أخبار

"لم نعد قادرين على تحمل المزيد"

لبنان: متظاهرون يصبّون جام غضبهم أمام منازل سياسيي طرابلس

مواجهات بين محتجين على تدابير إغلاق البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد وقوى أمنية في طرابلس في شمال لبنان في 25 كانون الثاني/يناير 2021
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طرابلس (لبنان) : أمام منازل زعماء طرابلس في شمال لبنان، صبّ محتجون جام غضبهم الخميس في رابع أيام التظاهرات. أضرموا النيران في مستوعبات القمامة وحطموا كاميرات مراقبة، محملين سياسيي المدينة مسؤولية أوضاعهم المعيشية الصعبة التي فاقمها تشديد اجراءات الإغلاق العام الأخيرة.

وقال عمر قرحاني، وهو أب لستة أطفال عاطل عن العمل، بسخط لوكالة فرانس برس على هامش مشاركته في المسيرة "نجول على منازل السياسيين كافة وطلبنا أن نحرق بيوتهم جميعاً كما أحرقوا قلوبنا".

وأضاف "ليتجرأ أي سياسي على السير في شوارع طرابلس"، المدينة التي تعدّ من الأفقر في لبنان وتشهد منذ الإثنين مواجهات ليلية عنيفة بين قوات الأمن ومحتجين غاضبين من تدابير الاغلاق العام للحد من انتشار وباء كوفيد-19 في خضم الانهيار الاقتصادي المتمادي.

وأسفرت المواجهات عن إصابة أكثر من 300 شخص، غالبيتهم ليل الأربعاء. وأعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ 41 عنصراً وضابطاً من صفوفها في عداد الجرحى، وقالت إن 12 منهم أُصيبوا جرّاء إلقاء قنابل يدويّة، وبينهم إصابات بليغة.

وتوفي شاب الخميس متأثراً بإصابته خلال المواجهات ليلاً، ما أثار غضباً واسعاً في المدينة ونقمة ضد قيادييها، وبينهم رئيس حكومة ووزراء سابقون ممن يتصدّرون قائمة أثرياء البلد.

وتجددت عصر الخميس المواجهات بين قوات الأمن وعشرات المحتجين الذين حاولوا مجدداً اقتحام سراي طرابلس، المقر الإداري والأمني الأبرز في المدينة والذي يشكل ساحة مواجهة بين الطرفين منذ مطلع الأسبوع. وردّت قوات الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.

وأسفرت المواجهات مع قوات الأمن مساء الخميس عن إصابة ما لا يقل عن 102 أشخاص بجروح، نقل خمسة منهم إلى مستشفيات المنطقة، بحسب تغريدة للصليب الأحمر اللبناني.

وغالباً ما يتظاهر محتجون منذ انطلاق تظاهرات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في خريف العام 2019، شاركت فيها طرابلس بكثافة، أمام منازل النواب والوزراء في طرابلس. ويتهمونهم بإهمال المدينة ومرافقها وسكانها.

وسأل قرحاني "لدى هذه المدينة مرفأ ومعرض ومصفاة للنفط وكل المقومات التي لا تملكها الدولة ونحن المنطقة الأفقر (..) لماذا؟". واتهم قيادات طرابلس بأنهم "ذلوا المدينة".

وبحسب تقديرات للأمم المتحدة عام 2015، يعاني 26 في المئة من سكان طرابلس وحدها من فقر مدقع ويعيش 57 في المئة عند خط الفقر أو دونه. إلا أن هذه النسب ارتفعت على الأرجح مع فقدان كثيرين وظائفهم أو جزءاً من مدخولهم على وقع الانهيار الاقتصادي، الأسوأ في تاريخ لبنان.

وشارك عشرات المحتجين في التظاهرة التي انطلقت من ساحة النور، ساحة التظاهر المركزية في المدينة، وجالت على منازل السياسيين التي منعتهم وحدات الجيش من اقتحام باحاتها، وفق ما أفاد مصور فرانس برس.

وجالت التظاهرة وسط انتشار عسكري كبير، بينما عمل متظاهرون بعضهم ملثم، على سحب العوائق الحديدية التي تُستخدم لتطويق المتظاهرين والحدّ من حركتهم ليلاً. وعمد محتجون إلى قلبها ووضع عوائق وسط الشارع لمنع الجيش من ملاحقتهم.

وقال عدنان عبدالله (42 سنة) خلال مشاركته في التظاهرة لفرانس برس "نواب وزعماء طرابلس.. هم من أوصلوا هذه المدينة لتكون المدينة الأفقر"، داعياً المسؤولين الى الاستقالة بعدما "دمروا مستقبل الشباب وأوصلوا البلد الى الخراب".

شهدت المدينة جولات عنف دامية حدثت بين عامي 2007 و2014 بين حيي باب التبانة ذات الغالبية السنيّة وجبل محسن المجاور ذات الغالبية العلويّة، وأوقعت قتلى من الطرفين. وفي عدد كبير من أحياء طرابلس، يتفشى التسرّب المدرسي وترتفع نسبة البطالة خصوصاً في صفوف الشباب.

ويشهد لبنان منذ نحو أسبوعين إغلاقاً عاماً مشدداً مع حظر تجول على مدار الساعة يعدّ من بين الأكثر صرامة في العالم، لكن الفقر الذي فاقمته أزمة اقتصادية متمادية يدفع كثيرين الى عدم الالتزام سعياً الى الحفاظ على مصدر رزقهم.

ولا يمنع تشدّد السلطات في تطبيق الإغلاق العام الذي يستمر حتى الثامن من شباط/فبراير وتسطير قوات الأمن يومياً الآف محاضر الضبط بحق مخالفي الإجراءات، كثيرين خصوصاً في الأحياء الفقيرة والمناطق الشعبية من الخروج لممارسة أعمالهم، خصوصاً في طرابلس.

رغم إصابته في رجله ليل الأربعاء وتضميد وجهه، شارك عدنان الحكيم (19 عاماً) في الجولة على منازل السياسيين.

وقال لفرانس برس "نخرج الى الشوارع لنحصّل حقوقنا. يكفينا الذي جعلونا نعيش به".

وأضاف "المعيشة باتت صعبة، لم نعد قادرين على تحمل المزيد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف