أخبار

سؤال يحير المجتمع الدولي

هل تعزز عودة طالبان قوة هيئة تحرير الشام بإدلب؟

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي المتصلة بالقوى الإسلامية لعناصر تابعة لهيئة تحرير الشام في الشمال السوري
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: منح صعود حركة "طالبان" في أفغانستان وسيطرتها على معظم أرجاء البلاد مع انسحاب القوات الأميركية منها برفقة قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، آمالاً لعدد كبير من المتطرفين حول العالم.

كانت هيئة "تحرير الشام" التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب السورية من أول المهنئين للحركة، معتبرة ما حصل "نصراً كبيراً"، وفقًا لـ "العربية.نت".

ومع أن هيئة "تحرير الشام" التي تعد بمثابة ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا، رحّبت بسيطرة "طالبان" على أفغانستان، إلا أن إمكانية تحقيقها لمكاسب سريعة من الحركة في الوقت الراهن تبدو "ضئيلة"، على ما يتوقع خبراء في شؤون الجماعات المتشددة.

المتشددون يحتفلون

في السياق، أوضح فهيم طاشتكين، المحلل السياسي التركي المعروف أن "المتشددين يحتفلون بعودة طالبان، على الرغم من كل التناقضات بينهما، فهناك نزعة لدى هذه الجماعات المختلفة على وصف ما حصل في أفغانستان على أنه انتصار للتنظيمات الإسلامية الحركية".

وقال لـ"العربية.نت" إن "رسائل التهنئة التي وصلت طالبان من مناطقٍ متعددة قد تسهل عليها مسألة بحثها عن الشرعية، لكن من الناحية العملية يصعب على هيئة تحرير الشام وطالبان دعم بعضهما البعض، فالأولى تهدف لإزالة اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية، ويمكنها أن تتوقع تفهماً من المجتمع الدولي من خلال الاستشهاد بتجربة طالبان خاصة إذا ما تمّ الاعتراف بالحركة التي تحافظ على صلاتها بتنظيم القاعدة، وبالتالي ما المانع من تكرار ذات السيناريو مع هيئة تحرير الشام التي انفصلت عن القاعدة رغم أنه لن يتمّ بسهولة".

ملاذ آمن

إلى ذلك، من المحتمل أن تتحول أفغانستان إلى "ملاذٍ آمن" للإرهابيين مرةً أخرى، بحسب المحلل السياسي الذي يستذكر سقوط حكم طالبان في عام 2001، بالقول "عندما تمّت الإطاحة بها في ذلك الوقت، تفرّق المقاتلون الأجانب واكتسبوا القوة فيما بعد في العراق بعد الغزو الأميركي ومن ثم في سوريا، وقد ساهم ذلك في ظهور تنظيم داعش لاحقاً، واليوم قد يحصل العكس، بمعنى أن يعود المقاتلون المتطرفون من مناطقٍ متفرّقة حول العالم إلى أفغانستان مثلما تجمّعوا في سوريا والعراق في السنوات الماضية".

كما أضاف "أفغانستان قد تكون ملاذاً آمناً للمتشددين إذا ما بات وجودهم مهدداً في سوريا على سبيل المثال، إلا أن هذا الأمر يتوقف على استعداد الحركة الأفغانية، فهي ليست في وضع يمكنها مساعدة المتطرفين خارج أحدودها في الوقت الحالي، لذلك قد تطلب منهم التزام الهدوء وعدم إلحاق الضرر بدولٍ أخرى انطلاقاً من الأراضي التي تسيطر عليها إذا ما كانت طالبان تريد بالفعل تحقيق السلام مع العالم الخارجي".

إلى ذلك، شدد على أن "هيئة تحرير الشام قد تستفيد من صعود طالبان مع وجود جماعاتٍ مقاتلة أخرى في إدلب تريد الهيئة التخلص منها، وهي تنظيمات مسلّحة يهيمن عليها الأجانب كالشيشان والأويغور والأوزبك والطاجيك الذين ينحدرون من دولٍ مختلفة، ما يعني إمكانية إرسال عناصرها إلى أفغانستان والإبقاء على الجماعات السورية فقط".

