أخبار

مواقفٌ مؤرخة حول اتفاقيات إنهاء الحرب قبل 60 عام

كواليس مفاوضات إيفيان بين فرنسا والجزائريين المطالبين بالاستقلال

وصول الوفد الفرنسي إلى فندق دو بارك في إيفيان. من اليسار إلى اليمين: روبرت بورون (وزير الأشغال العامة والنقل) ، لويس جوكس (وزير الشؤون الجزائرية) ، وجان دي برولي (وزير الصحراء الجزائرية ومقاطعات ما وراء البحار الفرنسية).
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تونس: شابت المفاوضات بين الفرنسيين والجزائريين في إيفيان (وسط شرق فرنسا) التي أفضت الى التوقيع على اتفاقيات أنهت الحرب في الجزائر قبل 60 عاما، توترات وسوء فهم، وفق شهادات جمعتها وكالة فرانس برس.

في ختام هذه المفاوضات، وقّع الفرنسيون والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في 18 آذار/مارس 1962، على اتفاقيات إيفيان التي كرّست هزيمة فرنسا وفتحت الطريق أمام استقلال الجزائر بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب و132 عامًا من الاستعمار.

وكانت جبهة التحرير الوطني الجزائرية أعلنت، منذ إطلاقها "حرب التحرير" في بيان في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1954، أنها مستعدة للتفاوض مع السلطات الفرنسية، ولكن المفاوضات المباشرة بين فرنسا والحكومة المؤقتة لم تبدأ حتى كانون الثاني/يناير 1961. ودامت 18 شهرًا، معظمها في السرّ.

وبدأت الاتصالات بشكلٍ خاص بفضل ممثل الحكومة الجزائرية المؤقتة في إيطاليا الطيب بولحروف الذي طلب من الرئيس الإيطالي وقتئذ جيوفاني غرونشي ومن رئيس الوزراء جورجيو لابيرا ومن المدير التنفيذي لمجموعة النفط "إيني" إنريكو ماتيي، جس نبض الرئيس الفرنسي لمعرفة نواياه.

وبفضل الإيطاليين، تأكد بولحروف من "أن الجنرال (شارل) ديغول بات مستعدا للتفاوض مع " المتمردين"، وفق ما يروي نجله جليل بلحروف لوكالة فرانس برس.

وبدأ التوتر الذي ساد أجواء المفاوضات في بدايتها، يتراجع مع مرور الوقت وتعرُّف المفاوضين على بعضهم البعض.

سيجار بومبيدو

وروى الطيب بولحروف لابنه، أنه خلال المحادثات في لوسارن في سويسرا التي سبقت تلك التي جرت في إيفيان عام 1961، دخل جورج بومبيدو المقرّب من ديغول والحائز ثقته، مع "سيجارة في فمه" خلال شهر رمضان، الى الاجتماع.

ويقول جليل بولحروف "أطفأ سيجارته احتراما، لكن والدي قال له إنه يستطيع التدخين براحته، لأن الإسلام دين متسامح للغاية، فلا مشكلة".

ويشير المؤرخ الجزائري عمار محند عمر من معهد الدراسات في نانت (فرنسا) الى أن "الأشهر الاخيرة من المفاوضات بين الحكومة الجزائرية المؤقتة والحكومة الفرنسية، سلكت منحى إيجابيا تمثّل بالوصول بأسرع وقت إلى تفاهم"، ولو أن الأمور كانت لا تزال تحتاج أحيانا الى تجاوز الكثير من سوء الفهم.

ويروي عمر أن خضر بن طوبال، أحد المفاوضين الجزائريين، ردّ مرة على رئيس الوفد الفرنسي الذي كان يخاطب الحكومة المؤقتة للجزائر، بالقول "أنتم، على الجانب الآخر من الطاولة"، على أساس أن فرنسا لا تعترف بهذه الحكومة ولا بجبهة التحرير الوطني. فأجرى مقارنة بين المتكلم و"بعض الرجال الجزائريين الذين لا يذكرون أبدا زوجاتهم بالاسم، حتى عندما يخاطبونهن مباشرة".

دعم سويسرا

خلال المرحلة التحضيرية والمفاوضات، تلقى الوفد الجزائري دعما من سويسرا.

جرى جزء من المفاوضات في المرحلة الأولى بالقرب من جنيف، وكان الوفد الجزائري يقيم في فيلا في منطقة بوا دافو على الجانب السويسري من الحدود.

وتمكّن المصوّر الفرنسي أندريه غازو من التقاط بعض الصور، بفضل الدكتور جيلالي بن تامي، ممثل الهلال الأحمر الجزائري في سويسرا الذي عرّفه برضا مالك، عضو الوفد الجزائري المفاوض.

ويقول المصوّر لوكالة فرانس برس إن المفاوضين "جاؤوا الى سويسرا من تونس في رحلة خاصة لشركة الطيران السويسرية التي تلقت تعليمات بعدم التحليق فوق الأجواء الفرنسية".

ويضيف أن مراقبة المناطق المحيطة بالفيلا كانت من مهمة الجيش السويسري "خوفا من عملية هجومية ضد المفاوضين من منظمة الجيش السري (منظمة فرنسية كانت تعارض استقلال الجزائر)".

ويتابع "كانت هناك أيضا مدافع مضادة للطيران للتصدّي لاحتمال ظهور طائرات بالقرب من المكان".

وروى المصوّر الشهير ريمون ديباردون لصحيفة "ليبرتي" اليومية الجزائرية في كانون الأول/ديسمبر أن الوفد الجزائري "كان مرتاحا ويرتدي أزياء أنيقة"، وكان أفراده "شبابا تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاما".

وقال "كان ذلك مناقضا للصورة التي كانت لدينا عن جبهة التحرير الوطني في الجبال وبالزي العسكري".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف