ثقافات

كان محباً للمغرب وللحياة التي حاورها مبتسماً ثم رحل سريعاً

"منتدى أصيلة" يرثي هاني نقشبندي.. صديقاً وفياً ومبدعاً أصيلاً

جانب من تأبين الكاتب السعودي الراحل هاني نقشبندي في منتدى اصيلة ويبدو الكاتبة المصرية مي التلمساني والكاتب المغربي مبارك ربيع والكاتب التونسي حسونة المصباحي (رضا التدلاوي )
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من أصيلة: جاء استحضار "منتدى أصيلة" الـ44 للروائي والصحافي السعودي، الذي رحل قبل أسابيع قليلة من انطلاق الموسم الثقافي للمدينة المغربية التي أحبها، لتؤكد فداحة الفقد، ولتبرز قيمة الرجل على الصعيد الثقافي ونبله على الصعيد الإنساني.


جانب من اللقاء التأبيني للكاتب الراحل هاني نقشبندي في أصيلة

وتميزت اللحظة الإنسانية التي خصصت للراحل، وترأستها مي التلمساني، الروائية المصرية وأستاذة الدراسات السينمائية بجامعة أوتاوا بكندا، ضمن فعاليات ملتقى الرواية العربية، الذي ناقش في دورة هذه السنة محور "الرواية العربية والخطاب البصري"، بتقديم شهادات لعدد من الكتاب العرب، من بين أصدقائه، الذين عددوا مناقبه، سواء على المستوى الإنساني أو المهني والإبداعي.

هاني .. المتميز
قال معجب سعيد العداوني، الناقد والأستاذ الجامعي السعودي، إن نقشبندي ينتمي إلى نخبة من الشباب السعودي، الذين اشتغلوا على الدخول في عصر حداثة المجتمع العربي، على المستوى الإعلامي، ونجحوا في ذلك، إلى حد كبير، بسرعة وتميز.
كما تحدث عن المجال الآخر الذي تميز وعمل فيه الراحل، والمتمثل في الكتابة الروائية، فأشار إلى أن كتابته كانت مختلفة عن أعمال كثيرة كتبت في الوسط الثقافي السعودي، ورأى أن مكان الاختلاف يعود إلى أن الكاتب الراحل ركز في كتاباته على المتلقي، ولم يتوجه إلى النخبة، الشيء الذي أكسبه قاعدة قراء كبيرة،وقبولا لأعماله من طرف كثير من النقاد.

هاني .. المتواضع
من جهته، قال الباحث والناقد المغربي شرف الدين ماجدولين إن نقشبندي، الذي رحل قبل أسابيع قليلة من انطلاق فعاليات موسم أصيلة لهذا السنة، كان جزء من هذه الموعد الثقافي، ومن عمقه الإنساني ومن الإشعاع الثقافي الذي ينثره، أينما حل وارتحل.
واستحضر ماجدولين محطات من تاريخ علاقته بالراحل، مركزا على اتصال جمعهما حين كان الراحل بصدد الاشتغال على عمله الروائي "سلام". وشدد على أنه لم تكن لديه أحلام كثيرة أو ادعاءات في حقل الرواية، وأنه كان يتحدث عن عمله بتواضع شديد، مشيرا إلى أن من أهم المنجزات التي قام بها على مستوى عمله الروائي أنه أدخله إلى ثقافة بلاد الأندلس، ذلك أنه كان شديد الاهتمام بها، وبتفاصيل تاريخها وعاداتها.
وأضاف أن الكاتب الراحل صار، بذلك، باحثا مهما في حقل دراسات الأندلس.

هاني .. الشفاف
بدوره، قال الروائي المغربي مبارك ربيع إن نقشبندي رجل ما يثبت من صورته في ذهنك أنك إذا ما اقتربت منه أو ابتعدت عنه، فإن ما يتبقى في ذهنك عنه هو أنه شخص يمكن أن يقال عنه شفاف، تقبل عليه فتجده وديعا مبتسما، فتلقاه كأنه كان معك على موعد، وكأنه لا ينتظر غيرك. وقال إنه يصح فيه قول الشاعر: "تراه إذا ما جئته متهللاً / كأنك تعطيه الذي أنت سائله".
وأضاف ربيع إن كل ذلك يعبر عن سمة من سمات نقشبندي الإنسانية والثقافية العميقة. وأضاف أنه كان الرجل الذي لم يغضب أحدا.


