سكان الإقليم يؤيدون حرب المتمردين
الحرب في إثيوبيا تدخل مرحلة جديدة مع سقوط تيغراي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اديس ابابا: دُهش العالم في مطلع الأسبوع لمرأى المقاتلين المتمردين يستعيدون ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي الذي دمرته الحرب في أقصى شمال إثيوبيا، فيما أطلق قادتهم تصريحات طنانة واحتفل مؤيدوهم بعودتهم في الشوارع.
حدث ذلك بعد سبعة أشهر بالتمام من خروج هؤلاء المقاتلين من الإقليم أمام تقدم الجيش الفدرالي بأمر من رئيس الوزراء أبيي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي يجد نفسه الآن غارقًا في حرب قبيحة.
أعلنت حكومة أبيي على الإثر الإثنين وقف إطلاق النار من جانب واحد، بينما واصل المتمردون تقدمهم وسيطروا على معظم أراضي تيغراي.
ومع توقع أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول اجتماع علني له بشأن النزاع الجمعة، يفكر قادة العالم فيما سيحدث بعد ذلك - وما إذا يمكن تجنب أسوأ السيناريوهات الإنسانية.
كيف انقلبت الأمور؟
أرسل أبيي قواته إلى تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قائلا إن هذه الخطوة جاءت ردا على هجمات استهدفت معسكرات للجيش الفدرالي شنتها قوات جبهة تحرير شعب تيغراي الحزب الحاكم سابقًا في الإقليم.
في الأسابيع الأولى من القتال، واجه الجيش القليل من المقاومة فدخل البلدات والمدن بما في ذلك ميكيلي، مما دفع أبيي لإعلان النصر قبل نهاية ذاك الشهر.
لكن مع ذلك، لم تحقق القوات الفدرالية الأهداف المعلنة للعملية بالكامل وهي اعتقال ونزع سلاح قادة جبهة تحرير شعب تيغراي.
تأييد السكان
تمكنت قوات تيغراي من إعادة تجميع صفوفها، مستمدة قوتها من تأييد سكان الإقليم لشن حرب تمرد فعالة، وهو ما اعترف به أبيي نفسه في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء قائلا: "عندما مرّ الجيش بقرية من دون أن يشهد أي تحرك للعدو، جاء عدد كبير من الناس فجأة من الخلف وهاجموا الجيش وذبحوا جنوده مستخدمين الكلاشينكوف أو حتى السواطير".
شن المتمردون الذين أطلقوا على أنفسهم اسم قوات دفاع تيغراي هجومًا مضادًا كبيرًا الشهر الماضي تزامن مع الانتخابات الوطنية التي من المتوقع أن تمنح أبيي أحمد نصرًا يؤهله للبقاء في السلطة لولاية جديدة.
أسفر الهجوم المضاد الخاطف الذي سُمي عملية ألولا على اسم جنرال من تيغراي اشتُهر في القرن التاسع عشر عن مكاسب هائلة في غضون أيام.
روايات متضاربة -
لم يكن مفاجئًا أن تروج قوات دفاع تيغراي الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة كدليل على تفوقها في ساحة المعركة. لكن هذا الأسبوع، حاول أبيي ومسؤولون كبار آخرون التقليل من وطأة انسحاب الجيش.
وقال أبي إن ميكيلي "فقدت جاذبيتها كمركز مهم" ولم تعد تستحق الاحتفاظ بها.
وقال رضوان حسين المتحدث باسم فرقة عمل تابعة للحكومة الإثيوبية معنية بالنزاع إن المتمردين "ما عادوا يشكلون تهديدا وجوديا لرفاهية الأمة" وأصر على أن إثيوبيا بحاجة إلى التركيز على التحديات الأمنية الأخرى.
قال وليام دافيسون، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، إن مثل هذه التصريحات تبدو "مبررات لحفظ ماء الوجه. ... كانت الحرب بلا شك عبئا على الحكومة الفدرالية. نعم، لديهم أشياء أخرى يرغبون في التركيز عليها. لكنني أعتقد أن الانسحاب يأتي من موقف ضعف".
وأضاف أنه في الوقت نفسه، من المحتمل أن قوات دفاع تيغراي "بالغت" في حجم الضرر الذي ألحقته بالقوات الفدرالية.
مناطق ساخنة -
على امتداد النزاع الذي دام ثمانية أشهر، اعتمد أبيي على القوة النارية من إريتريا المجاورة التي دخلت قواتها تيغراي من الشمال، وعلى قوات منطقة أمهرة الإثيوبية التي هاجمته من الجنوب.
وحتى الآن، لم تعلق حكومة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي بعد على إعلان وقف إطلاق النار في إثيوبيا.
فالإريتريون ضالعون في بعض المذابح الأكثر فظاعة في الحرب والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي طلبا منهم مرارًا الخروج من إثيوبيا.
وقال رضوان هذا الأسبوع إنهم فعلوا ذلك بالفعل، وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الخميس أنهم "انسحبوا من تيغراي" بأعداد كبيرة باتجاه الحدود بين إثيوبيا وإريتريا.
ووصف غيتاتشو رضا المتحدث باسم قوات دفاع تيغراي هذا الأسبوع إعلان الحكومة الفدرالية بشأن وقف إطلاق النار بأنه "مزحة"، وقال لوكالة فرانس برس إن المتمردين مستعدون لمطاردة الإريتريين حتى أسمرة إذا لزم الأمر من أجل "تأمين تيغراي"، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا الأمر يكتسي أولوية قصوى بالنسبة لهم.
بدلاً من ذلك، وعلى الأقل في المدى القريب، قد يركزون على قوات أمهرة التي ضمت أجزاءً من غرب وجنوب تيغراي ولم يصدر عنها ما يشير إلى أنها ستنسحب منها.
قال دافيسون: "يبدو من غير المرجح أن تتبنى قوات دفاع تيغراي أي وقف لإطلاق النار على مستوى الإقليم بينما ما زالت" قوات أمهرة موجودة هناك.
مشكلات الإغاثة -
مع توقع استمرار النزاع، يبدي المجتمع الدولي بشكل متزايد قلقًا حول الوضع الإنساني الأليم في تيغراي حيث تقدر الولايات المتحدة أن 900 ألف مدني "على الأرجح يعانون بالفعل من المجاعة".
وأكدت الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الخميس تدمير جسر رئيسي يسمح بدخول المساعدات إلى تيغراي، مما زاد المخاوف من "حصار" محتمل.
وقالت الأمم المتحدة إن تقارير تلقتها تفيد أن قوات أمهرة الخاصة هي التي نسفت الجسر، لكن الحكومة ألقت باللوم الجمعة على قوات تيغراي.
إذ يشدد المسؤولون في أديس أبابا على استعدادهم للسماح بدخول المساعدات إلى تيغراي وتقديم المساعدة بأنفسهم.
ويقولون إن الدافع لإعلان وقف إطلاق النار كان جزءًا منه الرغبة في تسهيل زراعة الأراضي.
لكن مع انقطاع الكهرباء والاتصالات وتعليق الرحلات الجوية وقطع الطرق المؤدية إلى المنطقة الآن، يخشى مسؤولو الأمم المتحدة والدبلوماسيون من أن يتدهور الوضع أكثر مما هو عليه.
وقال جوزيب بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي على تويتر الجمعة إن "وقف إطلاق النار لا يعني قطع الكهرباء عن منطقة أو تدمير البنية التحتية الحيوية. إن وقف إطلاق النار الموثوق به يعني القيام بكل ما هو ممكن حتى تصل المساعدات إلى ملايين الأطفال والنساء والرجال الذين هم في أمس الحاجة إليها".