رحلة (الجهاد) من الأنبار إلى الموصل فبغداد ثم الاعتقال
قصة صعود داعش وانهياره في العراق ترويها شقيقة زعيمه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كشف القضاء العراقي اليوم عن اعترافات لشقيقة الزعيم السابق لتنظيم داعش في العراق أبو عمر البغدادي تتحدث فيها عن قصة صعود التنظيم وانهياره من خلال علاقاتها الأسرية مع قادة التنظيم، والتي كانت مسؤولة عن نسائهم.
إيلاف من لندن: قالت السلطة القضائية العراقية إن شقيقة ابو عمر البغدادي هي نجلاء داود محمد "أم احمد" أو أخت الشيخ أو الأمير كما يسميها أفراد داعش الإرهابي في الواحد والأربعين من العمر وتنحدر من قضاء حديثة في محافظة الأنبار الغربية.. وهي شقيقة لأربعة أخوة أحدهم حامد الزاوي "أبو عمر البغدادي" ثاني زعيم للتنظيمات السلفية في العراق بعد الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في عام 2006 وزوجة "عبد محمد حسن" المعتقل الذي كان يشغل منصب ما يسميه التنظيم بالناقل العام، وهو أخ جاسم محمد حسن "أبو إبراهيم" وزير النفط بدولة التنظيم ووالدة مسؤول تجهيز التنظيم في محافظة نينوى فضلاً عن ولديها اللذين قتلا في معارك تحرير مدينة الموصل.بين عامي 2016 و2017.
وأبو عمر البغدادي اسمه الحقيقي حامد داود محمد خليل الزاوي (1959-2010) هو أمير منظمة دول العراق الاسلامية بين عامي 2006 و2010 وكان اميرًا لجيش الطائفة المنصورة ثم بايع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي شكل فيما بعد مع جماعات أخرى مجلس شورى المجاهدين.. وتم اختياره أميرًا للمجلس خلفا لأبي مصعب الزرقاوي تحت اسم أبو عبد الله الراشد البغدادي ثم أميرًا لـ "دولة العراق الاسلامية". وقد كان ضابطاً في الشرطة ثم ترك وظيفته بعد اعتناقه الفكر السلفي عام 1985 ثم اصبح من ابرز منظريه وبسبب ذلك طورد من قبل نظام الرئيس السابق صدام حسين.
وفي 19 أبريل عام 2010 أعلنت القوات الاميركية في العراق مقتل أبو عمر البغدادي، ثم أعلنت وزارة الهيئات الشرعية بـ "دولة العراق الاسلامية" مقتله فعلاً، ثم أعلن "مجلس شورى المجاهدين" فيما بعد تولي ابو بكر البغدادي إمارة ما يسمى بـ "دولة العراق الإسلامية".
ضابط الشرطة الذي تحول لزعيم إرهابي
وقالت نجلاء في اعترافاتها التي نشرتها صحيفة القضاء الصادرة عن السلطة القضائية العراقية، واطلعت "إيلاف" عليها اليوم، إن "ما أعرفه أن الموضوع بدأ قديمًا منذ عام 1994 يوم داهمت قوات أمنية خاصة بيتنا واعتقلت أخي حامد "أبو عمر البغدادي" برغم أنه كان وقتها ضابطًا في الشرطة بإحدى نواحي قضاء حديثة ولم نكن نعرف يومها سبب الاعتقال الذي دام ستة أشهر".
وأشارت إلى أنّه "بعد أن أفرج عن أخي كان بصحة سيئة وأخبرنا أنه تعرض لتعذيب قاهر، وبعدها جاء قرار بفصله من وظيفته الأمنية، عرفت بعد ذلك أن سبب الاعتقال والفصل مرتبط بتوجه أخي الديني وارتباطه بجماعة دينية لم أكن أعرف عنها شيئاً حيث تفرغ بعد خروجه من السجن لقراءة الكتب الدينية وكان يقصد العاصمة بغداد ويعود مع صناديق مملوءة بالكتب التي يعكف أغلب الوقت على قراءتها، فيما اعتمد بمعيشته على محل صغير في الحي الذي نسكنه لتصليح الأدوات المنزلية".
وأوضحت انه "بعد أشهر عدة من خروجه من السجن قام بتشكيل مجموعة في أحد الجوامع، الذي قاموا بتغيير اسمه إلى جامع التوحيد وصار يلقي الدروس الدينية والخطب حتى اصبح إمامًا للجامع واستمر به هذا الحال حتى كوّن له مجموعة من الرجال ممن يهتمون بشؤون الوعظ والإرشاد الديني".