حسين حربي ومعجب العدواني وشرف الدين ماجدولين

وأضاف ربيع: "عندما نستحضر أنه تولى رئاسة تحرير مجلات "سيدتي"و"الرجل"و" الرجل" ، على ما بين هذين المجالين في واقعنا العربي من إثارة مشاكل كبيرة وعميقة تصل حدود المحرم والمقدس، ومع ذلك يبدو أن الرجل لم يغضب أحدا ولم يغضب على أحد، حتى أتى المسؤولية في حدودها الممكنة".
وقال ربيع إن زوايا وأزقة ومقاهي ومطاعم أصيلة تعرف نقشبندي، كما تعرفه تلك المنعرجات المؤدية إلى بيت محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى أصيلة.
كما تحدث ربيع عن علاقة نقشبندي بموسم أصيلة، وكيف كان يتطوع في ورشاته تطوعا واحتسابا لخدمة الثقافة العربية.
وبعد أن تحدث عن تجربته الرواية،أشار إلى أن الراحل كان يحب المغرب،ولذلك بحث في تراثه الأندلسي بمحبة لهذا البلد، ولثقافته العربية وللأمجاد العربية.

هاني .. الهادئ
من جهته، تحدث الروائي التونسي حسونة المصباحي عن صدمته بعد خبر وفاة نقشبندي، قبل أن يستحضر الصداقة التي جمعته به، من خلال مقولة للشاعر الالماني راينر ماريا ريلكه، جاء فيه أن "الحياة تقول دائما وفي نفس الوقت نعم ولا؛ أما الموت فهو الإثبات الحقيقي لأنه لا يقول إلا نعم أمام الأبدية".


حسونة المصباحي يتحدث خلال التأبين

وقال المصباحي إنه لم يكن يظن أن نقشبندي، الرجل الهادئ، الذي يحاور الحياة باسماً وسعيداً يمكن أن يغيب بتلك السرعة والكيفية.
وعاد المصباحي، في نهاية كلمته، إلى ريلكه، من خلال مقولة: أن الأحياء يرحلون ويذهبون إلى مملكة الموت، ومملكة الموت تسكنها الملائكة ويسكنها الناس الذين لا يفرقون بين الحياة والموت".

هاني .. النبيل
أما حسين الحربي، الصحافي بجريدة "الرياض" السعودية، فقرأ على الحضور مقالا كتبه عن نقشبندي، قال فيه إنه عاش 60 عاماً ك"بلبل نبيل" تحلو الحياة بشدوه يتنقل وينقل معه إنسانيته وطيبته والحب والتسامح، جامعا منافسيه قبل أصدقائه، مفعماً بالأمل وحب الحياة، ينقل الفرح والبهجة مع من يعرف ومن لا يعرف، عشق الفن والجمال، روحه متوثبة لما هو جديد وخلاق، جمع بين الإعلام والإبداع والثقافة، شعلة متوقدة من العطاء والعمل والمثابرة، رحل عن عالم سعى لأن يكون أجمل، خلف أثره اللطيف وذكرياته الجميلة ورصيد كبير من الكتابات والمقالات والروايات.


الصحافي السعودي حسين حربي يتحدث في تأبين هاني نقشبندي

وأضاف الحربي أن قراءات نقشبندي المكثفة في علم الاجتماع وسيكولوجية الحياة ، وظّفها في منجزه السردي؛ فكتب ذات يوم في افتتاحية إحدى رواياته: "كثيراً ما كنت أشعر أن الحياة تكرّر نفسها دون إرادة منا. أتخيل الله يهبنا الفرصة لإعادة اكتشاف أنفسنا، والتخلص من خطايانا، لنصبح أكثر نقاءً وقرباً منه".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف