أخبار

النظام الثوري يأكل أطفاله

إيران الإسلامية: موت الجمهورية

المرشح الرئاسي علي رئيسي يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في انتخابات 18 يونيو، لا مرشح إصلاحيًا للرئاسة في إيران، إنما كلهم متشددون، بعد رحل مضنية من رمي كل من يحمل فكرًا إصلاحيًا خارج النظام. إنها الثورة التي تأكل أطفالها.

إيلاف من بيروت: أعلن علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني السابق، في مقابلة أجريت معه مؤخرًا: "لم يكن نمونا الاقتصادي بالوتيرة المطلوبة لحل مشكلاتنا، خصوصًا بالنسبة إلى الشباب والبطالة، وكان من الطبيعي ألا يكون لدينا مثل هذا النمو في ظل العقوبات". كانت تعليقات لاريجاني، التي جاءت قبل أيام من استبعاده من قبل هيئة دينية قوية من خوض الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو، تذكيرًا واضحًا بالمخاطر الفورية لانتخابات هذا العام.

لنحل مشكلاتنا أولًا

في مقالة نشرها موقع "فورين بوليسي"، يقول سينا توسي، المحلل البارز في المجلس القومي الإيراني - الأميركي، في حين أعرب لاريجاني عن دعمه للمفاوضات مع الغرب لرفع العقوبات وربما معالجة النزاعات خارج القضية النووية، فإن رئيس القضاء المتشدد إبراهيم رئيسي لديه وجهات نظر مختلفة للغاية حول أفضل السبل للتعامل مع هذا الأمر: إنها العقوبات الأميركية. قبل شهرين، أعلن رئيسي: "بدلًا من البحث عن مفاوضات مع العدو، يجب أن نحل مشكلاتنا الاقتصادية من خلال إدارة القدرات البشرية والطبيعية للبلاد بشكل صحيح".

لكن تنحية لاريجاني وغيره من المعتدلين والإصلاحيين البارزين من انتخابات هذا العام، والتي تركت رئيسي في طريق إلى الرئاسة بلا منافس، أمور تتجاوز الملف النووي. إنه يمثل نقطة انعطاف في التاريخ السياسي لجمهورية إيران الإسلامية. المتشددون ذوو وجهات النظر العالمية الاستبدادية والمعادية بشدة لأميركا يناورون بوقاحة لإخراج منافسيهم المعتدلين من المشهد السياسي.

بحسب توسي، كانت الجمهورية الإسلامية من البداية التي تصورها مؤسسها آية الله الخميني مزيجًا بين تفسيره للفلسفات السياسية الشيعية والجمهورية الغربية والسياسات الانتخابية. نظام الحكم فيها مزيج فريد من السيادة الشعبية والسلطة الدينية، على الرغم من أن المؤسسات التي تمثل هذه الأخيرة تمتلك سلطة وصاية على الأولى. للجمهورية الإسلامية رئيس وبرلمان، لكن أيضًا مجلس صيانة الدستور المؤلف من رجال الدين ورجال القانون، يدقق في التشريعات والمرشحين السياسيين، ومرشد ديني أعلى يكون الحكم النهائي في القرارات المصيرية.

إقصاء الإصلاحيين

كان خط الصدع السياسي الرئيسي داخل النظام الإيراني المحدد منذ التسعينيات بين مؤيدي الحفاظ على هيمنة المؤسسات الدينية للدولة وأولئك الذين يريدون إصلاحها وتمكين المؤسسات الجمهورية. تسعى العناصر الأكثر ثيوقراطية إلى وضع سياسي واجتماعي قائم بذاته، في حين حاولت القوى ذات العقلية الإصلاحية أن تؤمن انفتاح البلاد. كما يختلفون أيضًا في السياسة الخارجية، حيث غالبًا ما يدافع المتشددون المتدينون عن سياسات الاكتفاء الذاتي والانعزالية، ويعارضون تحسين العلاقات مع الغرب، بينما تدعم القوى الإصلاحية التعامل مع الغرب والحلول الدبلوماسية للنزاعات، في المنطقة وخارجها.

على مر السنين، حاولت المؤسسات الدينية القضاء على الإصلاحيين ومنعهم من الحصول على مركز مهيمن في النظام. تبع الانتصار المفاجئ للإصلاحي محمد خاتمي في انتخابات 1997 الرئاسية منع مجلس صيانة الدستور معظم الإصلاحيين من خوض الانتخابات البرلمانية لعام 2004. تبع انتخابات عام 2009 التي خاضها المرشح الرئاسي الإصلاحي مير حسين موسوي استبعاد صادم للرئيس المعتدل السابق أكبر هاشمي رفسنجاني من الترشح في انتخابات 2013. قوبل انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في ذلك العام وإعادة انتخابه في عام 2017 باستبعاد معظم المعتدلين في الانتخابات البرلمانية في العام الماضي.

يضيف توسي: "ثمة نمط واضح: يميل المعتدلون في إيران إلى الفوز بالانتخابات عندما يُسمح لهم بالترشح، ويلعب المتشددون لعبة القمع تجاه أكثر الشخصيات السياسية الواعدة للمعتدلين. انتخابات هذا العام هي المحاولة الأكثر شفافية للمتشددين في تاريخ إيران الحديث، ليس لإقصاء منافسيهم فحسب، ولكن لإزالة أفكارهم بالكامل من المشهد السياسي الإيراني".

