير، فإن أفضل طريقة بل الطريقة الوحيدة لمعالجة قضية التطرف العنيف هي التربية. ودعا إلى الابتعاد عن التعامل الأمني نحو السلام. ويعني هذا بمفردات ملموسة تعزيز سيادة القانون والاستثمار في التربية.
ما المطلوب
استهل الكاتب الصحافي أمير طاهري كلمته بالقول إنه يشعر "ان شبح الماضي يطارده" من عقد السبعينات حين كانت يونسكو تحاول تنفيذ خطة لاعتماد الصحافيين بتوزيع بطاقات صحفية وتحديد مجال العمل.
وقال: "ان هذا يعني تقييدًا للصحافة تمارسه منظمة تسيطر عليها دول، غالبيتها يحكمها دكتاتوريون".
وواصل طاهري انتقاده لمنظمة يونسكو قائلًا: "إن الشيء الوحيد الذي يطمئنني خلال هذه الجلسة هو انها مدعومة من فنلندا، المدافعة الحقيقية عن الحريات مع جاراتها في شمال اوروبا". وأكد أن المطلوب مزيد من الحرية وليس أقل. وقال: "لينفث كل واحد سمومه في سوق مفتوحة حيث يمكن أن يتصدى لأفكاره بحرية اولئك الذين لا يتفقون معه".
ونصح يونسكو بأن تركز على البلدان التي تسجن الصحافيين، وتابع قائلًا: "نحن جميعًا نعرف أن القسم الأعظم من خطاب الكراهية يأتي من وسائل اعلام تملكها دول". ودعا طاهري اليونسكو إلى دعم المناضلين من أجل الحرية لا أن تحاول تقييدهم.
البروفيسور بريانكار ابادهيايا مالافيا من مركز بحوث السلام في جامعة باناراس هندو في الهند، لاحظ وجود محاولة واضحة للتعامل مع القضية تعاملاً أمنيًا، وقال إنه كان هناك دائمًا إعلام "صالح" وإعلام "طالح". وأكد أن اصول حرية التعبير لا تقتصر على التقليد الغربي مشددًا على أن السوق في عالم اليوم تمارس تأثيرًا بالغًا على الاعلام، وغالبًا ما يكون هذا التأثير في شكل شركات تملكها الدولة. وقال البروفيسور: "نحن في الهند نعتز بحريتنا في التعبير، ولكن هناك مع ذلك ارتباطات كثيرة بين ارباب الصناعات والصحافة". وختم منوّهًا بضرورة إدراج التعليم متعدد الثقافات في نظامنا التربوي.
توازن
حذر بيرغر في معرض الاجابة عن بعض الأسئلة التي طرحتها رئيسة الندوة فولكس والحاضرون من أن التعليم وحده قد لا يوفر الحلول المنشودة. وأوضح ذلك بمثال مقاتلين في تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" على مستوى عالٍ من التعليم، حيث تلقوا تحصيلهم الجامعي في اوروبا الغربية، بمن فيهم طلاب كانوا يدرسون الطب.
وشدد على الدور بالغ الأهمية الذي تؤديه الهوية في الانزلاق إلى التطرف العنيف. وسأل ممثل عن منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان بيرغر كيف يمكن إيجاد توازن بين حرية التعبير والأمن العام، فذكّر بيرغر بأن الأمم المتحدة تعتبر حرية التعبير القاعدة، وكل ما عداها استثناء.
وأكد أن أي تقييد لحريات أساسية يجب أن يكون قصير الأمد، ومحدودًا قدر الامكان. واضاف السفير فرنانديز من جهته أن الاستثناء يجب أن يُحدَّد دائمًا بوضوح، وأن يُطبق بموجب سيادة القانون.
ولفت ادريس الجزائري، المقرر الخاص المعني بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية، الذي حضر الفعالية، انتباه الندوة إلى أن راديكاليين في اوروبا يطالبون في الحقيقة بتغيير النظام، وأنهم لا يكونون عنيفين بالضرورة، أو حتى أصحاب اصوات عالية.
شدد على أن العنف يمكن أن يأتي من راديكاليين ومن غير راديكاليين مثل مقاتلين في داعش ليست عندهم أية فكرة عن الاسلام. ولاحظت ريشماوي أن الجانب الأشد اهمية هو "النقطة الحرجة" بين الحريات والسلامة. ودانت واقع أن غالبية المستهدفين بالقوانين الأمنية التعسفية هم من الصحافيين والمنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الانسان، الخ.