أخبار

عاصر ثلاثة ملوك وأنجز الكثير من المسرحيات

افتتاح الموسم المسرحي بالرباط بمعرض فوتوغرافي لمسرح البدوي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الرباط : تحت شعار" ذاكرة مسرح..ذاكرة وطن" افتتح ليلة  الخميس، في المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، الموسم المسرحي الجديد بمعرض فوتوغرافي توثيقي يضم صورا لما راكمه مسرح البدوي، برئاسة الفنان عبد القادر البدوي من رصيد مسرحي كبير تجلى في الكثير من المسرحيات، والعديد من المسلسلات التلفزيونية، طيلة 65 سنة.

وخلال حفل الافتتاح، وقف البدوي بشعره الأشيب، الذي يكلل رأسه، ويمنحه هالة من الوقار، يستقبل زوار المعرض، من فنانين وإعلاميين ومثقفين، بابتسامته الواسعة، متوقفا عند كل صورة، وما تحمله بين جوانبها من ذكريات فنية، موغلة في القدم، تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي.

وقد كان المعرض الفوتوغرافي التوثيقي، الذي سيظل مفتوحا إلى غاية العاشر من الشهر الجاري، فرصة للجمهور لإستحضار عناوين مسرحيات قديمة، شكلت محطات أساسية في تاريخ وبلورة المسرح المغربي، وضمنها " العاطلون" و"الهاربون" و"المثري النبيل" و"العامل المطرود"، شارك في تشخيصها،إلى جانب البدوي ممثلون أصبحوا مشهورين فيما بعد، مثل المرحوم محمد مجد، وعبد اللطيف هلال وغيرهما .

مثير للجدل

ويضم المعرض أيضا صورا لشخصيات فنية وسياسية زارت المغرب في فترة من الفترات، وكانت لها علاقة بفرقة مسرح البدوي، ومن بينها الممثل والمخرج المصري الراحل يوسف وهبي والمخرج الفرنسي جون فيلار.

عبد القادر البدوي ايام شبابه 

وعلى امتداد مساره المسرحي، اشتهر البدوي بإثارته للجدل والنقاش على أعمدة الصحف، ومختلف وسائل الإعلام من خلال مقالات وتدخلات، ورسائل مفتوحة إلى الوزراء والمسؤولين، يرى أنها تسعى للكشف عما يجري في الكواليس، وتهدف لتطوير الفن، وإعطائه حقه من الرعاية، وكان قد جمع بعضها في كتاب بعنوان "دفاعا عن المسرح المغربي" صدر سنة 1996.

الاستقبال الملكي

عبد القادر البدوي 

وقد أدت مشاركته في أحد البرامج التلفزيونية في شهر مارس 1991، وما طرحه  فيه من قضايا، بلهجة لاتخلو من حدة، إلى  دعوته، رفقة مجموعة من المسرحيين، إلى حضور استقبال ملكي من طرف الملك الراحل الحسن الثاني.

وأسفر هذا الاستقبال الملكي عن تنظيم المناظرة الوطنية الأولى للمسرح الاحترافي بالمغرب، وتوجيه رسالة ملكية إلى وزير الداخلية والإعلام  آنذاك الراحل إدريس البصري، تضمنت تعليمات بتخصيص مبلغ واحد في المائة من ميزانية الجماعات المحلية (المجالس البلدية)،لبناء المسارح ورعاية العاملين بها واحتضانهم.

والبدوي عاصر ثلاثة ملوك، هم الملك محمد الخامس، والملك الحسن الثاني، والملك محمد السادس، وهو اليوم في الرابعة والثمانين من عمره، ويحتفظ بذاكرة قوية لاتغيب عنها التفاصيل أبدا.

حمل المشعل

ملصق مسرحية المصيدة لعبد القادر البدوي 

وفوجيء الصحافيون الحاضرون في حفل افتتاح المعرض الفوتوغرافي بكون البدوي يذكر كل اللقاءات والحوارات التي أجروها معه منذ سنين، وتواريخ صدورها، والأجواء التي جرت فيها، والمنابر التي نشرت فيها.  

وفي دردشة فنية سريعة معه، قال ل"إيلاف المغرب" إنه يتبع نظاما غذائيا صحيا، ويحمد الله كثيرا لكونه لم يشرب الخمر، أو يتناول السيجارة، أيام المراهقة والشباب.