ليس إصلاحيًا.. ولكن

ليس لاريجاني إصلاحيًا، لكنه ينحدر من الجناح البراغماتي للمؤسسة المحافظة. ومع ذلك، فقد اعتبر غير مؤهل للترشح للرئاسة. في الأسابيع الأخيرة، أوضح أنه سيتبع أجندة تركز على النمو الاقتصادي من خلال زيادة التكامل مع الاقتصاد العالمي، وسيسعى إلى نسج علاقات أفضل مع جميع القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

يرى توسي أنه بالنسبة إلى المتشددين الإيرانيين، كانت أجندة لاريجاني تمثل استمرارًا للاتجاهات التي اعتبروها خطرة وسعوا إلى عكسها في عهد روحاني. في أعقاب الاتفاق النووي في عام 2015، حذر المرشد الأعلى علي خامنئي من محاولات التسلل السياسي والثقافي إلى إيران من قبل أعداء البلاد وتقويض الجمهورية الإسلامية من الداخل. واعتبر المتشددون في الحرس الثوري الإسلامي كلماته بمثابة ضوء أخضر لاعتقال العديد من المواطنين العاديين ومزدوجي الجنسية بتهم ملفقة تتعلق بـ "التسلل" والسعي إلى "تغيير سلس للنظام"، ما يساعد على وقف الانفتاح الاقتصادي والسياسي.

صب إلغاء إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للاتفاق النووي في مصلحة المتشددين الإيرانيين. لو سُمح للاتفاق النووي بالنجاح ورأست حكومة حسن روحاني سنوات من النمو الاقتصادي الحاد، فمن الصعب تخيل السيناريو الذي نراه اليوم. المعسكر السياسي الإصلاحي والمعتدل في إيران يخلو حاليًا من أي دعم شعبي، وهو عاجز في مواجهة الاستيلاء الصريح على السلطة. وفي الوقت نفسه، استطلاعات الرأي تصب في مصلحة رئيسي الذي قاد حملة مكافحة الفساد حين كان رئيس القضاء. ويعتقد على نطاق واسع أنه طامح لخلافة خامنئي.

التطرف هو السائد

رئيسي ينضم إلى ستة مرشحين آخرين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور للتنافس على الرئاسة. لكن من المقرر أن تكون الحملة احتفالية. ثلاثة من المرشحين، وهم المفاوض النووي السابق سعيد جليلي والمشرعان علي رضا زكاني وأمير حسين غازيزاده، هم من المتشددين الذين من المتوقع أن يدعموا رئيسي في المناظرات المتلفزة وينسحبوا لصالحه قبل التصويت. يقابله اثنان فقط من المعسكر المعتدل، محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي ومحسن مهرالزاده، محافظ سابق للمحافظة. لكن، لا النسب السياسية ولا الدعم الشعبي يشكلان تحديًا لرئيسي.

جميع الشخصيات التي تحيط برئيسي من أكثر الفصائل تطرفًا في إيران، والمعروفة باسم جبهة استقرار الثورة الإسلامية، أو جبهة التحمل. يرتبط كل من جليلي وزكاني وغزيز زاده ارتباطًا وثيقًا بهذا المعسكر، كما هو الحال مع مدير حملة رئيسي، علي نيكزاد . سعت جبهة التحمل لسنوات إلى إقصاء المعتدلين من المشهد السياسي الإيراني. في السنوات الأخيرة، أشارت لافتات في تجمعات الجماعة إلى مقتل رفسنجاني، بدلًا من موته بنوبة قلبية ، وهددت حياة روحاني. شخصيات مثل زكاني وغازيزاده دعت صراحة لرمي أنصار الدبلوماسية مع الغرب خارج النظام. الزعيم الروحي للجماعة، الراحل آية الله تقي مصباح يزدي، دعم نموذج كوريا الشمالية في برنامج إيران النووي.

يأكل أطفاله

يقول توسي: "اعتاد النظام الثوري الإيراني أن يأكل أطفاله". تم إقصاء خاتمي الإصلاحي من النظام، وتم حظر ذكره في المنافذ الحكومية. ويخضع موسوي، رئيس الوزراء في الثمانينيات والمرشح الرئاسي لعام 2009، للإقامة الجبرية منذ عام 2011. وقد اختلف الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد مع النظام، وتم استبعاده من الترشح في انتخابات هذا العام.

انتقد حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، بشدة قرار استبعاد مجلس صيانة الدستور بعض المرشحين، وإنكار حقوق الشعب وتجاهل المؤسسات الجمهورية للنظام باعتبارها تتعارض مع النظام الذي أسسه جده و"معاد للثورة". أعلن خاتمي أن الجانب الجمهوري من النظام يتعرض لـ "تهديد خطر" و"لا يمكن أحد أن يكون غير مبال حيال هذا الأمر". في غضون ذلك، أعلن روحاني أن إجراء انتخابات بدون منافسة هي انتخابات "هامدة".

يسعى المتشددون الإيرانيون، الذين تم تمكينهم بشكل كبير من خلال سنوات من الضغط الأميركي في ظل إدارة ترمب، إلى تعزيز قوتهم الكاملة. ربما يكون هدفهم النهائي تعيين رئيسي ليكون مرشدًا أعلى. وبقيامهم بذلك، فإنهم يلوثون الجمهورية الإسلامية بقدر أكبر من عدم الشرعية ويعزلونها عن جماهيرها التي ساعدت في إبقائها في السلطة منذ عام 1979.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فورين بوليسي". الأصل منشور على الرابط:
https://foreignpolicy.com/2021/05/27/iran-election-raisi-larijani-islamic-republics-republic-is-dying/

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ايران دولة فارسية ليس لها علاقة بالاسلام
Burhan -

ايران دولة فارسية ليس لها علاقة بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد هي مثل شخص اسمه اسلام وليس بالضرورة ان يكون مسلم او متدين.. الامر الثاني ايران لاينطبق عليها هذا الشرط عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجَر ما نهى الله عنه))؛ متفق عليه. وهذا غير متوفر في حكام ايران منذ تسلمهم سلطة ايران الى يومنا هذا.