اقتصاد

الإفراط في الاستدانة يقلل قدرة البلدان على التنمية

بينما تسير إعادة الهيكلة ببطء.. تغرق أفريقيا في دوامة الديون

فيفي أندروز تدير الجلسة طارحة سؤالاً على الأفارقة في دافوس حول توسيع نطاق الاقتصاد الأفريقي: هل أفريقيا تنهض حقاً، أم أن "العملاق النائم" لم يستيقظ بعد؟
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دافوس: يُثقل تضخم الديون كاهل النمو الاقتصادي العالمي، فيما يحذِّر الخبراء من أن العديد من بلدان منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا تعاني من التخلف عن السداد، وتعيش في أسوأ أزمة لها على الإطلاق.

ويقلّص ارتفاع أسعار الفائدة والإفراط في الاستدانة قدرة البلدان على تمويل تنميتها، كما أكد عدد من الزعماء الأفارقة في كلماتهم في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

أصول الأزمة
في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في الفترة 2007-2009، أبقت البنوك المركزية في البلدان الصناعية عمومًا أسعار الفائدة منخفضة، وتوفرت لبلدان الجنوب العالمي التي كانت تقترض في الغالب على المستوى الثنائي أو من المؤسسات المالية الدولية، إمكانية غير مسبوقة للوصول إلى الأسواق المالية.

وقالت الاقتصادية الكينية عطية واريس التي تعمل أيضًا خبيرة مستقلة لدى الأمم المتحدة، إن "العديد من الدول النامية التي كانت في حاجة ماسة إلى ضخ الأموال في اقتصاداتها سارعت إلى الاستعانة بهذه القروض منخفضة التكلفة، في أسواق لا تخضع لقواعد أو تنظيم".
وأضافت أن صندوق النقد الدولي شجعها على ذلك. وساعدت هذه الأموال في إعطاء دفعة كان العديد من الاقتصادات الإفريقية في أمس الحاجة إليها. لكن البلدان التي تعتمد على تصدير المواد الخام مثل النفط والمعادن والخشب تعرضت لضغوط شديدة عندما بدأت أسعار السلع الأساسية في الانخفاض في عام 2015. ثم زادت جائحة كوفيد من تفاقم الوضع.

وأدى انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى تقليص إيرادات العملات الأجنبية التي تحتاجها هذه البلدان لتسديد خدمة قروضها. وحصلت العديد من البلدان على قروض جديدة لسداد ديونها القديمة، مما أدخلها في دوامة من الديون تحول دون الاستثمار في البنية التحتية والأنظمة الصحية والتعليم.

وقدر البنك الدولي العام الماضي أن 22 دولة معرضة لخطر الإفراط في المديونية، بما في ذلك غانا وزامبيا اللتين تخلفتا عن سداد ديونهما الخارجية.

وتضم القائمة أيضًا مالاوي وتشاد اللتين لديهما برنامج مساعدة من صندوق النقد الدولي. وتتفاوض إثيوبيا التي أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إفلاسها جزئيا في كانون الأول/ديسمبر، على حزمة إنقاذ.

دائنون يعرقلون الصفقات
في عام 2022، بلغ الدين العام الأفريقي 1,8 تريليون دولار مسجلاً قفزة بنسبة 183 بالمئة عن عام 2010، بعد أن نما بمعدل أربعة أضعاف أكثر من الناتج الاقتصادي، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

ويسعى الدائنون العامون الغربيون المنضوون في مجموعة العشرين والعديد من الشركاء إلى التوصل إلى إعادة هيكلة ديون 40 دولة أفريقية. وبين هؤلاء الصين المتهمة بتقديم قروض ميسرة لمشاريع البنية التحتية لا تستطيع هذه البلدان تسديدها.

بُنيت صفقات الديون هذه على مبدأ المساواة في المعاملة ومشاركة جميع الدائنين. لكن يصعب على الدول الأفريقية إبرام اتفاقات لأن المقرضين من القطاع الخاص غالبًا ما يرفضون الشروط.

وفي السنوات الأخيرة، صار المستثمرون الخاصون - بما في ذلك صناديق الاستثمار وصناديق التقاعد - أكبر دائني الدول الأفريقية.

وفي عام 2022، كان هؤلاء يمتلكون 42% من الدين العام الخارجي الأفريقي، مقارنة مع 38% للمؤسسات المتعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، و20% لدول أخرى.

ومن بين الـ 20 في المائة التي تمتلكها الدول الأخرى، كانت الصين أكبر مقرض لأفريقيا، وتمتلك وحدها 11 في المئة.

قال ماثيو باريس منسق البرنامج الفرنسي للديون والتنمية الذي يجمع أكثر من عشرين مجموعة مدنية للضغط من أجل إعادة هيكلة الديون على نحو مستدام "يتم تقديم الصين في كثير من الأحيان على أنها الطرف الشرير، لكنها أدركت أهمية توفير جرعة هواء للدول التي تعاني من مشكلات عميقة وهي تشارك الآن في الجهد المبذول، حتى وإن استغرق ذلك بعض الوقت".

ومن المفيد هنا النظر إلى حالة زامبيا. فبعد عامين من المفاوضات الصعبة، توصلت في حزيران (يونيو) 2023 إلى اتفاق قُدم على أنه "تاريخي" لإعادة هيكلة ديونها. لكنه لا يتعلق سوى بـ 6,3 مليار دولار من ديونها الخارجية البالغة 18,6 مليار دولار.

والأسوأ من ذلك أنه لن يدخل حيّز التنفيذ إلا إذا وافق المقرضون من القطاع الخاص على شروط مماثلة، في حين رفضت ذلك شركة إدارة الأصول الأميركية بلاك روك BlackRock، وهي من كبار مالكي الديون الخاصة التي اقترضتها زامبيا.

"التضخم والفقر"
قال الخبير الاقتصادي الغاني تشارلز أبوغري إنه مع زيادة أسعار الفائدة التي تثقل المعاناة بسبب الديون المتراكمة، "تشهد الدول الأفريقية تقلبات خطيرة في أسعار العملات فيما يزداد التضخم باستمرار".

وأضاف أن "الأثر اليومي مأساوي بالنسبة للفقراء، فنحن نشهد تضخما في تكاليف النقل والغذاء والسكن، في حين أن الأجور الفعلية راكدة".

ورأى أمين إدريس أدوم، أحد كبار المديرين في وكالة التنمية التابعة للاتحاد الأفريقي، أن "المسألة الحقيقية اليوم ليست معرفة كيف يمكن الخروج من تحت وطأة الديون، بل كيف يمكن الاقتراض بذكاء".
وفي حين أن إعادة هيكلة الديون مهمة، إلا أنه "لا ينبغي أن يتم ذلك على حساب الاستثمار في البنية التحتية والصحة والطاقة" لدعم تنمية الاقتصادات والمجتمعات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف