أخبار

اعتبرها مغايرة لسياسة الحكومة المشجعة على السياحة الداخلية

دعوة وزير "إلى السفر في الذات" تثير الإعلام المغربي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الرباط: تحولت دعوة أطلقها محمد يتيم، وزير التشغيل والإدماج المهني، إلى "السفر في الذات"، عوض تحمل أعباء السفر في موسم الإجازات، إلى مادة للتفكه والتندر والسخرية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورسومات فناني الكاريكاتير، وتعليقات الصحافيين.

وبدأت الحكاية بتدوينة مازالت تثير المزيد من الجدل، نسبتها الصحافة إلى يتيم، وفيها يقترح على المواطنين المغاربة الاستغناء عن السفر خارج منازلهم في العطلة الصيفية، والاكتفاء بـ"السفر" بين غرف بيوتهم، توفيرا لنقودهم، وتفاديا للملل الذي قد ينتابهم خلال الرحلة. 

ومن المفارقات التي سجلتها الصحف الصادرة في عطلة نهاية الأسبوع، أن تلك الدعوة تزامنت مع نشر الوزير على صفحته في " فيسبوكً " لصور التقطت له خلال زياراته لمجموعة من الدول الأوروبية، آخرها منتجع في سويسرا.

واستنادا لأسبوعية "الأيام"، فإن "تدوينة" يتيم كانت ستكون عادية لو كان مجرد نقابي أو مناضل في حزب "العدالة والتنمية" وكفى، لكن هذه الدعوة أخذت أبعادا أخرى كونه وزيرا، خاصة أن ما ذهب إليه يتعارض مع الخطة التي تم وضعها من طرف الحكومة التي ينتمي إليها، والمتعلقة بتشجيع السياحة الداخلية، في أفق تحقيق أهداف رؤية 2020 في هذا القطاع.

مقاطعة السياحة

وتكاد لا تخلو أية صحيفة مغربية من التفاعل مع دعوة " السفر في الذات"، سواء بالتعليق أو بالرسم الساخر، ومن ضمن ذلك المقال الذي نشرته أسبوعية "الوطن الآن"، مرفقا بكاريكاتير بريشة الفنان ناجي بناجي.

ولاحظ  كاتب المقال توفيق مصباح، أنه "في الوقت الذي كان ينتظر المغاربة مبادرات حكومية وحلولا استعجالية مع ظروف التخفيف لتوفير مخيمات عائلية للاصطياف بأرخص الأسعار، واستغلال تنوع تضاريس المغرب لاكتشاف سحر مناظر بلادنا الطبيعية، ينصح محمد يتيم المواطنين بالتقوقع داخل ذواتهم الجريحة التي قاموا بجلدها طيلة سبع سنوات عجاف."

مواطن مغربي في رسم بريشة الفنان سعد جلال في أسبوعية "المشعل" يسأل الوزير محمد يتيم في جلسة لليوغا : هل هذا السفر  بتأشيرة أم بدونها؟

وبأسلوب يقطر أسفا وحسرة، يتساءل كاتب المقال:" أليس ما كتبه مسؤول كمحمد يتيم في منصب وزير، ويقود حزبه الأغلبية الحكومية تحريضا على مقاطعة السياحة الداخلية؟ أليست دعوته المغاربة بالاكتفاء بالسفر في الذات "هرطقة" وإعلانا تحريضيا صريحا على المقاطعة؟ مقاطعة البحر والنهر والجبل والصحراء؟ ألا يعني أن محمد يتيم يريد أن يكون "عرابا" لمقاطعة السياحة المغربية؟

الفلسفة اليتيمية

وبنفس اللهجة الحادة، مع جرعة زائدة من منسوب التفكه والسخرية، انتقد حميد زيد في يومية "الأحداث المغربية"، دعوة "السفر في الذات"، قائلا إن الحكومة ستذهب، وسيذهب وزراؤها، لكن تدوينة وزير الشغل محمد يتيم حول الصيف والعطلة، ستبقى خالدة إلى الأبد.

وإمعانا في التندر، نشر زايد على صفحته في "فيسبوكً " صورا لأطفاله، وهم يمرحون بملابس السباحة، ببراءة الطفولة، في حوض بلاستيكي صغير، وأرفقها بالتعليق التالي:" السفر داخل الذات. في المطبخ. قرب النافذة. مع البطاطا والبصل. في مسبح. وسط الشقة. بشرفة تطل على العالم. مجانا. دون بنزين. عملا بحكمة الفيلسوف محمد يتيم."

وكتب زايد في ركنه الأسبوعي، بنفس الصحيفة، أنه فيما يخص الشاطئ والعطلة، فقد اخبر الأولاد، انسجاما مع "الفلسفة اليتيمية"، أن زبد البحر يذهب جفاء، ولا يبقى إلا ماء الصنبور في المطبخ الذي في إمكانهم أن يسبحوا فيه كما يحلو لهم.

رسم للفنان عبد الغني الدهدوه يسخر فيه من دعوة الوزير يتيم للسفر داخل الذات.
 

ورغبة منه في إقناع أطفاله بـ"متعة السفر الداخلي وفوائده"، قال لهم إن وزير الشغل، لم يأت بهذه الفلسفة من فراغ، بل صال وجال في الفكر وفي الثقافة، وقرأ آلاف الكتب، وجرب الحياة كما لم يجربها أحد، كما أنه ألف رواية، ويحسب له أنه طور هذه الفلسفة الباطنية، وأخرجها من بعدها النظري الخالص إلى المجال العملي فصارت قابلة للتطبيق.

وتحت عنوان "حكومة الكونجي (العطلة) خاصها كونجي"، خصصت يومية "الأخبار" صفحة كاملة لهذا الموضوع، يتصدرها رسم ساخر ومعبر للفنان العوني الشعوبي، يبدو فيه الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وهو يقود السيارة، وعلى متنها أربعة وزراء كلهم من حزب العدالة والتنمية، في الطريق إلى الشاطئ.

الحق في الاصطياف

ومازال رسامو الكاريكاتير في الصحافة المغربية يستلهمون كل يوم من "دعوة يتيم للسفر داخل الذات" أفكارا تصب في منحى واحد هو انتقاد الفكرة من الأساس باعتبارها عقيمة، وتتعارض مع أهداف السياسة الرسمية للبلاد، ولا تستجيب لتطلعات المواطنين وحقهم في الترفيه عن النفس، وذلك ما حملته رسومات بريشة عبد الغني الدهدوه وسعد جلال وغيرهما.

ولاشك أن يتيم لم يكن يدرك، وهو يطلق تلك الدعوة الغريبة، أنه سيفتح على نفسه سيولا  قد تحاصره بالسخرية من كل جانب، وتضعه في موقف لا يحسد عليه أمام الرأي الوطني العام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف