مسيرة ملهمة وضعت إثيوبيا على الخريطة الرياضية العالمية
من هو العداء الأفريقي الذي فاز بأول ميدالية أولمبية ذهبية لبلده وللقارة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في ليلة دافئة في العاصمة الإيطالية روما، في عام 1960، أذهل العالم العداء الإثيوبي ابن راعي الأغنام، الذي ركض حافي القدمين نحو فوز تاريخي وحصل على أول ميدالية ذهبية لبلاده ولأفريقيا.
في ذلك المساء، امتلأت شوارع المدينة بالمتفرجين الذين يهتفون لعدائي الماراثون الذين يتنافسون في الألعاب الأولمبية.
وعلى طول الطريق، حمل الجنود الإيطاليون المشاعل لإضاءة الطريق بينما انطلق أبيبي بيكيلا نحو خط النهاية.
أولمبياد باريس 2024: كيف يستعد الشباب لتمثيل بلدانهم؟
المغربية نور السلاوي تصنع التاريخ في باريس
وفي معظم فترات السباق، كان بيكيلا، الذي كان يرتدي شورتًا أحمر من الساتان وسترة سوداء، مواكبا لبطل الماراثون راضي بن عبد السلام من المغرب، الذي كان من المرجح أن يفوز في السباق.
وبعد ذلك، وقبل أقل من ميل واحد، بدأ في الابتعاد عن منافسه منطلقا نحو خط النهاية، رافعا شارة النصر بيديه.
لم يحتل بيكيلا المركز الأول في السباق فحسب، بل كان أيضًا أول أفريقي أسود وأول إثيوبي يفوز بميدالية ذهبية في الأولمبياد.
مسجلا رقماً قياسياً عالمياً جديداً بساعتين و15 دقيقة و16 ثانية.
لقد كان انتصارًا مفاجئًا، ليس فقط لأن بيكيلا لم يكن معروفًا تمامًا، ولكن لأنه ركض طوال السباق حافي القدمين.
واتخذ بيكيلا قراره بالقيام بذلك لأن حذاءه كان باليا، وكان يخشى أن يحد الحذاء الجديد من انطلاقه.
ويقول الكاتب البريطاني تيم جودا، في كتابه عن العداء: "عادةً ما يصعد الأبطال في التصنيف، وبالتالي عندما يصلون إلى القمة يصبحون معروفين، لكن بيكيلا لم يكن معروفًا على الإطلاق".
وأضاف: "لذلك أدى هذا إلى تفاقم صدمة فوز أفريقي حافي القدمين وغير معروف بالماراثون".
عاد بيكيلا إلى وطنه بطلاً قومياً، واستقبله الآلاف.
ومع ذلك، فإن فوزه عام 1960 كان له أهمية تتجاوز وطنه.
يقول جودا: "كانت تلك فترة نهاية الاستعمار ووصول أفريقيا إلى المسرح العالمي".
ومضى قائلا: "وبهذا المعنى، كان فوزه بمثابة شهاب الأمل ورمز للعصر الجديد".
وتستمر رمزية فوز بيكيلا حتى يومنا هذا.
ويقول الإثيوبي هايلي جيبرسيلاسي، عداء المسافات الطويلة وبطل العالم :" إذا نظرت إلى ما حدث لأفريقيا، فإن الاستقلال بدأ بعد فوز أبيبي بيكيلا في العاصمة الإيطالية روما".
وعندما عاد بيكيلا إلى وطنه، ذكرت صحيفة نيشن الكينية أن الإمبراطور هيلا سيلاسي منحه نجمة إثيوبيا. كما قام بترقيته ومنحه رتبة عريف، وأعطاه منزلاً وسيارة فولكس فاغن بيتل جديدة.
بدايات متواضعةكانت نشأة بيكيلا بعيدة كل البعد عن بريق انتصاره الأولمبي في روما.
فقد وُلد عام 1932 في قرية جاتو الريفية الإثيوبية، وهو ابن راعي أغنام.
وعندما كان شابًا، انضم، بعد انتقاله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إلى الحرس الإمبراطوري الوطني حيث تم منحه دورا مرموقا يتمثل في حماية الإمبراطور هيلا سيلاسي شخصيا.
