حملة "مانيش مسامح" تحضّ المواطنين على النزول إلى الشارع
دعوات جديدة في تونس للتظاهر ضدّ "قانون المصالحة"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إسماعيل دبارة من تونس: صادقت لجنة في البرلمان التونسي يوم الاربعاء على مشروع "قانون المصالحة" المثير للجدل، ما دفع معارضي هذا القانون إلى إطلاق دعوات جديدة للتظاهر.
وصادقت لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي يوم الاربعاء في غياب ممثلي المعارضة، على مشروع "قانون المصالحة في المجال الإداري"، وذلك بعد تعديلات عن نص المشروع الأصلي الذي كان يسمى "المصالحة الاقتصادية والمالية"، تقدم به الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي ينشد عفوا عن آلاف من موظفي الدولة ورجال الأعمال الذين نهبوا أموالاً عامة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (1987-2011)، شرط إرجاعها مع فوائد. ولاقى القانون معارضة شديدة من أحزاب ومنظمات وحملات شبابية.
وبموجب التعديلات الأخيرة والتي سهّلت عملية المصادقة على مشروع القانون داخل اللجنة المكونة في مجملها من نواب الاحزاب الحاكمة، تم حذف الفصول المتعلقة برجال الأعمال، والاقتصار على عفو يناله موظفو الدولة الذين ارتكبوا تجاوزات.
وقال رئيس لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي الطيب المدني في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (وات) أنه "سيتم عرض التقرير فيما بعد وبعد المصادقة عليه على مكتب المجلس للنظر فيه وإحالته على أنظار الجلسة العامة".
وبيّن ان مشروع القانون اصبح يهم شريحة الموظفين العموميين وشبه الموظفين، كما أشار إلى انه تم تحديد فترة سريان هذا القانون إلى غاية 14 يناير 2011.
وأوضح المدني ان القانون بات يتعلق بالأشخاص الذين لم يستفيدوا ماديا او معنويا ومورست عليهم ضغوطات وقال: "من غير المقبول ان يتمتع الاشخاص الذين استفادوا بالعفو لمجرد مرورهم بهيئة الحقيقة والكرامة ويقع تتبع اخرين لمجرد تطبيقهم للتعليمات".
ولفت إلى ان المصادقة على مشروع القانون وصدوره بالرائد الرسمي في اقرب الآجال "سيكون فرصة لتخفيف مأساة اطارات الدولة المتواصلة منذ 7 سنوات" مشيرا إلى أن عدد الموظفين الذين تعلقت بهم قضايا منشورة لدى القضاء في حدود 1500 موظف.
وبخصوص أعمال اللجنة قال المدني ان جهة المبادرة صادقت خلال الجلسة الماضية على حذف الجزء المتعلق بالتهرب الضريبي، وتمت المصادقة على الاقتصار على الجزء المتعلق بالموظفين، مبينا في الآن نفسه ان كتلة نداء تونس (الحزب الحاكم) ستتقدم في الايام القليلة القادمة بمبادرة تشريعية تتعلق بالمصالحة مع رجال الاعمال.
دعوات للتظاهر
إلى ذلك، دعت حملة "مانيش مسامح" (لن أسامح) الشبابية إلى التظاهر يوم الجمعة ضدّ القانون في صيغته الجديدة.
وأعلنت الحملة في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه إطلاق "حالة طوارئ قصوى" لمنع عرض القانون على التصويت، وحضّت على النزول إلى الشارع.
وقالت سمر تليلي عضو حملة "مانيش مسامح" لـ"إيلاف": "تم إسقاط الفصول المتعلقة بالجرائم الاقتصادية، وهذا الانتصار يعود الي إصرار القوى المعارضة لمشروع القانون على مواصلة التصدي له على مدار سنتين. لكن الفصول السبعة المتبقية والتي تخص الموظفين وأشباه الموظفين المتورطين في قضايا فساد لا تقل خطورة".
وأكدت أنّ مشروع القانون في صيغته الجديدة "لا يحترم هو الآخر المبادئ التي نص عليها الدستور ويضرب عرض الحائط القيم المؤسسة للعدالة الانتقالية مثل كشف الحقيقة والمحاسبة، فهو يتغاضى عن إحدى أهم مراحل المرور إلى دولة القانون وهي تفكيك شبكات الفساد"، على حد تعبيرها.
