القصف خلف 20 ألف قتيل وأكثر من 50 ألف جريح
لا مكان في المشفى يتسع لناجٍ وحيد من قصف منزل في خان يونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والحرب في قطاع غزة مستمرة، وتقول وزارة الصحة هناك إن القصف الإسرائيلي على القطاع خلّف حتى الآن نحو 20 ألف قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 52 ألف جريح ومصاب.
عبد الرحمن، طفل فلسطيني من قطاع غزة يبلغ من العمر 17 عاماً، فقد عائلته بالكامل في قصف إسرائيلي لمنزلهم في خان يونس جنوبي القطاع.
يقول عم عبد الرحمن، محمود عبد الغفور، لبرنامج غزة اليوم: "في تلك الليلة فوجئت باتصال من جيران أخي، قرابة الساعة الرابعة فجراً، يبلغوني بتعرض منزل أخي للقصف"، ويضيف عبد الغفور: "حين وصلت وجدت سيارات الإسعاف تنتشل الجثث من تحت الأنقاض، لم يكن بينها أي جثة متكاملة، كلها كانت أشلاء، لدرجة أن ما استطعنا تجميعه من أشلاء أخي وزوجته لم يتجاوز وزنه 5 كيلوغرامات في كيس صغير".
نزحت أسرة عبد الرحمن البالغ عدد أفرادها ستة أشخاص، إلى منزل أخيه في خان يونس، ولم ينجو منهم سوى عبد الرحمن، الذي أصيب هو الآخر إصابة بالغة.
لا مكان في المستشفى
كان عبد الرحمن الناجي الوحيد من ذلك القصف، وتوجهت به سيارات الإسعاف إلى مستشفى ناصر، حيث كانت حالته حرجة جداً، وأوضح عبد الغفور لبرنامج غزة اليوم حالة ابن أخيه الخطيرة جداً "بسبب سقوط عمود خرساني على قدمه اليمنى جراء القصف"، مضيفاً أن "العملية الجراحية التي خضع لها عبد الرحمن من أجل تركيب شرائح بلاتين، لم تنجح بسبب النقص الحاد في الإمكانات والمستلزمات الطبية، وكثرة عدد الحالات داخل المستشفى".
وفي ظل الاكتظاظ الذي يعاني منه مستشفى ناصر وكافة المستشفيات في القطاع، لم يجد عبد الرحمن مكاناً للرعاية الطبية داخل مستشفى ناصر، حيث طلب منه الأطباء بعد ثلاثة أيام، إخلاء مكانه لمصاب آخر، ما اضطر عمه للتوجه به إلى "طبيب خاص" خارج المستشفى، والذي أكد بدوره "عدم إمكانية علاج حالة عبد الرحمن الخطيرة داخل القطاع، لعدم توفر الإمكانيات" كما قال عبد الغفور.
دون اتصالات وإنترنت، كيف يكافح الصحفيون في غزة لإيصال الصورة للعالم؟
خان يونس .. من فندق مملوكي إلى مأوى للاجئين والنازحين
خاض عبد الرحمن رحلة - بعد خروجه من مستشفى ناصر - للبحث عن طبيب آخر لعلاجه، إذ يوضح عمه عبد الغفور أنهم اضطروا لنقله بسيارة خاصة لعدم وجود سيارة إسعاف تتولى نقله، ويستدرك: "لا أستطيع وصف حجم الألم الذي شعر به ابن أخي، ولا صريخه وبكاءه المتواصل طوال الرحلة".
وأضاف عبد الغفور أنه بحث في كل صيدليات خان يونس، التي لا تزال تعمل بأقل الإمكانيات، عن أي دواء مسكن لابن أخيه، غير أن جميع محاولاته باءت بالفشل.
لم تقتصر إصابة عبد الرحمن على الضرر الجسدي وحسب، بل تعدتها ليعاني من اضطرابات نفسية جراء "الصدمة التي مرّ بها بعد معرفته بمقتل جميع أفراد أسرته"، يقول عبد الغفور إن الناجي الوحيد من أسرة أخيه أصبح "يستيقظ مفزوعاً كل ليلة ليسأل عن أفراد أسرته فرداً فرداً، غير متقبلٍ لفكرة موتهم".
منطقة آمنة، تخلو من كل مقومات الحياة
وتتعرض مدينة خان يونس لقصف شديد من قبل القوات الإسرائيلية، خاصة بعد أن أعلن الجيش توسيع عملياته العسكرية فيها الشهر الماضي، ما اضطر عبد الغفور لنقل عائلته والناجي الوحيد من عائلة أخيه لمنطقة المواصي في رفح.
وأوضح عبد الغفور أن المنطقة التي كانوا يعيشون فيها داخل خان يونس هي منطقة السطل الغربي، والتي أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها، باعتبارها منطقة عمليات عسكرية، ويصف عبد الغفور المكان الذي لجأوا إليه هرباً من القصف الذي لاحقهم في كل مكان قائلاً: "حين وصلنا إلى منطقة المواصي فهمنا لماذا يقولون عنها منطقة آمنة، إنها تخلو من كل مقومات الحياة البشرية".
يقول عبد الغفور إن "الطقس في منطقة المواصي شديد البرودة، ولا يلائم على الإطلاق الحالة الصحية لعبد الرحمن، فآلامه تفاقمت"، ويوضح عبد الغفور: "قمنا بحفر حفرة بأيدينا لاستخدامها كحمام لقضاء الحاجة".
وعلى الرغم من كل تلك التحديات التي واجهها منذ أن تم قصف منزل أخيه، يُصر عبد الغفور على النجاة بأسرته وإنقاذ حياة الطفل الوحيد الذي تبقى له من أسرة أخيه، وباعتبار أنه وصل إلى أقرب نقطة لحدود غزة مع مصر، ناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإنقاذ ابن أخيه عبد الرحمن والسماح له بعبور الحدود إلى مصر لتلقي العلاج.