تخفيف الضغط

رأى المحلل السياسي أن "الهيئة إذا ما تمكنت من التخلص من هذه التنظيمات الأجنبية، فهذا يعني تخفيف الضغط السوري والروسي على تركيا، وفقاً لاتفاقيات سوتشي المعروفة والتي تقتضي القضاء على التنظيمات الإرهابية في إدلب، لاسيما وأن الهيئة تعتقد أن التخلص من المقاتلين الأجانب في مناطق سيطرتها تعني تجنب الهجمات العسكرية الروسية، ولذلك قد تلجأ لهذا الخيار بالتنسيق مع أنقرة، وبذلك تستطيع أن تقول إن تواجد المسلحين في إدلب يقتصر على جماعاتٍ سورية فقط".

ولا تختلف قراءة إسلام أوزكان المحلل السياسي المختص أيضاً بشؤون الجماعات المتشددة عن وجهة نظر طاشتكين حيال المنفعة المتبادلة والمحتملة بين حركة طالبان و"تحرير الشام"، فيقول إن "رفض الحركة لمطالب الولايات المتحدة في تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن تسبب في الغزو الأميركي لأفغانستان والإطاحة بحكم طالبان عام 2001، وقد كان ذلك نقطة تحوّل مهمة في مسارها أدركت من خلالها تكلفة دعمها للقاعدة، ولذلك كانت أهم بنود الاتفاقية التي أبرمتها مع واشنطن لاحقاً مكافحة الإرهاب والحركات المتطرفة مثل تنظيمي القاعدة وداعش".

وأضاف لـ"العربية.نت" أن "الولايات المتحدة كانت تتفاوض مع طالبان لمدة عامين، ومن يدري، ربما تكون المفاوضات بشأن قضايا أخرى مستمرة بينهما خاصة أن تلك المفاوضات منحت طالبان خبرة كبيرة في الدبلوماسية والسياسة، ولذلك لا يبدو من المنطقي أن تستمر في دعم القاعدة واحتوائها في أفغانستان".

وتابع: "على الرغم من أن حركة انطوائية نسبياً مثل طالبان، والتي لديها مشاكل خطيرة في الاندماج مع العالم، تعطي رسائل معتدلة، إلا أن هذا الأمر قد يتغير مع هيمنتها على كامل أفغانستان، وحينها ربّما تعود إلى أسلوبها القديم في دعم الحركات المتشددة مقابل التخلص من خصومها، وفي هذه الحالة يمكن أن نشهد صعود تنظيمات متشددة في مناطقٍ أخرى من العالم مثل سوريا والعراق".

عودة مفيدة!

إلى ذلك، رأى الخبير في شؤون الجماعات المتشددة أن "عودة طالبان لأسلوبها القديم قد يكون مفيداً لهيئة تحرير الشام على المدى البعيد، وليس في الوقت الراهن، حيث تغيّرت الظروف في سوريا وباتت الهيئة محاصرة في إدلب وحدها دون وجود توافق دولي على كيفية إيجاد حلٍّ لمشكلة المتطرفين هناك وهو أمر مرهون بمدى التزام طالبان ببنود اتفاقها مع واشنطن".

يشار إلى أنه مطلع سبتمبر الحالي، أعلنت واشنطن عن سحب آخر جنودها من أفغانستان بعد حربٍ دامت لنحو عقدين من الزمن، وذلك في وقتٍ سيطرت فيه حركة "طالبان" على معظم أرجاء البلاد.

وهنأت مختلف الجماعات المتشددة والمتطرفة حول العالم، "طالبان" بعد تمددها السريع في أفغانستان الشهر الماضي، وكانت هيئة "تحرير الشام" التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب السورية، من أولى تلك الجماعات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف