الإسلام السياسي في دمشق قد ينهي "سنوات العسل" للسوريين في القاهرة
السوريون في مصر بين مخاوف الترحيل وغموض فرص العودة للوطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من القاهرة: هل انتهى شهر العسل الذي عاشه ملايين السوريين في مصر على مدار السنوات الماضية؟ وبمعنى آخر هل أصبح الغموض سيداً للموقف؟ فقد تمتع الملايين من السوريين بحياة مستقرة في مصر على مدار العقد الماضي، لمدة 10 سنوات من العسل وليس شهر عسل واحد.
فقد تمكن الملايين من أبناء سوريا من الاندماج اجتماعياً وتجارياً مع المصريين، وسط بيئة شعبية مصرية حاضنة، لم يكدر صفوها مشكلات فردية غالبيتها في عالم السوشيال ميديا، وتمتعوا بموافقة حكومية مصرية على الابقاء عليهم دون قوانين خانقة في التعامل معهم، إلى حد أنه لم يتم استخدام مفردة "لاجئ" لا حكومياً ولا شعبياً لتوصيف وضعية السوري في مصر.
إلا أن صعود تيار الإسلام السياسي في دمشق قد يصبح سبباً في تغير المعادلة، سواء فيما يتعلق بنظرة الحكومة المصرية لهم، خاصة أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لديها حساسية كبيرة تجاه "الإسلام السياسي"، أو فيما يخص قرار السوريين أنفسهم بالعودة الطوعية لبلادهم.
وتنتقد جماعات حقوق الإنسان القانون الجديد في مصر الذي يقوم على تعريف وضعية اللاجئ أو المقيم الأجنبي، زاعمة أن تعريف اللاجئ غامض، وأن السلطات لديها الحق في ترحيل أي شخص تراه غير مؤهل.
غموض يحيط بتعريف اللاجئ
ويواجه اللاجئون والمقيمون السوريون في مصر مستقبلا غامضا في ظل القواعد الجديدة التي قد تعرض حقهم في البقاء في البلاد للخطر بعد الإطاحة ببشار الأسد في وقت سابق من هذا الشهر.
وسارعت الدول الأوروبية إلى تعليق طلبات اللجوء للسوريين بعد أن اجتاحت جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية دمشق في الثامن من كانون الأول (ديسمبر)، مما أجبر الأسد على الفرار بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما.
وتستجيب بلدان أخرى في كافة أرجاء العالم للتغيرات السياسية المفاجئة التي حدثت في سوريا.
قانون جديد في مصر
صادقت مصر الأسبوع الماضي على قانون جديد يمنح الحكومة سلطة تحديد وضع اللاجئين. وقالت مصادر أمنية لرويترز إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان السوريون في مصر مؤهلين للحصول على وضع اللاجئين بموجب القانون الجديد.
وتقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن هناك ستة ملايين سوري يعيشون كلاجئين في مختلف أنحاء العالم، معظمهم في الدول المجاورة. وتتوقع المفوضية عودة مليون لاجئ خلال الأشهر الستة المقبلة، لكن بعض اللاجئين السوريين يخشون أن يضطروا إلى العودة إلى ديارهم.
تعليق تصاريح الإقامة
وقالت مصادر أمنية لـ"رويترز" إن مصر علقت أيضا تجديد تصاريح الإقامة الحالية التي يحملها كثير من السوريين للسياحة أو التعليم أو الأعمال التجارية، في انتظار إجراء فحص أمني.
ولم يكن معظم السكان السوريين الذين تحدثوا إلى رويترز على علم بالقواعد الجديدة، وكان كثيرون منهم أيضا حذرين بشأن العودة إلى ديارهم.
وقال أحمد الأخرس، صاحب محل قطع غيار السيارات، إن "الوضع هناك غير مستقر وما زلنا لا نعرف ماذا سيحدث"، مشيرا إلى أن تعليم أطفاله ومتجره من الأسباب الأخرى للبقاء.
وقال إن تجديد تصريح إقامته تأخر، لذا تقدم مؤخرًا، مثل عدد من السوريين الآخرين، بطلب للحصول على وضع لاجئ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأضاف "إذا عدت إلى سوريا فلن يكون ذلك الآن".
سوري في مصر: المجهول يطاردنا
وقال سوري آخر يعيش في مصر منذ 12 عاما: "نحن خائفون من المجهول، ولا نعرف من هو الشخص الجديد الذي تولى السلطة، ولا نعرف المستقبل".
وقالت المصادر إن قرارات الإقامة ستستند إلى اعتبارات أمنية. وأشار أحد المصادر إلى مخاوف بشأن الأمن الداخلي في مصر بعد استبدال الأسد بعناصر هيئة تحرير الشام.
وقد اتخذت مصر نهجا دبلوماسيا تجاه الاضطرابات في سوريا، لكن وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة أشارت إلى المعارضة التي وصلت إلى السلطة باعتبارهم مجموعات "إرهابية".
وفي حين تواجه مصر أزمة اقتصادية خاصة بها، فقد وصف المسؤولون في كثير من الأحيان اللاجئين في البلاد، الذين يصل عددهم إلى 10 ملايين، بأنهم يشكلون عبئاً اقتصادياً على بلد يعاني في الأساس.
وتقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين في مصر بنحو 800 ألف لاجئ، بما في ذلك نحو 159 ألف سوري. كما أن مئات الآلاف من السوريين يحملون تصاريح إقامة في مصر، ويمتلك العديد منهم شركات خاصة، ولكن خارج نطاق تعريف اللاجئ هناك ملايين السوريين في مصر، وليس هناك احصاء دقيق في هذا الجانب.
وزير خارجية مصر: لسنا بلداً ثرياً ولكننا أكرمناهم
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للصحفيين الأسبوع الماضي "لا توجد دولة أخرى في العالم تستضيف هذا العدد من اللاجئين وتتلقى نفس المعاملة التي يتلقاها المواطنون المصريون على الرغم من أننا لسنا دولة غنية"، مشيرا إلى غياب مخيمات اللاجئين والوصول إلى التعليم المجاني والرعاية الصحية والإعانات.
"إن هذا القانون يحقق التوازن بين الوفاء بالتزاماتنا الدولية والحفاظ على الأمن القومي لمصر."
وينص القانون، الذي تم التصديق عليه في 17 كانون الأول (ديسمبر)، على نقل نظام اللجوء من الأمم المتحدة إلى الحكومة، ويسمح للحكومة بجمع المزيد من البيانات حول عدد اللاجئين.
وقال النائب فريدي البياضي "بالطبع فإن زيادة أعداد اللاجئين المسجلين ستساهم في تقديم المزيد من المساعدات (من المجتمع الدولي) لمصر. وهذا ليس بالأمر السيئ".
ويتضمن القانون أحكاماً تحمي حقوق اللاجئين في العمل والصحة والتعليم والحماية من الاستغلال.
وانتقدت جماعات حقوق الإنسان القانون الجديد، مشيرة إلى أن تعريف اللاجئ غامض، وأن السلطات لديها الحق في ترحيل أي شخص تراه غير مؤهل.
ورغم عدم وجود أي مؤشر على ترحيل مفاجئ للسوريين، فمن المرجح أن تغير القاهرة نظرتها للسوريين كمجموعة تحتاج إلى الحماية مع استقرار الوضع، بحسب كريم عنارة من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة مستقلة لحقوق الإنسان.
وردا على أسئلة من رويترز، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها ستواصل الدعوة إلى إجراءات لجوء واضحة في مصر.