الاثيوبيون في مدينة بادمي الحدودية يرفضون السلام مع اريتريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على الحدود بين اثيوبيا واريتريا: يريد رئيس الوزراء الاثيوبي ابيي أحمد ان ينهي عقودا من النزاع مع اريتريا المجاورة، لكن تحقيق هذا الهدف يحتم عليه اولًا ان يقنع بذلك سكان مدينة بادمي الحدودية التي يتنازعها البلدان.
كانت هذه المدينة المؤلفة من شبكة مغبرة من الحانات والمقاهي والفنادق الصغيرة وتسيطر عليها اثيوبيا، لكن لجنة من الامم المتحدة منحتها الى اريتريا، في صلب النزاع بين اثيوبيا واريتريا من 1998 الى 2000.
يريد سكان بادمي ان تبقى اثيوبية على الرغم من تصريحات ابيي الذي يؤكد انه سيسلمها الى اريتريا، محاولا بذلك إنهاء الحرب الباردة بين البلدين. وبارتياب، قال المسؤول الاداري المحلي تيلاهون جيبريميدين "لن نعطي ارضا باسم السلام".
يشكل اعلان ابيي في الاسبوع الماضي ان اثيوبيا ستحترم القرار حول ترسيم الحدود في 2002، انقلابا في السياسة التي تطبقها اثيوبيا منذ سنوات، ويلبي مطلبا تريده اريتريا منذ فترة طويلة ويفتح الطريق لتطبيع العلاقات بين البلدين. لكنه يعني ايضا ان الـ18 الف اثيوبي الذين يعيشون في بادمي يمكن ان يجدوا انفسهم تحت هيمنة عدوهم السابق.
القلق الذي تسبب به قرار ابيي، قد تُرجم تظاهرة احتجاج في شوارع المدينة الاثنين. وطالبت "جبهة تحرير شعب التيغري" التي تتولى ادارة بادمي بعقد اجتماع طارئ للتحالف الحاكم في اثيوبيا حول هذا الملف.
وحذرت سيلاسي جيبريمسكل (80 عاما) التي امضت القسم الاكبر من حياتها في بادمي من أن "الاريتريين يمكن ان يبدأوا العيش هنا بمجرد أن ارحل، لكن ليس قبل ذلك".
ندوب الحرب
كانت الموافقة على ترسيم الحدود بين مجموعة من الإصلاحات التي اعلنها ابيي (42 عاما) لدى تسلمه مهامه في ابريل، بعد تظاهرات معادية للحكومة واضطرابات سياسية أدت الى تسريع نهاية سلفه.
وكانت اريتريا الاقليم الاثيوبي السابق، اعلنت استقلالها في 1993، وحرمت بذلك اثيوبيا من منفذها الوحيد على البحر. واصبحت مدينة بادمي بذلك تحت سيطرة اثيوبيا، لكن اريتريا احتجت على ذلك، واحتلتها طوال تسعة اشهر، ما ادى الى اندلاع حرب بين البلدين. يذكر السكان ان تلك الحقبة كانت فترة تعذيب وعمليات ابتزاز وضرب.
ويقول الشرطي فيساهي جيبريميدين الذي عاش تلك الفترة "لم نكن نعرف هل هم سيئون ام جيدون. لكن بعد اجتياحهم بادمي، اكتشفنا انهم سيئون".
أنهت معاهدة سلام موقعة في العام 2000 الحرب التي قتل فيها حوالى ثمانين الف شخص. لكن رفض اثيوبيا ترسيم الحدود ادى الى استمرار العلاقات السيئة بين البلدين، وجعل من بادمي مدينة حدودية على حدود مقفلة.
بقيت القوات الاثيوبية في هذا الاسبوع في وضع استعداد لاطلاق النار على بعد اقل من ثلاثة كيلومترات من بادمي. وعلى غرار سكان المدينة، لا يعطي الجنود اي اشارة للمغادرة. وبتعجب قال تيلاهون ان "العصفور لن يغادر المنطقة، وكذلك الكائن البشري".
هذه الأرض لنا
شجعت اثيوبيا استيطان السكان في بادمي بعد الحرب. وتمتلك المدينة مدرسة جديدة، لكنها تعطي الانطباع بأنها بعيدة من كل شيء، ومن عصر آخر، وبأنها عالقة في نهاية طريق، بعيدة من اي محلة، ومزروعة دائما بأنقاض المنازل التي دمرت اثناء الحرب.
تدفق باحثون عن الذهب في الفترة الاخيرة الى بادمي، مما نشط عمل الحانات. وباتت المشاجرات الناجمة من استهلاك الجعة من سمات تلك الليالي. ينضم هؤلاء القادمون الجدد الى محاربين قدامى لم يتأثروا كثيرا بحكم اصدره اجانب، واعترف به متأخرين سياسيون من العاصمة اديس ابابا البعيدة.
قال الجندي السابق ميكونين تاديسي جيتيبو "انهم جالسون هناك، ويبيعون بلادنا، لكن هذه الأرض لنا". اثيوبيا بلد فقير لكنها تشهد انتعاشا كبيرا. ويسعى رئيس الوزراء الى إدامة هذا النمو، فيما تواجه البلاد ديونا باهظة ونقصا في العملات الاجنبية.
يمكن ان تشكل مشاريع آبي لتحرير القطاعات المهمة للاقتصاد دعما للنمو. وكذلك يمكن ان يؤدي التخلي عن بادمي الذي يتيح الأمل بعلاقات افضل مع اريتريا والوصول الى مرافئ جديدة على البحر الاحمر، الى تشجيع التجارة. لكن مساعدة الاقتصاد الاثيوبي لا تهم بادمي كثيرا.
يتساءل تيلاهون ماذا سيحصل بالمدفن الواقع على تخوم المدينة حيث دفن عشرات الجنود الاثيوبيين، في مدافن مطلية بألوان علم بلادهم؟. وقال "لا نعتقد ان اريتريا ستأخذ بادمي"، مشيرا الى المدفن. واضاف "لكنهم اذا ما فعلوا ذلك، فانهم يستطيعون ان يدفنوننا هنا ايضا".