وتابعت قائلة "استمر بهذه الوتيرة ولا أعرف إذا ما كان لديه ارتباط بجماعات دينية خارج العراق أو أية جهة أخرى إلى أن سقط النظام في عام 2003 وكنت أراه سعيدًا بسقوط نظام صدام حسين، ولكني كنت أجهل يومها موقفه من دخول القوات الأجنبية إلى العراق".
الاعتقال
وأوضحت انه في عام 2003 داهمت قوة من الجيش الأميركي بيته واعتقلته وبعد 15 يومًا أفرج عنه وصار يجمع الناس حوله ويحثهم من جامع التوحيد على الجهاد والسيطرة على المدينة وكانت أولى العمليات مطلع عام 2004 عندما أشرف حامد على عملية إسقاط مراكز الشرطة في قضاء حديثة عبر هجمات بالصواريخ والأسلحة الخفيفة.
وقالت "بعد هذه العملية بدأت ملاحقة حامد من قبل الأجهزة الأمنية العراقية والقوات الأميركية وعرفت بعدها أنه ترك محافظة الأنبار وقصد بغداد وكانت زوجته تأتي لزيارتنا بين فترة وأخرى وعند سؤالي إياها أخبرتني أنهم يسكنون منطقة الحسينية لكنها لم تكن تخبرني عن أي شيء آخر وفهمت أنه من كان يمنعها من الإدلاء بأي معلومات كما كان يرفض أن يزوره أي أحد في بغداد".
وأكدت أن "زوجته انقطعت عن زيارتنا إلى أن قتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم التنظيم الإرهابي آنذاك وبعدها بدأت الأحداث تتغير بشكل كبير، حيث بدأ الأمر عندما ترك شقيق زوجي "جاسم محمد حسن" المكنى بأبي إبراهيم، والذي شغل منصب وزير النفط لاحقا في دولة داعش ترك عمله في الحرس الوطني وصار يجمع في بيته المقاتلين الأجانب، وهذا ما رأيته بنفسي بعدها عرفت أن هذا كان بأمر من أخي أبو عمر البغدادي.. وحتى هذا الوقت لم أكن أعرف أن أخي هو زعيم التنظيم كل ما كنت أعرفه أنه ضمن التنظيم وصار الكثير من رجال العائلة في التنظيم، وهذا ما كان يسبب لنا المشكلات ليس مع القوات الأميركية والعراقية فحسب، بل مع بعض وجهاء ورجال عشيرة الجغايفة التي كانت مناوئة لتحركات "التنظيمات الجهادية".
اللجوء إلى الموصل
وأشارت نجلاء إلى أنّه بسبب المضايقات ترك أبو إبراهيم قضاء حديثة ولم يخبر أحداً بوجهته، اذ عرفت في ما بعد أنه في هيت إلا أن ذلك لم يوقف المشكلات، فبعد ذهابه اعتقل زوجي عبد محمد حسن وأودع في سجن بوكا برغم أنه في ذلك الوقت لم يكن ضمن التنظيم حتى صار زوجي في ما بعد ما يسميه التنظيم بالناقل العام، مما اضطرنا أن نترك نحن كذلك قضاء حديثة وذهبنا إلى الموصل حيث بيت أخي علي.
واوضحت انه بعد سبعة أشهر أفرج عن زوجي عبد محمد حسن، وما أن وصل للبيت قامت مجموعة من عشيرة الجغايفة باعتقاله بسبب تعرضهم لهجمات قام بها ابو عمر البغدادي و جاسم محمد حسن.
وأضافت أن "زوجي تعرض للضرب والتعذيب بغية معرفة أماكن تواجد الاثنين إلا أنه أكد لهم أنه يجهل أماكنهم وبسبب شعوره أنه مهدد ترك قضاء حديثة والتجأ إلى الموصل لنجتمع جميعنا هناك إلا أبو إبراهيم شقيقه، فقد كان مجهول السكن في الموصل". وواصلت قائلة "في عام 2009 أنضم زوجي فعليًا للتنظيم وكان دوره نقل البريد الخاص بالتنظيم في محافظات الشمال والغرب من وإلى بغداد ويتضمن البريد خطب الجمعة والجماعة والتعليمات فضلا عما يرتبط بالجانب الإداري والمالي وكان في بعض الأحيان يصطحبني معه من أجل التمويه وتخبئة البريد في ملابسي".
وبينت انه بهذا العام عرفت عن طريق زوجي أن أخي حامد هو زعيم التنظيم وصار يعرف بأبي عمر البغدادي، ورغم أن هذه المعلومة كانت رائجة إلا أننا كنا ممنوعين من الاختلاط مع الناس ولا يوجد في بيتنا تلفزيون أو مذياع.
