خلافات داخل صفوف حكومة الوحدة الوطنيّة
بورما: المقاومة ضد المجلس العسكري تخرج من ظل أونغ سان سو تشي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بانكوك: خسرت أونغ سان سو تشي الكثير من وزنها السياسي منذ الإنقلاب ووضعها في الإقامة الجبريّة وسط دعاوى تستهدفها بتهم عدّة، وبات الشباب البورمي الذي يتصدّر المقاومة ضد المجلس العسكري عازمًا على خوض معركته خارج ظلّ زعيمة المعارضة.
وأعلن طبيب شاب يلزم الإضراب منذ سيطرة الجنرالات على السلطة، لوكالة فرانس برس "لا نقاتل من أجل حزب سو تشي، بل حتى لا يعيش الجيل المقبل في حكم العسكريّين".
وانقضت ستة أشهر منذ أن أُوقفت الزعيمة المدنية السابقة البالغة 76 عامًا ووُضعت في الإقامة الجبريّة في العاصمة نايبيداو.
ولا تزال "الأم سو" ابنة بطل الإستقلال الذي تم اغتياله ورمز المقاومة السلميّة للإستبداد، تلقّى تقديرًا كبيرًا في بورما وكانت صورتها طاغية الحضور في التظاهرات التي هزّت البلاد في الأشهر الأخيرة.
وجه تاريخي
لكنّ ماني مونغ من منظّمة هيومن رايتس ووتش رأت أنّها باتت "تُعتبر أكثر فأكثر بمثابة وجه تاريخي".
ويبدو أنّ الزمن ولّى حين كان البورميّون يتناقلون خطاباتها سرًّا في عهد الدكتاتوريّات السابقة مترقّبين أي تعليمات قد تتسرّب منها.
ويتصدّر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقميّة ويبقى على تواصل مع العالم، الحركة الإحتجاجيّة.
ويرفض أي زعامة تتجسّد في شخص، ويعتمد نظرة لامركزيّة إلى السلطة، على غرار الحركات المطالبة بالديموقراطيّة في هونغ كونغ وتايلاند.
وأوضحت ماني مونغ أنّ هذا الجيل "لم يعد يريد أن تحكمه شخصيّة رمز ولا أن تسيطر عليه قوّة سياسيّة وحيدة" مثلما كانت الحال مع الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطيّة بزعامة أونغ سان سو تشي اعتبارًا من 2015.
وتمثّل فصائل عرقيّة متمرّدة في شمال البلاد وشرقها اليوم قوّة مقاومة أساسيّة لها كلمة وازنة، وهي حملت السلاح ضد العسكريّين وتؤوي وتدرّب العديد من المعارضين الفارّين.
وهذه الفصائل لم تعتبر يومًا أنّ سو تشي تمثّلها.
ولم تنجح الزعيمة المدنيّة حين كانت في السلطة في إيجاد حل للتوتّر العرقي والصراعات المسلّحة المستمرّة منذ إستقلال البلاد عام 1948، واستمرّت إتنيّة بامار التي تنتمي إليها والتي تشكّل الغالبيّة في بورما في السيطرة على البلاد.
الإتنيات البورميّة
ورأت فرنسواز نيكولا مديرة قسم آسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدوليّة أنّه "إذا ما سقط المجلس العسكري في نهاية المطاف، فإنّ هذه المجموعة لن تقبل بهذه الهيمنة".
وتكشف بعض الخطابات السياسيّة منذ الآن عن الرغبة في إقامة فدرالية مع تمثيل أفضل لمختلف الإتنيّات البورميّة التي تضمّ أكثر من 130 أقليّة.
وفي مؤشّر هام إلى تغيير التوجّه هذا، انضمّت إي تينزار مونغ من إتنيّة شان إلى "حكومة الوحدة الوطنيّة" التي شكّلها معارضون سرًّا.
وقالت فرنسواز نيكولا "أفسحوا لها مكانًا في المشهد السياسي، هذا أمر جديد تمامًا ورمز قوي".
وتظهر خلافات داخل صفوف حكومة الوحدة الوطنيّة بين حرس قديم وفي لسو تشي وجناح تقدّمي أكثر لم يعد يرغب في المضي قدمًا معها حصرًا.
فقدت وزنها السياسي
وفقدت سو تشي الكثير من وزنها السياسي في السنوات الأخيرة على الساحة الدوليّة.
ولفت ريتشارد هورسي من مجموعة الأزمات الدوليّة إلى أنّ الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 1991 التي قضت حوالى 15 عامًا من حياتها قيد الإقامة الجبريّة، كانت تُعتبر في ما مضى "الحل" للخروج من الأزمة.
لكن "أهميّتها بنظر الغرب تراجعت كثيرًا" اليوم.
وأخذت عليها دول عديدة تغطيتها على التجاوزات التي ارتكبتها السلطات العسكريّة ومتطرّفون بوذيّون بحقّ أقليّة الروهينغا المسلمة.
غير أنّ سو تشي لم تكترث للإنتقادات، بل توجّهت إلى لاهاي للدفاع أمام محكمة العدل الدوليّة عن حكومتها المتّهمة بارتكاب "إبادة".
تحوّل في الموقف
وفي تحوّل تام في موقفها، دعت حكومة الوحدة الوطنيّة في مطلع حزيران/ يونيو أقليّة الروهينغا للإنضمام إلى صفوفها لمحاولة الإطاحة بالمجلس العسكري، ووصلت إلى حد قطع وعد بمنحهم الجنسيّة، ما يُعتبر ثورة حقيقيّة.
ويبقى السؤال مطروحًا عمّا إذا كانت أونغ سان سو تشي تتنبّه إلى هذه التحوّلات، وسط عزلتها وانقطاعها عن الأخبار.
ولا يزال المجلس العسكري يعتبرها بمثابة تهديد له.
وألغى الجنرالات نتيجة الإنتخابات التشريعيّة التي جرت عام 2020 وحقّقت فيها الرابطة الوطنيّة من أجل الديموقراطيّة فوزًا ساحقًا، ويوجّه المجلس العسكري اتّهامات عديدة إلى سو شي من أبرزها الفتنة والفساد، لمنعها من العودة إلى العمل السياسي.