أخبار

رمز وحدة لبنان في الانقسامات والحروب

حكاية "السفيرة" فيروز

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: فيروز التي بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته الى بيروت بلقاء معها الاثنين وقدلها وساماً رفيعاً، هي سفيرة الفن اللبناني الى العالم التي يلتقي اللبنانيون من كل الطوائف والانتماءات السياسية حول صوتها وأغانيها.

ورغم ابتعادها كلياً عن الأضواء منذ سنوات وتوقّفها عن إحياء حفلات، لا يزال صوت فيروز الاستثنائي، باعتراف خبراء عالميين، يرافق ملايين الأشخاص عبر العالم، هي التي غنّت للحب والوطن والحرية والقيم.

لقبت فيروز بلقب "سفيرة لبنان إلى العالم" و"سفيرة لبنان إلى انجوم" بعدما طبقت شهرة الآفاق، وتجاوز تجاوب الجمهور مع أغاني المرأة النحيلة البنية والباردة الملامح، واسمها الحقيقي نهاد حداد، حدود البلد الصغير، وجذبت معجبين من كل أنحاء العالم. وتعدّ من آخر جيل الكبار في العصر الذهبي للموسيقى العربية في القرن العشرين.

في لبنان، رفضت فيروز أن تُجرّ إلى خصومات سياسية أو دينية لا سيما خلال سنوات الحرب الأهلية (1975-1990)، وتصدّرت أغنياتها الإذاعات المتناحرة على جانبي خطوط القتال.

بالنسبة إلى كثيرين، يعدّ الاستماع إلى أغاني فيروز بمثابة طقس يومي شبيه بالصلاة. وبالنسبة إليها، فالغناء بحدّ ذاته فعل صلاة.

في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في مايو 1999، قالت بعد حفلة أحيتها في مدينة لاس فيغاس الأميركية رداً على سؤال حول جديتها المفرطة على المسرح، "إذا نظرتم إلى وجهي عندما أغني، سترون وكأنني غير موجودة".

وتابعت "أرى الفن على أنه صلاة. لست موجودة في كنيسة، لكنني أشعر كما لو أنني فيها، وفي هذه الأجواء لا يمكنني الضحك".

وكانت باستمرار شبه جامدة على المسرح، فيما حركة واحدة أو ابتسامة خجولة منها كفيلة بإشعال حماسة جمهورها.

ولدت فيروز في قرية الدبية في منطقة الشوف الجبلية في 21 نوفمبر 1934، لوالد يعمل في مطبعة ووالدة اهتمت برعاية الأسرة المكونة من أربعة أولاد. وانتقلت العائلة في وقت لاحق للإقامة في حي زقاق البلاط في بيروت.

في نهاية الأربعينات، اكتشف المؤلف الموسيقي محمد فيلفل الذي كان يبحث عن أصوات جميلة للانضمام إلى كورس الإذاعة اللبنانية، موهبة فيروز. وضمّها إلى الكونسرفاتوار لتتعلّم أصول الموسيقى والغناء . وأُعجب المدير الموسيقي للإذاعة آنذاك حليم الرومي بجمال صوتها واقترح عليها اسمها الفني فيروز.

خفيفة الظل

في كواليس الإذاعة، تعرّفت فيروز على عاصي ومنصور الرحباني، المؤلفين الموسيقيين اللذين عرفا في وقت لاحق، خصوصا معها، شهرة واسعة، وارتبط فنهما بشكل جذري بلبنان، فبات جزءا لا يتجزأ من تراثه.

وتعاونت فيروز مع الأخوين رحباني اعتباراً من مطلع الخمسينيات. وأثمر ذلك مجموعة واسعة من الأعمال الغنائية والمسرحية والأفلام السينمائية التي جمعت بين الألحان الشرقية والفولكلور اللبناني والأنغام الغربية. ويحافظ عدد كبير منها على نضارته رغم مرور الزمن.

وغنّت فيروز لشعراء كبار، من الأخطل الصغير إلى سعيد عقل الذي لقبها بـ"سفيرة لبنان الى النجوم"، مروراً بجبران خليل جبران والياس أبو شبكة. كما لحّن لها عبد الوهاب وفيلمون وهبه وزكي ناصيف.

وشكلت مع الأخوين الرحباني علامة فارقة في مهرجانات بعلبك الشهيرة، ولُقبت بـ"عمود بعلبك السابع".

في منتصف الخمسينات، تزوجت فيروز من عاصي الرحباني وأنجبا أربعة أولاد، هم زياد، وليال التي توفيت عام 1987 بعد سنة من وفاة والدها، وهلي وريما.

يقول مقربون منها إنها مرّت بمآسٍ كثيرة على الصعيد الشخصي، من وفاة ابنتها الى إعاقة نجلها هلي، لكنها حافظت على خفّة ظلها في مجالسها الخاصة والعائلية.

وتقول الصحافية ضحى شمس التي عملت معها لفترة طويلة "في الحقيقة هي بعيدة كل البعد عن الصورة الباردة التي تعكسها على المسرح. هي مضحكة جداً متى أرادت".

