فصل جديد في مجال تكنولوجيا المعارك
المسيرات القاتلة: سماء أوكرانيا تُعيد صياغة قواعد الحروب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: قبل خمسة عقود، ظهرت الأسلحة الموجهة بدقة على ساحة المعركة الفيتنامية، لتُشكل علامة فارقة في مسار الحروب. ومنذ ذلك الحين، سعى العسكر جاهدين لتحقيق أقصى قدر من الدقة والفعالية في أرض المعركة، مما أدى إلى ارتفاع فلكي في تكلفة الأسلحة الذكية. مثلاً، تبلغ تكلفة قذيفة المدفعية الأميركية الموجهة بنظام GPS مئة ألف دولار، مما يجعلها سلعة نادرة في مخزونات الجيوش. وقد نفذ مخزون هذه الأسلحة من أوروبا أثناء حرب ليبيا عام 2011، بينما اتبعت إسرائيل سياسة ترشيدية في استخدام أسلحتها الذكية خلال حرب غزة، حرصاً منها على الحفاظ على مخزونها الاستراتيجي.
ولكن ماذا لو تمكّنت الدول من الجمع بين الدقة والوفرة ضمن ميزانية معقولة؟ لعل الجواب يأتي من أوكرانيا، حيث تُكتب فصول جديدة في مستقبل الحروب باستخدام المسيرات القاتلة ذات الرؤية الشخصية.
قنابل صغيرة تُجهز لتركيبها على طائرات درون في باخموت، بتاريخ 25 سبتمبر 2022
قواعد اللعبة
ويُظهر تقرير نشرته مجلة "إيكونوميست" مؤخراً، ازدياداً هائلاً في استخدام طائرات درون FPV، أو ذات الرؤية الشخصية، على جبهات القتال في أوكرانيا. تتميز هذه الطائرات بحجمها الصغير، وثمنها الرخيص، وسهولة التحكم بها عن بعد وكأن الطيار يجلس في قمرة القيادة، مما يجعلها سلاحاً فتّاكاً في يد الجندي.
قدرة تدميرية بكلفة أقل
تتسلل المسيرات القاتلة ذات الرؤية الشخصية بذكاء إلى أبراج الدبابات، وتتوغل في الخنادق، وتلاحق أهدافها بدقة متناهية قبل أن تصيبها بدقة قاتلة. تُلحق المسيرات القاتلة ذات الرؤية الشخصية خسائر فادحة في صفوف المشاة والمدرعات، وتُشكل تهديداً حقيقياً لحياة الجنود على الأرض.
وتُستخدم مسيرات (FPV) القاتلة بشكل متزايد في مختلف أنحاء العالم. ففي كانون الثاني (يناير)، تم تسجيل 3000 ضربة بمسيرات ذات رؤية شخصية. وباتت طائرات الدرون هذه تُشكل جزءاً أساسياً من ترسانة أي جيش.
أوكرانيا نموذجاً
تُخطط أوكرانيا لبناء مليون إلى 2 مليون درون قتالية خلال عام 2024. ونجحت هذه الطائرات في خفض استهلاك أوكرانيا للقذائف، في وقت يتزامن مع عدم موافقة الكونغرس الأميركي منحها الإمدادات العسكرية التي تطلبها.
مستقبل الحروب
تُمثل طائرات درون FPV ثورة تقنية حقيقية تُعيد تشكيل قواعد اللعبة في عالم الحروب. فمع التحول نحو أسلحة صغيرة رخيصة وفعالة، وازدياد الاعتماد على التكنولوجيا الاستهلاكية، وتعاظم النزعات الاستقلالية في المعارك، ستنتشر هذه الطائرات بشكل سريع بين الجيوش والميليشيات والإرهابيين والمجرمين على حد سواء.
مسيرات "كرار" الإيرانية بعيدة المدى والمزودة بصواريخ "مجيد" جو-جو، التي أعلنت إيران أنها تعزز دفاعاتها الجوية
وتُعد تقنية طائرات درون FPV بسيطة وثورية في آنٍ واحد. فمع انخفاض تكلفة تصنيعها، وقدرتها على نقل حمولات صغيرة حتى حين يكون الطقس رديئاً، تُصبح هذه الطائرات سلاحاً لا غنى عنه في ساحة المعركة.
في سماء أوكرانيا، تُعلن المسيرات القاتلة؛ درون FPV عن فجر حرب جديدة، حرب تُعيد صياغة قواعد اللعبة، وترسم مستقبل الحروب في العالم.
أعدت إيلاف هذا التقرير بتصرف عن مجلة "إيكونومست". المادة الأصل