وهنا تم اكتشاف موهبته الرياضية من قبل المدرب السويدي أوني نيسكانين، الذي عينته الحكومة الإثيوبية لتدريب الحرس الإمبراطوري.
بدأ نيسكانين بتدريب بيكيلا للمنافسة في الماراثون.
ومع ذلك، لم يعتبر بيكيلا أفضل عداء في إثيوبيا. كان زميله وامي بيراتو هو المرشح المفضل لدورة الألعاب الأولمبية في روما، ولكن قبل أيام قليلة من التوجه إلى العاصمة الإيطالية، أصيب بيراتو بالمرض واضطر إلى البقاء في إثيوبيا.
الميدالية الذهبية الأولمبية الثانيةتم ترسيخ إرث بيكيلا في أولمبياد طوكيو عام 1964، حيث دافع عن لقبه في الماراثون، ليصبح أول شخص يفوز بميداليتين ذهبيتين متتاليتين في هذا الحدث.
وحتى يومنا هذا، مازال بيكيلا واحدًا من ثلاثة متسابقين فقط، إلى جانب الألماني فالديمار سيربينسكي والكيني إليود كيبتشوجي، الذين فعلوا ذلك.
ورغم أن العداء هذه المرة كان بركض بحذائه، فقد واجه تحديا من نوع آخر.
فقبل 40 يوما فقط من الحدث، خضع بيكيلا لعملية جراحية طارئة لإزالة الزائدة الدودية.
وعلى الرغم من قصر مدة التدريب، فقد انطلق في مضمار الجري في استاد طوكيو الوطني نحو النصر وحقق رقما قياسيا عالميا آخر قدره ساعتان و12 دقيقة و11 ثانية.
ووفقا لألعاب القوى العالمية، فاز بيكيلا في 12 ماراثون دولي من بين 13 بين عامي 1960 و 1966. ولكن بعد خمس سنوات فقط من فوزه الأولمبي الثاني، وقعت المأساة.
التغلب على الشدائدففي مارس/ آذار من عام 1969، تعرض بيكيلا، بينما كان يقود سيارته الفولكس فاغن بيتل، لحادث سيارة أدى إلى إصابته بالشلل من رقبته إلى الأسفل.
ونقل جواً إلى وحدة إصابات العمود الفقري المتخصصة في مستشفى ستوك ماندفيل في إنجلترا لتلقي العلاج وكان عليه أن يتقبل أنه لن يمشي مرة أخرى أبدًا.
لكن العداء استطاع أن يستعيد السيطرة على يديه فتوجه إلى رياضات أخرى، فتفوق في الرماية بالقوس والسهم وتنس الطاولة.
وشارك في عام 1970 في ألعاب ستوك ماندفيل في لندن، وهي مقدمة مبكرة للألعاب البارالمبية.
وفي العام التالي، تنافس في النرويج، حيث فاز بحدث ركوب الزلاجات في مسابقة للرياضيين المعاقين.
إرث أبيبي بيكيلافي عام 1973، توفي بيكيلا عن عمر يناهز 41 عامًا بسبب مضاعفات الحادث الذي تعرض له.
وأعلن الإمبراطور هيلا سيلاسي يوم وفاته حدادا وطنيا وأقيمت جنازة رسمية لبيكيلا.
وعلى الرغم من وفاته المبكرة، فإن إرث العداء لا يزال محفورا في الذاكرة، وأطلق اسمه على ملعب في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ويحمل اسمه في بلاده العديد من المدارس والجوائز.
وكان الإرث الأكبر لبيكيلا هو إلهام جيل جديد من عدائي المسافات الطويلة في جميع أنحاء شرق أفريقيا.
واستمر عدد من الرياضيين الإثيوبيين والكينيين، مثل هايلي جيبرسيلاسي وإليود كيبتشوجي، في السيطرة على هذه الرياضة.
و يقول جيبرسيلاسي: "نحن العدائين الأفارقة نتاج أبيبي بيكيلا، فبفضله أصبحت رياضيًا عالميا".
أولمبياد باريس: هل يمكن أن تنظم مصر الأولمبياد لأول مرة في تاريخ أفريقيا؟حظر الحجاب يخيّم على مشاركة الرياضيات الفرنسيات في أولمبياد باريسالسباحة السودانية التي تسعى للذهب تتدرب خارج بلادها