ومن أبرز أنشطته اليومية، حسب تصريحه، المشي مسافة كيلومترين، وانكبابه على التأليف والكتابة، ومواكبة العمل المسرحي المتواصل لإبنتيه الفنانتين كريمة وحسناء البدوي،اللتين تواصلان حمل المشعل، وكانتا قد تلقيتا التكوين الفني في المعاهد الفنية بكل من القاهرة ونيويورك، وهما اللتان أشرفتا على تنظيم المعرض الفوتوغرافي.

وكشف البدوي في حديثه مع "إيلاف المغرب"، أنه بصدد طبع أربعة كتب جديدة، هي "كشف المستور في المسرح المغربي"، و"ملحمة الدعم المسرحي"، و"كرسي الاعتراف..سيرة ذاتية"، إضافة إلى كتاب سوف يتضمن دراسات نقدية أنجزت عن مسرحه، بأقلام مجموعة من النقاد، مثل محمد علوط، ومحمد أديب السلاوي وغيرهما.

حلم طفل

عبد القادر البدوي وكريما حسناء في احدى الأدوار المسرحية 

ومما أعطى لحفل افتتاح المعرض الفوتوغرافي نكهة خاصة، تلك الكلمة التي ألقتها الفنانة كريمة البدوي، بمناسبة افتتاح الموسم المسرحي المغربي والاحتفال بالذكرى 65 لتأسيس مسرح البدوي، استهلتها بالقول :" نعم نستطيع".

وزادت أن هذه هي " أبلغ جملة يمكن أن نعبر بها عن مسار مسرح البدوي منذ تأسيسه سنة 1952 إلى يومنا هذا. مسرح بدأ حلما لطفل يعيش في مغرب يئن تحث وطأة الاستعمار الفرنسي".

وفي استحضار لتلك الفترة، قالت كريم "إن عبد القادر البدوي  تعرف على المسرح وهو طفل في الأربعينات بمدينة طنجة عندما اصطحبه والده لحضور أحد العروض المسرحية على مسرح سيرفانطيس، ومنذ ذلك اليوم وقع الطفل الصغير في عشق الخشبة واستطاع إن يصهر هذا العشق لعقود داخل بوتقة العطاء اللامتناهي حتى غدت قصته مع المسرح مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة".

عبد القادر البدوي رفقة بعض الفنانين في المعرض

واسترسلت كريمة في كلمتها مشيرة إلى أن "ذلك الطفل الصغير استطاع أن يحول حلمه إلى حقيقة، والخيال إلى واقع، والتجربة إلى مدرسة مسرحية قائمة الذات بصمت المسرح المغربي والعربي والإفريقي، عندما تمسك بحلمه وعانق خشبة المسرح، وبدعم من أساتذته أسس مسرحه وهو شاب في مقتبل العمر متحديا ظروف المغرب آنذاك السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يسمح للاستعمار أن يغتال حلمه، بل قاومه بالمسرح وسخر منه بالمسرح، وبينما كان الاستعمار الفرنسي يصنع الموت للمغاربة كان المسرح المغربي يصنع لهم الحياة، يصنع الأمل،  يصنع الحلم، يصنع الحرية".

أمل المسرح

مع الفنان أنور الجندي 

وبمناسبة افتتاح الموسم المسرحي في المغرب عبرت كريمة عن الأمل في أن يسترجع المسرح المغربي مكانته الرائدة في مسار هذه الأمة بإرادة سياسية، تضع الثقافة والمسرح (أحد أعمدتها من دون  شك) ضمن أولويات برامجها السياسية حتى يعود المسرح إلى مختلف مدن و قرى المملكة، إلى المدرسة والثانوية والجامعة وإلى مختلف فضاءات ومراكز الشباب، وحتى تعود المسارح والفرق المسرحية إلى الاشتغال بصفة يومية لإحياء التقاليد المسرحية والثقافية، ويصبح المسرح والثقافة جزءا من الحياة اليومية للمواطن المغربي.

وتوج حفل افتتاح الموسم المسرحي بتقديم عرض  مسرحي بعنوان "المصيدة"عن مسرحية «قواعد اللعبة» للكاتب الايطالي لويجي بيرانديللو، وهي دراماتورجيا  لعبد القادر البدوي، ورؤية إخراجية جديدة لكريمة البدوي، وتشخيص :حسناء البدوي، والصديق مكوار، وزكرياء أشكور، وإبراهيم العماري، وهدى الحمزاوي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف