يتجاوز الذكريات الجميلة إلى السكن والمواصلات والصالات
عزيزي الباريسي.. ماذا تبقى لك من إرث الأولمبياد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من باريس: عزيزي الباريسي.. ماذا تبقى لك من إرث الأولمبياد؟ بالطبع سوف تعيش على الذكرى الأكثر روعة حينما احتصنت العالم في مدينتك، وستظل تزهو إلى الأبد بأن العالم شاهد بل عانق إرثك الحضاري وليس الرياضي فحسب، ولكن يظل السؤال... وماذا أيضاً تبقى لك؟
مع نهاية دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، تطرح تساؤلات حول الإرث الذي تركته هذه الألعاب وهو الأمر الذي تم الحديث عنه منذ ترشيح العاصمة الفرنسية لاستضافة الحدث الرياضي الأكبر عالميا. وستكون منطقة "سين سان دوني" -التي كانت مقرا لعشرات المواقع الأولمبية بما فيها قرية الرياضيين- المستفيد الأكبر على المدى البعيد من البنى التحتية التي بقيت من الألعاب.
لطالما اعتبر منظمو دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 أن البنية التحتية التي ستتركها الألعاب هي من أهم ميزاتها، وستكون المنشآت التي تم الاستثمار فيها مسرحا للألعاب البارالمبية التي ستفتح في 28 آب (أغسطس). فيما صرح الرئيس إيمانويل ماكرون غداة اختتام الألعاب "إرث الألعاب الأولمبية هو التحسين المستدام لفضاء عيشنا اليومي".
من المباني الجديدة إلى التجهيزات والمرافق الرياضية ونظافة أكثر في نهر السين ومسارات جديدة للدراجات... فرانس24 ترصد ما سيبقى من إرث للعاصمة الفرنسية من الألعاب الأولمبية.
مبان سكنية في سان دوني
خلال 15 يوما، استضافت القرية الأولمبية في الضاحية الباريسية سين سان دوني نحو 14500 رياضي وأعضاء الوفود وفق لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية والبارالمبية.
وعلى المدى القصير، سيتم تنظيف مباني القرية وجعلها "جديدة من جديد" وفق مدير القرية لوران ميشو وذلك لاستضافة الألعاب البارالمبية.
وفي المجمل، ستستضيف القرية 9000 شخص بينهم 4000 رياضي بارالمبي بدءا من 21 آب (أغسطس).
وبعد إعادة "الهيكلة" التي ستتطلب نحو عام، ستتحول القرية الأولمبية إلى حي سكني في سان دوني مع 2800 شقة قادرة على إسكان 6000 شخص. كما سيتم إنشاء مؤسستين تعليميتين وحضانتين وفق اللجنة المنظمة، إضافة إلى محلات تجارية. وفي محيط القرية، ستكون هناك مساحة خضراء للتعامل مع الاحتباس الحراري.
ومن مجموع 2800 شقة سكنية، سيتم عرض 700 منها للبيع. أما البقية، فسيتم تخصيص نصفها للسكن المتوسط) للطبقات المتوسطة في المجتمع( والباقي للسكن الاجتماعي، وفق تصريح ماريون لو بول نائبة رئيس الشركة التي تسلم الأعمال الأولمبية. وسيتسلم أول السكان الجدد للقرية الأولمبية المفاتيح في بداية العام الدراسي 2025.
منشآت رياضية في كل مكان
أما فيما يخص المنشآت الرياضية، فقد مثلت الألعاب هدية لمنطقة سين سان دوني. إذ سيواصل المركز المائي الأولمبي الذي استضاف منافسات الغطس والسباحة الاستعراضية وكرة الماء خلال الألعاب تقديم الخدمات. ونفس الأمر ينطبق على باريس إذ ستستفيد العاصمة من صالة "بورت لا شابيل" التي استضافت منافسات كرة الريشة والجمباز الإيقاعي.
دائما في سين سان دوني، نجد حديقة الرياضات في بورجيه التي استضافت منافسة التسلق، تمت إعادة تهيئتها بالكامل بمناسبة الأولمبياد. "مع وصولي إلى المنصب في 2020، كان المكان متهالكا، ومنشآته لم تعد مطابقة للمواصفات ويتم تسخينه بالمحروقات، المنصة كانت تعاني من تسربات كثيرة، والأشغال المطلوبة كانت كبيرة جدا" وفق تصريح جان باتيست بورسالي عمدة بورجيه.
مع أشغال وصلت فيمتها إلى 650 مليون يورو، أصبح الموقع يملك صالة للألعاب الرياضية، وملعبين بالعشب الاصطناعي وستة ملاعب تنس. "اليوم، بات بإمكان جمعياتنا الرياضية العمل بتجهيزات جديدة وبأحدث المواصفات، وذلك وسط منطقة غابات خضراء حيث تمت زراعة أكثر من 1000 شجرة ما خلق فضاء للاسترخاء في منطقتنا" يضيف بورسالي.
في باقي مناطق باريس، تم تجديد نحو 20 موقعا رياضيا وفق اللجنة المنظمة للأولمبياد. ومن بينها بالخصوص، معلب "إيف دي مانوار" التاريخي في ضاحية كولومب والذي احتضن الألعاب في نسخة 1924 وتم استخدامه أيضا في ألعاب 2024.
معلب "إيف دي مانوار" التاريخي في ضاحية كولومب والذي احتضن الألعاب في نسخة 1924، خلال نهائي الهوكي على العشب في ألعاب باريس، 8 أغسطس 2024.
خطوط مترو جديدة ومسارات للدراجات
في الوقت الذي كان فيه هذا الملف مثيرا للقلق في بداية الألعاب، حققت وسائل النقل العام في المنطقة الباريسية المطلوب، أمام العدد الكبير من المسافرين خلال 15 يوما من الألعاب، بعد انتداب عدد كبير من العمال. وسيتم توظيف عدد من العمال الجدد بدوام كامل وفق تأكيد فاليري بيكريس التي قالت "نقص سائقي وسائل النقل العام بات وراءنا".
وكانت المعضلة الأخرى الكبيرة التي واجهتها وسائل النقل الباريسية هي مسألة سهولة الاستخدام لأصحاب الاحتياجات الخاصة. ومع الجهود المبذولة، باتت 240 محطة نقل عام في منطقة باريس مهيأة لأصحاب الحركة المحدودة، إلا أن 29 محطة مترو فقط قادرة على استقبال أصحاب الكراسي المتحركة بالشكل المطلوب وهو رقم بعيد عن المنشود.
علاوة على ذلك، وإذا كانت خطوط المترو 15 و16 و17 و18 ليست جاهزة كما كانت الوعود عند ترشح باريس لاستضافة الألعاب، فقد تم تمديد خط المترو 14 ليصل بين سان دوني ومطار أورلي. فيما تم تمديد خط المترو 11 ليصل إلى منطقة روني-بوا-بيرييه.
وفي الأخير، تم إنشاء "شبكة أولمبية للدراجات" تمتد على 400 كيلومتر سيبقى منها 367 كيلومترا بعد الألعاب.
نهر السين أنظف
كان نهر السين محطا للأنظار والجدل في الأولمبياد. وعلى الرغم من إلغاء عدة تدريبات وتأجيل مسابقة الترياثلون للرجال، تمكن الرياضيون من السباحة في نهر السين. ويمثل ذلك انتصارا سياسيا لعمدة باريس آن هيدالغو التي جعلت من إمكانية السباحة في نهر السين أحد الوعود الرئيسية للأولمبياد.
ولكن وفي ظل النتائج المتأرجحة لمستوى نظافة المياه، يجب على هيدالغو تحقيق الجزء الثاني من وعدها وهو أن يصبح نهر السين صالحا للسباحة كل صيف للباريسيين اعتبارا من 2025 وهو أمر ما يزال محل شك.
وتم صرف مبالغ ضخمة على هذه المشروع وصلت إلى 1.4 مليار يورو مع إنشاء حوض ضخم لتخزين مياه الأمطار مع عشرات محطات التجميع حتى لا تسكب مياهها في نهر السين كما تم ربط عشرات الآلاف من المباني السكنة بشبكة الصرف الصحي. وبالرغم من هذه الجهود، أشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أنه من مجمل 11 غطسا مبرمجا للتدريبات والتسابق في الترياثلون والسباحة في المياه الحرة، تم الترخيص لخمسة منها فقط من الاتحادات الرياضية الدولية (للترياثلون والسباحة). حيث لم تكن مياه النهر مطابقة للمواصفات المتعلقة بمستويات البكتيريا. وكان ذلك بسبب الأمطار التي سبقت التدريبات والمسابقات.
هل سيتم الاحتفاظ بالمرجل الأولمبي في حديقة تويلري؟
كان المرجل الأولمبي أحد رموز ألعاب باريس وجذب آلاف الزوار يوميا قبل أن يتم إطفاؤه مساء الأحد عند اختتام الألعاب وسيتم إيقاده من جديد خلال الألعاب البارالمبية المقررة في أواخر أغسطس.
بعد ذلك، وأمام الإقبال الكبير الذي عرفه، فتح نقاش بشأن إمكانية الاحتفاظ به وهو ما فعتله سابقا عدة مدن استضافت الألعاب، وهي فكرة تلقى مساندة من الباريسيين ومن مسؤولين سياسيين".
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون "هذا المرجل يجعل الكثير من الناس يحلمون اليوم" مؤكدا أنه سيقرر بشأن مصيره "في الوقت المناسب فيما اعتبر رئيس الوزراء غابرييل أتال الاحتفاظ بالمرجل "فكرة جيدة جدا".