وتأسست حملة "مانيش مسامح" قبل عامين، عندما أطلق الباجي قائد السبسي مشروع قانون المصالحة، وتعهدت الحملة باسقاط القانون، وعطلت في مناسبات كثيرة مناقشته.
وتعرّف الحملة نفسها بكونها :"مبادرة مواطنيّة مستقلة مفتوحة أمام كل من يريد الانضمام (...) تسعى إلى تجميع كل المواطنين وكل المكونات السياسية والحقوقية والفكرية حول مهمة سحب قانون المصالحة، الذي يبيّض الفساد ويبرّئ رؤوس الأموال الناهبة لأموال الشعب".
العودة إلى الشارع
يقول داعمو القانون إنه جاء من أجل ايجاد حلول للمئات من موظفي الدولة الذين فرض عليهم النظام السابق تسهيل انتفاع مقربين من النظام بقرارات وقعوا عليها أو غضوا عنها الطرف، ويهدف القانون إلى العفو عن هؤلاء طالما أنهم غير مورطين بشكل مباشر في الفساد. كما يؤكد معدو القانون أنه سيساهم في حل مشاكل الإدارة المعطلة بسبب وضعية الالاف من الموظفين الخائفين من المحاسبة ما أثر على مردودهم في العمل.
وتقول سمر التليلي عضو "مانيش مسامح": "حملتنا واصلت العمل على تفسير مشروع القانون وتوضيح خطورته عبر حملات توعية وعبر المقاهي السياسية. الآن وقد تمت المصادقة على الفصول السبعة في لجنة التشريع العام عنوة ورغم احتجاج ومقاطعة الجلسة، فإن العودة للاحتجاج في الشارع بقوة أصبح ضروريا".
تضيف: "تمت الدعوة لسلسلة من الاحتجاجات الشعبية في العاصمة وفي الجهات ابتداء من الخميس ونطرح إمكانية التصعيد إذا ما تعنّت النواب في تمرير القانون إلى التصويت في جلسة عامة بهذا الشكل".
وتؤكد التليلي أن أمام معارضي القانون "هامش واسع للتصدي له أو تعطيله".
وتفسّر: "سنتجه نحو الطعن في دستورية القانون خاصة أنه تم تغيير مضمونه جوهريا، وهو ما يخالف النظام الداخلي لمجلس النواب، حيث أن تغيير جوهر أي مشروع قانون يجب أن يتم عبر سحب النسخة الأصلية وتقديم نسخة ثانية. هذا إلى جانب عديد المخالفات القانونية التي يطرحها".
حرب على الفساد؟
يعيب كثيرون في تونس على رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد شنه ما يسميها "حملة ضدّ الفساد"، في حين تساند حكومته وحزبه سن قانون يعفو عن فاسدين ويعتبرونه متعارضا مع مسار العدالة الانتقالية.
وتعهد الشاهد يوم الخميس بالمضي قدما في حربه على الفساد وقال إن هذه الحرب التي تهدف إلى "إعادة ثقة المواطنين في دولة عادلة" لن تستثني أحدا مهما كان انتماؤه السياسي.
واعتقلت قوات الأمن التونسية منذ مايو الماضي عددا من كبار رجال الأعمال والمهربين وصادرت الدولة ممتلكاتهم بعد أن قالت إن لديها أدلة تثبت ضلوعهم في الفساد وتكديسهم ثروات من علاقات غير مشروعة مع عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وتلت ذلك إقالة رئيس الوزراء لأكثر من 20 موظفا في الديوانة (الجمارك) وإحالة عشرات آخرين للتحقيق للاشتباه في ضلوعهم في جرائم فساد.
وكشف رئيس الوزراء في خطاب أمام البرلمان أن الحملة الأخيرة التي شنتها الدولة على مهربين وعدد كبير من رجال الأعمال قادت إلى مصادرة حوالي 700 مليون دينار (290 مليون دولار) إضافة لمطالبة الدولة من القضاء بتوقيع غرامات تصل إلى 2.7 مليار دينار (1.12 مليار دولار).
وقال "شعارنا اليوم لا حصانة مع الفساد مهما كان انتماؤه أو لونه السياسي، ولا أحد فوق القانون، لا أحد فوق الدولة". وأضاف "التخفي وراء غطاء سياسي لإخفاء جرائم الفساد لن يمر" في إشارة على ما يبدو لاعتقال رجل الأعمال البارز شفيق جراية، وهو أحد ممولي حزب نداء تونس الحاكم الذي ينتمي إليه الشاهد.