العراق يستعيد 17919 قطعة مسروقة من آثاره
لوح كلكامش بعهدة وزارة الثقافة العراقية بعد غياب ثلاثة عقود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: تسلمت وزارة الثقافة العراقية الثلاثاء لوحاً مسمارياً نادراً عمره 3600 عاماً يحتوي على جزء من ملحمة كلكامش التاريخية كانت قد سلمته الولايات المتحدة الى العراق بعدما تبيّن لها أنّه سُرق من متحف عراقي عام 1991 ثمّ هُرّب بعد سنوات اليها.
وفي حفل اقيم في مقر وزارة الخارجية العراقية فقد سلم وزيرها فؤاد حسين الى وزير الثقافة حسن ناظم لوح حلم كلكامش الطيني الذي يبلغ عمره 2600 عاما ويحتوي على نقوش باللغة السومرية لأجزاء من (ملحمة كلكامش) الشعرية تمت سرقته من العراق عام 1991 .
وأشار وزير الخارجية الى انه قد تم تسليم الاثار المعادة من الولايات المتحدة وبريطانيا الى وزير الثقافة موضحا ان استعادة هذه الاثار المهربة تمت بجهود مشتركة وهي انتصار ضد من يريد تشويه حضارة العراق. واضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الثقافة ان لوح كلكامش يحتوي على نقوش سومرية وقد تسلمته السفارة العراقية في واشنطن من متحف أميريكي اضافة الى قطعة اثرية عبارة عن لوحة سومرية من جنوب العراق تسلمتها سفارة العراق في لندن من الحكومة البريطانية.
استعادة أكثر من 17 الف قطعة أثرية منهوبة
واعتبر إن "هذا العام هو عام الدبلوماسية الثقافية لافتاً إلى أن الوزارة استطاعت استرداد أكثر من 17 ألف قطعة أثرية.. موضحا ان ملف استرداد الاثار المهربة تم بعمل جاد مع الجهات المعنية مبينا انه تم استرداد 17919 قطعة اثرية من الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا وهولندا واليابان. ومن جهته اكد وزير الثقافة ن "العراق أنجز أكبر عمليتي استرداد للآثار خلال 4 أشهر موضحا ان بلاده ستشهد استرداد قطع أثرية أخرى مستقبلاً .
يذكر أنَّ لوح حلم كلكامش هو "لوح طيني" تجاوز عمره 3500 عام، حيث يحتوي على نقوش باللغة السومرية لأجزاء من "ملحمة كلكامش" الشعرية، تمت سرقته من العراق 1991 والتداول به في المزادات العالمي.
وفي العام 2007 تم إدخاله إلى سوق الفن الأمريكي، فيما صادرته وزارة العدل الأميركية العام 2019.
وكانت واشنطن قد شهدت في 24 أيلول سيتمبر الماضي احتفالا لمناسبة استعادة هذا اللّوح الأثري المصنوع من الطين والمكتوب عليه بالمسمارية جزء من "ملحمة كلكامش" التي تُعتبر أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية وتروي مغامرات أحد الملوك الأقوياء لبلاد ما بين النهرين في سعيه إلى الخلود. ورغم صغر حجمه، فإنّ قيمة هذا اللوح الأثري هائلة وقد تم تسليمه رسميا خلال ذلك الحفل الذي أُقيم في معهد سميثسونيان في العاصمة الأميركية واشنطن.
انتصار على مشوهي التراث
من جانبها قالت أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) "أثرت هذه القصة على الديانات التوحيدية الكبرى وتركت آثارا على الإلياذة والأوديسة".
وأضافت أن "ملحمة كلكامش تخبرنا بما لدينا من قواسم مشتركة" واستردادها يمثل "انتصاراً كبيراً على أولئك الذين يشوّهون التراث".
وأشارت الى أن استعادة هذه القطعة الأثرية ستتيح "للشعب العراقي إعادة التواصل مع صفحة من تاريخهم".
قصة ملحمية
وقال كينيث بولايت المسؤول البارز في وزارة العدل الأميركية إن "إعادته إلى الوطن هي في حد ذاتها قصة ملحمية".
