من "علوج" جنبلاط والكيديّة في الإدارة بين الإشتراكي والعوني
الخطاب السياسي يفقد مساره في لبنان!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أثارت تغريدة النائب السابق وليد جنبلاط مع وصفه العهد بعهد العلوج إثر خلاف في الإدارة بين الإشتراكي والعونيين موجة من التساؤلات حول مدى أهمية اتزان الخطاب السياسي اليوم من أجل عدم تفعيل الشارع وانقسامه في لبنان.
إيلاف من بيروت: جبهة جديدة قديمة فُتحت بين "التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، بعد معركة الانتخابات النيابية التي لم تنته مفاعيلها بعد، والنزاع المستمر على الاحجام الوزارية، ها هي الإدارة تتحول بدورها ساحة اشتباك إضافي بين الجانبين، حيث تم تحجيم موظفة مسيحية في وزارة التربية، وموظفان درزيان تمّ الاستغناء عنهما في وزارة الزراعة ومؤسسة كهرباء لبنان، إذ قبل أيام اتخذ وزير التربية مروان حمادة قرارًا بإعفاء مديرة دائرة الامتحانات بالتكليف هيلدا خوري من مهماتها، وأعادها الى المركز السابق الذي كانت تشغله بالأصالة كرئيسة لدائرة الارشاد والتوجيه في الوزارة، غضب التيار الوطني الحر من تصرّف حمادة واضعًا إيّاه في اطار الكيدية، ثم ما لبث ان ردّ الصاع صاعين عبر إقصاء كل من رجا العلي عن مؤسسة كهرباء لبنان ونزار هاني عن وزارة الزراعة، وكلاهما ينتميان الى الطائفة الدرزية، ما دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى نشر تغريدة من العيار الثقيل واصفًا ممثلي التيار في الحكم بالعلوج.
ثم ما لبث أن غرد النائب زياد أسود عبر تويتر ردًا على ما قاله جنبلاط: "العلوج هني يللي قتلوا وذبحوا وسرقوا و انزلوا، العلوج هني يللي قبضوا من كل الدول و رفعوا شارات النصر مع الفلسطيني واستقبلوا اليهودي في دارات عزهم والعلوج هني يللي استباحوا كرامات الناس ومقابرهم والعلوج يللي لبسوا عبايات وووقفوا على باب غازي كنعان وركعوا وباعو دم والدهم الشهيد".
كل هذه التغريدات والتغريدات المضادة تفتح المجال أمام تقييم مستوى الخطاب السياسي في لبنان الذي وصل الى حد لا يسمح به.
ويقول الأكاديمي الدكتور روبير دكاش إن هناك 3 مشاكل في لبنان الأول سياسي ثم اقتصادي واخلاقي، والخطاب السياسي يقع ضمن مشكلة الأخلاق في لبنان بكل أسف.
ويتابع: "هناك أسباب لانحدار المستوى في الخطاب السياسي اللبناني ومنها عدم وعي الشعب اللبناني بكافة أبنائه في أي موقع كان وإلى أي فريق انتمى لمسؤولياته، ولمعرفته لحقوقه، اتى بممثلين يوم الاستحقاق الكبير، ادى إلى انقسام مريع تسقط فيه كل المبادىء والقيم.
بالاضافة الى مشاكل عدة في لبنان تجعل هذا الخطاب السياسي ينحدر الى هذا المستوى اولها الشخصانية وتأليهها، بمعنى أن مشكلة الناس أنهم يعبدون الاشخاص وليس المبادىء وهذا ناتج عن قلة الوعي على الرغم من الشهادات العالية والكفاءات التي يتميز بها اللبناني.
ثم العائلية أي لا نزال نمشي في الحياة القبلية العائلية، ثم الطائفية، والمذهبية، الوحدة تبدأ في أن الواحد ينضم الى الآخر، لا نزال بعيدين عن الوحدة في الجماعة، المصلحة الذاتية تقدم على المصلحة العامة، ونسأل هنا أن هناك تمويلا لتلك الخطابات وهي ليست نابعة من إرادة ذاتية بل تقع ضمن الولاءات الخارجية التي تدفع بهذا الفريق او ذاك الى أخذ المواقف.
ويلفت الى ان "الخطاب السياسي في لبنان لا يحتاج إلى تقييم بل إلى صمت أعمق منه، واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لأن الصمت أفضل من الكلام".
بالأمس
عن خطابات السياسيين بالأمس، يقول دكاش في كل العهود كان هناك من يخرج عن اللياقات والآداب والقيم، ولكن بكل أسف في وقتنا الحاضر ونظرًا للمآسي التي مر بها لبنان، انحدر الخطاب السياسي إلى مستوى مخجل محزن مبكي&وجارح، أما ضوابط هذا الخطاب فتكون من خلال توعية الشعب اللبناني، ويجب أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يختار جيدًا الطقم السياسي، يكون فعلاً وليد إرادة الشعب اللبناني، ومع وجود الوعي الذي يرفض التدخل الخارجي من الشرق او الغرب، حينها يصبح الخطاب السياسي منسجمًا مع ارادة الشعب اللبناني وحقه في الاختيار.
ويتابع:"نعرف أن هذه الفوضى الموجودة في لبنان مدمِّرة هي بسبب كل كلمة تخرج من فم الخطيب، وقبل أن تخرج الكلمة من فمه يكون ملك الكلمة وبعدها يصبح عبدها، والانفجار في الشارع ممكن أن يكون سببه خطاب غير موزون أو ممحص.
خطاب تنقصه الثقافة
بدوره، يقول النائب السابق مروان فارس لـ "إيلاف" إن الخطاب السياسي ينقصه الكثير من الثقافة وأصبح يدخل بالمهاترات أكثر من المصالح الفعلية للمجتمع، والسياسة بقدر ما تعبّر عن مصالح المجتمع بقدر ذلك يكون خطابها على مستوى المجتمع، أما إذا كان الخطاب فرديًا وانانيًا، يعبّر حينها عن مصالح حزبية.
ومقارنة مع الخطاب الماضي يقول فارس لا نستطيع قياسه بالماضي، ودائمًا للخطاب السياسي مقاييسه وهي الحياة الديموقراطية، وبما أن لبنان يتمتع بالحرية الكاملة للإعلام فمفترض الحياة الديموقراطية تكون على مستوى الإعلام، ولكن المشكلة في لبنان أن القصة الديموقراطية تشوبها المسائل المذهبية والطائفية، ولبنان لا يرتفع إلى مستوى خطاب لائق بالنسبة للحضارة التي ينتمي اليها إلا إذا ارتفع فوق الخطاب الطائفي.
ويضيف "نحتاج في لبنان الى إعادة صياغة الحياة السياسية بمعنى ان نرتفع من الطائفية الى المواطنية".