يمنية زوجة أبو أيوب المصري
ومضت شقيقة أبو عمر البغدادي تقول "بعد اجتماعنا في بيت كبير في الموصل أضاف شقيق زوجي بناء إضافيًا إلى البيت وكنا نجهل لماذا يفعل هذا وبعد اكتمال البناء فوجئنا بسيدة جاءت برفقة أبو إبراهيم طلب منا أن تسكن معنا في الطابق الإضافي، وكانت يمنية الجنسية عرفنا أنها زوجة "أبو أيوب المصري وزير الحرب في التنظيم".
وتابعت "كانت زوجة المصري منعزلة عنا، وكانت تقضي أغلب الوقت بقراءة القرآن والعبادة ولم أكن على منوالنا في قضاء الوقت فقد أخذت بتعليم صغار البيت التعاليم الدينية الخاصة بالتنظيم، بل كنا عندما نزورها في غرفتها تطلب منا أن ننشغل بالتعليم الديني".
وأضافت "في العام نفسه داهمت القوات الأميركية بيتنا في الموصل واعتقلت جميع الرجال الذين يشكلون شبكة بمن فيهم أبو إبراهيم وقاموا بالتحقيق معنا وكانت أسئلتهم تدور حول مكان أبو عمر، وبسبب المداهمة والاعتقال اضطربت زوجة المصري وطلبت منا أن تترك البيت وبالفعل استأجرنا لها سيارة أجرة لإيصالها إلى بغداد، و لم نكن نعرف لمن تريد أن تقصد بغداد".
مسؤولة عن نساء قادة التنظيم
وأكملت نجلاء "بعد اعتقال جميع رجالنا أفرج فقط عن ولدي أحمد، والباقون تم تسليمهم إلى الجهات الأمنية، جاءنا شخص في التنظيم يدعى "أبو حسن" و طلب منا أن نترك البيت خشية أن نعتقل نحن كذلك، وقام بنقلنا إلى بيت في حي آخر من الموصل وطلب منا أن لا نخبر أي أحد بمكانه ولا نختلط بأحد وصار ينقلنا من بيت لآخر في كل عشرة أيام تقريبا".
وقالت "في هذا الوقت صرنا نعرف عن طريق أبي حسن أن كثيرين ممن كانوا يرتبطون بالتنظيم تم اعتقالهم في بغداد ومحافظات أخرى، حتى وصلنا عام 2010 فطلب مني أبو حسن أن أختلي به ليخبرني أن أخي أبو عمر البغدادي قد تم قتله مع أبو أيوب المصري وتم اعتقال النساء اللواتي كن في البيت الذي قتلا فيه ،وهما زوجة المصري وزوجة أبو عمر وبناتهما في منطقة الثرثار".
وأضافت "زارني صالح الفهداوي "أبو مصطفى" وهو من قيادات التنظيم، وقال لي: أنتِ من العائلة التي ضحت من أجلِ إعلاء وتكوين دولة الإسلام ولا ينبغي أن يثنيك قتل أخيك البغدادي وصهره المهاجر واعتقال زوجك وأخيه عن الاستمرار بالجهاد في سبيل دولتنا، قال لي ، سأتركك لتفكري وتتخذي قرارك.. وبعد ثلاثة أشهر التقيته فأخبرته بأنني ماضية في طريق أخي وزوجي و سأقوم بكل ما يمليه عليّ التنظيم".
وأشارت نجلاء "بقينا في الموصل إلى أن سيطر تنظيم داعش على المدينة فبادر الكثير من الشباب للانضمام للتنظيم ومنهم أبنائي أحمد ومقداد ووضاح، أما عني فقد طلب مني محمد أحمد العساف المكنى بأبي هاجر، وهو من كان على طول المدة الماضية يوصل لنا إيجار البيت أن أعمل على حث نساء المدينة على مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادي ودفعهن لتحريض أبنائهن على القتال في صفوف التنظيم".
وأوضحت "بعد ذلك كلفني المهاجر بأن أكون مسؤولة عن نساء قادة التنظيم وتوجيههن بما تقتضيه أوامر التنظيم والإشراف على توزيع الكفالات المالية وتشكيل شبكة ترتبط بشورى التنظيم تعنى بالترويج لفكر الجهاد والدولة الإسلامية وحث الأبناء على الانضمام للتنظيم".
