عرض في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب خطته بشأن ذلك
العثماني: العدالة المجالية تحدي كبير يواجه المغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الله الساكني وياسر اليحياوي من الرباط: عد الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية،العدالة المجالية من التحديات الكبرى التي تواجهها بلاده على غرار عدد من الدول الأخرى، مؤكدا أنه يتعين على "بلادنا الانتباه إليها وإيلاؤها ما تستحق من اهتمام خلال السنوات القادمة في أفق تمكين مختلف جهات المملكة من الاستفادة من نصيبها من المجهود التنموي وتحقيق حد أدنى من التنمية والرفاه لساكنتها".
وأضاف العثماني، الذي كان يتحدث اليوم الثلاثاء في جلسة المساءلة الشهرية حول السياسات العامة بمجلس النواب ، أنه بالرغم من توالي المقاربات وتواتر المخططات والمشاريع التنموية منذ عقود، والتي مكنت من تحسين البنى التحتية عامة، فإن "بلادنا لم تطور نموذجا للحكامة الترابية يمكن من انخراط مختلف الجهات، بنفس الوتيرة، في الدينامية التنموية التي تعرفها البلاد عموما".
وأقر رئيس الحكومة المغربية بأن هناك "انطباعا في بعض الأحيان بأن بعض الجهات يتكرس تخلفها عن الركب التنموي في الوقت الذي تتسارع وتيرة تنمية جهات أخرى بشكل ملموس".
وأشار العثماني إلى أن النموذج الجديد للجهوية المتقدمة، الذي وضع دستور 2011 إطاره العام، يشكل "فرصة غير مسبوقة للتأسيس لتجربة متجددة للتنمية المجالية، تنبني على تقوية المؤسسات الجهوية وتمكين الجهات من بناء نموذجها الخاص، بناء على مؤهلاتها، مع إرساء آليات للتضامن بين الجهات وتأهيل تلك الأقل تطورا".
وأوضح العثماني بأن تصور الحكومة لتحقيق العدالة المجالية ينبني على "تسريع وتيرة إرساء نموذج الجهوية المتقدمة، وتوجيه السياسات العمومية من أجل إبراز نماذج تنموية جهوية واعدة، وفق خصوصيات كل جهة، وكفيلة بتحقيق آمال السكان في التشغيل والتنمية البشرية المستدامة والمتوازنة"، مسجلا أن هذا النصر سيجعل الجماعات الترابية "إطارا ملائما لتدبير محكم للسياسات العمومية، وأداة للممارسة الديموقراطية".
وفي رسالة مشفرة وجهها رئيس الحكومة لرؤساء الجهات وعلى رأسهم إلياس العماري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، قال العثماني إن "صلاحيات الجهات ليست بحاجة لأي مرسوم، وتحتاج فقط إلى الشجاعة لممارستها على أرض الواقع"، مؤكدا عزم الحكومة على استكمال إصدار المراسيم التي تهم الجهات في "القريب العاجل"، ومسجلا أن الحكومة تعتمد مقاربة تشاركية في هذا المجال وتأخذ بعين الاعتبار آراء وملاحظات مجالس الجهات المنتخبة.
وزاد العثماني مبينا تصور الحكومة لتحقيق العدالة المجالية، معتبرا أن صندوق التضامن بين الجهات الذي يهدف إلى التوزيع المتكافئ للتنمية بين الجهات "سيلعب دورا مهما في تحقيق العدالة المجالية"، مشددا على أن الحكومة ستعمل على إخراج هذا الصندوق الذي نص على إحداثه دستور 2011، في "أقرب الآجال".
وتطرق العثماني لبرنامج تنمية العالم القروي، الذي أعد له صندوق خاص، رصدت له حوالي 50 مليار درهم (5 مليون دولار) ما بين 2018 و2022، و ستخصص منها 35 مليار درهم (3.5 مليار دولار) لفتح المسالك القروية والجبلية، والباقي لتعميم الكهرباء على جميع القرى، ولتجهيز المستوصفات القروية والنهوض بقطاع التعليم في البوادي والمناطق النائية.
وشدد العثماني في كلمته على أن الحكومة ستستحضر العدالة المجالية في مختلف البرامج والمشروعات التي تسعى لإنجازها في السنوات القادمة".
وكشف العثماني عن أضخم صفقة عقدتها الحكومة لتجهيز المدارس العمومية خلال الدخول المدرسي في سبتمبر المقبل .
وأضاف العثماني أن وزارة التربية الوطنية عقدت اتفاقا مع مكتب التكوين المهني لصناعة أزيد من 280 ألف طاولة دراسية وسبورة، وذلك لتجهيز المدارس العمومية بأكبر صفقة في تاريخ المغرب، للتخفيف من حدة الضغط والاكتظاظ.
وقال العثماني إن أكبر التجهيزات المدرسية ستتجه نحو المناطق المهمشة، وأن الحكومة عازمة على نهج مقاربة تنموية جديدة تعطي الأهمية للمناطق القروية والفقيرة.
وارتباطا بنفس الموضوع، قال العثماني ان الحكومة ستقوم بعدالة مجالية على مستوى قطاع الصحة، إذ ستعمل على تقريب التجهيزات الطبية من المناطق الفقيرة، وستعمل على تجهيز كل مستشفى إقليمي بجهاز سكانير، وكل مستشفى جهوي بجهاز سكانير بالرنين المغناطيسي وعدد من التجهيزات الأخرى التي لن تعتمد معيار ضرورة توفر عدد معين من السكان الذي كان معمول به في السابق، والذي كان يتسبب في إقصاء بعض مناطق المغرب.
