برلسكوني نزع "الشيطنة عن اليمين المتطرف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في الثاني عشر من شهر حزيران-يونيو من هذا العام، توفي الإيطالي سيلفيو برلسكوني الملقب بـ"الكافيلياري"(أي الفارس)" عن سن تناهز 86عاما.
وقد خصصت له جنازة وطنية حضرها العديد من الشخصيات الإيطالية والعالمية. وكان سيليفو برلسكوني قد تصدر المشهد السياسي في بلاده على مدى ثلاثة عقود، منتهجًا سياسة شعبوية يمينية، ورابطًا بين السياسة وعالم المال والأعمال.
اقتحم عالم السياسة بعد أن حصل على ثروة هائلة من العقارات، ومن كرة القدم، ومن الاعلام البصري بالخصوص حيث أطلق قنوات تقدم برامج ترفيهية حققت لها شهرة واسعة بين الطبقات الشعبية.
الى جانب ذلك، تورط في الكثير من الفضائح الجنسية أجبرته على الوقوف أمام المحاكم أكثر من مرة:" وكان يقول ...أنا رجل إيطالي...أحب النساء، الصغيرات منهن بالخصوص... فأي ذنب ارتكبته؟".
وفي الفيلا الفاخرة التي يملكها في ميلانو، كان ينظم احتفالات وسهرات صاخبة يدعو إليها أجمل الفتيات. وبسبب مخالفته لقانون الضرائب، أمضى سيلفيو برلسكوني سنة في السجن.
وتقول ماري- آن ماتارو-بونوشي أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة باريس، إن برلسكوني كان له تأثير كبير على المشهد السياسي في إيطاليا خصوصا وأنه ظل رئيسا للوزراء على مدى عشر سنوات، وهي مدة لم تتوفر لأي واحد من سابقيه في هذا المنصب الرفيع. كما أنه كان يتمتع بقوة الشخصية، وبكاريزما سمحت له بالسيطرة المطلقة على القوى اليمينيية، بمن في ذلك اليمين المتطرف. كما أنه تمكن من الحاق هزيمة مرة بالحزب الديمقراطي المسيحي الذي هيمن على الحياة السياسية في إيطاليا بعد الحرب الكونية الثانية. وأهم ما قام به هو أنه نزع "الشيطنة" عن اليمين المتطرف والتي ظلت تلاحقه على مدى عقود طويلة.
ويصف رافائيل سيمون ،وهو عالم لغوي وناقد، سيلفيو برلسكوني بـ"الوحش الناعم" الذي جعل من الديمقراطية وسيلة لإعادة الاعتبار لليمين المتطرف، معتمدًا على نظامٍ يحدّ من الحريات، ويجعل القوانين في خدمة مصالحه الخاصة، ويساعد على تجاوز واختراق قوانين الضرائب، بل هو لا يتردد في التعامل مع عصابات المافيا، حاطًا من شأن الثقافة، ومن شأن التربية والتعليم، وحاصلاً على رضا الطبقات العمالية والشعبية بفضل برامج تلفزيونية تافهة وسطحية ومبتذلة.
ويرى رافائيل سيمون أن هذا "الوحش الناعم" الذي هو برلسكوني لا يُزيح المعارضين له، بل "يبتلعهم"، و"يروضهم" ليصبحوا تحت سيطرته المطلقة. لذا يمكن اعتباره أب الشعبوية التي اكتسحت العالم راهنًا، والتي أصبح زعماؤها في أعلى المناصب، بل أن دونالد ترامب الذي هو شديد الشبه ببرلسكوني تمكن من أن يحكم أقوى دولة في العالم على مدى أربع سنوات.