رغم شهرتها الواسعة، حرصت فيروز دائماً على حماية خصوصيتها العائلية. إلا أن ذلك لم يمنع الإعلام من تناول أخبار العائلة، وبينها خلافها مع زوجها عاصي في مرحلة معينة قبل مرضه، وبعد وفاته، خلافها مع عائلة منصور الرحباني حول حقوق الملكية الفنية، والخلافات حول توجهها الفني بين ولديها زياد وريما.

وكانت فيروز تعاونت مع زياد منذ الثمانينات. في العام 1991، غنّت له "كيفك انت؟" ضمن أسطوانة أثارت جدلاً بين من يحبون زياد الرحباني والتجديد في مسيرة فيروز والرافضين لذلك. وحقّّق الإصدار نجاحاً كبيراً.

"ردني الى بلادي"

على مدى عقود، شكّلت أغاني فيروز صلة وصل بين اللبنانيين. خلال الحرب الأهلية، رفضت الغناء في لبنان لتجنّب أن تُحسب على منطقة دون أخرى، فيما بلدها ساحة صراع بين قوى طائفية مدعومة من قوى خارجية.

لكنها أقامت حفلات في الخارج مثيرة الحنين والتأثر في نفوس اللبنانيين الفارين إلى عواصم العالم مع أغانٍ مثل "بحبك يا لبنان" و"ردني إلى بلادي" و"لبيروت" التي ترافق منذ الرابع من أغسطس، تاريخ وقوع الانفجار المروع في العاصمة، مقاطع فيديو عن الكارثة تبثها محطات التلفزة المحلية.

وغنّت فيروز أجمل ما قيل عن القدس، فكانت "زهرة المدائن" و"سنرجع يوماً". ونقل إليها نائبان عربيان مفتاح المدينة عام 1968. كما غنّت لدمشق ومكة وسواهما، وللأوطان والثورات والشعوب.

قلّدها ملك الأردن الراحل حسين ثلاثة أوسمة. وتبث الإذاعات في سوريا والأردن وسواهما من الدول العربية أغانيها بكثافة حتى اليوم.

ورغم تحفّظها الشديد، أثارت جدلا في 2008 عندما غنت في دمشق بعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات السورية من لبنان تحت ضغط الشارع، الذي وجّه أصابع الاتهام آنذاك الى سوريا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

كان آخر ظهور لها في أبريل مع تفشي فيروس كورونا المستجد، في مقطع مصوّر قرأت فيه مقاطع من سفر المزامير في الكتاب المقدس، استهلته بـ"يا ربّ، لماذا تقف بعيداً، لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
خواطر وذكريات من الماضي القريب
الحجاج -

قبل كل شيء , وبمناسبة زيارة ماكرون الى لبنان ومنطقة الشرق الأوسط ( إذ من المفروض ان يكون في بغداد غداً الأربعاء ) أود أن أقول كلمة : " اللّبنانيين حقهم على فرنسا , وعلى الحكومة الفرنسيه أن تجد حلولاً لمشاكلهم وأن لا تتركهم فريسة لعصاباتهم ولولي الفقيه الأيراني " .... والآن أذهب لموضوع التقرير فيما يخص السيده فيروز . أنا شخصياً أحب السيده فيروز جداً جداً , لأني من جيل " الفيروزيات " و " النزاريات أو القبانيات /نسبة للشاعر الراحل نزار قباني " وأيضاً نحن من جيل وفكر عُضماء الأدب " نجيب محفوظ و محمد عبد الحليم عبد الله - صاحب المقولة الخالده , ربي أرفع عني لعنة أبوي - في روايته الخطيئة . وأيضاً الكاتب الروائي يوسف السباعي والفيلسوف الراحل جون بول سارتر " وأضيف ليس بالضرورة كُنا نعشق كلما يقولهُ نزار قباني أو جون بول سارتر ولكن كانوا يثيرون أهتمامنا بأنتاجهم ونخن شباب يافعين مثلما كنا مُعجبين بآرنستو حيفارا ونحن لسنا شيوعيين (( بأختصار كنا نعيش عصراً ذهبياً قد لا يتأتى لجيل هذه الأيام )) وأعود للسيدة فيروز , أني نشأت على صوت فيروز وأصبح من مستلزمات العيش اليومي بالنسبة لي , عندما كنت طفلاً كنت أغفو ليلاً واصحو على صوتها صباحاً فأذهب الى المدرسه , وكذلك في مرحلة الصبا وفي الجامعه وحتى في مرحلة العمل والوطيفه كنت احرص جداً على سماع تغريدها او صوتها الملائكي صباح كل يوم بعد نشرة اخبار الساعة السادسة من راديو بغجاد وقبل أن ادخل الى العمل ( يعني بمختصر الكلام ايضاً اصبح صوت فيروز من ضروريات اليوم بالنسبة لي ) وأتمنى للسيدة فيروز دوام الصخة والعُمر الطويل وهي تستحق كل تقدير واحترام