النقابات اعتبرت اقتراحاته إيجابية والمحتجون غير كافية
رئيس الحكومة المغربية يفشل في احتواء غضب جرادة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الرباط: رغم الإجراءات الملموسة التي حملها سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، لصالح سكان جرادة، خلال زيارته امس للمنطقة الشرقية على رأس وفد حكومي يضم 15 وزيرًا، إلا أنه لم يستطع احتواء غضب السكان المحتجين الذين اعتبروا تلك الإجراءات غير كافية.
وقال مصدر نقابي لـ"إيلاف المغرب" إن الاقتراحات التي جاء بها العثماني جد إيجابية، خصوصًا قرار تحويل الضرائب والرسوم التي تؤديها ثلاث محطات لإنتاج الكهرباء بالمنطقة للحكومة إلى بلدية جرادة، الشيء الذي سيكون له أثر إيجابي على ميزانية البلدية، وبالتالي قدرتها على الاستثمار وتوفير الخدمات للسكان. كما أعلن العثماني عن إلغاء التراخيص الأربعة لاستغلال الفحم الحجري في المنطقة، والتي يستفيد منها رجال أعمال، ضمنهم برلمانيان، ويطلق عليهم سكان المنطقة "بارونات الفحم".
وأضاف المصدر ذاته أن ما جاء به العثماني يستجيب للعديد من المطالب التي دافعت عنها النقابات، غير أنه لم يرضِ المحتجين. وقال: "غالبية المحتجين يشتغلون في آبار الفحم، وهم يريدون حلولاً عاجلة لوضعهم. هم يحتاجون إلى ما يأكلونه الآن، وليس إلى وعود بمشاريع مستقبلية".
وبدأت الاحتجاجات في مدينة جرادة قبل شهر، عندما قُتل شقيقان في بئر عشوائي لاستخراج الفحم، وارتفعت حدة التوتر في المدينة قبل أسبوع مع مقتل شخص ثالث في انهيار بئر آخر لاستخراج الفحم.
ويعيش جل سكان المدينة من الاستخراج العشوائي للفحم منذ إغلاق شركة "مفاحم المغرب" في 2001. ويرجع أصل المدينة في مطلع القرن الماضي إلى مناجم الفحم التي شكلت الهيكل العظمي لاقتصاد المدينة.
ومنذ إغلاق الشركة المنجمية، استمر سكان المدينة في ممارسة نشاط استخراج الفحم بشكل عشوائي وبيعه إلى "بارونات الفحم" الأربعة، الذين يتوفرون على رخص استغلال. يتولون تسويقه لدى شركات الإسمنت وغيرها من المنشآت الصناعية المستهلكة للفحم.
ويرى المحتجون أن سحب التراخيص من البارونات الأربعة غير كافٍ، ويطالبون بمحاسبة حقيقية لهم على استغلال عمال المناجم لعقود خارج إطار القانون، كما يطالبون بالتعريض عن الأضرار التي لحقتهم خلال هذه المدة بسبب التفاف بارونات الفحم على المسؤولية الاجتماعية كواجبات التغطية الصحية للعمال والتقاعد، مستغلين أوضاعهم الاجتماعية الهشة.
النقطة الأخرى التي أغضبت المحتجين هي عدم استجابة الحكومة لمطلبهم المتعلق بالإعفاء من أداء فواتير الماء والكهرباء. وكان سكان المدينة خرجوا في احتجاجات سابقة بسبب غلاء فواتير الكهرباء.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة بعد وفاة الشقيقين، ودخول السلطات في حوار مع المحتجين، أصبح مطلب الإعفاء من أداء فواتير الكهرباء من المطالب الأساسية للسكان المحتجين، والذين يعتبرون أن وجود محطات ضخمة لتوليد الكهرباء في منطقتهم يخولهم هذا الحق.
ومباشرة بعد إعلان العثماني عن الإجراءات التي جاء بها لصالح سكان جرادة، خرج السكان في مظاهرات حاشدة ارتدت فيها النساء الزي الأبيض للحداد، فيما ارتدى الرجال لباس العمل في آبار الفحم.
ويبدو أن زيارة العثماني فشلت في احتواء غضب سكان جرادة، ليس فقط بسبب عدم استجابتهم للمطالب الآنية، وعلى رأسها مسح فواتير الكهرباء المرتفعة التي أخرجت السكان إلى الشارع قبل أشهر، ولكن أيضا بسبب تصريحه قبل سفره، والذي قال فيه إن زيارته للمنطقة الشرقية لا علاقة لها باحتجاجات جرادة، وأنها كانت مبرمجة من قبل وتندرج في برنامجه العادي لزيارة بعض مناطق المغرب كرئيس للحكومة.