الانتقال إلى الرقة
وحول أبنائها، أشارت نجلاء قائلة "عيّن ولدي أحمد المجهز العام لما يسميه التنظيم بولاية نينوى وهي مهمة إيصال الأسلحة والذخيرة لمجموعات التنظيم وفي هذا الوقت عرفت عن طريق إحدى نساء الشبكة بمكان مروة بنت أخي أبو عمر البغدادي وزوجة أبو أيوب المصري وبالفعل استطعت الاتصال بها وأخبرتني برغبتها بالمجيء إلى نينوى بسبب اعتقال زوجها الثاني أكرم حسين فرحان وهو الآخر من أفراد التنظيم وتم تزويجها منه بطلب من أبي بكر البغدادي.
وبينت قائلة "نجحنا بإيصال مروة إلى الموصل عبر أطراف في التنظيم في بغداد وقمت عبر شبكتنا باستئجار بيت خاص لها وصرف كفالة مالية بعدها أخبرني العسافي بأن هنالك توصية خاصة من أبي بكر البغدادي بها وينبغي الاهتمام بها بشكل خاص.. ومع مطلع عام 2016 لم يبقَ أحد معي في الموصل إلا أبنتي زهراء زوجة مسؤول الإدارية في التنظيم فابنتي الكبيرة سمر تزوجت من وزير المال في التنظيم عثمان نعمان وانتقلت إلى مدينة الرقة في سوريا وأحمد أنتقل إلى قضاء القائم ومقداد ووضاح، هما الآخران كانا ضمن التنظيم الأول قتل بعملية انتحارية قام بها ضد القوات الأمنية ووضاح قتل بقصف للطائرات".
إصابات خلال معارك تحرير الموصل
وتضيف القيادية في داعش إلى أنّه عند اقتراب القوات العراقية من أيسر الموصل طلب منا التنظيم الانتقال إلى الضفة اليمنى للمدينة وبالفعل انتقلت أنا ومروة أم هاجر إلى منطقة حي الموصل الجديدة وصرنا ننتقل من حي إلى حي مع تقدم القوات الأمنية في المدينة و في هذا الوقت طلب منا ابو يحيى و هو ما يعرف بالتنظيم بوالي الولاة أنا وابنتي ومروة وزوجة أبو عمر البغدادي الثانية أم بصير البقاء بالقرب من بيته خشية أن نعتقل من قبل القوات العراقية.
وزادت "كنا مجموعة من عائلات قادة التنظيم نسكن بجوار بعضنا في بيوت كبيرة تشتمل على مخابئ تحت الأرض وتتولى مجموعة خاصة حمايتنا؛ وعند اشتداد المعارك في أيمن الموصل سقط صاروخ على الدار الذي نسكنه قتلت به ابنتي وأصيبت مروة وكذلك أنا".. وأشارت إلى أنّه لأن إصابة مروة اتت شديدة استطعت الاتصال بولدي احمد بعد ان فر كل قيادات التنظيم من حولنا وكان وقتها في قضاء القائم وطلبت منه تدبير خروج لنا من الموصل وعبر وسطاء متعددين استطاع تأمين سيارة أخرجتنا من الموصل إلى بغداد.
الاعتقال في بغداد
وتكمل نجلاء موضحة "قصدنا أنا ومروة وابنتي زهراء منزل أقرباء لنا بمنطقة حي الجامعة في بغداد حيث مكثنا عندهم 15 يومًا انشغلنا بها بعلاج الحروق التي أصابت جسد مروة بعدها انتقلنا إلى حي الدورة حيث بيت أخي المتوفى ياسين وقضينا فيه كذلك 15 يومًا قبل أن ننتقل إلى قضاء القائم بمحافظة الانبار الغربية.
وتابعت "طلب منا ولدي أحمد الذي صار يعرف بأبي عمار أن نلتحق به إلى قضاء البو كمال حيث يجتمع هناك أبرز قيادات التنظيم وعائلاتهم بعد تحرير مدينة الموصل وبالفعل عبر أكثر من وسيط وطريق وصلنا لابو كمال فمكثت هناك شهرين وكنا نحظى بعناية خاصة بسبب توصية من أبي بكر البغدادي كما أخبرت بذلك.. وبعدها طلبت من ولدي أحمد أن أعود لبغداد لزيارة زوجي في المعتقل، وعبر سيارة وطرق خاصة استطعت الوصول إلى منطقة أبو غريب حيث بيت أحد أقاربي وهو الآخر من أفراد التنظيم المعتقلين وبعد مكوثي خمسة أيام داهمت القوات الأمنية العراقية البيت وجرى القبض عليّ"، من دون الإشارة إلى تاريخ اعتقالها، وفيما اذا كانت قدمت إلى المحاكمة وصدر حكم بحقها.