ووفقاً للسلطات الأميركية فإنّ هذا الكنز الأثري سُرق من متحف عراقي في 1991 إبّان حرب الخليج الأولى ثم اشتراه في 2003 تاجر أعمال فنيّة أميركي من أسرة أردنية تقيم في لندن وشحنه إلى الولايات المتحدة من دون أن يصرّح للجمارك الأميركية عن طبيعة الشحنة.
وبعد وصول اللوح إلى الولايات المتّحدة باعه التاجر عام 2007 لتجّار آخرين مقابل 50 ألف دولار وبشهادة منشأ مزوّرة.
وفي عام 2014 عام اشترت هذا اللوح بسعر 1,67 مليون دولار أسرة غرين التي تملك سلسلة متاجر "هوبي لوبي" والمعروفة بنشاطها المسيحي وذلك بقصد عرضه في متحف الكتّاب المقدس في واشنطن.
لكنه في عام 2017 أعرب أحد أمناء المتحف عن قلقه بشأن مصدر اللوح بعدما تبيّن له أنّ المستندات التي أُبرزت خلال عملية شرائه لم تكن مكتملة.
مصادرة اللوح
وفي أيلول سبتمبر 2019 صادرت السلطات الأميركية هذه القطعة الأثرية إلى أنّ صادق قاضٍ فدرالي في نهاية تمّوز يوليو على إعادتها إلى العراق.
وفي تمّوز الماضي أعادت الولايات المتحدة إلى العراق 17 ألف قطعة أثرية يرجع تاريخ غالبيتها إلى أربعة آلاف سنة ولا سيما إلى الحضارة السومرية، إحدى أقدم الحضارات في بلاد ما بين النهرين.
نهب الكنوز الاثرية العراقية
وعانت الكنوز الأثرية العراقية من الإهمال والتدمير والنهب خلال الحروب التي عصفت بالبلاد في العقود الماضية، ولا سيّما في المرحلة التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
ووصفت اليونسكو إعادة اللوح، إلى جانب 17000 قطعة أثرية أخرى إلى العراق بأنه "انتصار مهم في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية".
واشارت الى إن "سرقة القطع الأثرية القديمة والاتجار غير المشروع بها ما زال مصدر تمويل رئيسي للجماعات الإرهابية وغيرها من منظمات الجريمة المنظمة".
وأضافت أنه عندما سيطر داعش على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا خلال الفترة من 2014 وحتى 2019 تعرضت المواقع الأثرية والمتاحف العراقية للنهب بشكل منهجي.
أقدم قصيدة ملحمية معترف بها
وتعد ملحمة كلكامش أقدم قصيدة ملحمية معترف بها، إذ يشير علماء الآثار إلى أنها كُتبت قبل ملحمة هوميروس الأوديسة، التي كُتبت قبل ألف وخمسمائة عام وتعود إلى العهد الروماني.
وكانت هذه القطعة النادرة، التي كُتبت بالخط المسماري الأكادي، قد اُشتريت لتعرض في متحف الكتاب المقدس في العاصمة الأميركية واشنطن.
وهي واحدة من قطع أثرية قديمة من العراق والشرق الأوسط جمعها الملياردير ديفيد غرين، صاحب سلسلة متاجر مجموعة هوبي لوبي.
لكن وزارة العدل الأميركية استولت على المتحف عام 2019 بعد عامين من افتتاحه عندما قضت محكمة أميركية اتحادية بتسليم القطعة الأثرية النادرة إلى السلطات.
تتويج لعقود من التعاون الدولي
وتقول اليونسكو ان عملية استعادة هذه القطعة الأثرية القيمة بأنها تتويج لعقود من التعاون بين دول مثل الولايات المتحدة والعراق وكليهما من الدول الموقعة على اتفاقية اليونسكو لعام 1970، والتي تزود البلدان بالإطار القانوني والعملي لمنع الاتجار غير المشروع، ولضمان التأكد من إرجاع العناصر المنهوبة إلى مكانها الصحيح.
كما ترمز عودة لوح كلكامش إلى الحشد الدولي الأوسع من قبل الدول والمنظمات مثل اليونسكو إلى منع التجارة غير المشروعة في القطع الأثرية القديمة والتصدي لها.
يشار الى ان الكنوز الأثرية العراقية عانت من الإهمال والتدمير والنهب خلال الحروب التي عصفت بالبلاد في العقود الماضية ولا سيّما في المرحلة التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق عام 2003.