ودائما في إطار العدالة المجالية، أعلن العثماني أن الحكومة ستعتمد نظام المنحة في مجال التكوين المهني، ولن تقتصر بعد اليوم على التعليم الجامعي فقط، وذلك لمنح فرصة للشباب في المناطق القروية والفقيرة من متابعة تعليمه في وضعية أحسن.
وتطرق العثماني لبرنامج تنمية العالم القروي، الذي أعد له صندوق خاص، رصدت له حوالي 50 مليار درهم (5 مليون دولار) ما بين 2018 و2022، و ستخصص منها 35 مليار درهم (3.5 مليار دولار) لفتح المسالك القروية والجبلية، والباقي لتعميم الكهرباء على جميع القرى، ولتجهيز المستوصفات القروية والنهوض بقطاع التعليم في البوادي والمناطق النائية.
من جهته، قال عبد العزيز العماري، عضو الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، في تعقيبه على رئيس الحكومة، إن النموذج التنموي الذي تعتمده المملكة أبرز وجود فوارق مالية صارخة في التنمية، مؤكدا أن هذه الفوارق تبرز داخل الجهة الواحدة.
وأضاف العماري "نريد تنمية حقيقية والتي لا يمكن أن تكون من دون ديمقراطية حقيقية وعدالة تقطع مع ما ترسخ مع مقولة المغرب النافع وغير النافع"، مسجلا أن حزبه يرى أن النموذج التنموي بالبلاد يحتاج إلى "إعادة التوازن".
ودعا العماري إلى مواصلة الحكومة العمل على "ردم الهوة المجالية وتحقيق التنمية بمختلف المناطق"، كما طالب بمنح المزيد من الصلاحيات وتوسيع هامش الحرية في اتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع للمجالس المنتخبة وإنضاج الدور التشاركي والتشاوري بين المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني.
أما هشام المهاجري، عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض ، فسجل بأن تقليص الفوارق المجالية في البلاد ملف لا يحتمل التأخر في تسويته أكثر، مشددا على أن الأمر يوجد بيد الحكومة كسلطة تنفيذية في تفعيل الصناديق الكفيلة بتوفير العدالة المجالية.
وقال المهاجري" الملف لا يتحمل الانتظار أكثر، خصوصا مع استحضار الأحداث التي عرفتها بعض المناطق في الشهور الأخيرة، والتي جعلت الأمور واضحة، ففئة من المغاربة تعيش في ظروف جيدة في حين فئة أخرى لا تتوفر على ذلك وخرجت للاحتجاج والمطالبة بحقوقها"، وذلك في إشارة منه إلى الاحتجاجات التي تعيشها منطقة الريف شمال البلاد.
وأضاف المهاجري "هذه الفئة أعطتها القوانين حقوقها، ويبقى الدور عليكم السيد رئيس الحكومة للبحث عن الحلول، وعدم الاكتفاء بدور حكومة رجال إطفاء ، والبحث عن برامج استعجالية بعد اندلاع الاحتجاحات، هذا أمر غير مقبول"،
بدوره، انتقد النائب امام شقران من حزب الاتحاد الاشتراكي ، رصد الحكومة "ميزانيات ضخمة لمشاريع في مناطق معينة تدخل في باب الكماليات، في حين تعاني مناطق أخرى من غياب أبسط شروط العيش الكريم"، حيث تنعدم المستوصفات، والمؤسسات التعليمية بها.
وأضاف شقران "علينا أن نناضل جميعا من أجل تحقيق المساواة في الحقوق"، وزاد قائلا بنبرة لا تخل من تهكم "لكن الواقع أن هناك مساواة في الواجبات بالنسبة للمواطنين لكن ليس هناك مساواة في الحقوق"، مشددا على ضرورة اعتماد الحكومة سياسية اجتماعية تضامنية، حيث قال: "يجب أن نكون عادلين في التعاطي مع جهات المملكة ومن الضروري رصد مبالغ مهمة وكبيرة للجهات الضعيفة التي تعاني بشكل كبير من الخصاص".
وأجمعت باقي الفرق النيابية بمجلس النواب (الغرفة الأولى) بالبرلمان المغربي، على أهمية معالجة الفوارق المجالية التي تعانيها البلاد، مطالبين بإعادة النظر في السياسات والبرامج المعتمدة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان شروط العيش الكريم لمختلف المغاربة، بغض النظر عن الإمكانات والموارد التي تتمتع بها الجهات والمناطق التي يستقرون، مشددين على أهمية العدالة المجالية في تحقيق العدالة وضمان الاستقرار.
من جهته، طالب النائب عمر بلافريج المنتمي لفدرالية اليسار الديمقراطي الموحد (معارضة)، من حكومة العثماني إما تعديل سياستها المجالية في مجال التنمية، أو أن تكون صريحة مع الشعب المغربي وتعلن أنها لا تزال تتبنى مقاربة "المغرب النافع والمغرب غير النافع" التي كان الاستعمار الفرنسي ينهجها في المغرب.
وتساءل النائب بلافريج عن مدى صدق الحكومة في مجال العدالة المجالية وسياستها تتسبب في الفوارق الاجتماعية، وقال " عن أي عدالة مجالية نتحدث والحكومة تخصص 30 مليار درهم (3مليار دولار) لإنجاز خط القطار الفائق السرعة بين البيضاء وطنجة عوض أن تخصصها لبناء الأنفاق مثل نفق تيشكا ، وتجهيز الطرق داخل مختلف الجهات؟ و عن أي عدالة تتحدث الحكومة وهي تشيد مسرحا ضخما بالرباط بحوالي 3 مليار درهم (300 مليون دولار) بدل بناء مئات من دور الثقافة في مختلف المناطق الفقيرة والقرى النائية.