أخبار

مدنيون يفضلون البقاء في الرقة رغم الخطر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الرقة: دفعت المعارك العنيفة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة عنود الى الفرار مع عائلتها من منزلها، لكن على غرار كثيرين غيرها، اكتفت بالانتقال الى حي آخر من المدينة، بدلا من الانتقال الى مخيم للاجئين يفتقر الى الكثير من أمور الحياة الاساسية.

وقبل نحو اسبوعين، أصيب زوج عنود في قصف طال منزل العائلة في وسط مدينة الرقة، فوضبت المرأة الاربعينية اغراضها وغادرت مع زوجها وابنائها السبعة، الى حي السباهية في غرب الرقة حيث استقرت في منزل شقيقها الذي فرّ الى احد مخيمات النزوح.

وبرغم طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الحي قبل نحو شهرين ونصف، لا تزال الالغام المنتشرة في شوارع الحي تهدد حياة ساكنيه.

وتقول عنود التي تلف وجهها بكوفية بيضاء وسوداء اللون لا تُظهر سوى عينيها، "قالوا لي ان حي السباهية خطر جدا، لكننا لا نستطيع ان ندفع خمسين الف (ليرة سورية) لاستئجار منزل".

وتضيف "لذلك اتينا الى هنا وفتحنا منزل شقيقي في هذه المنطقة الخطرة. نظفنا المنزل بعد إزالة خمسة ألغام كانت موجودة في الغرف".

وتعيش عنود مع بناتها الخمس وولديها في منزل خال تماما من المفروشات، كتبت على جدرانه عبارات غير مفهومة بالخط الاسود.

وتجلس عنود بعباءتها الملونة على الارض وتقول "نحن خائفون جدا (...) ولا نسمح لاطفالنا بالخروج من المنزل خوفاً من ان تنفجر بهم الالغام".

ولم تفرغ عنود السيارة المحملة باغراض اتت بها من منزلها، فهي وزوجها يخشيان ان يضطرا للنزوح مرة اخرى.

وتقول "نعيش على أعصابنا، لا نعرف كيف سنموت وباي طريقة"، مضيفة "الله يسترنا، وان شاء الله تتحرر الرقة ونعود بسلام الى منازلنا".

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، منذ الاسبوع الاول من حزيران/يونيو معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من معقله الابرز في سوريا. وتمكنت حتى الآن وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من السيطرة على اكثر من نصف المدينة.

- "دماؤنا على كفنا" -

في حي السباهية، يتجول مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية في الشوارع الترابية شبه الخالية سوى من بعض السكان او مدنيين آخرين وصلوا حديثا في شاحنة صغيرة من طراز "بيك اب".

وعلى غرار ام عبدالله، لا يستطيع ابو غانم تحمل كلفة الانتقال الى مكان آخر يحميه وعائلته. وهو غادر منزله في حي السباهية مرات عدة، وكان يعود اليه ما ان تهدأ المعارك. 

ويقول ابو غانم، وهو يسير في شارع بدت عليه اثار المعارك، "كر وفر، كر وفر، نخرج من منزلنا ثم نعود اليه، واحيانا نذهب لنعيش في البرية".

ويضيف بانفعال شديد "ليست لدينا القدرة على دفع 50 ألف ليرة شهريا لاستئجار بيت" في مكان آخر، موضحا "ليس لدينا ثمن خبز او ثمن دخان. نسكن في بيوتنا، نقطف الحشيش ونأكل".

ويشير الى أطفاله من حوله، ويقول "لا ينامون" من اصوات القصف طوال الليل، مضيفا "ترتج الجدران والزجاج يتحطم، وضعنا الكرتون بدلا منه. نعيش على خط النار وسط الخوف والرعب".

وتنتهي ام غانم من نشر الغسيل الملون في باحة المنزل، وتنتقل مع اطفالها الى احدى الغرف لتناول الطعام.

تلتفت الى زوجها وتقول له بعصبية "هل نبقى هنا لنموت؟ لا نعرف متى سينفجر لغم فينا، نحمل دماءنا على كفنا".

- "مللنا الموت والخطر" -

في حي السباهية، تدوي بين الحين والاخر اصوات انفجارات ناتجة عن قصف قوات سوريا الديموقراطية مواقع الجهاديين في احياء اخرى من المدينة التي تتصاعد منها اعمدة الدخان الاسود.

وانتقلت فاطمة وعائلتها الصغيرة الى احد مخيمات النزوح بعدما فرت من منزلها من حي الرومانية في غرب الرقة، لكن الامر لم يطل كثيرا، فسرعان ما عادت ادراجها لتعيش في احد المنازل المهجورة في السباهية.

وتقول المراة الاربعينية وهي تجلس امام باب المطبخ تدخن سيجارتها "اتينا مجبرين الى الخطر، خرجنا من الموت واتينا الى هنا"، متساءلة "ماذا نفعل غير ذلك؟".

وتضيف "لا نملك النقود لكي نخرج من هنا، ذهبنا الى المخيم ولم نتمكن من العيش فيه لاننا بحاجة الى عمل لتأمين مصاريفنا".

ويعاني مدنيون سوريون فروا من مدينة الرقة من ظروف معيشية صعبة في مخيمات النزوح جراء النقص في المواد الغذائية والمياه وحتى الخيم والادوية الاساسية.

وبدت العودة الى الرقة برغم الخطر، الخيار الافضل لفاطمة. ويرسل مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية الى سكان الحي الخبز والسكر ومواد غذائية اخرى.

لكن فاطمة تشكو قائلة "لا يوجد لدينا مياه او كهرباء، نأتي بالمياه من قناة ري قريبة، وهي ملوثة".

وتنتظر فاطمة بفارغ الصبر ان تنتهي المعارك لتعود الى بيتها في حي الرومانية القريب والذي بات تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية. 

وتخلص "مللنا الموت والخطر، يكفي هذا الذل والرعب".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف