أخبار

بوتين يصعّد رغم عزلته الدولية المتزايدة

روسيا تستأنف مهاجمة ماريوبول وسط نشاط دبلوماسي أميركي كثيف

مدرسة تضررت جراء قصف بتاريخ 4 مارس 2022 في مدينة تشيرنيغوف في أوكرانيا
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كييف: استأنف الجيش الروسي مهاجمة مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية وواصل التقدّم في مناطق أوكرانية أخرى مع استمرار القتال العنيف حول العاصمة كييف، في حين وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيرات جديدة إلى حلف شمال الأطلسي.

وقالت وزارة الدفاع الروسية "نظراً إلى غياب الرغبة من الجانب الأوكراني في التأثير على القوميين أو تمديد وقف إطلاق النار، استؤنفت العمليات (العسكرية) الساعة 18,00 بتوقيت موسكو (15,00 ت غ)".

وكان الأوكرانيون أرجأوا قبل ذلك بساعات إجلاء المدنيين من ماريوبول المطلة على البحر الأسود ومدينة أخرى محاصرة، مبررين ذلك بانتهاك القوات الروسية وقف إطلاق النار.

ونتيجة لاستمرار القتال في أوكرانيا، تفاقمت الأزمة الإنسانية مع بلوغ عدد اللاجئين خارج البلاد 1,37 مليون شخص منذ بدء الغزو في 24 شباط/فبراير، وفق الأمم المتحدة.

جهود دبلوماسية

وأدى النزوح الجماعي إلى تعبئة سياسية قوية، لا سيما في الدول الحدودية مثل بولندا حيث التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السبت نظيره الأوكراني دميتري كوليبا.

وانتهز كوليبا اللقاء للمطالبة بمقاتلات وأنظمة دفاع جوي، معتبراً أن رفض الحلف الأطلسي إقامة منطقة حظر للطيران "مؤشر ضعف".

ووصل بلينكن إلى مولدافيا السبت لإظهار دعم واشنطن، في وقتٍ تشهد البلاد موجة لاجئين من أوكرانيا.

من جهته، برر رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي خلال زيارة إلى لاتفيا المجاورة لروسيا السبت، قرار الحلف قائلاً "إذا تمّ إعلان منطقة حظر جوي، سيتعيّن على شخص ما فرضَها... سيتوجب علينا إذا أن نذهب ونحارب القوات الجوية الروسية بفاعلية".

واعتبر بوتين السبت أن أي بلد سيسعى إلى فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا ستعتبر موسكو أنه أصبح طرفاً في النزاع. وهدد بـ"عواقب وخيمة وكارثية ليس لأوروبا فحسب، ولكن للعالم بأسره" إذا أنشئت منطقة حظر كهذه.

ورغم عزلته الدولية المتزايدة، استقبل بوتين السبت في موسكو رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو أول زعيم أجنبي يزور روسيا منذ غزو أوكرانيا، باستثناء رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الذي زارها غداة الغزو لكن زيارته كانت مقررة مسبقاً.

وأطلق بينيت جهود وساطة في النزاع، إذ اتصل أيضاً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل إجراء محادثات في برلين مع المستشار الألماني أولاف شولتس.

وقال زيلينسكي الأحد إنه تحادث مجدداً مع نظيره الأميركي جو بايدن هاتفياً من أجل مناقشة الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا والعقوبات على روسيا.

في غضون ذلك، وعد أعضاء في الكونغرس الأميركي خلال محادثة افتراضية مع زيلينسكي بصرف مساعدات لأوكرانيا بقيمة 10 مليارات دولار.

من جانبه، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في محادثة هاتفية مع بلينكن "نشجع على مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا".

كما حضّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الصين على تأدية دور الوسيط في سياق تسوية محتملة للنزاع.

ويستعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتقديم "خطة عمل" دولية تهدف إلى "إفشال" الغزو الروسي لأوكرانيا ويعتزم لهذه الغاية تكثيف الاجتماعات الدبلوماسية الأسبوع المقبل في لندن، بحسب ما أعلن مكتبه السبت.

أما صندوق النقد الدولي، فحذّر من أن الحرب والعقوبات المفروضة على روسيا سيكون لها "تأثير جوهري على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، مع تأثيرات جانبية على دول أخرى"، مبدياً خشيته من تداعيات "مدمرة".

وأعلنت شركتا الدفع بالبطاقات فيزا وماستركارد السبت أنهما ستعلقان عملياتهما في روسيا، لتنضما بذلك إلى عدد متزايد من الشركات الأميركية الكبرى التي علّقت أعمالها في روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.

نقطة تحول

في جنوب شرق أوكرانيا، ستكون السيطرة على مدينة ماريوبول التي قصفها الروس وحلفاؤهم لأيام عدة، نقطة تحول مهمة في اليوم العاشر من الغزو، بينما تستعد موسكو وكييف لجلسة تفاوض ثالثة الإثنين.

وستؤدي السيطرة على المدينة إلى التحام القوات الروسية الآتية من شبه جزيرة القرم والتي استولت مؤخراً على بيرديانسك وخيرسون، والقوات الانفصالية والروسية في دونباس، وتوحيد هذه القوات للتحرك شمالاً.

سيسمح ذلك للجيش الروسي الذي حقق تقدماً كبيراً في الأراضي الأوكرانية، بتشديد الضغط العسكري على وسط البلاد وشمالها حيث يحتدم القتال، لا سيما في كييف وخاركيف.

بعد عشرة أيام من الحرب، بات مستحيلا ًالتحقق من حصيلة الضحايا بشكل مستقل، وقد أبلغت كييف عن مقتل ما لا يقل عن 350 مدنياً وأكثر من 9 آلاف عسكري روسي من دون أن تذكر خسائرها العسكرية، وأعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلاً في الجانب الأوكراني و498 في صفوف قواتها.

مشاهد مفجعة

من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت إن "المشاهد اليوم في ماريوبول وفي مدن أخرى مفجعة".

وكانت هذه المدينة التي يناهز عدد سكانها 450 ألف نسمة قاومت عام 2014 هجمات القوات الموالية لروسيا القادمة من دونيتسك خصوصاً.

وقال أحد أعضاء منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية التي ما زالت في ماريوبول لوكالة فرانس برس "الليلة الماضية، اشتد القصف وأصبح أقرب"، مضيفاً أن السكان يفتقرون إلى كل شيء، خصوصاً للطعام والماء لدرجة أنهم يضطرون لجمع الثلوج وإذابتها، مع تدمير القصف العديد من المتاجر.

يأتي حصار ماريوبول مع اقتراب القوات الروسية من كييف في مواجهة مقاومة شديدة في بعض الأحيان وقصف طال مباني سكنية لا سيما في تشيرنيغوف على بعد 150 كيلومتراً شمال العاصمة حيث قتل عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة.

وشاهد فريق من فرانس برس زار تشيرنيغوف السبت، مشاهد دمار في أحياء المدنية التي تقول موسكو إنها لا تستهدفها، ويقطنها 300 ألف نسمة والتي تفرغ من سكانها وحيث يرتسم مشهد يخشى أن يتكرر في وسط كييف المطوقة بقوات روسية.

وقال سيرغي، وهو أحد الناجين من القصف "كانت الجثث منتشرة في كل مكان. كانوا ينتظرون في طوابير للحصول على علاج وقد ماتوا جميعاً".

وواصل الرئيس الأوكراني تحدي موسكو وأعلن السبت أن القوات الأوكرانية شنّت هجوماً مضاداً حول خاركيف ثاني مدن البلاد التي شهدت بعض أعنف عمليات القصف منذ بداية الحرب.

وواصل الجيش الروسي قصف المنطقة المحيطة بكييف في الشمال الغربي والشرق على وجه الخصوص.

في أحد المستشفيات في شمال العاصمة، تحدّث جنود أوكرانيون مصابون لفرانس برس السبت عن قتالهم غير المتكافئ تحت وابل من النيران الروسية، فيما تعهدوا أنهم سيعودون إلى الجبهة بمجرد أن يصبحوا قادرين على القتال.

وروى الجندي موتيكا (29 عامًا) الذي أصيب بشظية "كنا في وضع استطلاعي وصادفنا رتلاً معادياً. قاتلناهم وقتلنا جنودهم المشاة لكنهم أمطرونا بقذائف الهاون"، وقد خسرت الكتيبة الأوكرانية العديد من المقاتلين واضطرت للتراجع.

بحسب السلطات الأوكرانية، ستعقد جولة ثالثة من المفاوضات مع الروس الإثنين.

لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جداً، فقد حذر بوتين من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكنًا إلا إذا تم قبول "كل المطالب الروسية" بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة "محايدة وغير نووية" و"إلزامها بنزع سلاحها".

تعليق النشاطات

في روسيا، شدد الكرملين قمع كل الأصوات المعارضة للنزاع مع توقيع بوتين الجمعة قانوناً ينص على عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً لمن ينشر "معلومات كاذبة". وبرر الكرملين السبت تبني هذا النص بضرورة التصدي "لحرب إعلامية".

من جانبها، أعلنت وكالة "إيفي" الإسبانية للأنباء والتلفزيونان الألمانيان العامّان "إيه آر دي" و"زي دي إف" وكذلك قناة "راي" الإيطالية، السبت وقف التغطية مؤقتاً من موسكو، بعد قرارات مماثلة لوكالة "بلومبرغ" الإخبارية وشبكة "بي بي سي" البريطانية وقنوات تلفزيونية أميركية عدة بينها "سي إن إن".

من جهة أخرى، دعت لندن السبت البريطانيين الذين لا يعتبر وجودهم "ضرورياً" إلى مغادرة روسيا، فيما أعلنت شركة الطيران الروسية "إيروفلوت" تعليق رحلاتها الدولية اعتباراً من 8 آذار/مارس.

كما توسعت السبت قائمة الشركات التي قررت تعليق نشاطها في روسيا، وأضيفت إليها مجموعة "أنديتكس" الإسبانية المالكة لعلامة "زارا" الرائدة في مجال بيع الملابس، وعملاق التكنولوجيا الكوري الجنوبي "سامسونغ".

ودعت كندا السبت رعاياها إلى تجنب السفر إلى روسيا بسبب النزاع المسلح في أوكرانيا، داعية الكنديين الموجودين في روسيا إلى مغادرتها. من جهتها أعلنت السلطات المصرية السبت أنها نقلت أربعة آلاف سائح أوكراني علقوا في مصر بعد انتهاء برامجهم السياحية، إلى "دول الجوار الأوكراني".

في الوقت نفسه، تزايدت التظاهرات المناهضة للحرب في أوروبا مع خروج عشرات الآلاف السبت في مدينة زوريخ الأكثر سكاناً في سويسرا، والآلاف في باريس وروما، وبضع مئات في وسط لندن. في المقابل، تظاهر العشرات تأييداً لروسيا في بانغي، عاصمة أفريقيا الوسطى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف