ماي: "لا عودة الى الوراء"
بريطانيا أطلقت آلية الخروج من الاتحاد الاوروبي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: بعد تسعة أشهر على التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي، أطلقت بريطانيا عملية الخروج التاريخية من الاتحاد الاوروبي وفتحت فترة سنتين من المفاوضات الصعبة للانفصال عن هذا التكتل الذي انضمت اليه بتحفظ قبل 44 عاما.
ورسالة الانفصال التي وقعتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مساء الثلاثاء سلمها السفير البريطاني لدى الاتحاد الاوروبي تيم بارو لرئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك لتنطلق بذلك رسميا آلية الخروج من الاتحاد.
واعلان اطلاق هذا الانفصال غير المسبوق في تاريح الاتحاد الاوروبي الذي احتفل للتو بالذكرى الستين على تأسيسه أكدته تيريزا ماي امام النواب في برلمان ويستمنستر.
وقالت ماي انه "لا عودة الى الوراء" عن هذه الخطوة داعية البلاد الى "الوحدة".
ولا تزال بريطانيا تشهد انقساما كبيرا بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي الذي أيده 52% من السكان في 23 حزيران/يونيو 2016.
ونشرت الحكومة البريطانية مساء الثلاثاء صورة للحظة توقيع ماي على الرسالة التي ستغير مصير بريطانيا. وتبدو فيها رئيسة الحكومة جالسة الى طاولة أمام مدفأة تعلوها صورة لروبرت والبول رئيس الوزراء بين 1721 و1742.
وتصدرت الصورة الصفحات الاولى لعدة صحف الاربعاء. وكتبت "ذي تايمز" ان "التاريخ يراقبنا" بينما عبرت "ذي غارديان" عن الخوف من "قفزة في المجهول"، وكتبت "ديلي ميرور" من جهتها "ايها الاتحاد الاوروبي العزيز، حان وقت الرحيل".
اما الصحف المشككة في جدوى الاتحاد الاوروبي فكانت سعيدة بالحدث وعنونت "ديلي ميل" "الحرية!" وكتبت "ذي صن" على صفحتها الاولى "وداعا دوفر".
- "عراقيل منذ الان" -تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، والتي تنص على خروج دولة عضو من الاتحاد الاوروبي يعتبر ساريا اعتبارا من اللحظة التي تسلم فيها توسك الرسالة باليد.
لا يزال مضمون الرسالة سريا، اذ تحرص بريطانيا على عدم الكشف عن الحجج التي ستستخدمها في المفاوضات التي ستدوم عامين.
لكن المحللين يرون ان هذه المهلة قد لا تكفي لفك الروابط التي نسجت على مدى اربعة عقود والملفات المعقدة التي سيتم التباحث بشأنها سواء على صعيد التجارة او القضاء او القضايا الانسانية.
تقول كاثرين بارنارد استاذة القانون الاوروبي في جامعة كامبدريج "الحقيقة ان النطاق واسع الى حد ان عامين لن يكونا كافيين ابدأ"، مضيفة "عند ازالة كل عثرة، سيظهر غيرها".
أما كامينو مورتيرا مارتينيز الباحثة في مركز الاصلاح الاوروبي في لندن فتتوقع "على الارجح" الا تنتهي المفاوضات في غضون عامين.
وتقول باتريسيا هوغوود استاذة العلوم السياسية في جامعة وستمنستر "هناك عراقيل منذ الان"، قبل انطلاق المفاوضات حتى، مشيرة الى الكلفة التي ستترتب على الخروج من السوق الاوروبية والدخول اليها من جديد.
وترفض ماي ضمان حقوق نحو ثلاثة ملايين اوروبي يقيمون في بريطانيا بينما هدفها الاساسي يقوم على الحد من الهجرة القادمة من الاتحاد الاوروبي.
وألمح الوزير المكلف ملف بريكست ديفيد ديفيس الى ان لندن لن تدفع الفاتورة التي سيقدمها الاتحاد الاوروبي او على الاقل لن تدفعها كاملة خصوصا في ما يتعلق بالبرامج التي التزمت بها بلاده قبلا.
وقال مسؤول اوروبي كبير ان المفوضية الاوروبية قدرت قيمة الفاتورة بين 55 و60 مليار يورو.
- "وضع حد لهذا الجنون"-إزاء هذه الخلافات ورغبة بروكسل في التاكيد على ان بريطانيا لا يمكنها الحصول على اتفاق افضل "خارج الاتحاد الاوروبي مما لو كانت في داخله" وذلك لتفادي انتقال عدوى الخروج الى دول اخرى، هناك مخاوف فعلية بعدم التوصل الى اتفاق.
تؤكد ماي أنها لا تخشى هذا الاحتمال، وتقول "عدم التوصل الى اتفاق افضل من توقيع اتفاق سيء". لكن الاوساط الاقتصادية ترى ان ذلك سيكون السيناريو الاسوأ بما ان نصف المبادلات التجارية لبريطانيا تتم مع الاتحاد الاوروبي.
في الوقت الحالي، الاقتصاد البريطاني متين، فنمو اجمالي الناتج الداخلي ثابت عند 1,08% في العام 2016، ويمكن ان يبلغ 2% في 2017. لكن تفعيل بريكست يمكن ان يحمل بعض المستثمرين على الرحيل في الوقت الذي بدأت الاسر تشعر بتأثير التضخم الناتج عن تراجع سعر العملة الرسمية.
كما ان الخلافات المرتبطة بالتصويت لا تزال قائمة ويمكن ان تهدد حتى وحدة المملكة المتحدة.
فقد تظاهر عشرات الاف الاشخاص السبت في لندن لمطالبة الحكومة بـ"وضع حد لهذا الجنون" المتمثل بخروج البلاد من الاتحاد الاوروبي.
في اسكتلندا، وافق النواب الثلاثاء على اجراء استفتاء جديد حول الاستقلال بعد الاستفتاء الاول في ايلول/سبتمبر 2014.
وأعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن ان "الظروف تغيرت مع بريكست"، مذكرة بان شعبها صوت بنسبة 62% لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي.
وان كانت ماي تكرر بان "الوقت ليس مناسبا"، إلا أنه لن يكون بوسعها تجاهل هذا الطلب الذي يهدد بتقسيم المملكة المتحدة.