أخبار

في إطار التناحر العرقي

النزاع في تيغراي "صراع من أجل البقاء"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الحميراء: قبل ثلاثين عاما، هرب أسفاو أبيرا سيرا على الأقدام من غرب تيغراي حيث كانت تدور مواجهات بين الجنود الإثيوبيين والمتمردين. لكن في حزيران/يونيو، أعادته حافلة إلى هذه الأرض التي ما زالت موضع نزاع شرس وأصبحت الآن في قلب الصراع الذي يهز المنطقة.

انهمرت الدموع من عيني الرجل البالغ من العمر 47 عاما وينتمي إلى عرقية الأمهرة عندما رأى من جديد حقول السمسم والذرة التي نشأ بينها.

كان يحلم بها ليل نهار عندما كان في منفاه في السودان حيث كان يكسب لقمة عيشه من تنظيف دورات المياه في مكاتب في الخرطوم.

ونظمت سلطات منطقة أمهرة المتاخمة لجنوب تيغراي، عودته مع آلاف آخرين لتعديل التوازن الديموغرافي في أقصى غرب هذه المنطقة.

حافة المجاعة

ويشهد إقليم تيغراي نزاعا حادا أودى بحياة الآلاف ودفع مئات الآلاف إلى حافة المجاعة.

وشن رئيس الوزراء أبيي أحمد عملية عسكرية مطلع تشرين الثاني/نوفمبر لطرد السلطات المحلية المنشقة المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي، ونزع سلاحها. وقد وعد الأربعاء ب"صد هجمات الأعداء" بعد هجوم جديد لمتمردي تيغراي.

في بداية النزاع، انتهزت قوات سلطات أمهرة الإقليمية انسحاب مقاتلي تيغراي للاستيلاء على هذه الأراضي التي يعتبرونها تاريخيا ملكا لهم.

في الأيام الأخيرة، حققت القوات الموالية لجبهة تحرير شعب تيغراي تقدما. فبعدما استعادت عاصمة الإقليم ميكيلي، باتت تستهدف الآن "الغزاة" الأمهرة وشنت هجوما الاثنين لاستعادة "كل سنتيمتر مربع" من تيغراي.

يتواجه الأمهرة والتيغراي منذ عقود حول ملكية الأراضي الخصبة في سهول تيغراي الغربية. وفي المعسكرين يؤكدون أنهم مستعدون للموت دفاعا عنها.

وبين هؤلاء اسفاو الذي كان في المجموعة الأولى من 15 ألف عائلة من الأمهرة تخطط سلطات المنطقة لنقلها من السودان.

وقال لوكالة فرانس برس هذا الاسبوع بينما كان جالسا في باحة منزله في بلدة حميراء حيث يعيش مع زوجته وأطفالهما السبعة "يقولون إنهم مستعدون لتدميرنا لكننا باقون مهما حدث. ... بمشيئة الله حان وقتنا الآن".

غادر الرجل المنطقة سرا مطلع تسعينات القرن الماضي عندما كانت جبهة تحرير شعب تيغراي على وشك الاستيلاء على السلطة في إثيوبيا حيث هيمنت على السياسة الوطنية لمدة 27 عاما.

إعادة تقسيم البلاد

وقامت الجبهة بإعادة تقسيم البلاد إلى تسع مناطق إدارية أدت إلى إلحاق مدن في شمال غرب البلاد بينها حميراء بمنطقة تيغراي التي شُكلت حديثا.

واعتبر الأمهرة ذلك استيلاء وحشيا على الأرض. لكنهم لم يتحركوا بسبب ترهيب كبير تعرضوا له.

إلا أن العديد من الأمهرة في غرب تيغراي يتذكرون بمرارة أيام جبهة تحرير شعب تيغراي ويتحدثون عن شعورهم بالخوف من التكلم بلغتهم في الأماكن العامة.

ومعظم قادة الأمهرة الذين كانوا يكافحون من أجل التغيير وخصوصا الذين يطالبون بحكم للأمهرة، كانوا يسجنون في أغلب الأحيان.

مع وصول أبيي أحمد إلى السلطة في 2018 تم تهميش قادة جبهة تحرير شعب تيغراي. وتحول الاستياء العميق بين السلطات الجديدة والقديمة إلى مواجهة مسلحة مطلع تشرين الثاني/نوفمبر بمعارك أولى في حميراء وحولها.

وفي المناطق التي اتخذت فيها قوات الأمهرة مواقع بعد انسحاب الوحدات المؤيدة لجبهة تحرير شعب تيغراي، قامت بتدمير نصب الجبهة واحتلت معسكراتها.

وفتحت السلطات فروعا محلية هناك لتحصيل الضرائب وإدارة المدارس حيث يمكن للأطفال الدراسة باللغة الأمهرية.

سرور لهذا التحول

كما قامت بتوزيع أراض ومنازل لآلاف الأمهرة القادمين من مناطق أخرى في إثيوبيا أو، مثل أسفاو، من الخارج.

وبين هؤلاء أيضا سيوم بريهون لذي يشعر بالسرور لهذا التحول.

وقال هذا المزارع "بدأت أعيش الآن. ومع أنني أبلغ من العمر 58 عاما، أعتبر حياتي القديمة فشلا. الآن بدأت حياة جديدة. لا أبالغ".

مع تدفق الأمهرة فر المدنيون التيغراي بعشرات الآلاف إما غربا إلى السودان أو شرقا إلى داخل تيغراي.

وكان النزوح الجماعي ضخما إلى درجة أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين أشار إلى "أعمال تطهير عرقي".

وينفي حكام أمهرة ذلك بشكل قاطع لكنهم يقولون إن المنطقة ليست جزءا من تيغراي وأن الأمهرة سيحكمونها في المستقبل.

وخلال زيارة قام بها مؤخرا صحافيو فرانس برس، أرسل مسؤولون محليون مدنيين من التيغراي بقوا في المنطقة، ليؤكدوا أنه لم يتم إجبار أحد على الرحيل.

ويوضح تسفاي ولديجبريل (67 عاما) أنه كان خائفا على حياته في بداية القتال في تشرين الثاني/نوفمبر. لكنه يؤكد أن مسؤولي أمهرة أكدوا له أن بإمكانه البقاء مشيرا إلى أن الذين غادروا كانوا على صلة بجبهة تحرير شعب تيغراي.

وقال "عندما ترحل حكومة وتأتي أخرى يجب أن نرحب بها بفرح".

وتتعارض هذه الرواية للأحداث مع العديد من الروايات عن عمليات الطرد العنيفة التي سقط فيها قتلى في كثير من الأحيان في هذا الجزء من تيغراي.

وينفي قادة تيغراي هذه الرواية. وقال رئيس حكومة تيغراي قبل الحرب ديبريتسيون جبريمايكل مؤخرا إن "أولئك الذين نهبوا ممتلكات حكومة تيغراي والأفراد ورجال الأعمال يجب أن يعيدوها بسرعة وإلا فإننا فسنفعل ذلك".

ومع وصول جنود فدراليين إلى غرب تيغراي، يستعد قادة الأمهرة للمواجهة.

ونشر رئيس حكومة إقليم أمهرة أجيجنهو تيشاغر هذا الأسبوع تفاصيل حسابات بنكية لمن يرغبون في تمويل الأعمال الحربية المقبلة ضد جبهة تحرير شعب تيغراي.

وقال إن المعركة لن تكون أقل من "صراع من أجل البقاء".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف